لطالما كانت تقارير منظمة «هيومان رايتس ووتش» تُجابه بكثير من الاتهامات والشكوك من قبل عدد كبير من الدول، خصوصا مع ازدياد نشاطها في دول عربية مختلفة، حيث تنظر لها المنظمة التي تعنى بحقوق الإنسان، وفق ما تدعيه، أنها حقلٌ واسع تستطيع معه نشر كثير من الانتقادات في هذا الجانب.
وخلال فترة ما بعد الثورات العربية، ازداد نشاط المنظمة في المنطقة، ووضعت كثيرا من التقارير للرصد حول الحكومات العربية التي لم تمسها نار الطوفان الكبير في تلك الفترة، وجعلت نهجها مخالفا لكثير من الأحداث الواقعية المعيشة في تلك الدول، في خطوة جعلتها تدير ظهرها عن مناطق أخرى وتحمل بعدسة التكبير للبحث في أدق التفاصيل لتكون كما تراها على وفق منهجيتها.
منطقة الخليج العربي هي عادة مسرح المنظمة الكبير لكتابة تقاريرها، بل وتعد الأكثر في إثارة كثير من القضايا التي تجعلها في هامش التسييس، لاستعداء السلطة عادة، فخلال أيام ماضية بدأت المنظمة التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها، حملة تستهدف في المقام الأول نشطاء شبكات التواصل الاجتماعي، لتسليط الضوء على من تراهم «النشطاء الرقميين» التي ترى أنهم يتعرضون لـ«قمع واسع في دولهم».
حملة تحمل رمز خانات حروف «تويتر» 140. ومتوجهة لتوسيع نطاقها، من يغلب على توجههم الكتابة حول الشؤون العامة والشؤون الاجتماعية في الدول الخليجية، مستخدمة أسلوبا تلجأ إليه عادة القطاعات التجارية التي ترى في حضور أولئك النشطاء فرصة للترويج لبضائعها التجارية، لزيادة نطاق التوزيع والوصول إلى عدد أكبر من الجمهور الخليجي.
وظهرت حملة «هيومان رايتس ووتش» بشكل باهت، بعد أن وجدت كثيرا من التجاهل في طيف مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، عبر أولئك النشطاء، وغيرهم، رغم أن عنوان تقرير المنظمة المرتبط به موقعهم باللغة العربية أوحى بأن هناك «مساعي» في تلك الدول لإسكات المغردين، في سياق يضيق كثيرا حين يتم الحديث فيه، خصوصا إن كان متصلا بالأمن الوطني للدول الخليجية، وهو أمر متبع في شتى دول العالم حفاظا على سلمها. تسعى في توجيهها خلال حملتها الحالية التي تمثل ذرة في رمالها ضد دول الخليج، إلى الزعم أن أبرز التحديات التي تواجه المجتمعات الخليجية دون استثناء هو «حق حرية التعبير»، وهو ما استقطب وسائل إعلام ومنصات تواصل لفائدة توجهاتها، وهي وسائل ومنصات معروفة بعدائها للدولة السعودية، خصوصا وسائل الإعلام الإيرانية، إضافة إلى قنوات أميركية موجهة باللغة العربية، ربما بينهما ما يكشف تفاصيل القصص.
دأبت المنظمة «الحقوقية» الدولية، خلال السنوات الأخيرة، على شنّ هجوم شديد اللهجة على بعض دول الخليج، مدّعية أن حكومات هذه الدول لا تحترم حقوق الإنسان، خصوصا أن دول الخليج تنعم باستقرار سياسي واقتصادي مقارنة بين دول المنطقة عامة، في تفسيرات أن من مصلحة المنظمة أن تبقى المنطقة في حالة اشتعال دائم.
تقارير المنظمة «الحقوقية» وغيرها، تشكّل نوعا من أنواع التدخل في الشؤون الداخلية للدول، حيث تعتمد على مقاييس نمطية تسقطها على المجتمعات الأخرى دون اعتبار فارق الخصوصيات القانونية والسياسية والاجتماعية، وفي ذلك، يرى الدكتور، سليمان المحمادي، أن غالبية منظمات حقوق الإنسان تعمل وفق أجندات سرية، من التمويل والأهداف وخلافهما، وهذا بحد ذاته مؤشر على المضي قدما في التمييز والتعامل وفق مبدأ الكيل بمكيالين في التعاطي مع قضايا حقوق الإنسان بين الدول، مؤكدا أن أحداث العالم توضح بشكل كبير «أن منظمات حقوق الإنسان هدفها بعيد عن حقوق الإنسان».
