منظمات سورية تحذّر من خطورة الوضع في سجن طرطوس وتطالب بوقف العنف ضد المعتقلين

إثر حركة تمرّد قاموا بها احتجاجًا على سوء المعاملة وأحكام الإعدام بحقهم

منظمات سورية تحذّر من خطورة الوضع في سجن طرطوس وتطالب بوقف العنف ضد المعتقلين
TT

منظمات سورية تحذّر من خطورة الوضع في سجن طرطوس وتطالب بوقف العنف ضد المعتقلين

منظمات سورية تحذّر من خطورة الوضع في سجن طرطوس وتطالب بوقف العنف ضد المعتقلين

حذرت 66 منظمة وهيئة ومؤسسة سورية، من خطورة الوضع في سجن طرطوس المركزي بشمال غربي سوريا، في ظل احتجاجات للمعتقلين قابلتها حملة عنف كبيرة قد تهدد حياتهم، وقالت في بيان لها إن السجناء السياسيين يعانون من بيئة معادية بالكامل لهم من قبل إدارة السجن وعناصر الشرطة والسجناء الجنائيين.
ويشهد سجن طرطوس الخاضع لسلطة النظام السوري، حركة تمرّد واسعة احتجاجًا على سوء المعاملة التي يلاقيها السجناء، وأحكام الإعدام الصادرة بحق بعضهم، وممارسة التأجيج الطائفي بين السجناء السنّة المعتقلين سياسيًا، وبين آخرين من الطائفة العلوية الموقوفين بجرائم جنائية.
وفي بيانها، أشارت المنظمات والهيئات إلى أن سليمان الأسد، وهو قريب رئيس النظام، يهدد مع مجموعته السجناء الآخرين والمعتقلين ويضربهم أمام إدارة السجن، دون أن تحرك ساكنًا لإنقاذهم، باعتبارهم معارضين للنظام ومتهمين بما يسمونه الإرهاب أو تمويل الإرهاب. وأشار البيان إلى أن السجناء السياسيين احتجوا على سوء المعاملة من قبل إدارة السجن وسليمان الأسد وشبيحته، وقوبل الاحتجاج بالعنف والقوة، حتى وصل إلى إطلاق النار على السجناء، ضمن صمت وتجاهل كامل من قبل المجتمع الدولي.
ورأت الهيئات الموقعة على البيان أنه لا حجة للمنظمات الدولية، وخصوصا الصليب الأحمر، بعدم التحرك وزيارة السجون الرسمية التي يتوجب عليها زيارتها، والتأكد من وضع السجناء بها، وشددت على أن عشرات المعتقلين في سجن طرطوس يواجهون وضعًا مأساويًا، واستعمال القوة المميتة ضدهم.
وطالبت المنظمات والهيئات السورية، جميع من يملك الإمكانية والقدرة على فعل شيء، وخصوصا منظمة الصليب الأحمر، لزيارة السجن والتأكد من وضع السجناء، ووقف حملة العنف التي تستعملها السلطات والشبيحة ضدهم.
وكانت مجموعة «العمل لأجل المعتقلين السوريين» قد أكدت أن استعصاءً نفذه معتقلو سجن طرطوس المركزي، في 30 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي على غرار استعصاءات سابقة في سجون حماه والسويداء وحمص. ومن أبرز الموقعين على البيان مركز «العدالة السوري لحقوق الإنسان»، ومنظمة «الكواكبي لحقوق الإنسان»، ومركز «دراسات الجمهورية الديمقراطية»، ومجموعة «العمل لأجل المعتقلين السوريين»، و«سوريون من أجل الحقيقة والعدالة»، و«الشبكة السورية لحقوق الإنسان».
سجن طرطوس يضم داخل أسواره نحو 250 معتقلاً سياسيًا، من أبناء الطائفة السنّية الذين شاركوا في مظاهرات سلمية في دمشق وريفها وباقي المحافظات السورية، ولا يزال هؤلاء قيد الاعتقال منذ أكثر من خمس سنوات، من دون أن يخضعوا لمحاكمة، ويرفض النظام إطلاق سراحهم.
وهذا التمرّد هو الثاني الذي تشهده سجون النظام، بعدما نفذ المعتقلون في سجن حماه المركزي في وسط سوريا، عصيانًا خلال شهر مارس (آذار) الماضي، احتجاجًا على عدم تحقيق مطلبهم بالإفراج عنهم، وقام منفذو العصيان باحتجاز مدير السجن وقائد الشرطة في المدينة، وذلك رفضًا لظروف اعتقالهم ونقل رفاق لهم إلى سجن صيدنايا العسكري، في ريف دمشق، حيث جرى إعدام عدد منهم. ووافقت سلطات النظام يومها على مطالب السجناء بالإفراج عنهم تباعا، وتم إطلاق سراح أكثر من مائة سجين.
