القوات العراقية تقتحم أول الأحياء الملاصقة لمدينة الموصل

التنظيم يعدم 40 من قوات الأمن.. والتحالف يمنعه من استخدام 25 ألف مدني دروعا بشرية

القوات العراقية تقتحم أول الأحياء الملاصقة لمدينة الموصل
TT

القوات العراقية تقتحم أول الأحياء الملاصقة لمدينة الموصل

القوات العراقية تقتحم أول الأحياء الملاصقة لمدينة الموصل

تمكنت القوات العراقية اليوم (الثلاثاء)، من دخول الموصل من جهة الشرق وفرض سيطرتها على مبنى حكومي في حي كوكجلي، وذلك في الأسبوع الثالث للعملية العسكرية الرامية إلى تحرير المدينة من قبضة تنظيم داعش المتطرف.
ونقلت وكالة "أسوشييتد برس" عن اللواء الركن في جهاز مكافحة الإرهاب سامي العارضي، قوله إن قواته دخلت حي كوكجلي الواقع على حدود الموصل وباتت على أقل من 800 متر من حي الكرامة القريب من وسط المدينة. وقال إن عناصر داعش أقاموا جدرانا إسمنتية لإغلاق حي الكرامة ومنع تقدم القوات، فضلا عن زرعهم قنابل على طول الطريق المؤدي إلى المدينة.
وقال ضابط في جهاز مكافحة الإرهاب العراقية "إن قواتنا تخوض اشتباكات عنيفة بعد قيام تنظيم داعش بتفجير عشرات السيارات المفخخة التي يقودها انتحاريون من داخل كوكجلي"، موضحا أن الجهاز يفرض سيطرته على جزء كبير من مبنى الإذاعة والتلفزيون السابق ومبنى قناة الموصلية شرق الموصل.
وأفاد مصدر عسكري آخر بأن القوات العراقية "طالبت أهالي المنطقة عبر مكبرات الصوت بعدم الخروج من منازلهم وبقائهم لحين وقف إطلاق النار والقضاء على داعش كليا في كوكجلي"، مشيرا إلى أن قوات الجهاز تنتشر على مشارف منطقة الانتصار تمهيدا لاقتحامها.
وكانت قوات مكافحة الإرهاب قد أعلنت إحرازها تقدما كبيرًا صباح اليوم، حيث وصلت إلى مشارف مدينة الموصل؛ لكنها جوبهت بمقاومة عنيفة من مسلحي التنظيم في كوكجلي، وتعرضت كذلك إلى هجوم من الخطوط الخلفية.
وشنت طائرات حربية تابعة للتحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة، أربع أو خمس غارات جوية دعما لتقدم القوات العراقية.
وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الذي كان يتحدث في قاعدة جوية في شمال العراق، قد حث مسلحي "داعش" على الاستسلام، وإلا واجهوا الموت. قائلًا "إن القوات التابعة للحكومة تقترب من الموصل من جميع الزوايا".
وكانت القوات الخاصة قد تقدمت أمس، إلى مسافة نحو كيلومتر واحد من المدينة.
من جانبه، أكد اللواء الركن معن السعدي قائد قوات النخبة الثانية في جهاز مكافحة الإرهاب، في اتصال هاتفي لهيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي)، أن القوات اقتحمت فجر اليوم، منطقة كوكجلي شرق الموصل، وتفتش المنازل، وأنّها رفعت ما تركه مسلحو "داعش" من عبوات ناسفة ومنازل وسيارات مفخخة. مضيفًا أنّ "القوات الأمنية تقف على بعد 900 متر من حي الكرامة، أول أحياء الموصل من الجهة الشرقية، وهي في انتظار تقدم باقي القوات من المحاور الأخرى للوقوف على مسافة واحدة من مركز المدينة"
وجاء القتال بعد أسبوعين من تقدم القوات العراقية وإخلاء المناطق المحيطة بالموصل من المتطرفين في المراحل المبكرة من أكبر عملية عسكرية في العراق منذ الغزو الذي أطاح بالرئيس صدام حسين في 2003.
ونقلت وكالة رويترز للانباء، عن مراسلها في قرية بزواية، أنه شاهد أعمدة من الدخان ترتفع من منطقة مشيدة على بعد بضعة كيلومترات، فيما أفاد أحد القادة بأنّها نتيجة الاشتباكات الدائرة داخل حي الكرامة.
في السياق، ذكرت أنباء بأن قوات البيشمركة تلقت تقريرًا يقول إن 7 من مسلحي التنظيم المتطرف قتلوا في حي عدن المقابل للكرامة ودمرت مركبتان. فيما ذكر التلفزيون العراقي الرسمي أن هناك اشتباكات أيضا داخل المدينة بين مسلحي التنظيم وسكان المدينة الذين انتفضوا عليهم.
وكانت مصادر أمنية عراقية، افادت بأن قوات مكافحة الإرهاب اقتحمت منطقة كوكجلي شرق مدينة الموصل (400 كلم شمال بغداد).
وقالت المصادر لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن قوات مكافحة الإرهاب "اقتحمت اليوم منطقة كوكجلي شرق الموصل وسيطرت على مبنى تلفزيون الموصلية وتقوم حاليًا بعمليات تمشيط من أجل إعلانها منطقة محررة بالكامل".
ميدانيًا أيضًا، واصلت ميليشيات الحشد الشعبي المدعومة من إيران تقدمها جنوب الموصل أمس، حيث سيطرت على تسع قرى في الطريق إلى هدفها النهائي.
وشقت شاحنات ومركبات قتالية تحمل أعلاما للميليشيات بجانب الاعلام العراقية، طريقها شمالًا عبر طريق سريع يوصلها إلى الموصل.
وانطلاقا من مواقعها جنوب الموصل بدأت الميليشيا بالتحرك صوب تلعفر أحد معاقل تنظيم "داعش" غرب المدينة.
ويمثل سير مركبات حاملة أعلاما للميليشيات في محيط الموصل ذي الغالبية السُنية مصدر قلق للمسؤولين المحليين.
وفي ذلك، تقول منظمة العفو الدولية إنّه في حملات سابقة ارتكبت هذه الميليشيا "انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان بما في ذلك جرائم حرب" ضد المدنيين الفارين من المناطق الواقعة تحت سيطرة تنظيم "داعش".
على صعيد متصل، قالت رافينا شامداساني المتحدثة باسم مفوضية الامم المتحدة السامية لحقوق الانسان، اليوم، مستشهدة بتقارير من ميدان القتال، إنّ متطرفي تنظيم "داعش" قتلوا 40 عضوا سابقا بقوات الامن العراقية قرب الموصل يوم السبت، وألقوا جثثهم في نهر دجلة. مضيفة أنّ التنظيم المتشدد حاول نقل نحو 25 ألف مدني من بلدة حمام العليل التي تقع إلى الجنوب من الموصل، في شاحنات وحافلات صغيرة تحت جنح الظلام في الساعات الاولى من صباح أمس، لاستخدامهم كدروع بشرية على الارجح دفاعًا عن مواقعهم.
وقالت شامداساني إنّ معظم الشاحنات أُعيدت تحت ضغط الطائرات التي حلقت في المنطقة؛ لكن بعض الحافلات وصلت إلى بلدة أبو سيف على بعد 15 كيلومترا إلى الشمال من حمام العليل.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.