ما يجعل اسم كوكو شانيل حيا ومُشعا، حتى الآن، أن الإرث الذي خلفته لا يزال منبع إلهام لكل أقسام الدار. من كارل لاغرفيلد الذي ينسجه لنا في كل موسم بالتويد والموسلين، إلى قسم المجوهرات الذي يصوغه لنا بالماس واللؤلؤ، إلا أن القصص التي ترتبط بكل مجموعة تأخذنا إلى عالم يتأرجح بين الواقع والأسطورة.
من القصص الكثيرة التي تُحاك وتُحكى عن غابريال شانيل علاقتها بسنابل القمح، على أساس أنها تتفاءل بها وتعتبرها جالبة حظ. وتضيف الحكاية أن تاريخ ميلادها صادف يوم 19 أغسطس (آب)، وهو يوم عيد الحصاد، الذي كان يُحتفل به في نهاية كل فصل صيف. كبرت الطفلة وظل القمح يرتبط في مخيلتها بالتجدد والرخاء والحياة الرغيدة التي تُجسدها صور مخازن الحبوب الممتلئ وفرحة الفلاحين بمحاصيلهم. كبرت وهي تعرف أيضا كل صغيرة وكبيرة عن نمو هذه الحبوب والسنابل، ففي شهر مايو (أيار)، تنبت شتلات صغيرة من الأرض، رقيقة وخضراء، وفي يونيو (حزيران)، يبدأ القمح بالتشكل نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، وفي يوليو (تموز)، وعندما ينعم القمح بدفء الشمس تملأ رائحته الأجواء ليعرف الجميع أنه بات جاهزًا للحصاد.
مرت السنوات وانتقلت كوكو شانيل من القرية إلى باريس، وأصبحت مصممة عالمية، لكنها لم تنس هذه الصورة التي ترسخت في ذهنها وارتبطت بالسعادة والرخاء، فشاءت أن تحوّل هذه الصور إلى أحد الرموز التي تتفاءل بها. فزائر شقتها في شارع غامبون لا بد أن تصادفه سنابل القمح، كقطعة ديكور من الخشب أو البرونز، أو كلوحة كتلك التي أهداها لها صديقها سلفادور دالي.
ورغم أن الموت غيبها منذ عقود، فإن رموزها لا تزال حية تعود إليها الدار دائما سواء فيما يتعلق بالأزياء أو المجوهرات. في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي مثلا، وخلال أسبوع باريس للأزياء الراقية، حولت الدار ساحة «فاندوم» إلى حقل تنبت فيه حبات القمح وتتمايل فيه السنابل، صممه خصيصا لها الفنان غادويل.
منظر جذب السياح وسكان باريس على حد سواء، ولم يكن سوى مقدمة لمن أسعفه الحظ وفتحت له «شانيل» أبواب محلها الواقع في الساحة ذاتها، وتحت حراسة مشددة، لمعاينته عن قُرب. فالمجموعة غير عادية أطلقت عليها عنوان «ليه بلي دو شانيل» Les Blés de CHANEL تحتفي فيها بهذا الرمز، وتُسلط الضوء عليه بوصفه عنصرا للتجديد والوفرة والحظ والازدهار. وبالفعل كانت 62 قطعة حصيلة موسم مليء بالإبداع والأفكار الجديدة، حيث تظهر سنابل وحبات القمح بأشكال وأحجام متنوعة تتلألأ بالمواد الثمينة والأحجار الكريمة، مثل الماس الأصفر والأبيض وأحجار الصفير الأصفر والزمرد والبيريدو واللؤلؤ. ولم يضاه تنوع ألوانها وأحجارها سوى تصاميمها التي تُشعرك بأنها تهمس وتتمايل مع كل نسمة أو لمسة.
والفضل هنا يعود إلى التقنيات التي استعملت فيها وراعى فيها حرفيو الدار مخاطبة امرأة عصرية حريصة على حريتها، بمعنى أنها لا تقبل بأي شيء يُقيد جيدها أو معصمها مهما كان جماله. فهي تريد مجوهرات تلبسها وتستمتع بها في كل المناسبات، وليست مجوهرات للتباهي أو الاستعراض فقط.
عقد «فيت ديه مواسون» Fete Des Moissons أي «حفلة الحصاد» يُعتبر أهم قطعة في هذه المجموعة، حيث استغرق صنعه أكثر من 1500 ساعة. تتوسطه قطعة مستطيلة بزوايا مشحوذة من الماس الأصفر تزن 25 قيراطا، إضافة إلى حفنة قمح مصممة من 121 ماسة متعددة الألوان تزن 46.7 قيراط، و932 ماسة صفراء تزن 40.4 قيراط و165 ماسة بيضاء. ويكمل هذه المجموعة خاتم وسوار وزوج من الأقراط.
هناك أيضا سوار عريض من الماس بعنوان «أمبرسيون دو بليه» Impression de Ble، أي «صورة قمح» بتصميم عصري رُصع بالماس الأصفر بقطع الماركيز، وبالماس الأبيض.
أما عقد «ليجاند دو بليه» Legende de Ble المصاغ من الذهب الأبيض والمرصع بالماس، فيستحضر أولى مجموعات الدار بفكرة العقد المفتوح الذي يذكر بعقد «كوميت» Comete. تتوسطه ماسة بقطع الماركيز وزنها 5 قراريط، و12 ماسة بقطع الماركيز مجموع وزنها 10.4 قيراط، فضلا عن ماسات بقطع بريليانت مجموع وزنه 17.6 قيراط.
ولأن المرأة تعرف معنى الاستثمار في مجوهراتها قبل الرجل، فإن ساعة طاولة تأخذ شكل باقة قمح مربوطة، تبدو وكأنها تتوجه إلى مقتني الساعات من الجنس اللطيف تحديدا، نظرا لنعومتها. فهي مبتكرة بألوانها وأحجارها التي تجمع الصفير الأصفر والماس والكوارتز، كما تتضمن كل عناصر الاستثمار بجمالياتها وتقنياتها.
حصاد «شانيل» لهذا الموسم.. سنابل قمح غنية بالألوان وسخية بالأحجار
كانت كوكو شانيل تتفاءل بها وتعتبرها جالبة للحظ
حصاد «شانيل» لهذا الموسم.. سنابل قمح غنية بالألوان وسخية بالأحجار
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة