توالي الاستنكار الدولي لاستهداف مكة المكرمة.. وواشنطن: مستعدون للعمل مع الرياض لردع أي تهديد

الخارجية الفرنسية قالت إن الصاروخ الباليستي «عمل استفزازي يقوض استئناف العملية السياسية»

توالي الاستنكار الدولي لاستهداف مكة المكرمة.. وواشنطن: مستعدون للعمل مع الرياض لردع أي تهديد
TT

توالي الاستنكار الدولي لاستهداف مكة المكرمة.. وواشنطن: مستعدون للعمل مع الرياض لردع أي تهديد

توالي الاستنكار الدولي لاستهداف مكة المكرمة.. وواشنطن: مستعدون للعمل مع الرياض لردع أي تهديد

تواصلت أمس ردود الفعل الإسلامية والدولية المنددة باستهداف الانقلابيين في اليمن منطقة مكة المكرمة يوم الخميس الماضي بصاروخ باليستي دمرته قوات الدفاع الجوي السعودي.
وأكدت وزارة الخارجية الفرنسية إدانتها إطلاق الصاروخ ضد مكة المكرمة، معتبرة أن هذا العمل استفزاز يقوض الثقة الضرورية لاستئناف العملية السياسية. وذكر المتحدث باسم الخارجية الفرنسية أن بلاده «تدين إطلاق صاروخ ضد مكة المكرمة»، مبينًا أن «هذا العمل برهان جديد على الطريق المسدود الذي يمثله الحل السياسي، وهو بمثابة استفزاز لا يتيح عودة الثقة الضرورية لاستكمال العملية السياسية». ودعا المتحدث باسم الخارجية الفرنسية مجددًا «جميع الأطراف لاستئناف المفاوضات من أجل التوصل إلى حل سياسي، وهو الطريق الوحيد الذي من شأنه أن يضع حدا لهذا النزاع»، مؤكدًا دعم فرنسا التام للجهود التي يبذلها المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ.
وفي الإطار ذاته، أدانت الولايات المتحدة قيام الميليشيات الحوثية والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح بإطلاق صاروخ باليستي باتجاه المدينة التي تضم الكعبة الشريفة، عادّة هذا الفعل استفزازًا وعملاً غير مقبول. وقال لينكن فريجر، نائب المتحدث الرسمي باسم سفارة الولايات المتحدة في الرياض، لـ«الشرق الأوسط»، إن الولايات المتحدة على استعداد بالاشتراك مع السعوديين لردع ومواجهة أي تهديد خارجي لسلامة أراضيها. وتعليقًا على إطلاق ميليشيات الحوثي وصالح صاروخًا باليستيًا باتجاه مكة المكرمة، أكد فريجر أن الولايات المتحدة تشعر بقلق بالغ إزاء التقارير عن هجوم صاروخي ضد الأراضي السعودية يوم الخميس الماضي. وأضاف: «كل دولة لها الحق في حماية حدودها، ومثل هذا الانتهاك أمر غير مقبول ويشكل انتهاكًا للقانون الدولي، نحن على استعداد للعمل بالشراكة مع السعوديين لردع ومواجهة أي تهديد خارجي لسلامة أراضيها الإقليمية، ونقف إلى جانبهم». ولفت نائب المتحدث الرسمي إلى أن الولايات المتحدة تحث جميع الأطراف على التوافق لوقف الأعمال العدائية والإعلان عن موافقتهم على تمديد الهدنة. وشدد على أن «هذا الأمر سيساعد على خلق مساحة للتقدم نحو تسوية سياسية لهذا الصراع، ونشعر بخيبة أمل من أن أيًا من الأطراف لم يتخذ أي خطوات إضافية لوقف الأعمال العدائية».
في غضون ذلك، قال وزير الشباب والرياضة اليمني نائف البكري إن استهداف الميليشيات الانقلابية المشاعر المقدسة في المملكة العربية السعودية وقبلة المسلمين، «يوضح بجلاء أن هذه الميليشيات يدٌ إيرانية تعبث بقيم الأمة ومقدساتها وتتناقض كليًا مع هوية الشعب اليمني وعمقه العربي الإسلامي، وتقود المنطقة إلی الحروب والدمار».
وأكد الوزير اليمني في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «الشعب اليمني لا يمكن أن يقبل بذلك الاستهداف الإجرامي لقبلة مليار ونصف المليار مسلم»، معربًا عن إدانته واستنكاره لذلك «الفعل الإرهابي الشائن الذي تقف خلفه إيران الفارسية الصفوية».
ولدى سؤاله حول الخطة الأممية الأخيرة التي تقدم المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد، رد الوزير البكري بأن «تلك المبادرة لم تبن على المرجعيات الثلاث؛ المتمثلة في المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني، وقرارات الشرعية الدولية؛ وأهمها القرار (2216). وبالتالي، فهي تعزز الحرب ولا تقود إلى السلام الذي ننشده»، على حد قوله.
