ميليشيات الحشد الشعبي تتحرك نحو تلعفر.. وعينها على سوريا

فتح الجبهة الغربية سيعني محاصرة «داعش» تمامًا داخل الموصل

ميليشيات الحشد الشعبي تتحرك نحو قرية عين ناصر جنوب الموصل أمس (أ.ف.ب)
ميليشيات الحشد الشعبي تتحرك نحو قرية عين ناصر جنوب الموصل أمس (أ.ف.ب)
TT

ميليشيات الحشد الشعبي تتحرك نحو تلعفر.. وعينها على سوريا

ميليشيات الحشد الشعبي تتحرك نحو قرية عين ناصر جنوب الموصل أمس (أ.ف.ب)
ميليشيات الحشد الشعبي تتحرك نحو قرية عين ناصر جنوب الموصل أمس (أ.ف.ب)

باشرت ميليشيات الحشد الشعبي المدعومة من إيران عملية في مناطق غرب مدينة الموصل، شمال العراق، بهدف قطع طريق الإمدادات عن مسلحي «داعش» في آخر أكبر معاقلهم.
والحشد الشعبي يضم متطوعين وفصائل شيعية تتلقى دعما من إيران، ولعبت دورا كبيرا في استعادة السيطرة على مدن ومناطق واسعة من سيطرة تنظيم داعش، ونسب إليها بعض أفظع الانتهاكات في سياق الحروب الدائرة بالعراق منذ عام 2003. والمحور الغربي حيث تقع بلدة تلعفر، الجهة الوحيدة التي لم تصل إليها القوات العراقية التي تتقدم بثبات من الشمال والشرق والجنوب، باتجاه مدينة الموصل.
وقال أحمد الأسدي، المتحدث باسم ميليشيات الحشد الشعبي، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «هدف العملية قطع الإمداد بين الموصل والرقة (معقل تنظيم داعش في سوريا) وتضييق الحصار على (داعش) في الموصل، وتحرير تلعفر» التي تسكنها غالبية من التركمان الشيعة. وأوضح أن «العمليات انطلقت من منطقة سن الذبان (جنوب الموصل) وتهدف إلى تحرير الحضر وتل عبطة وصلال وصولا إلى تلعفر».
والتقدم تجاه تلعفر قد يهدد بمعارك في محيط موقع الحضر الأثري الذي تصنفه اليونيسكو على لائحة التراث العالمي. وقد دمر تنظيم داعش هذا الموقع بعد سيطرته على الموصل. كما قد تعبر القوات أيضا موقع نمرود الأثري الذي دمره التنظيم المتطرف أيضا.
وتشكل مشاركة ميليشيات الحشد الشعبي في معركة الموصل محور تجاذبات سياسية؛ لأن الغالبية العظمى من سكان الموصل من السنة. وأبدى مسؤولون سنة من العرب والأكراد اعتراضهم على مشاركتها في معارك استعادة الموصل، ووعدت بغداد بأن القوات الحكومية وحدها ستدخل الموصل. كما تفضل الولايات المتحدة التي تقود التحالف الدولي الداعم لعملية استعادة الموصل عدم مشاركة ميليشيات الحشد الشعبي في العمليات.
وقد يترك بدء العمليات على الجبهة الغربية للمدينة أهلها دون مخرج لبر الأمان، حتى إن تمكنوا من الهروب من قبضة «داعش». وقالت مصادر عسكرية عراقية وغربية إن نقاشا دار حول مسألة إغلاق الجبهة الغربية للموصل، إذ إن ترك تلك الجبهة مفتوحة كان سيمنح «داعش» فرصة للانسحاب والتراجع، مما كان سيوفر على السكان معاناة الدمار والاقتتال داخل المدينة حتى النهاية، حسب وكالة «رويترز».
وبالنسبة لإيران يشكل تحرك ميليشيات الحشد الشعبي نحو تلعفر هدفا استراتيجيا لها، وبخاصة على ضوء تقارير تواترت عن سعي طهران إلى تأمين طريق بري سريع إلى سوريا. ولعل ما يؤكد هذا التوجه، إعلان الأسدي أن هذه الميليشيات تعتزم عبور الحدود إلى سوريا للقتال مع قوات حكومة بشار الأسد بعد طرد مقاتلي تنظيم داعش من العراق. ويحارب مقاتلون شيعة عراقيون بالفعل مع قوات الأسد في سوريا. وفي هذا السياق، قال الأسدي: «إننا في العراق وبعد تطهير كل أرضنا من هذه العصابات الإرهابية، نحن على استعداد تام إلى الذهاب إلى أي مكان يكون فيه تهديد للأمن القومي العراقي».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.