وأشار أستاذ الإعلام السياسي، الدكتور المحمادي، خلال اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، إلى أن المجتمعات الخليجية على عاتقها كثير للتصدي لمحاولات إثارة الرأي العام حول أدوار المنظمات الدولية لحقوق الإنسان، بضرورة الوعي بمهام الرسائل الإعلامية التي تحاول المنظمات «الحقوقية» ومنها «هيومان رايتس ووتش» خدمة لأجنداتها.
أدوار عدة من الابتزاز الذي تمارسه عادة منظمة «هيومان رايتس ووتش» بحق العقول الجمعية والفردية، ومجالهما السياسة والإعلام، وهو أكثر الأنماط من الابتزاز التي تنشأ منها بذور تعليب المجتمعات، علاوة على أن للمنظمة حسابات أخرى، وتريد الاستفادة من الحالة السياسية المضطربة التي تعيشها المنطقة، ولتكون الظاهرة تلك متاحة لها في استغلال توجيه أهدافها.
وعلى مر العقود الماضية، كانت الحوادث تترى ومعها أحداث حركت مشاعر الشعوب عبر الدول، ولم تنطق المنظمة (هيومان رايتس) بأي تصريح ولو بالتعبير عن الأسف، ومنها الحدث الأكبر خلال الألفية الحالية، وهي اعتداءات 11 سبتمبر (أيلول) قبل خمسة عشر عاما، وانتهاكات حقوق الإنسان في سجن غوانتانامو في كوبا، وأحداث سجن أبو غريب القاسية في العراق، وانتهاكات الجيش الإسرائيلي وجرائمه في فلسطين، إضافة إلى الحروب الدموية التي تتبعها بعض القطاعات التجارية في أفريقيا بحثًا عن الموارد من ذهب وألماس وغيرهما.
ورغم تلك التقارير، فإن الرد يكون بقرار دولي على كل الاتهامات، حيث تمت إعادة انتخاب السعودية ودول خليجية أخرى، في مجلس حقوق الإنسان، للفترة المقبلة من عام 2017 وحتى عام 2022، وهو أمر يعكس حالة المسار السياسي والإنساني في السعودية على وجه التحديد، في وقت خسرت فيه روسيا ذات الحضور المدوي في مجلس الأمن الدولي، عضويتها بسبب تعدد مآسي آلاتها العسكرية في سوريا وغيرها من البلدان.
«هيومان رايتس ووتش» منظمة قديمة، تأسست في عام 1978، في حقل بذوره كانت نابعة من شبكة الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه)، وكانت تسمى آنذاك «لجنة مراقبة اتفاقيات هلسنكي»، ومهمتها الأساسية مراقبة مدى امتثال دول الكتلة السوفياتية للأحكام المتعلقة بحقوق الإنسان في الاتفاقية. كما نشأت في ثمانينات القرن الماضي لجنة لمراقبة الأميركتين بشأن انتهاكات حقوق الإنسان. وسرعان ما تطورت المنظمة ونمت في أنحاء أخرى من العالم، وتوحدت جميع اللجان عام 1988 فيما بات يعرف بمنظمة مراقبة حقوق الإنسان.
الأمر الذي يدفع بقوة إلى التشكيك في نزاهتها والهالة الجبارة التي يسبغها عليها الإعلام الممول من أميركا وغيرها في كل مكان مع كل تقرير يصدر، وفي محاولة لكتم الأصوات التي تعارض توجهاتها، في مسعى نحو تغيير وتفعيل التعديل الجيوسياسي المنسجم مع مخططات تتكشف تفاصيلها مع أحداث اليوم والأمس.
«هيومان رايتس ووتش».. أدوار حقوقية مشبوهة على مسرح دول الخليج
في محاولات لاستلاب الوعي عبر شبكات التواصل الاجتماعي
«هيومان رايتس ووتش».. أدوار حقوقية مشبوهة على مسرح دول الخليج
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة