بعد إخفاقها في حلحلة الملف السياسي والعسكري في ليبيا، ألقت قوى غربية وشرق أوسطية مجددا بثقلها لدعم حكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج، في محاولة لاستعادة النظام في أنحاء البلاد التي تعمها الفوضى، وإحياء اقتصادها المعتمد على النفط.
وقال السراج عبر مكتبه الإعلامي إن الاجتماع الذي استضافه مقر وزارة الخارجية البريطانية في لندن وانتهى أمس في يومه الثاني، استهدف مناقشة الوضع الراهن والخطوات العملية للخروج من الأزمة السياسية والاقتصادية الحرجة في الفترة المقبلة.
حضر الاجتماع وزراء خارجية بريطانيا والولايات المتحدة وإيطاليا وممثلون عن السعودية والإمارات وفرنسا، بالإضافة إلى رئيس بعثة الأمم المتحدة مارتن كوبلر. وأوضح السراج أنه عرض خلال الاجتماع الوضع السياسي وتأثيره على الوضع الاقتصادي في ليبيا، وما تواجهه البلاد من مصاعب، سواء في أزمة السيولة، وسعر الصرف، وتدهور إنتاج النفط، وغيرها من التحديات المتراكمة منذ السنوات الخمس الماضية. ولفت إلى أنه استعرض أيضا التحديات التي تواجه المجلس الرئاسي لحكومته، وناقش سبل حلها في ظل الانقسام الحالي وزيادة وتيرة الصراع، مؤكدا أن مشاركته في هذا اللقاء هدفها الوقوف بشكل مباشر على كل المقترحات التي من شأنها المساهمة في حلحلة الأزمة الاقتصادية، والاستفادة بالخبرات الدولية في هذا المجال.
وأشار إلى أنه عقب هذا الاجتماع عقد اجتماع المنتدى الاقتصادي الذي يستمر ليومين، بحضور وزير التخطيط المفوض بحكومة الوفاق وممثلي المصرف المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط وديوان المحاسبة، ومجموعة من الخبراء الماليين والاقتصاديين المحليين والدوليين، لمناقشة الأوضاع الاقتصادية الراهنة، ودراسة المعوقات والتحديات التي تواجه تنفيذ سياسات فاعلة في مواجهة الأزمة، والخطوات العاجلة التي يمكن اتخاذها حتى يساهم ذلك في توفير الحاجات الأساسية للمواطن والتخفيف من المعاناة اليومية، كأزمة السيولة، وسعر الصرف، والسلع الأساسية، والخدمات.
من جهته، كشف سفير بريطانيا لدى ليبيا بيتر ميليت عن 3 أهداف لاجتماع لندن، من دون أن ينسى إطلاق تحذيرات من حصول فراغ وفوضى في حال عدم اتفاق الليبيين.
وقال ميليت، في تقرير وزعه مركز الإعلام والتواصل الإقليمي التابع للحكومة البريطانية ومقره دبي، إن لقاء لندن حول ليبيا يهدف لتأكيد الدعم الدولي للاتفاق السياسي الليبي وكسر الجمود في تنفيذه، وإيجاد حلول للمشكلات الاقتصادية التي تواجهها البلاد عبر توفير الخدمات الأساسية للمواطنين الليبيين، من خلال تسهيل زيادة عائدات النفط واستخدام هذه العائدات لتحسين ظروفهم.
وأضاف أن «المؤتمر هو أيضا فرصة للتأكيد على دعم المجتمع الدولي القوي لحكومة السراج، وللاتفاق السياسي الليبي وتفعيله بما يخدم مصلحة الشعب الليبي»، داعيا جميع الأطراف الليبية للوقوف معا لمنع حدوث مزيد من الفوضى والفراغ السياسي في ليبيا. وأكد ميليت أن «القرار يعود لليبيين أولاً وأخيرًا، ودور المجتمع الدولي هو فقط لتسهيل الحوار بين جميع الأطراف الليبية».
