نواب غاضبون يهددون بسحب الثقة من الحكومة المصرية على خلفية أزمات متعاقبة

كتلة الأغلبية وصفت سياساتها بالفاشلة.. ورئيس الحكومة يرد: انظروا لسوريا وليبيا والعراق

نواب غاضبون يهددون بسحب الثقة من الحكومة المصرية على خلفية أزمات متعاقبة
TT

نواب غاضبون يهددون بسحب الثقة من الحكومة المصرية على خلفية أزمات متعاقبة

نواب غاضبون يهددون بسحب الثقة من الحكومة المصرية على خلفية أزمات متعاقبة

لوح نواب غاضبون في البرلمان المصري بسحب الثقة من الحكومة في أعقاب ما عدوه سوء إدارة أزمة السيول التي ضربت عدة محافظات جنوب البلاد وتسببت في وفاة 26 مواطنا على الأقل، ونقص السلع الأساسية وانخفاض سعر صرف الجنيه أمام الدولار ليتخطى حاجز الـ18 جنيها في السوق الموازية. وبينما وصف رئيس كتلة الأغلبية في البرلمان السياسيات الحكومة بـ«الفاشلة»، قال رئيس الوزراء الذي وصل مـتأخرا للجلسة العاصفة إن «الاستقرار هو الأهم.. انظروا للأوضاع في سوريا وليبيا والعراق».
وطالب نواب حزب المصريين (حزب الأكثرية) بسحب الثقة من الحكومة وانضم لهم نواب ينتمون لتكتل 25 - 30 ومستقلون، في خطوة غير مسبوقة، لكن على ما يبدو ما تزال الكتلة الأكبر تعترض على سحب الثقة، رغم اعترافها بفشل السياسات الحكومية.
وقال رئيس مجلس النواب في الجلسة العامة أمس إن أسهل شيء هو سحب الثقة عن حكومة شريف إسماعيل الحالية، مضيفا أن المشكلة ليست في سحب الثقة ولكن يجب التركيز على إجبار الحكومة على تغيير سياساتها. وأشار عبد العال إلى أن سحب الثقة له إجراءات دستورية.
ويلزم لإجراءات سحب الثقة من الحكومة أن يسبقها استجواب مدعوم من 10 نواب على الأقل، لكن تأخر وصول رئيس الوزراء إلى الجلسة تسبب في غضب عارم بين النواب المستنفرين أصلا بعد جلسة أول من أمس التي شهدت مشادات بين النواب ووزيري الري والتنمية المحلية على خلفية كارثة السيول وارتفاع الأسعار وأزمة نقص الدولار.
ورفض عبد العال رفع الجلسة احتجاجا على تأخر رئيس الوزراء قائلا: «لن أرفع الجلسة.. هذا مخطط.. رفع الجلسة رسالة سلبية للرأي العام بأن الحكومة انتصرت على المجلس».
وقال رئيس مجلس الوزراء أمام النواب الغاضبين أمس إن الدولة المصرية تمر بظروف اقتصادية صعبة، لافتا إلى أنه بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011 زادت الأجور والمرتبات بنسبة كبيرة مما أثر على عجز الموازنة العامة، لافتا إلى أن المعاشات ارتفعت من 41 مليار جنيه إلى 136 مليار، كما زادت المرتبات من 85 مليار إلى 210 مليارات جنيه.
وأضاف إسماعيل خلال كلمته بالجلسة العامة لمجلس النواب، أن تلك ليست المرة الأولى التي تمر فيها البلاد بأزمة اقتصادية، لافتا إلى أن عجز الموازنة في عام 1988 تخطى حاجز الـ200 في المائة، مشيرا إلى أن الحكومة كانت تنجح كل مرة في المرور من الأزمات بمساندة من مجلس النواب، قائلا: «وقادرون على تخطي الأزمة الحالية بمساندة مجلسكم الموقر».
وأشار إسماعيل إلى أن الحكومة تعمل حاليا على الانتهاء من مشروعي قانوني الاستثمار والإفلاس، وسيتم إرسالهما إلى البرلمان بنهاية الشهر الجاري، مضيفا أن الحكومة تعمل على 4 محاور من أجل الإصلاح، في مقدمتها إصلاح المالية العامة في ضوء المؤشرات العامة سواء عجز الموازنة أو معدلات النمو أو الدين العام، وذلك من خلال زيادة موارد الدولة والحد من الإنفاق الإداري غير المطلوب في هذه المرحلة، لافتا إلى أن البنك المركزي سيتحرك لحل أزمة نقص الدولار.
واستمرت الجلسة عامة لمجلس النواب حتى كتابة هذا التقرير، فيما لم يتضح بعد ما إذا كان النواب الغاضبون سينجحون في إقناع البرلمان بتقديم استجواب للحكومة أم لا.
من جانبه، انتقد محمد زكي السويدي رئيس ائتلاف دعم مصر المؤيد للنظام الحالي، حكومة إسماعيل فيما يتعلق بالسياسات النقدية وسعر الصرف، مؤكدا أن البلاد في أزمة كبيرة، حيث قال «أريد من الحكومة أن تجيب كيف يدبر أصحاب المصانع العملة الصعبة»، واصفا الحكومة بأنها تنتهج سياسات فاشلة.
كما اتهم رئيس كتلة الأغلبية الحكومة بالتقصير الكبير في كثير من الإجراءات التي تؤدي إلى عودة السيولة الأجنبية، وطالب بتعديل سعر الصرف في البنك المركزي وإعداد لجنة لإعداد تقييم الجنيه.
وأشار السويدي إلى أن رئيس الحكومة لا بد أن يعطي توقيتات محددة لكل ما سيطلبه منه النواب، لكنه رفض التلويح بسحب الثقة في أول خلاف يقع بين البرلمان والحكومة.
وتابع السويدي قائلا إن «الأمور الإصلاحية تحتاج لقرارات حاسمة، والشعب له مجلس يشعر به ولن يصمت أحد على حقه»، لافتا إلى أن هناك بعض الوزارات تتباطأ في اتخاذ القرارات.
ويواجه البرلمان الحالي انتقادات من قوى معارضة بسبب مواقفه المهادنة للحكومة، رغم توالي الأزمات المعيشية، ومن بينها ارتفاع أسعار السلع الغذائية ونقص حاد في سلع أخرى، في حين تعتزم الحكومة اتخاذ قرارات اقتصادية مؤلمة من بينها خفض دعم الوقود وتحرير سعر الصرف.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».