معارك {محلية} قرب درعا لا تفجر «الجبهة الجنوبية» في سوريا

مصدر معارض: «توازنات دولية» تحول دون دعم الفصائل وتترك الجبهة باردة

عبير موسى المرأة الوحيدة المتطوعة في الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) لدى عملها في مركز المجموعة بالمنطقة التي تسيطر عليها المعارضة في درعا جنوب سوريا (أ.ف.ب)
عبير موسى المرأة الوحيدة المتطوعة في الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) لدى عملها في مركز المجموعة بالمنطقة التي تسيطر عليها المعارضة في درعا جنوب سوريا (أ.ف.ب)
TT

معارك {محلية} قرب درعا لا تفجر «الجبهة الجنوبية» في سوريا

عبير موسى المرأة الوحيدة المتطوعة في الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) لدى عملها في مركز المجموعة بالمنطقة التي تسيطر عليها المعارضة في درعا جنوب سوريا (أ.ف.ب)
عبير موسى المرأة الوحيدة المتطوعة في الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) لدى عملها في مركز المجموعة بالمنطقة التي تسيطر عليها المعارضة في درعا جنوب سوريا (أ.ف.ب)

لا يعدو الهجوم الذي شنته فصائل المعارضة السورية في جنوب سوريا على مواقع قوات النظام في سهل مدينة ابطع، كونه «معركة محلية»، لا ترقى إلى مستوى «تفجير الجبهة الجنوبية» الهادئة نسبيًا منذ نحو ثمانية أشهر، ويعزز فيها النظام متاريسه وقواعده العسكرية، ويستكمل «نشاطًا عسكريًا تكتيكيًا» لقضم مناطق صغيرة، واستهداف قادة المعارضة. فالمنطقة، بحسب ما يقول معارضون سوريون، خاضعة لـ«توازنات دولية»، بدأت منذ التدخل العسكري الروسي المباشر في سوريا «تمنع انهيار قوات النظام» أو «طردها من المواقع القليلة التي لا تزال خاضعة لسيطرتها»، في إشارة إلى المناطق المحيطة بطريق الإمداد بين دمشق ومدينة درعا «وهو ما يفسّر الإحجام عن رفد المعارضة بالذخيرة التي تمكنها من السيطرة على تلك المناطق».
وتعرضت قوات المعارضة لانتكاسة عسكرية في الجنوب أول من أمس، حين شنت هجومًا على مواقع النظام في محور الكتيبة المهجورة شرق بلدة ابطع بريف درعا الأوسط، التي كان النظام قد تقدم إليها قبل نحو شهر. لكن النظام، استطاع تطويق الهجوم، بعد ساعتين على انطلاقته، كما قال مصدر عسكري معارض في الجنوب لـ«الشرق الأوسط».
ولا ينظر عضو المجلس العسكري التابع للجيش السوري الحر أبو أحمد العاصمي، للمعركة، على أنها «خلاف للمعارك المستمرة على الجبهة». وقال لـ«الشرق الأوسط» بأنها «معركة طبيعية.. لكنها اتسمت بسوء تخطيط، وتسرع بالاقتحام الذي كان مبكرًا جدًا، وهو ما أدى إلى إفشال الهجوم»، مشيرًا إلى أن النظام السوري «يتمترس في المنطقة حيث أنشأ دشمًا مزدوجة عبارة عن ألغام وبراميل حامية للحواجز والنقاط العسكرية، فضلاً عن أن المنطقة مكشوفة وسهلية، وهو ما ساعد النظام على كشف التحركات واستهدافها».
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن أكثر من 34 مقاتلاً قضوا جراء استهدافهم من قبل قوات النظام في محور الكتيبة المهجورة شرق بلدة ابطع بريف درعا الأوسط، مشيرًا إلى أن المقاتلين «كانوا ينتشرون قرب سواتر الكتيبة المهجورة وأنهم كانوا يحضّرون لعملية مباغتة ضد قوات النظام في المنطقة، ويجهزون لعدة كمائن قبل أن تستطيع قوات النظام محاصرتهم وقطع الطرق التي جهزوها للانسحاب وذلك باستهدافهم بالمدافع والرشاشات الثقيلة». ولم تكن المعركة جزءًا من مخطط للسيطرة على مناطق أخرى في الجبهة الجنوبية، وتوسيع رقعة نفوذ المعارضة. فقد وصف مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن الهجوم بأنه «موضعي وتكتيكي»، يهدف إلى «استعادة السيطرة على مناطق تقدم إليها النظام». وقال: إن الجبهة الهادئة منذ أشهر «يخرقها النظام يوميًا بقصف محدد، واغتيالات وخروقات في محاولة لقضم مناطق المعارضة في المنطقة». وقال: إن «الواضح أن لا قرار لدى غرفة الموك (أبرز داعمي فصائل المعارضة في الجنوب) على إشعال الجبهة» التي يسيطر النظام فيها على أقل من ربع مساحتها في درعا والقنيطرة وصولاً إلى غوطة دمشق الغربية.
ويعد غياب الدعم اللازم، أبرز أسباب إحجام المعارضة عن القيام بعملية عسكرية واسعة، تشبه ما قامت به في صيف 2015 حين سيطرت على مواقع واسعة بريف درعا الشرقي. وقال العاصمي بأن «الضغوط التي تتعرض لها المعارضة المتمثلة بغياب الدعم، يحول دون شن تلك الهجمات»، مشيرًا إلى أن معارك الجبهة الجنوبية «لا تحظى بتوافق دولي»، وأن قوات المعارضة «لا تمتلك إمكانات عسكرية بغياب الدعم الدولي»، وأنه «في حال تم تقديم الدعم، فإن ذلك سيرجح كفة المعارضة في المعركة». وقال: إن التوازنات الدولية «تحول دون إطلاق معركة في الوقت الحاضر»، لكن ذلك «لن يستمر، بهدف الضغط على النظام للقبول بحل ما»، رغم اعترافه بأن «تغيير خريطة النفوذ في الجنوب، يعني طرد النظام من مناطق قليلة يسيطر عليها، وهو ما يدفع المجتمع الدولي لوضع خطوط حمراء أمام هجمات تغير المعادلة، بعد أن وصلت خريطة النفوذ إلى الذروة حيث لا يمتلك النظام، استراتيجيًا، طريقا إلى خطوط إمداده إلى مدينة درعا».
وإذ أشار إلى معلومات عن تحضيرات لهجمات تشنها المعارضة، قال: إن المعارضة «مجبرة على ذلك بسبب تململ الحاضنة الشعبية من عدم القيام بعمل عسكري واسع يردع النظام عن القصف اليومي الذي يمارسه»، مضيفًا: «إذا لم تشن الهجمات، فسيكون هناك ثورة على الفصائل، والناس لا يمكن أن تقبل بالهدوء المتواصل في ظل ارتكابات النظام». وقال: «ثمة مناوشات يومية مستمرة في الجنوب، بينما المعارك مستمرة على تقاطع القنيطرة – درعا، والمنطقة الغربية في القنيطرة قرب مدينة البعث حيث تقاتل فصائل درعا، إضافة إلى المناوشات في داعل وابطع».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.