وأوضح وزير الشباب والرياضة اليمني نائف البكري أن «الخيار الأنسب لإنهاء الانقلاب في اليمن واستعادة الشرعية والدولة اليمنية هو دعم الجيش الوطني والمقاومة في مختلف الجبهات»، مرجعًا ذلك إلى أن «الميليشيات الانقلابية لا يمكن لها أن تسمع لصوت العقل، وهي مجربة من خلال تاريخها، وتاريخ من يمدها، ويدعمها».
وتابع الوزير البكري في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «الميليشيات لا تعيش إلا على الكذب والدم، ودورات الحرب والفوضى، وليس لديها مشروع سياسي ولا أخلاقي ولا وطني، ولهذا، فإننا نأمل من إخواننا في التحالف، الذين نكنّ لهم كل الشكر والتقدير، أن يستمر دعمهم لليمن ويتضاعف، من أجل إنهاء هذا الانقلاب وهذه الميليشيات التي تمثل خطرا على أمننا، واستقرارنا، في المنطقة والخليج»، على حد تعبيره.
إلى ذلك، طالب القاضي الشيخ خلدون عريمط، رئيس المركز الإسلامي للدراسات والإعلام التابع لرئاسة الوزراء في لبنان، الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، بمقاطعة إيران وتصنيفها «راعية للإرهاب»، على خلفية محاولة الحوثيين ضرب مكة المكرمة بصاروخ باليستي. وقال عريمط: «حقيقة؛ ننظر إلى استهداف مكة المكرمة بصاروخ باليستي من قبل صعدة المحتلة من قبل الحوثيين، بأنه عمل موجه بإرشادات وتوجيهات من نظام ولاية الفقيه الفارسية في طهران، لأننا نعتقد أن الحوثيين وبقايا عصابات علي عبد الله صالح، هما عبارة عن مرتزقة يدورون في فلك الحرس الثوري الإيراني». وأضاف: «كل قذيفة توجه إلى السعودية، إنما هي حلقة من حلقات الإجرام الإيراني التي تشهده سوريا والعراق واليمن، كل هذه المجموعات المتحركة سواء تلك التي تهدد حدود المملكة، أو وجهت وتوجه الصواريخ إلى مكة المكرمة، هذه المجموعات عبارة عن عصابات فارسية ومرتزقة تتبع نظام ولاية الفقيه الذي يعمل بالتعاون مع إسرائيل ومع كل أعداء الأمة على الإساءة أولا إلى الإسلام، وثانيا البلاد العربية من الخليج إلى المحيط».
وتابع رئيس المركز الإسلامي التابع لرئاسة الوزراء بلبنان: «من أجل ذلك، فإننا نناشد كل الدول والمؤسسات الإسلامية والعربية، خصوصا جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، قطع علاقاتها فورا مع هذا النظام الصفوي المتآمر تاريخيا على العروبة والإسلام، وأن يحاصر هذا النظام الإيراني، وأن تسقط عضويته من منظمة التعاون الإسلامي»، متسائلا: «أي إسلام هذا الذي يوجه صواريخه إلى صدر مكة المكرمة؟!». وقال عريمط: «لقد عودتنا إيران على مدى تاريخها الطويل منذ العهد الصفوي إلى وقتنا الحاضر، بأنها تشكل باستمرار شوكة في خاصرة الإسلام والمسلمين. علمتنا التجارب أن إيران لا تقل خطرا عن إسرائيل، فكل الحركة الفارسية وعصاباتها؛ سواء كانوا حوثيين أو (النجباء) أو (حزب الله) أو (عصائب الحق) أو (الحشد الشعبي)، هذه كلها منظمات إرهابية تماما كالمنظمات الصهيونية».
واستغرب رئيس المركز الإسلامي أن التحالف الدولي بقيادة أميركا لا يصنف هذه المجموعات منظمات إرهابية، مشيرا إلى أن هذه المجموعات؛ سواء كانوا الحوثيين أو «النجباء» أو «حزب الله» في العراق، والمنتشر في أكثر من منطقة عربية، أو «الحشد الشعبي»، أو «فاطميون» أو «حيدريون» أو «زينبيون»، لا تقل خطرا عن «داعش» و«القاعدة»، مؤكدا أن «الإرهاب إرهاب؛ سواء أكان (قاعديًّا) أو (داعشيًّا) أو (حشدًا شعبيًا) أو غيره من بقية الفصائل الموالية لإيران».
ويؤكد عريمط أن «رأس الإرهاب موجود في طهران، والصاروخ الذي وجه إلى مكة المكرمة، هو صاروخ إرهابي أوامره من طهران أطلقه الحوثيون بالتعاون مع المستشارين الإيرانيين الذين يحتلون الآن مناطق متعددة من اليمن»، مؤكدا أنه على يقين من أن «التحالف العربي ومسانديه سيضعون حدًا لرأس الأفعى الذي يتحرك في طهران وأذنابه في سوريا والعراق واليمن وفي بعض المناطق العربية الأخرى».



الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.