أنقرة للعبادي: إذا كانت لديك القوة فلماذا سلمت الموصل للإرهابيين؟

إغلاق قناة موالية لطهران تروج لـ«الحشد الشعبي» وترحب بالوساطة الإيرانية

قوات عراقية تستعد لخوض معركة قرب شرق الموصل أمس (أ.ب)
قوات عراقية تستعد لخوض معركة قرب شرق الموصل أمس (أ.ب)
TT

أنقرة للعبادي: إذا كانت لديك القوة فلماذا سلمت الموصل للإرهابيين؟

قوات عراقية تستعد لخوض معركة قرب شرق الموصل أمس (أ.ب)
قوات عراقية تستعد لخوض معركة قرب شرق الموصل أمس (أ.ب)

ردت أنقرة بسخرية على تصريحات لرئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، قال فيها إن بلاده لا ترغب في الحرب مع تركيا، لكنها في الوقت نفسه على استعداد كامل إذا حدث ذلك. وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو: «إذا كانت لديكم قوة لماذا سلمتم الموصل إلى التنظيمات الإرهابية؟ وإذا كنتَ قويًا بهذه الدرجة لماذا يحتل حزب العمال الكردستاني أراضيك منذ سنوات؟». وقال أوغلو، في تصريحات في مدينة أنطاليا جنوب تركيا أمس الأربعاء، إن تركيا تدلي بتصريحات ودية، لكن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يدلي بتصريحات استفزازية. وأضاف أوغلو: «العراق بلد صديق وشقيق بالنسبة لنا، ولا توجد دولة داعمة لاستقلال العراق ووحدة أراضيه بقوة مثل تركيا. لقد بعثنا رسالة دعمنا لوحدة الأراضي العراقية بقوة لكل من أظهر ميولا للانفصال عنه حتى اليوم».
وسأل جاويش أوغلو الحكومة العراقية: «حساسيتكم ضد (داعش)، لماذا لا تظهر ضد العمال الكردستاني الذي يحتل منطقة سنجار؟ ويحاول النزول ببطء إلى السليمانية.. لقد احتلت منظمة إرهابية أخرى (العمال الكردستاني كما تصفه تركيا) في وقت سابق الأراضي العراقية، ونحن نتخذ التدابير ضدها، ونتابع التطورات على الأرض لحظة بلحظة، ونرصد كل التطورات في المنطقة». وأشار إلى أن من أسباب تقديم تركيا الدعم لعملية تحرير الموصل هجمات «داعش» ضدها، الذي يشكل تهديدًا للجميع.
وأوضح الوزير التركي أن التعزيزات العسكرية على الحدود التركية العراقية ليست ضد الحكومة العراقية، بل دعم لها، وأن تركيا أعلنت منذ اليوم الأول عن أسباب إرسالها تعزيزات عسكرية إلى الحدود مع العراق. ولفت جاويش أوغلو إلى أن هناك إمكانية وصول عناصر تنظيم داعش الإرهابي إلى الحدود التركية، إلى جانب وجود ألفي عنصر من العمال الكردستاني في الجانب الآخر من الحدود، وهي مدرجة على قائمة الإرهاب العالمية والأوروبية.
وحشدت تركيا مزيدا من قواتها على الحدود العراقية لليوم الثاني على التوالي في بلدة سيلوبي التابعة لمحافظة هكاري جنوب شرقي البلاد والواقعة على الحدود التركية العراقية. وتزامن ذلك مع ترحيب أنقرة بدور وساطة عرضته طهران لحل الأزمة بين العراق وتركيا، وقال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إن بلاده ترحب بكل الأدوار البناءة أيا كانت الدولة التي تقوم بها. وأشار أوغلو، إلى أن معسكر بعشيقة الذي توجد فيه قوات تركية شمال العراق خلق توترًا لا معنى له بين الدولتين، وأن بلاده مستمرة في بذل المساعي الدبلوماسية لإزالة هذا التوتر، قائلا إن وفدا تركيا زار العراق الأسبوع الماضي، للتباحث مع المسؤولين العراقيين حول كيفية إنهاء الأزمة، وإن أنقرة تنتظر وصول وفد عراقي مماثل خلال الأيام المقبلة للغرض نفسه.
في سياق متصل، كشف نائب محافظ نينوى، حسن العلاف، عن وجود ضغوط خارجية تمارس على الحكومة العراقية لتغييب أي دور تركي في الحملة العسكرية الجارية لتحرير الموصل. وقال العلاف، في تصريحات لوكالة أنباء الأناضول، إن «هناك ضغوطات خارجية على الحكومة العراقية كي لا يكون لتركيا أي دور في تحرير الموصل».
وأضاف: «كنا نتمنى أن تشارك القوات العسكرية التركية في تحرير أرض محافظة نينوى من (داعش)، لأننا نعتقد أن الدولة التركية الجارة صمام أمان في حال حصول أي مشكلة داخلية طائفية أو حرب أهلية».
ويطالب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بخروج القوات التركية التي تقوم بتدريب متطوعين عراقيين في معسكر بعشيقة، رغم أن هذا الأمر جاء بناء على طلبه خلال زيارة أجراها إلى تركيا عام 2014.
وحول مشاركة «الحشد الشعبي» في معركة الموصل، قال العلاف: «ما نتمناه ألا يشارك (الحشد) في معركة تحرير الموصل، بسبب البعد الطائفي لتحركاته، كنا نتمنى أن يكون هناك حشد عشائري من أبناء المدينة».
في سياق متصل، أغلقت السلطات التركية قناة «قدس تي في» لبثها دعاية لميليشيات «الحشد الشعبي» الشيعية في العراق.
وداهمت قوات الشرطة التركية مقر القناة في إسطنبول ليل الثلاثاء – الأربعاء، وصادرت محتوياتها وأغلقتها بالشمع الأحمر بعد حملة شعبية قادها نشطاء أتراك على مواقع التواصل الاجتماعي ضد القناة لبثها برامج تروج لميليشيات «الحشد الشعبي».
وأثارت القناة، التي انطلقت عام 2008، الشكوك حول كونها ممولة من إيران لا سيما أن المسؤول عنها نور الدين شيرين وهو معروف بتوجهاته المؤيدة لإيران، وسبق له أن نظم كثيرا من الاحتجاجات ضد السعودية في قضايا تتعلق بإيران. وعملت القناة لسنوات تحت ستار الدفاع عن القضية الفلسطينية، لكنها استغلت الأمر لخدمة أجندة إيران في المنطقة.
ومع انطلاق عملية تحرير الموصل من قبضة تنظيم داعش في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي دأبت القناة في الآونة الأخيرة على الترويج وعمل دعاية لميليشيات «الحشد الشعبي» في العراق. ولفتت القناة الأنظار ببثّها مواد إذاعية لميليشيات «الحشد الشعبي»، إضافة إلى مواد وبرامج تروج للنظام السوري وبشار الأسد وما يسمى «حزب الله».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.