باريس تشكك في إعلان موسكو «هدنة إنسانية» بمدينة حلب

مصادر فرنسية تتوقع ميلاً روسيًا لحسم المعركة عسكريًا

باريس تشكك في إعلان موسكو «هدنة إنسانية» بمدينة حلب
TT

باريس تشكك في إعلان موسكو «هدنة إنسانية» بمدينة حلب

باريس تشكك في إعلان موسكو «هدنة إنسانية» بمدينة حلب

تنظر باريس بكثير من القلق إلى ما صدر عن وزارة الدفاع الروسية أمس بخصوص الإنذار الذي وجهته إلى قوات المعارضة الموجودة داخل مدينة حلب، عاصمة الشمال السورية، طالبة منها الخروج من المدينة غدا (الجمعة) بين الساعة التاسعة صباحا والسابعة مساء بالتوقيت المحلي. وجاء ذلك في بيان صادر عن رئيس أركان القوات الروسية الجنرال، فاليري غيراسيموف، الذي أوضح أن القرار جاء تنفيذا لأوامر صادرة عن الرئيس فلاديمير بوتين شخصيا.
تقول المصادر الفرنسية التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» أمس، إن مصدر القلق في القرار الروسي «ليس بالطبع الهدنة الإنسانية، التي يقرها، بل الغموض الذي يلف طلبها من المعارضة لمغادرة حلب، وما يمكن أن يستتبع ذلك إذا غادرت المعارضة، أم لم تغادر». والتساؤل الأول الذي تطرحه باريس يتناول «هوية» مقاتلي المعارضة، وما إذا كان المطلوب مقاتلي «جبهة فتح الشام» الذين تطالب موسكو بخروجهم من حلب، وهو ما اقترحه المبعوث الدولي ستافان دي ميستورا الشهر الماضي، أم كل المقاتلين، بمن فيهم المنتمون إلى «الجيش السوري الحر» أو المعارضة المعتدلة.
أما التساؤل الفرنسي الثاني فيتناول «الضمانات» التي يتعين توافرها والتي من شأنها أن تحفز المقاتلين على المغادرة، التي من المفترض أن تكون دولية الطابع وليس فقط صادرة عن الجانب الروسي أو عن النظام.
كذلك تطرح المصادر الفرنسية تساؤلا ثالثا بخصوص ما سيحل بمناطق شرق حلب في حال تركتها المعارضة المسلحة، أكان ذلك عناصر «جبهة فتح الشام» الذين يتراوح عددهم ما بين 300 و800 عنصر، وفق تقديرات الأمم المتحدة، أم كل العناصر المسلحة. فهل ستترك الأحياء الشرقية لإدارة شؤونها بنفسها، أم أن النظام السوري سيسعى لإدخال قواته العسكرية وعناصره الأمنية وإدارته إلى هذه المناطق؟
وباختصار، فإن المصادر الفرنسية تطرح السؤال عن طبيعة «اليوم الثاني» في حلب، علما بأن ما تشدد عليه باريس وتستمر في المطالبة به هو أن يتوقف القصف والقتال، وأن تدخل المساعدات الإنسانية من غير عوائق، وأن يكون ذلك مقدمة للعودة إلى طاولة المفاوضات في جنيف.
بيد أن الأمور، من وجهة النظر الفرنسية، لا تسير في هذا الاتجاه؛ إذ تنظر باريس بكثير من الشك إلى «التزامن» بين وصول القوة البحرية الروسية الجديدة إلى مياه شرق المتوسط، وإلى الإنذار الروسي للمعارضة المسلحة للخروج من حلب. وهي تتخوف من أن يكون الهدف من التعزيزات الروسية غير المسبوقة، مع وجود حاملة الطائرات الروسية الوحيدة وغواصات نووية وفرقاطات وطرادات، هو «الانتهاء من مسألة حلب» بمعنى السيطرة على كامل المدينة. وما يعزز هذا الاعتقاد الفرنسي رغبة موسكو في الاستفادة من عاملين اثنين، هما: تركيز الأنظار دوليا في هذه المرحلة على معركة الموصل من جهة، والاستفادة من الانتخابات الرئاسية الأميركية ومن حالة «الفراغ» الأميركي في سوريا لغرض فرض «أمر واقع جديد» قبل وصول إدارة أميركية جديدة... ربما بسياسة جديدة. وباختصار، ما تتخوف منه باريس هو أن يكون الغرض «إفراغ حلب وتهجير سكان أحيائها الشرقية».
في أي حال، تعتبر المصادر الفرنسية، استنادا إلى التجارب السابقة مع الهُدن الإنسانية والممرات الآمنة، أن «ما لم يحصل بالأمس لن يحصل اليوم» طالما أن الضمانات المطلوبة لم تتوافر، وأن العودة إلى المسار السياسي ما زالت بعيدة، بحيث إن التوجه اليوم هو للتصعيد العسكري ولحسم معركة حلب. ورغم ما جاء في بيان رئيس الأركان الروسية من أن قرار وقف العمليات العسكرية والهدنة الإنسانية اليوم (الجمعة) «جاء بالاتفاق مع القيادة السورية، أي النظام، فإنه يتناقض تماما مع ما أعلنه رئيس النظام السوري بشار الأسد عن عزمه على (تطهير حلب) من جميع (الإرهابيين)»؛ الأمر الذي يعني، وفق القاموس الرسمي، كل المقاتلين لأي جهة انتموا.
للعلم، كانت روسيا قد أعلنت في 18 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي هدنة لثلاثة أيام وعن تحديد ستة ممرات لخروج المدنيين وإخلاء الجرحى والمرضى، وعن ممرين لخروج المقاتلين، لكن هذا العرض لم يقنع لا المدنيين ولا المقاتلين. وهذه الممرات هي نفسها التي يقترحها العسكريون الروس لليوم (الجمعة). والجديد في بيان الجنرال غيراسيموف توجهه مباشرة إلى المقاتلين «لأن زملاءنا الأميركيين عاجزون عن الفصل بين المعارضة وبين الإرهابيين». ويجيء الاقتراح الروسي، من جهة، على خلفية المعارك الدائرة بين قوات المعارضة وقوات النظام والميليشيات المتعاونة معها والهادفة إلى فك الحصار عن الأحياء الشرقية في ثاني أكبر المدن السورية. كما يأتي، من جهة ثانية، على وقع تزايد التوقعات بقرب انطلاق معركة الرقّة «عاصمة» «داعش» في شمال وسط سوريا لتحريرها من التنظيم الإرهابي المتطرف.
وفي حين تدفع باريس باتجاه التعجيل بفتح معركة الرقة بالتوازي مع معركة تحرير الموصل؛ مخافة انتقال مقاتلي «داعش» من «عاصمتهم» العراقية إلى الرقّة، فإن مصادر دبلوماسية غربية في العاصمة الفرنسية ترى أن الأمور «لم تجهز بعد» لبدء هذه المعركة. وبحسب هذه المصادر، فإن الوضع في الرقة «بالغ التعقيد» والتناقضات فيه لا تسهل عملية الإسراع في إطلاق المعركة الموعودة. فضلا عن ذلك، فإن هوية القوات التي ستقاتل لتحرير الرقة «غير واضحة» حتى الآن. كذلك لم تتضح صورة الجهة التي ستعود إليها إدارة هذه المدينة ومنطقتها باعتبار أنها ستكون آخر معقل كبير لـ«داعش» في العراق وسوريا معا. وتشير هذه المصادر إلى تضارب المعلومات حول «خيارات» واشنطن الحائرة بين التعاون مع أنقرة أو الاستمرار في التعاون مع ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية»، ذات الغالبية الكردية، فيما أعلن وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر أكثر من مرة، أن إدارته تريد أن يكون تحرير المدينة السورية على أيدي «قوات محلية». وصرح كارتر أخيرًا بأنه «كما في معركة الموصل، يملي علينا المبدأ الاستراتيجي أن تكون قوات محلية فاعلة ومتحمسة» هي من تحرر «الرقة». والمطلوب وفق مصادر عسكرية أميركية أن تكون هذه القوات «عربية».
وبانتظار أن تتبين هوية هذه القوات، فإن الأنظار في سوريا ستبقى مركزة على حلب؛ لأن مصيرها سيحدد بشكل كبير مصير الحرب كلها، ومستقبل سوريا نفسها.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.