«سوريا الديمقراطية» تطلق «غضب الفرات» لتحرير الرقة.. بدعم أميركي

واشنطن: معركة طرد «داعش» من معقله في سوريا لن تكون سهلة.. والتنسيق جارٍ مع تركيا

مقاتلون من «قوات سوريا الديمقراطية» في شمال الرقة أمس (رويترز)
مقاتلون من «قوات سوريا الديمقراطية» في شمال الرقة أمس (رويترز)
TT

«سوريا الديمقراطية» تطلق «غضب الفرات» لتحرير الرقة.. بدعم أميركي

مقاتلون من «قوات سوريا الديمقراطية» في شمال الرقة أمس (رويترز)
مقاتلون من «قوات سوريا الديمقراطية» في شمال الرقة أمس (رويترز)

انطلقت «قوات سوريا الديمقراطية» أمس، مدعومة بغطاء جوي لطائرات التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، في معركة السيطرة على معقل تنظيم داعش في الرقة تحت عنوان «غضب الفرات»، وسط استبعاد ملحوظ لتركيا التي كانت أعلنت خلال الفترة الماضية أنها عازمة على التوجه نحو المدينة.
وقالت مصادر كردية سورية لـ«الشرق الأوسط» إن القرار بالمعركة «حُسم قبل أسبوعين» بموازاة انطلاق معركة السيطرة على الموصل، أبرز معاقل التنظيم في العراق، مشيرة إلى أن التحضير للعملية التي تولتها «قوات سوريا الديمقراطية»، وهي تحالف فصائل عربية وكردية سورية مدعومة من واشنطن «جاء بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية التي تدعم العملية». وقالت المصادر: «معركة الرقة لطالما كانت على جدول أعمال التحالف وقوات سوريا الديمقراطية، لكن المشاركة كان يجب أن تسبقها حملة تفاهم، وهو ما دفع لاتخاذ القرار في هذا التوقيت»، في إشارة إلى تزامنها مع معركة السيطرة على مدينة الموصل في العراق.
ويأتي الهجوم على الرقة (شمال) بعد يومين من دخول القوات العراقية إلى مدينة الموصل، آخر معاقل التنظيم في العراق، في إطار هجوم واسع بدأته قبل ثلاثة أسابيع بدعم من غارات التحالف الدولي. وتعد الرقة والموصل آخر أكبر معقلين للتنظيم الذي مُني بخسائر ميدانية بارزة.
وحذر وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر أمس من أن معركة السيطرة على مدينة الرقة «لن تكون سهلة»، وقال في بيان إن «الجهود لعزل وتحرير الرقة تعد الخطوة التالية في خطة حملة تحالفنا، وكما حدث في الموصل فإن القتال لن يكون سهلا. أمامنا عمل صعب، لكنه ضروري لإنهاء أسطورة خلافة داعش والقضاء على قدرة التنظيم لشن هجمات إرهابية على الولايات المتحدة وحلفائنا وشركائنا». وبدوره، أكد المبعوث الأميركي لمحاربة «داعش» بريت ماكغورك من الأردن أمس، أن «الحرب ضد تنظيم داعش لن تكون سهلة وأن مناطق سيطرة التنظيم تتقلص»، مضيفًا أن «معركة الرقة ضد التنظيم بدأت بدعم من التحالف الدولي ولن نسمح بتمدد التنظيم، بل سنواصل الحرب ضده في الموصل والرقة بشكل متزامن وبالتنسيق مع الجانب التركي بشأن معركة الرقة». وإثر الإعلان عن بدء الهجوم، أكدت واشنطن التي تقود التحالف الدولي ضد المتشددين بدء العملية الهادفة إلى «عزل» مدينة الرقة التي يسيطر عليها التنظيم منذ مطلع العام 2014. وقالت: «سنسعى أولا إلى عزل الرقة للتمهيد لهجوم محتمل على المدينة بالتحديد لتحريرها». وفي مؤتمر صحافي عقد في مدينة عين عيسى على بعد خمسين كيلومترا شمال مدينة الرقة، قالت المتحدثة باسم الحملة التي أطلقت عليها تسمية «غضب الفرات» جيهان شيخ أحمد «إننا في القيادة العامة لقوات سوريا الديمقراطية نزف لكم بشرى بدء حملتنا العسكرية الكبيرة من أجل تحرير مدينة الرقة وريفها من براثن قوى الإرهاب العالمي الظلامي المتمثل بداعش».
وبدأت الحملة ميدانيا مساء أول من أمس وفق شيخ أحمد مع «تشكيل غرفة عمليات» من أجل «قيادة عملية التحرير والتنسيق بين جميع الفصائل المشاركة وجبهات القتال». وقالت شيخ أحمد خلال المؤتمر الصحافي: «سننتصر في هذه المعركة المصيرية كما انتصرنا في كوباني وتل أبيض والحسكة والهول والشدادي ومنبج»، في إشارة إلى المناطق التي تم طرد تنظيم داعش منها في السنتين الأخيرتين.
وتسعى المرحلة الأولى من العملية التي يشارك فيها 30 ألف مقاتل، إلى عزل مدينة الرقة عن محيطها، ومنع الإمدادات إليها، وتضييق الخناق على المتشددين فيها، قبل دخول المدينة. وبدأت الحملة العسكرية من عدة محاور، من جهور الشمال باتجاه الجنوب، ومن الشرق باتجاه الغرب، علما بأن أقرب منطقة تتواجد فيها «قوات سوريا الديمقراطية» إلى الرقة، تقع على بعد 35 كيلومترًا في مدينة عين عيسى (شمال الرقة)، بينما تبعد من مناطق أخرى شمال شرقي المدينة، نحو 57 كيلومترًا. واستهلت «قوات سوريا الديمقراطية» عملياتها بالسيطرة على قرى ومزارع في ريف المحافظة.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن قوات سوريا الديمقراطية تمكنت من التقدم والسيطرة على نحو 6 قرى ومزارع ومواقع في ريف الرقة الشمالي، وترافقت الاشتباكات في محيط هذه القرى وفي محيط قرية الهيشة، مع تحليق مستمر ومكثف للطائرات الحربية في سماء المنطقة واستهدافها مواقع وآليات للتنظيم في مواقع الاشتباك، فيما فجر التنظيم عربتين مفخختين على الأقل مستهدفًا مقاتلي القوات.
وحُسمت مشاركة قوات سوريا الديمقراطية في العملية، بعد تلميحات تركية بأن أنقرة ستطلق العملية. وقال رئيس «المركز الكردي للدراسات» نواف خليل: «كانت هناك محاولات لوضع الأتراك بصورة ما يمكن أن يجري، وكررت الولايات المتحدة تأكيدها أن قوات سوريا الديمقراطية تمتلك إمكانيات لمحاصرة داعش»، مشيرًا إلى أن وضع أنقرة بصورة ما يجري «ينطلق من أن الولايات المتحدة لا تفرط بسهولة بعلاقاتها بتركيا، لكن لطالما كان هناك رهان أميركي على قدرات قوات سوريا الديمقراطية في دحر الإرهاب».
وقال خليل: «الرهان العسكري، ليس المنطق الوحيد لتفويض قوات سوريا الديمقراطية بالعملية، بالنظر إلى أن هناك أبعادًا تتخطى المسائل العسكرية، وهي مرتبطة بحماية المكونات التي تتألف منها المناطق في شمال سوريا، وقد أثبتت قوات سوريا الديمقراطية أنها نموذج يُحتذى بالحفاظ على التنوع»، فضلاً عن «المناطق المحررة من داعش تتمتع بنجاح على الصعيد الإداري لتعايش الناس، إلى جانب الأهمية الاستراتيجية التي تتمثل في حماية آلاف آبار النفط التي تتواجد في منطقة الجزيرة في شمال شرقي سوريا». وقال: «استطاعت قوات سوريا الديمقراطية أن تحرر 20 ألف كيلومتر مربع من سيطرة داعش، وحافظت على المكونات الإثنية والطائفية الموجودة، فضلاً عن أن هذه القوات تتألف من مقاتلي وحدات حماية الشعب وحماية المرأة الكرديين، إلى جانب مقاتلين من ثوار الرقة وشهداء الرقة لواء صقور الرقة والمجلس العسكري السرياني وغيرها، وكلها فصائل لها قيادة مركزية ولها تجارب سابقة في تحرير منطقة الشدادي حين قطعت العلاقة بين الموصل والرقة».
ومنذ تشكيلها في أكتوبر (تشرين الأول) 2015. نجحت قوات سوريا الديمقراطية التي تضم نحو ثلاثين ألف مقاتل، ثلثاهما من الأكراد، بدعم من التحالف الدولي، في طرد تنظيم داعش من مناطق عدة.
وأقر المتحدث العسكري باسم قوات سوريا الديمقراطية طلال سلو لوكالة الصحافة الفرنسية أمس أن «المعركة لن تكون سهلة(..) كون تنظيم داعش سيعمد للدفاع عن معقله الرئيسي في سوريا، لإدراكه أن سيطرتنا على الرقة تعني نهايته في سوريا». وبحسب سلو، ستجري المعركة «على مرحلتين، تهدف الأولى إلى عزل مدينة الرقة عن باقي المحافظة تمهيدا لاقتحامها في المرحلة الثانية». وأعلن سلو أن «دفعة أولى من الأسلحة والمعدات النوعية بينها أسلحة مضادة للدروع وصلت من التحالف الدولي تمهيدا لخوض المعركة».
وفي السياق ذاته، أفاد مصدر قيادي في قوات سوريا الديمقراطية «بوصول قرابة خمسين مستشارا وخبيرا عسكريا أميركيا موجودين ضمن غرفة عمليات معركة الرقة لتقديم مهام استشارية والتنسيق بين القوات المقاتلة على الأرض وطائرات التحالف الدولي».
وتقع الرقة على ضفة نهر الفرات وتبعد نحو مائة كيلومتر عن الحدود التركية. ويعيش فيها أكثر من 240 ألف نسمة بالإضافة إلى أكثر من ثمانين ألف نازح وأفراد من عائلات المتشددين. ومنذ سيطرته عليها، يتحكم التنظيم بمفاصل الحياة في المدينة، ويغذي الشعور بالرعب بين الناس من خلال الإعدامات الوحشية والعقوبات التي يطبقها.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.