ونقل «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن مصادر وصفها بأنها «موثوقة»، أن سلطات سجن طرطوس المركزي «قامت بإدخال كتيبة حفظ النظام إلى داخل السجن، الذي يشهد يومين استعصاء نفذه مئات السجناء، على خلفية سوء المعاملة التي يتلقونها من قبل سلطات السجن، وإصدار أحكام مشددة تتراوح ما بين الإعدام والسجن المؤبد، ونقل عدد كبير من نزلائه إلى سجن صيدنايا».
وأفادت المصادر أيضًا، بأن قوات النظام «عمدت إلى قطع المياه عن السجن، بالتزامن مع إطلاق النار على نوافذه، ما أدى إلى سقوط جريحين على الأقل»، مشيرة إلى أن قوات حفظ النظام وبمساندة من سجناء جنائيين موالين لها «تمكنت من فض الاستعصاء وإنهائه». وتابعت أن «إدخال كتيبة حفظ النظام، جاء عقب تهديد معاون قائد شرطة النظام في طرطوس، نزلاء سجن طرطوس المركزي، باقتحام السجن بالقوة إن لم يوقفوا الاستعصاء».
ومن جهته، كشف المحامي فهد موسى، رئيس «الهيئة السورية لفك الأسرى والمعتقلين»، أن «اعترافات المحكوم عليهم أخذت بالتعذيب والإكراه». وقال: «الكثير من هؤلاء اعتقلوا سياسيًا، على خلفية مشاركتهم في مظاهرات سلمية في عدد من المحافظات السوري، ويبلغ عددهم 247 معتقلاً بينهم سبعون معتقل من مدينة بانياس التابعة لمحافظة طرطوس، والباقون من دمشق وريفها والمحافظات الأخرى، وأغلبهم تم نقلهم تعسفيًا من سجن عدرى في دمشق، وجميع هؤلاء المعتقلين السياسيين هم من السوريين السنّة». وقال: «لقد رفض النظام إخلاء سبيلهم ومحاكمتهم طلقاء وفقًا للقواعد القضائية».
ولفت «رئيس الهيئة السورية لفك الأسرى»، إلى أن «باقي نزلاء السجن من أصحاب الجرائم الجنائية من أبناء محافظة طرطوس وينتمون إلى الطائفة العلوية»، مؤكدًا أن النظام السوري «يتعمّد وضع المعتقلين السنّة في سجن طرطوس وسجن اللاذقية، بهدف اللعب على الشحن الطائفي بين مكوّنات الشعب السوري، التأجيج الطائفي بين المعتقلين». وأشار إلى أن النظام السوري «يتكتم إعلاميًا على حركة الاستعصاء داخل السجن، وقام بقطع كل أنواع الاتصالات عن منطقة السجن ومنع الزيارات داخل السجن».
وأضاف موسى: «صباح يوم الأحد الماضي، قام قائد شرطة محافظة طرطوس بالتعاون مع معاون وزير الداخلية بتهدئة المعتقلين والسجناء ووعدوهم بالنظر بمطالبهم بإرجاعهم إلى سجون محافظاتهم، وإجراء محاكمات عادلة وإخلاء سبيلهم وقبل المعتقلون داخل السجن بالتهدئة ورفضوا إجراء التأمين وأبقوا أبواب الغرف والأجنحة مفتوحة». وأكد أن المتمرّدين «قبلوا بإنهاء الاستعصاء مع تطمينات للنظر بمطالبهم ومعاملتهم معاملة حسنة، لكنهم تفاجأوا بقوات النظام السوري تقتحم السجن منتصف ليلة أول من أمس (الاثنين) باستخدام القوة المفرطة من قبل قوات الجيش والمخابرات، وأقدموا على قطع كل أنواع الاتصالات والتواصل مع المعتقلين والسجناء»، معتبرًا أن «حياة 247 معتقلاً سياسيًا أمام خطر القتل والتعذيب، ولم بيعرف مصيرهم حتى الآن».
وقال المحامي موسى: «هناك تخوف من أن يكون المستفيد من الاستعصاء، السجين سليمان هلال الأسد الموقوف جنائيًا في سجن طرطوس لتسوية وضعه إداريًا بالتعاون مع النظام السوري، ونحن ما زلنا ننتظر جمع المزيد من المعلومات لتوضيح الصورة أكثر».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».