أفلام عربية قصيرة تتواجه في مسابقة خاصة

بينها ثلاثة أفلام سعودية جديدة

من الفيلم السعودي «أيقظني» لريم البيات
من الفيلم السعودي «أيقظني» لريم البيات
TT

أفلام عربية قصيرة تتواجه في مسابقة خاصة

من الفيلم السعودي «أيقظني» لريم البيات
من الفيلم السعودي «أيقظني» لريم البيات

* في كل سنة، يقوم مهرجان دبي السينمائي بتخصيص أحد أهم أقسامه لمخرجين تواقين لتحقيق أحلامهم السينمائية ولو عبر أفلام قصيرة قد لا يزيد بعضها على خمس دقائق. مخرجون عرب من المغرب في أقصى الغرب ودول الخليج في الشرق عملوا على أفلام من مواضيع شتّى وأنواع مختلفة، وتابعوها من مرحلة الكتابة إلى الإخراج، ثم إلى أن تم إرسالها إلى «فلتر» المهرجان، ليقوم باختيار الأفضل منها وتقديمه في دورته.
الدورة الجديد من المهرجان (الثالثة عشر) التي ستقام ما بين السابع والرابع عشر من ديسمبر (كانون الأول) لا تختلف عما سبقها حيال هذا الاهتمام الكبير الذي يوليه المهرجان للفيلم القصير.
والملاحظ هذا العام أن الحماس لتحقيق هذه الأفلام ما زال مرتفعًا بين الطموحين لاحتلال مكاناتهم في عالم السينما إخراجا، بغية الوصول إلى مفترق الطريق الذي سيتيح لهم إنجاز أفلامهم الطويلة الأولى. طبعًا إنجاز الفيلم الطويل ليس شرطًا ولا هو غاية البعض، لكن الفيلم القصير، في السنوات السابقة، برهن على أنه من بين أفضل السبل لامتلاك فرصة التحوّل إلى العمل الروائي الطويل الأول.
جميع مخرجي جيل السنوات الأولى من هذا القرن، تقريبًا، خاضوا غمار الفيلم القصير أولاً، ومن بينهم الأردني رفقي عسّاف صاحب الفيلم الجيد «المنعطف» الذي سبق له وأن أخرج «المشهد» و«عمّان بالأحمر» خلال السنوات العشر الأولى من هذا القرن. مثله التونسية ليلى بوزيد، واللبنانية نورا كيفوركيان، والإماراتي ماجد الأنصاري، وكلهم ممن حققوا أفلامًا طويلة لافتة في العام الماضي، ولا تزال بعض أفلامهم هذه مطروحة للتداول عالميًا هذا العام.
* مكانة كبيرة
هذه السنة اكتنز المهرجان، كما كشف النقاب مؤخرًا، عن مجموعة جديدة من الأفلام بعضها آت من السعودية والكويت وقطر ولبنان وتونس والكثير منها آت كذلك، في مسابقة خاصّة بالسينما المحلية، من دولة الإمارات.
هناك، مبدئيًا، ثلاثة أفلام سعودية تدخل مسابقة هذا العام ضمن البرنامج الرسمي لمهرجان دبي السينمائي الدولي، وهي «أيقظني» لريم البيات، و«فضيلة أن تكون لا أحد» لبدر الحمود، و«300 كلم» لمحمد الهليل.
وللكويت فيلمان كذلك هما «أرياتا» لأحمد التركيت، و«أحلى حياة» لمقداد الكوت، والأخير سبق وأن شارك بأعمال قصيرة مثيرة للاهتمام في دورات سابقة. ومن قطر هناك فيلم «كشتة» للمخرجة جوهرة آل ثاني.
من خارج المنطقة الخليجية نجد «خمسة أولاد وعجل» للمخرج الأردني سعيد زاغة وبطولة الفلسطيني علي سليمان الذي كنا شاهدناه في العام الماضي في بطولة «الزنزانة» لماجد الأنصاري.
نجد كذلك فيلما لبنانيًا من بطولة جورج خبّاز (عضو لجنة تحكيم مسابقة الفيلم العربي في القاهرة قريبًا) عنوانه «بحبال الهوا» لمخرجة جديدة اسمها مانون نمور. والتونسي مهدي مختار البرصاوي ينضم إلى المجموعة بفيلمه «خلينا هكّا بخير» (خلينا هكذا بخير) الذي يضطلع ببطولته نوري بوزيد، المخرج التونسي المعروف الذي كان أعلن قبل أربع سنوات عن اعتزاله الإخراج. كذلك تشارك التونسية درية عاشور مسابقة المهر للفيلم القصير بعملها الذي سبق وشوهد في مهرجان فينيسيا الماضي وعنوانه «والباقي من عمل الإنسان».
وهناك فيلم تونسي ثالث، وهذا أخرجه لطفي عاشور بعنوان «علّوش»، والملاحظ أن هذا الفيلم يلتقي و«خلينا هكّا بخير» في أنهما يدوران حول رجلين عجوزين في بعض المحن.
من مصر نجد «بائع البطاطا المجهول» وهو من أفلام الأنيميشن ويقوم بتمثيله صوتيًا خالد أبو النجا. أيضًا «البنانوة» لناجي إسماعيل.
وكما سبق القول، فإن مسابقة الفيلم القصير التي استحدثت عام 2006 احتلت مكانة مهمة في شريان العمل الدؤوب لهذا المهرجان. في الواقع، ولمن يهوى العودة إلى الماضي، تؤلف الأفلام التي تم عرضها في تلك المسابقة منذ ذلك الحين، سواء التي نالت جوائز أو لم تنل، كيانًا مستقلاً من العمل السينمائي العربي معلنًا دائمًا عن مواهب برسم النجاح. بعض الأسماء تغيب وبعضها يعود، لكن المسابقة تبقى الملاذ المتاح أمام هذه المواهب، ومعظمها جديد، للبرهنة على جدية خطواتهم.



8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.