وكان وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون قد عدّ أن «بناء ليبيا تنعم بالأمان والأمن والازدهار، وتكون قادرة على مواجهة التحديات في المنطقة بكل ثقة، من مصلحتنا جميعا».
وتابع: «بات من الضروري الآن أن تحقق حكومة الوفاق الوطني تقدما سريعا في توفير الخدمات العامة، كالكهرباء، والسيولة في البنوك، لمصلحة الليبيين جميعا».
وكانت ناطقة باسم وزير الخارجية الأميركي جون كيري قد أوضحت أن الوزراء أعادوا التأكيد على «الدعم الدولي القوي» لحكومة السراج، وأضافت المتحدثة إليزابيث ترودو: «الوزراء أكدوا على دعمهم زيادة قدرة الحكومة على الاستجابة لحاجات الشعب الليبي، كما طالب الوزراء جميع المؤسسات الاقتصادية الليبية بالعمل معا دعما لهذا المسعى».
لكن هذا البيان خلا من أي إجراء ملموس قد ينجم عن التعهد بالدعم، علما بأنه لدى ليبيا، التي تشهد اقتتالا داخليا منذ الإطاحة بمعمر القذافي في انتفاضة عام 2011، محافظين متنافسين للبنك المركزي، ولم تتمكن حكومة الوفاق من تعيين وزير للمالية.
وتشعر القوى الغربية بالقلق من المقاومة التي يواجهها السراج وحكومته من القائد العسكري المشير خليفة حفتر، بعدما رفض البرلمان الليبي في الشرق مرتين تشكيلا حكوميا طرحته قيادة حكومة الوفاق الوطني كان يهدف لتمثيل الأطراف المختلفة على الساحة السياسية الليبية.
وهناك أثران جانبيان أساسيان للاضطرابات المستمرة منذ فترة طويلة في ليبيا، يسببان القلق في الخارج، وهما التدفق الخارج عن السيطرة للمهاجرين غير الشرعيين نحو أوروبا في قوارب تنطلق من سواحل ليبيا، ووجود متشددي تنظيم داعش الذين يسيطرون على مناطق في البلاد.
إلى ذلك، أرجعت القوات الموالية لحكومة السراج والمدعومة من الولايات المتحدة، تأخرها في إعلان تحرير مدينة سرت الساحلية من قبضة تنظيم داعش المتطرف إلى أنها تحاول تفادي إلحاق الأذى بالنساء والأطفال المحاصرين في آخر قطعة أرض يسيطر عليها مقاتلو التنظيم في معقلهم السابق.
وقال بيان لهذه القوات إنها تتقدم في حي الجيزة البحرية في وجه مقاومة «يائسة»، فيما أوضح رضا عيسى، وهو متحدث باسمها، أنه جرت استعادة السيطرة على بعض المباني السكنية من «داعش».
ولفت إلى أن هناك بعض النساء والأطفال المحاصرين داخل الجيزة البحرية الذين يستخدمهم تنظيم داعش دروعا بشرية، وأضاف أن القوات تبذل جهدها لتفادي استخدام الأسلحة الثقيلة حتى لا تؤذي المدنيين.
وسيطر التنظيم بالكامل على سرت منتصف العام الماضي ليبسط سيطرته على نحو 250 كيلومترا من ساحل ليبيا على البحر المتوسط، فيما بدأت الولايات المتحدة حملة جوية فوق سرت في أغسطس (آب) الماضي ونفذت حتى الآن أكثر من 350 ضربة جوية ضد مواقع ومعدات لـ«داعش».
ليبيا: الاهتمام الغربي بحكومة السراج ينتقل إلى الملف الاقتصادي
بريطانيا تكشف 3 أهداف لمؤتمر لندن حول ليبيا وتحذر من الفوضى
ليبيا: الاهتمام الغربي بحكومة السراج ينتقل إلى الملف الاقتصادي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة