هدنة حلب انتهت كسابقاتها.. والنظام يعد لهجوم عنيف على أحيائها الشرقية

لم يسجل خروج أي مواطن منها.. والفصائل تقطع طريق إمداد قوات الأسد إلى المدينة

مقاتلون من «الجيش السوري الحر» بعد استعادة بلدة باروزا في شمال حلب من تنظيم داعش في إطار عمليات «درع الفرات» (غيتي)
مقاتلون من «الجيش السوري الحر» بعد استعادة بلدة باروزا في شمال حلب من تنظيم داعش في إطار عمليات «درع الفرات» (غيتي)
TT

هدنة حلب انتهت كسابقاتها.. والنظام يعد لهجوم عنيف على أحيائها الشرقية

مقاتلون من «الجيش السوري الحر» بعد استعادة بلدة باروزا في شمال حلب من تنظيم داعش في إطار عمليات «درع الفرات» (غيتي)
مقاتلون من «الجيش السوري الحر» بعد استعادة بلدة باروزا في شمال حلب من تنظيم داعش في إطار عمليات «درع الفرات» (غيتي)

انتهت الهدنة الإنسانية التي أعلنتها روسيا من طرف واحد ولمدة عشر ساعات في مدينة حلب في شمال سوريا، من دون أن تسجل خروج جرحى أو مقاتلين أو مدنيين من الأحياء الشرقية المحاصرة، في حين أشارت بعض المعلومات إلى أن قوات النظام والمجموعات الموالية لها تستعد لشنّ هجوم هو الأعنف على الأحياء الشرقية في حلب خلال الساعات المقبلة بعد انتهاء الهدنة.
في غضون ذلك، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان المعارض، إن القوات الموالية للنظام السوري شنّت عمليات قصف مكثفة على مناطق عدة غرب حلب، فيما أعلنت «حركة أحرار الشام» أن طريق إمداد قوات النظام إلى حلب عبر طريق إثريا خناصر بات مقطوعًا، تزامنًا مع استهداف سيارات عدة لقوات النظام على الطريق وتدميرها بشكل كامل.
وتهدف الهدنة الروسية التي قالت المعارضة إنها غير معنية بها، كما تلك التي سبقتها في أكتوبر (تشرين الأول)، إلى إجلاء الجرحى والمرضى ومقاتلين، ومن يرغب من مدنيين من الأحياء الشرقية عبر ثمانية معابر، بحسب ما أعلنت موسكو.
وقال ياسر اليوسف، عضو المكتب السياسي في حركة نور الدين الزنكي، وهي من أبرز الفصائل المشاركة في معارك حلب: «لسنا معنيين بها، ولا نثق بالروس ولا بمبادراتهم الرخيصة».
وخصص معبران أساسيان هما الكاستيلو (شمال) والخير - المشارقة (وسط) لخروج المقاتلين والراغبين من المدنيين. وأفادت وكالة الأنباء الرسمية السورية «سانا» بعد الظهر بأن الفصائل المعارضة استهدفت معبر الكاستيلو «بسبع قذائف صاروخية»، مشيرة إلى إصابة مراسل قناة الإخبارية الرسمية بجروح.
وأعلن الجيش الروسي بدوره عن إصابة جنديين روسيين «بجروح طفيفة» جراء تلك القذائف. وأكد في بيان أن «الجنديين نقلا سريعا إلى حي آمن في المدينة، حيث تلقيا العلاج»، مؤكدا أن «حياتهما ليست في خطر».
وكانت الهدنة الجديدة دخلت حيز التنفيذ عند الساعة التاسعة صباحا بالتوقيت المحلي وانتهت عند الساعة السابعة مساء. وأكد مراسلان لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» من جانبي معبر الخير – المشارقة، أن أحدا لم يخرج من الجهة الشرقية بعد ست ساعات على بدء الهدنة.
وكانت هدنة إنسانية بمبادرة روسية أيضا استمرت ثلاثة أيام وانتهت في 22 أكتوبر، فشلت في إجلاء جرحى ومقاتلين ومدنيين، بسبب توترات أمنية ومخاوف لدى السكان والمقاتلين الذين عبروا عن انعدام الثقة بالنظام.
ويوم أمس، قالت مصادر إعلامية مقربة من قوات النظام لـ«وكالة الأنباء الألمانية إن «القوات الحكومية والمسلحين الموالين لها ستشن هجومًا يعد الأقوى والأعنف على أحياء حلب الشرقية خلال الساعات المقبلة بعد فشل التهدئة التي أعلنتها روسيا».
وأكدت المصادر، أن الهجوم يتوقع أن يكون فجر غد (السبت) على أحياء حلب الشرقية كافة يترافق مع قصف جوي وصاروخي، وأن أرتالا كبيرة من القوات الحكومية وصلت اليوم (أمس) الجمعة إلى مدينة حلب للمشاركة في الهجوم». وقالت المصادر، إن «التهدئة التي أعلنتها روسيا بين قوات النظام ومسلحي المعارضة والتي تقريبا انتهت دون نتائج تذكر، ولم يخرج أحد من المسلحين والمدنيين من أحياء حلب الشرقية، بل كانت هناك معارك على جبهات عدة في المدينة، بين القوات الحكومية ومسلحي المعارضة في حي حلب الجديدة والجهة الشمالية من مشروع 3000 شقة».
واعتبرت الأمم المتحدة أن «العمليات الإنسانية في حلب لا يمكن أن تتوقف على المبادرات السياسية والعسكرية». وقال متحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ديفيد سوانسون لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «الأمم المتحدة لن تكون معنية بأي شكل في إجلاء مدنيين من شرق حلب». واعتبر أن «عمليات إجلاء المرضى لا يمكن أن تحصل سوى إذا اتخذت الأطراف المعنية بالنزاع الإجراءات اللازمة كافة لتأمين بيئة مناسبة، وهذا ما لم يحصل». كما رأت منظمة العفو الدولية أن «الهدنة الإنسانية المؤقتة التي أعلنت عنها روسيا ليست بديلا عن إيصال المساعدات من دون قيود وبطريقة منصفة»، مضيفة «يجب أن يسمح للمدنيين الراغبين بالمغادرة من دون قيود من قبل أطراف النزاع كافة».
وتحاصر قوات النظام منذ نحو ثلاثة أشهر أحياء حلب الشرقية، حيث يقيم أكثر من 250 ألف شخص في ظل ظروف صعبة وسط نقص فادح في المواد الغذائية والطبية.
وتدور منذ أسبوع اشتباكات عند أطراف الأحياء الغربية لمدينة حلب الواقعة تحت سيطرة قوات النظام إثر هجوم شنته فصائل المعارضة، وتسعى الفصائل إلى التقدم نحو حي الحمدانية المحاذي للأحياء الشرقية؛ ما يمكنها من فتح طريق إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في ريف حلب الغربي وكسر الحصار عن شرق حلب.
ويوم أمس قال ناشطون، إن «حركة أحرار الشام» و«جبهة فتح الشام» تمكنوا من إحكام السيطرة النارية على طريق إثريا خناصر، الذي يعتبر طريق الإمداد البري الوحيد لقوات النظام في محافظة حلب عبر ريف حماه الشرقي.
وتعتبر قرية إثريا التي تبعد عن بلدة خناصر قرابة 52 كيلومترا في الجنوب الشرقي، نقطة استراتيجية مهمة؛ كونها تقطع على الطريق العام الرئيسي الذي يربط بين المنطقتين، حيث تتمركز عناصر لقوات النظام في مواقع عدة على طول الطريق في قرى العوينة وأبو الكروز، كما يتمركز عناصر تنظيم داعش في قرى القليعة، الطوبة، كويس، عكيل، جب العلي، خنيصر، زيد دون أي مواجهات بين الطرفين.
وفي ريف حلب الغربي، استهدف الطيران الحربي بشكل مكثف مناطق في مدينة الأتارب وبلدات كفر ناصح وآبين وكفرناها والجينة وطريق الأتارب – أورم الكبرى، وسط قصف صاروخي مكثف استهدف المناطق ذاتها». بحسب «المرصد» الذي أكد أن «الطائرات الحربية ارتكبت مجزرة ظهر اليوم (أمس) بقصفها مناطق في قرية ميزناز بريف حلب الغربي راح ضحيتها عشرة قتلى، هم سبعة أطفال ومواطنتان اثنتان ورجل، بالإضافة لسقوط جرحى».
ولفت «المرصد» إلى أن «الاشتباكات استمرت بوتيرة منخفضة عن سابقتها بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من طرف، والفصائل من طرف آخر في محاور مشروع 300 شقة ومنيان وحلب الجديدة وجمعية الزهراء غرب وجنوب غربي حلب، وسط قصف عنيف من قبل قوات النظام والطائرات الحربية استهدف مناطق الاشتباك، ترافق مع سقوط صواريخ يعتقد أنها من نوع أرض – أرض أطلقتها قوات النظام على مناطق الاشتباك».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.