مقاتلو المعارضة السورية يستعيدون المبادرة الهجومية في ريف حلب الشمالي

طردوا «داعش» من أخترين بعد تسلله إليها

مواطنان يسيران وسط ركام أبنية دمرها القصف بمدينة دوما في ضواحي العاصمة السورية دمشق (رويترز)
مواطنان يسيران وسط ركام أبنية دمرها القصف بمدينة دوما في ضواحي العاصمة السورية دمشق (رويترز)
TT

مقاتلو المعارضة السورية يستعيدون المبادرة الهجومية في ريف حلب الشمالي

مواطنان يسيران وسط ركام أبنية دمرها القصف بمدينة دوما في ضواحي العاصمة السورية دمشق (رويترز)
مواطنان يسيران وسط ركام أبنية دمرها القصف بمدينة دوما في ضواحي العاصمة السورية دمشق (رويترز)

يسعى مقاتلو المعارضة السورية المنضوون في غرفة عمليات «درع الفرات» لاستعادة السيطرة على عدد من القرى في ريف محافظة حلب الشمالي التي تقدم باتجاهها تنظيم داعش في الأيام القليلة الماضية، وأفادت المعلومات يوم أمس عن استعادتهم المبادرة الهجومية من خلال سيطرتهم على مدينة أخترين التي تسلل إليها عناصر التنظيم الثلاثاء. وأوردت «فرقة السلطان مراد»، وهي إحدى فرق «الجيش السوري الحر» التي تخوض المواجهة ضد «داعش» في ريف حلب أن 14 عنصرا من «داعش» قتلوا وتم أسر عنصرين خلال المعارك التي خاضها مقاتلو المعارضة لاستعادة السيطرة على قرى في محيط بلدة أخترين.
في السياق ذاته تستمر المعارك العنيفة في المنطقة، إذ أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن سيطرة التنظيم على 17 بلدة وقرية ومزرعة وتلة، من أبرزها سلوى والغوز وثلثانة والمسعودية وبرعان والباروزة، في ريفي حلب الشمالي والشمالي الشرقي، لافتا إلى بلدة أخترين الاستراتيجية، تشهد معارك عنيفة يحاول فيها التنظيم استعادتها، بعد أكثر من ثلاثة أسابيع على خسارته إياها. وقال أحد مقاتلي المعارضة في المنطقة لـ«الشرق الأوسط» أن الأعمال العسكرية تتركز حاليًا على محاولة استعادة السيطرة على كل القرى التي تقدم إليها تنظيم داعش جنوب أخترين، لافتا إلى أنه تم حتى الساعة السيطرة على قرى المسعودية وطنوزة وثلاثينة وبرعان.
وذكر القيادي الميداني في صفوف المعارضة المسلحة بريف حلب الشمالي، صالح الزين، لوكالة «آرا نيوز» إن «مقاتلي غرفة عمليات (درع الفرات) المدعومين من قبل الجيش التركي نفذوا هجومًا معاكسًا من عدة محاور نحو القرى التي خسروها لصالح التنظيم جنوب غربي مدينة أخترين بعد وصول عدد من التعزيزات والمؤازرات العسكرية للمجموعات المرابطة». وكان تنظيم داعش استعاد السيطرة على نحو عشر قرى في ريف حلب الشمالي بعد معارك مع الجيش الحر المدعوم من قوات تركية خلال الـ24 ساعة الماضية، وذلك في أوسع هجوم يشنه التنظيم منذ بدء عملية «درع الفرات» في أغسطس (آب) الماضي. وأوردت وكالة «أعماق» التابعة لـ«داعش» أن مسلحيه استفادوا من الأحوال الجوية التي حالت دون تدخل سلاح الجو وأحكموا سيطرتهم على قرى كثيرة، من بينها برعان والواش وطنوزة وثلثانة. وما يستحق الإشارة أن ريف حلب الشمالي يشهد سباقًا لانتزاع مدينة الباب بريف حلب الشرقي من قبضة تنظيم داعش بين الجيش السوري الحر وميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية التي أحرزت تقدما في المنطقة إلى مواقع كان قد انسحب منها التنظيم في وقت سابق.
وفي سياق متصل، قالت تركيا إن قواتها قصفت ثمانين هدفا لـ«داعش» شمالي سوريا ضمن إطار عملية درع الفرات التي دخلت يومها الـ71، كذلك قال عبد الإله طلاس، القيادي في «فيلق الشام» لوكالة الأنباء الألمانية إن «مجموعات من مسلحي (داعش) استغلوا الأجواء الممطرة وغياب التغطية الجوية، وتسللوا إلى أطراف مدينة أخترين في ريف حلب الشمالي ولكن الجيش السوري الحر تمكن من طردهم وقتل عدد منهم بعد اشتباكات عنيفة». وتقع بلدة أخترين غرب مدينة الباب بـ21 كلم وشرقي مدينة أعزاز بـ27 كلم.
من جهتها، أفادت مصادر مقربة من ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» التي يشكل الأكراد عمودها الفقري بأن «مقاتلي تنظيم داعش شنوا مساء أمس الثلاثاء هجومًا واسعًا من أربعة محاور استطاعوا من خلاله السيطرة على حقل الرمي وثلاثة تلال محيطة به بالإضافة إلى اغتنام أسلحة وذخائر متنوعة، وأن اشتباكات عنيفة جرت في محيط مدرسة المشاة في محاولة من مقاتلي التنظيم السيطرة عليها بعد تنفيذهم عمليات انغماس في صفوف عناصر قوات سوريا الديمقراطية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».