وسط استجابة ضعيفة من المجتمع الدولي.. بغداد تتابع الخيار الدبلوماسي مع تركيا

وزارة الهجرة العراقية: 11 ألف نازح من قرى نينوى منذ بدء عمليات تحرير الموصل

وسط استجابة ضعيفة من المجتمع الدولي.. بغداد تتابع الخيار الدبلوماسي مع تركيا
TT

وسط استجابة ضعيفة من المجتمع الدولي.. بغداد تتابع الخيار الدبلوماسي مع تركيا

وسط استجابة ضعيفة من المجتمع الدولي.. بغداد تتابع الخيار الدبلوماسي مع تركيا

في وقت أعلنت فيه وزارة الهجرة والمهجرين عن تسجيل زيادات مستمرة خلال اليومين الماضيين بأعداد النازحين من الموصل مع اقتراب المعارك من بوابات المدينة، استمر الأداء السياسي العراقي حيال تركيا يتراوح بين استمرار الضغط الدبلوماسي عليها لسحب قواتها من داخل الأراضي العراقية مع تأكيد حاجة العراق إلى الدعم العسكري في حربه ضد «داعش»، ما يؤجل خيار المواجهة العسكرية معها في الوقت الراهن.
وبينما لا تزال القوات العراقية تتقدم باتجاه الموصل من مختلف المحاور، سجلت وزارة الهجرة والمهجرين زيادة في أعداد النازحين من مدينة الموصل. وفي بيان لها تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، قالت الوزارة إن «الفرق التابعة إلى الوزارة قامت بإجلاء ونقل 1940 نازحًا من قرى ونواحي (الشويرات، النمرود، الساحل الأيسر لقضاء الشرقاط، عمرقايجي، جمجمي)»، مبينة أنه «تم نقلهم وإيواؤهم في مخيمات الجدعة بناحية القيارة، جنوب الموصل، وحسن شام ومخيم ديبكة في أربيل والساحل الأيمن لقضاء الشرقاط، فضلاً عن مخيم زيلكان بمحافظة دهوك».
وأضافت الوزارة، أن «أعداد النازحين منذ انطلاق عمليات تحرير الموصل وصلت إلى 11735 نازحًا من قرى محافظة نينوى التي يجري تحريرها من عصابات (داعش) الإجرامية»، مشيرة إلى «تسجيل عودة 978 نازحًا إلى مناطقهم المحررة».
من جهته، أكد الرئيس العراقي فؤاد معصوم أن «الشعب العراقي بدأ يستعيد ثقته بالقوات العراقية»، عادا أن «التوجه السياسي نحو إعادة العمل بالخدمة الإلزامية هو دليل على ذلك». وأضاف معصوم خلال زيارته مقر قيادة العمليات المشتركة يوم أمس (الخميس)، أن «أنظار العالم كله متوجهة نحو نينوى وتنتظر النصر المؤزر على يد قواتنا»، مبينا أن «حماية أرواح المدنيين واحتضان الناجين من جحيم داعش الإرهابي لها الأولوية لدينا ولدى قواتنا المسلحة».
من جانبه، أقر وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري أن «الموقف السياسي الدولي حول التدخل التركي أقل من الطموح، لكنه مقنع».
وفي سياق العلاقة الملتبسة بين العراق وتركيا، أكد السياسي العراقي المستقل والأكاديمي الدكتور نديم الجابري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «من الصعب على تركيا برغم كل التصريحات التي تبدو نارية لبعض كبار مسؤوليها سواء رئيس الجمهورية أو الوزراء أو وزير الخارجية، أن تقدم على احتلال الموصل إلا إذا كان ذلك مبنيا على ترتيبات مسبقة مع الإدارة الأميركية، وهو أمر مستبعد هو الآخر في هذه الظروف». وأضاف أن «تركيا سواء من خلال القوات التي زجت بها داخل الأراضي العراقية بالقرب من الموصل في بعشيقة أو من خلال قواعدها المنتشرة في إقليم كردستان العراق والتي يعود بعضها إلى ترتيبات قديمة مع النظام السابق، تستند في كل ما عملته إلى حسابات تجمع بين ما هو قومي وأمني وحتى تاريخي، وهو ما نوه عنه (الرئيس التركي رجب طيب) إردوغان مؤخرا».
وأوضح الجابري أن «تركيا تريد فرض أمر واقع على الأرض من خلال إقامة إقليم سني يمثل حدا فاصلا بين أكراد العراق وأكراد سوريا، وهو ما يسهل لها بالنتيجة مهمة مقاتلة حزب العمال الكردستاني».
وتابع الجابري قائلا إن «هناك مسألة في غاية الأهمية بالنسبة للأتراك وهي ضمان وضع التركمان لا سيما في قضاء تلعفر؛ حيث إنها تشجع تشكيل محافظة في تلعفر خاصة بالتركمان»، مبينا أن «ما يشجع تركيا على ذلك هو عاملان الأول عدم ممانعة الإدارة الأميركية كثيرا على ما تقوم به تركيا فضلا عن دخول إيران على ملف بعض المحافظات لأغراض التوازن مثلما حصل في تكريت».
بدوره، أكد الدكتور خالد عبد الإله أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «العراق لم يتمكن حتى الآن من إقناع المجتمع الدولي بأن القوات التركية داخل العراق هي قوات احتلال؛ وهو ما يجعل تركيا تتصرف بطريقة لا تراجع فيها». وأضاف أن «العراق تحرك الآن ثانية على مجلس الأمن لكن هناك انقساما داخل المجلس بين الرؤيتين الروسية والأميركية حيال هذا الملف، وبالتالي فإن من المتوقع أن يعقد مجلس الأمن جلسة طارئة حول حلب بينما لا يبدو متوقعا عقد جلسة طارئة حول الموصل وحدود الدور التركي»، مشيرا إلى أن «الموقف الأميركي متذبذب ويبدو أن هناك مصالح أميركية أكبر من العراق في إطار العلاقة مع تركيا ومع مجمل ملفات المنطقة، حيث إن الولايات المتحدة تريد الآن أن تحسم موضوع الرقة في سوريا مع الموصل مما يجعلها تنظر إلى مصالحها أولا بما في ذلك علاقتها مع الأتراك»، على حد قوله.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».