مظاهرات حاشدة في عدة مدن مغربية احتجاجًا على وفاة بائع سمك الحسيمة

«العدالة والتنمية» يحذر من استغلال جهات للحادث لتحقيق حسابات صغيرة

مظاهرات حاشدة في عدة مدن مغربية احتجاجًا على وفاة بائع سمك الحسيمة
TT

مظاهرات حاشدة في عدة مدن مغربية احتجاجًا على وفاة بائع سمك الحسيمة

مظاهرات حاشدة في عدة مدن مغربية احتجاجًا على وفاة بائع سمك الحسيمة

خرجت مساء أول من أمس مظاهرات غاضبة في أكثر من 20 مدينة مغربية، احتجاجا على الوفاة المأساوية لبائع السمك محسن فكري بمدينة الحسيمة.
واعتبرت هذه المظاهرات الأكبر في المغرب منذ الاحتجاجات التي قادتها حركة 20 فبراير (شباط) عام 2011 إبان ما يسمى بـ«الربيع العربي». وخرج آلاف من المغاربة في مدن عدة مثل الدار البيضاء والرباط ومراكش وطنجة وفاس ووجدة ومكناس وأغادير والقنيطرة والناظور والحسيمة وتطوان، وطالب المحتجون بالكشف عن المتورطين في الحادث الذي تسبب في وفاة فكري بتلك الطريقة المفجعة.
ومات فكري بائع السمك البالغ 30 عاما ليلة الجمعة الماضي بمدينة الحسيمة (شمال)، داخل شاحنة لفرم النفايات، بينما كان يحاول الاعتراض على إتلاف كمية كبيرة من السمك صودرت منه من قبل السلطات. وتسبب نقل فيديوهات حية عن الحادث وصور لجثة فكري داخل شاحنة فرم النفايات بموجة غضب عارمة اجتاحت معظم المدن المغربية.
وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس قد أعطى تعليماته إلى وزير الداخلية بـ«إجراء بحث دقيق معمق، ومتابعة كل من ثبتت مسؤوليته في هذا الحادث، مع التطبيق الصارم للقانون في حق الجميع، ليكونوا عبرة لكل من يخل أو يقصر خلال القيام بمهامه ومسؤولياته»، كما توجه وزير الداخلية طبقا لتعليمات الملك محمد السادس لمدينة الحسيمة لتقديم التعازي ومواساة عائلة الراحل.
وأكد أمس وزير الداخلية محمد حصاد لوكالة الصحافة الفرنسية عزمه على تحديد ملابسات مقتل فكري، وعلى «معاقبة المسؤولين عن هذه المأساة». وقال حصاد: «لم يكن يحق لأحد معاملته بهذه الطريقة»، مضيفا: «لا يمكن أن نقبل أن يتصرف مسؤولون على عجل وبغضب، أو في ظروف تنتهك حقوق الناس». وتابع: «من الذي اتخذ قرارا بفعل ذلك (إتلاف البضاعة) في ذلك المساء، وكيف تم تشغيل الشاحنة؟ (...) يجب أن يجيب تحقيق المدعي العام على كل هذه الأسئلة». كما أضاف حصاد: «لا يمكن اعتبار الدولة مسؤولة بشكل مباشر عن مقتل (بائع السمك)، لكن على الدولة مسؤولية تحديد الأخطاء ومعاقبة مرتكبيها»، مشددا على أن «العدالة ستعاقب بشدة عن كل الأخطاء» المرتكبة، لافتا إلى أن خلاصات التحقيق يجب أن تصدر «بشكل سريع جدا، إنها مسألة أيام».
وسار الأحد آلاف المشيعين خلف جثمان فكري، الذي نقلته سيارة إسعاف من مدينة الحسيمة إلى بلدة إمزورن المجاورة الواقعة على بعد 15 كيلومترا.
وتواصلت أمس ردود فعل المنظمات الحقوقية بشأن الحادث، حيث أصدرت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان بيانا عبرت فيه عن «إدانتها للتعامل المهين مع المواطنات والمواطنين من طرف بعض أعوان السلطة». ودعت لفتح تحقيق فوري في الحادث وإلى «ضرورة التسريع بإصدار نتائج التحقيق مع متابعة كل من ثبت تورطه في هذه القضية تكريسا لمبدأ عدم الإفلات من العقاب، وضمان الحق في التظاهر السلمي تضامنا مع الضحية».
في غضون ذلك، حذّر حزب العدالة والتنمية من «مساعي بعض الجهات لاستغلال الحادث المأساوي لفكري لحسابات صغيرة»، في إشارة إلى حزب الأصالة والمعاصرة المعارض الذي حمل الحكومة المسؤولية عما حدث لفكري. ولفت «العدالة والتنمية» إلى أن أعضاء الحزب ومؤيديه «لا يسعهم أن يتعاملوا، كما كانوا دائما، إلا بما يمليه الواجب في مثل هذه الأحوال من حكمة وثقة في المؤسسات والتي لا شك أنها ستقوم بواجبها وستحيط الرأي العام بنتائج عملها وسيعرف المغاربة الحقيقة، وسيأخذ العدل مجراه الطبيعي في هذه النازلة الأليمة بإذن الله».
ويأتي هذا التوضيح من الحزب ردا أيضا على بعض الانتقادات التي وجهت لعبد الإله ابن كيران الأمين العام للحزب ورئيس الحكومة المكلف، إثر نشره توجيها لأعضاء الحزب ومؤيديه بـ«عدم الاستجابة بأي شكل من الأشكال لأي احتجاج بخصوص هذا الحادث المأساوي»، معبرا عن «أسفه الشديد» لهذا الحدث المأساوي ومواساته وتعازيه لأسرة الفقيد وأقاربه وكل محبيه. ونوه الحزب إلى أن ابن كيران يتابع القضية بصفته الحكومية مع كل من وزيري الداخلية والعدل والحريات.
وحمل حزب الأصالة والمعاصرة المعارض الحكومة «المسؤولية في هذه الفاجعة المؤلمة ووقائع أخرى مماثلة من خلال طريقة تعاطيها وتعاملها التي تضرب في الصميم أبسط حقوق المواطن وهي، الكرامة والعيش الكريم والحق في الحياة».
ودعا الحزب في بيان أعضاءه إلى «مساندة أسرة الضحية والانخراط في كل أشكال النضال المشروعة لرفع الظلم والحيف والدفاع عن كرامة المواطن وحقه في العيش الكريم والحياة، ومعاقبة المسؤولين». وكلف الحزب برلمانييه بمجلسي النواب والمستشارين بمساءلة الحكومة بشأن هذه الفاجعة، كما شكل لجنة محلية على مستوى مدينة الحسيمة لمتابعة كل التطورات الميدانية عقب الحادث.
بدورها حملت جماعة العدل والإحسان الإسلامية، شبه المحظورة، المسؤولية لأجهزة الأمن في الحادث، وشاركت في الاحتجاجات الشعبية التي خرجت في عدد من المدن.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.