انتهى في لبنان اليوم الأول للاستشارات النيابية الملزمة بضمان تكليف رئيس «تيار المستقبل» النائب سعد الحريري رئيسا للحكومة في العهد الجديد. وجاء ضمان الحريري التكليف بعدما رشّحه 86 نائبا من أصل 90 التقوا، أمس، رئيس الجمهورية ميشال عون في اليوم الأول للاستشارات النيابية، وينتظر الإعلان الرسمي لهذا التكليف اليوم بعد انتهاء الاستشارات.
وفي حين لا تزال الأنظار موجّهة إلى موقف «الثنائي» الشيعي، أي كتلة ما يسمى «حزب الله» و«التنمية والتحرير» التي يرأسها رئيس مجلس النواب وزعيم حركة «أمل» نبيه برّي - الذي كان يقود المعارضة التي رفضت انتخاب عون رئيسًا - أرجأت كتلة ما يسمى «حزب الله» موعد لقائها عون الذي كان مقررًا، أمس، إلى اليوم، وذلك من أجل إجراء مزيد من التشاور مع الرئيس برّي، بينما قالت فيه كتلة الأخير في ختام اجتماعها، أمس، إنّ القرار بهذا الشأن محصور برئيسها، مؤكدة حرصها على التعاون مع العهد. وفي هذا الإطار، أوضح النائب في «التحرير والتنمية» ميشال موسى، لـ«الشرق الأوسط»، في تصريح له: «إن الكتلة تتعامل مع الموضوع بكثير من الإيجابية وقرارها مستقلّ عن قرار كتلة (حزب الله)»، بينما قال النائب في كتلة الحزب علي فياض: «نحن والرئيس برّي في مركب حكومي واحد، ولا شك أن البلد أمام فرصة ثمينة علينا أن نتعاون لاستغلالها».
موسى جدد تأكيده ما جاء في بيان الكتلة لجهة نية برّي: «التعاون بإيجابية مع العهد الجديد والرئيس»، قائلا: «المرحلة الرئاسية انتهت ونحن الآن في مرحلة التكليف التي سيتم بعدها التشاور بشأن التأليف وقرار المشاركة في الحكومة أو عدمها مع الحلفاء. وموقفنا النهائي سيكون بناء على ما سيطرح علينا»، مشددا في الوقت عينه على أن توزيع الحصص الوزارية لا ينفصل عن الموقف السياسي والتوازنات العامة.
وعما إذا كانت «الميثاقية» ستكون عائقا أمام تكليف الحريري في حال قرّر «الثنائي» الشيعي عدم تسميته رئاسة الحكومة، أكّد موسى أن الدستور اللبناني واضح في هذا الإطار والاستشارات الملزمة لا تتطلب أكثر من حصول المرشّح لرئاسة الحكومة على أكثر من 65 صوتًا، وبالتالي، فإن حصول الحريري على هذا العدد يعني، حكمًا، تكليفه من قبل رئيس الجمهورية.
من جانب آخر، في حين تستمر المشاورات بين الطرفين لاتخاذ موقف نهائي بهذا الشأن، أشارت بعض المعلومات إلى أنه إنقاذا للميثاقية قد يلجأ برّي إلى ترشيح الحريري، بينما يبقى الحزب على موقفه برفض تسميته، كما جرت العادة في جميع الحكومات السابقة التي ترأسها هو ووالده الراحل رفيق الحريري. مع العلم أنّه في العام 2009 تم تكليف الحريري من دون تسمية الثنائي الشيعي له.
في هذه الأثناء، أشارت أوساط مطّلعة لـ«وكالة الأنباء المركزية» إلى أن ما يسمى «حزب الله» يميل إلى وضع أصوات نوابه في عهدة الرئيس لتجييرها إلى من يريد، في استعادة لـ«سيناريو» الاستشارات في عهد الرئيس الأسبق إميل لحود، التي كُلف بموجبها الرئيس رفيق الحريري بتشكيل الحكومة، إلا أنه سيسعى إلى تأمين مكاسب حكومية مهمة لبرّي، المدرك أن الحريري سيحتاج إليه لتأمين الغطاء الشيعي للحكومة الثانية التي سيرأسها ويتجه نحو القبول بتكليفه. ويقول مراقبون إن برّي سيطلب ثمنا وزاريا عاليا للدخول إلى الحكومة الجديدة، يتضمن حصة موازنة تشمل حقيبتي المالية والطاقة، إضافة إلى الاطمئنان لبعض التعيينات الإدارية. وهو من خلال رفع السقف هذا في وجه الحريري لا الرئيس عون، بحسب المصادر، يهدف إلى إعادة الاعتبار إلى موقع رئاسة مجلس النواب الذي يرى أنه هُمّش إبان تفاهم «التيار الوطني الحر» و«المستقبل».. أما إذا لم ينل ما يلبي طموحاته، فإن برّي وفق المصادر، سيعود إلى موقع «المعارضة» وهو يعلم أن في هذه الحال، سيجاريه ما يسمى «حزب الله» ويبقى خارج السرب الحكومي أيضا، لا سيما، بعدما فوضه الحزب بتحديد «الكلمة الفصل» في شأن التكليف والتأليف. لكن الحزب، والحال هذه، يفضل الانخراط في «البوتقة الحكومية» كي لا يترك الساحة للحريري و«القوات اللبنانية».
أمس، كانت معظم الكتل النيابية التي التقاها عون في يوم الاستشارات النيابية الأوّل قد رشّحت الحريري لترؤس الحكومة، وبلغ عدد النواب الذين شملتهم الاستشارات 90 نائبا، سمّى 86 منهم الحريري، في حين أعلنت كتلة حزب البعث «أنها لم تسم رئيسا للحكومة»، وأودعت كتلة «الحزب السوري القومي الاجتماعي» موقفها حول هذا الموضوع لدى رئيس الجمهورية، بحسب ما أعلنت. وكانت لقاءات رئيس الجمهورية الجديد قد بدأت صباحا مع رئيس حكومة تصريف الأعمال، تمام سلام، الذي أمل بعد لقائه عون أن تستكمل مستلزمات انطلاقة العهد الجديد لتأليف حكومة جامعة وطنية بقيادة الحريري، قائلا: «بالنسبة إليّ، أعيد الأمانة إلى صاحبها».
وهو الموقف نفسه الذي أعلن عنه رئيسا الحكومة السابقان، نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة، ونائب رئيس مجلس النواب، فريد مكاري، في حين خرج الحريري بعد لقائه عون من دون الإدلاء بأي تصريح، لتعود بعدها «كتلة المستقبل» التي تحدث باسمها السنيورة لتعلن ترشيحها الحريري لرئاسة الحكومة.
وكما سبق لها أن أعلنت، سمّت الحريري كتلة «التغيير والإصلاح» (التي يتزعمها عون)، كذلك فعل كل من نائب رئيس مجلس الوزراء السابق النائب ميشال المر والنائبة نائيلة تويني. وختام الجولة الأولى، قبل الظهر كان موعد كتلة نواب «القوات اللبنانية» التي تحدثت باسمها النائبة، ستريدا جعجع، معلنة تسمية الحريري لرئاسة الحكومة.
من جهته، أعلن كل من رئيس حزب «الديمقراطي اللبناني» النائب طلال أرسلان، ورئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط تسميتهما الحريري، وقال الأخير بعد لقائه عون: «قلنا لرئيس الجمهورية إنه يجب أن نضيّق كل الخلافات ونركز على بناء الداخل». ولم يكن موقف «كتلة تيار المردة» الذي يرأسه النائب سليمان فرنجية مختلفا، بحيث أعلنت أنها سمّت الحريري لرئاسة الحكومة، وكان لافتا عدم حضور فرنجية إلى القصر للقاء عون بل مثّل كتلته النائبان إسطفان الدويهي وسليم كرم.
الحريري ضمن تكليفه برئاسة الحكومة اللبنانية في اليوم الأول للاستشارات
معلومات حول توجّه «حزب الله» لعدم تسميته.. ونائب في كتلة برّي: «موقفنا مستقل عن الحزب»
الحريري ضمن تكليفه برئاسة الحكومة اللبنانية في اليوم الأول للاستشارات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة