«محطات المتعة» تعكر العلاقات بين الصين واليابان

متحف جديد في شنغهاي يعكس معاناة النساء خلال الحرب العالمية الثانية

صورة من المتحف الصيني  لتاريخ «نساء المتعة» في شنغهاي («الشرق الأوسط»)
صورة من المتحف الصيني لتاريخ «نساء المتعة» في شنغهاي («الشرق الأوسط»)
TT

«محطات المتعة» تعكر العلاقات بين الصين واليابان

صورة من المتحف الصيني  لتاريخ «نساء المتعة» في شنغهاي («الشرق الأوسط»)
صورة من المتحف الصيني لتاريخ «نساء المتعة» في شنغهاي («الشرق الأوسط»)

أعاد افتتاح متحف خارج عن المألوف في شنغهاي أشباح الحرب بين الصين واليابان، إذ خصصته السلطات للتذكير بمعاناة نسائها من استغلال الجنود اليابانيين خلال الحرب العالمية الثانية.
وقال لو كانغ، المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، ردا على تصريحات كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني يوشيهايد سوجا، التي مفادها أنه لا ينبغي التركيز على التاريخ المؤسف بشكل مفرط، بل ينبغي أن يكون التركيز على المستقبل، إن «التاريخ قاعدة ينطلق منها في مواجهة المستقبل».
وأضاف معلقا على افتتاح «المتحف التذكاري لنساء المتعة الصينيات» في جامعة شنغهاي للمعلمين: «المعروف أن تجنيد (نساء المتعة) جريمة خطيرة ارتكبتها اليابان تجاه الشعوب الآسيوية، بما فيهم شعب الصين خلال الحرب العالمية الثانية، وما تزال آثارها عميقة في قلوب وأجساد الضحايا وعائلاتهم»، داعيا الجانب الياباني إلى اتخاذ «موقف مسؤول» تجاه التاريخ، ومواجهة تداعيات «جريمته الخطيرة التي ارتكبت» خلال الحرب العسكرية، مشددا على ضرورة اتخاذ إجراءات عملية ملموسة «لكسب ثقة جيرانه والمجتمع الدولي».
ولم يكن «المتحف التذكاري لنساء المتعة الصينيات» الذي افتتح في 22 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الأول من نوعه، إذ دشّنت السلطات الصينية في أغسطس (آب) من هذا العام أيضا متحفا بنانجينغ لجمع المعلومات عن «بيوت الدعارة» أو «محطات المتعة» التي وضعتها القوات العسكرية اليابانية خلال احتلالها نانجينغ في الحرب العالمية الثانية، للحصول على سجل شامل لجرائم الحرب اليابانية. وحسب ما نشرته الصحافة الصينية المحلية، فقد أنشأت القوات اليابانية بعد احتلالها مدينة نانجينغ في نهاية عام 1937، نحو 60 «محطة متعة» في نانجينغ في ذروة الاحتلال الياباني.
من جانبه، دعا وو هاي تاو، نائب مندوب الصين الدائم لدى الأمم المتحدة خلال نقاش لمجلس الأمن الدولي حول المرأة والسلام والأمن إلى إيلاء أعلى اهتمام إلى مكافحة العنف الجنسي ضد المرأة خلال النزاعات وحماية حقوقها المشروعة. ووفقا لما ذكرته وكالة الأنباء الصينية، فإن وو قال إنه يجب على المجتمع أن يكافح الأفعال الشنيعة التي ترتكب من جانب الإرهابيين والقوى المتطرفة المنتهكة لحقوق المرأة والرد على التهديدات الإرهابية من خلال دفع التعاون في مكافحة الإرهاب. وأكد وو على أهمية الحاجة إلى دفع التسوية السلمية للقضايا الساخنة الإقليمية من أجل تهيئة البيئة المواتية لحماية حقوق المرأة. وأضاف أنه «من الضروري ضمان المشاركة الكاملة للنساء في صنع القرار في جميع مراحل عملية السلام حتى يستفدن من مزاياهن الفريدة وأن يصبحن قوة إيجابية في صنع القرار»، مؤكدا على استعداد الصين للعمل مع بقية الأسرة الدولية لمواصلة الدفع باتجاه تنفيذ الأهداف المتعلقة بالمرأة والسلام والأمن وبذل جهود دؤوبة من أجل تحقيق المزيد من التقدم في قضية المرأة العالمية.
ولا تزال الصين تبذل جهودا على مستوى المجتمع الدولي لإدراج قضية «نساء المتعة» في سجل ذاكرة العالم الذي أسس له «اليونيسكو» في تسعينات القرن الماضي. وكانت آخر محاولة لتسجيل ما يسمى «نساء المتعة» ضمن التراث العالمي لليونيسكو قد تمت في مايو (أيار) هذا العام من جانب مجموعات مدنية من دول، مثل كوريا الجنوبية والصين واليابان وهولندا. وتقدّر أعداد ضحايا جريمة «نساء المتعة» بمئات الآلاف من النساء والفتيات المراهقات من الدول والأراضي التي احتلتها اليابان إبان الحرب العالمية الثانية في آسيا.
وكانت اليابان وكوريا الجنوبية قد توصلتا إلى تسوية في ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، إذ أبرمت طوكيو وسيول اتفاقا تاريخيا لتسوية الخلاف حول «نساء المتعة»٬ وهن الكوريات الجنوبيات اللواتي أرغمن على العمل في بيوت دعارة تابعة للجيش الياباني خلال الحرب العالمية الثانية.
وعرقلت هذه القضية العلاقات بين البلدين الجارين منذ عقود٬ مما أثار استياء واشنطن التي تفضل أن يركز البلدان على العمل لمواجهة طموحات الصين المتزايدة في المنطقة. ووافقت اليابان بموجب الاتفاق على دفع مليار ين (أي 22.8 مليون دولار) لبضع عشرات من النساء اللواتي ما زلن على قيد الحياة.
ومنذ فترة طويلة٬ تؤثر خلافات عدة سلبا على العلاقات بين سيول وطوكيو، كما على العلاقات بين بكين وطوكيو. لكن قضية مصير 46 كورية جنوبية من «نساء المتعة» اللاتي ما زلن على قيد الحياة تتسم بحساسية كبيرة في كوريا الجنوبية. ومنذ وصولها إلى السلطة في فبراير (شباط) 2013، تبنت رئيسة كوريا الجنوبية، باك-غيون هي، موقفا بالغ التشدد في هذه القضية. وفي تصريحات أدلت بها قبل إبرام الاتفاق في 29 ديسمبر، وصفت هذا الخلاف بأنه «أكبر عقبة» في طريق تحسن العلاقات الثنائية.
ويقول معظم المؤرخين إن عددا من النساء يصل إلى مائتي ألف٬ معظمهن من الكوريات الجنوبيات وكذلك الصينيات والإندونيسيات ومواطنات دول آسيوية أخرى٬ تم إرغامهن على العمل في بيوت الدعارة التي كانت تابعة للجيش الإمبراطوري. وكانت اليابان التي احتلت كوريا من 1910 إلى ٬1945 تعتبر أن هذه القضية تمت تسويتها في 1965 بموجب الاتفاق الذي نص على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين طوكيو وسيول.
واعترفت اليابان في 1993 بذنبها في استغلال هؤلاء النسوة. وأقيم صندوق حينذاك لدفع تعويضات مالية لهن٬ لكن هذا الصندوق كان يمول بهبات من أفراد وليس من قبل الحكومة اليابانية على الرغم من استياء سيول. وواصلت سيول٬ التي اعتبرت أن اتفاق 1965 لا يشمل دفع تعويضات فردية إلى ضحايا جرائم الحرب التي ارتكبها الجيش الإمبراطوري٬ المطالبة بالاعتذار وبتعبير حقيقي عن الندم.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».