مزقت الحروب أرض العراق وابعدت الاهالي والاقارب وخطف الموت كثيرين فلا تجد منزلا خاليًا من الأسى والحزن، منذ الغزو الأميركي عام 2003، وما تلاه من حروب ونزاعات داخلية طائفية واثنية، إلى ظهور تنظيمات متطرفة جديدة وفي طليعتها تنظيم "داعش"، الذي سيطر على مساحات لا يستهان بها في العراق.
واليوم، بعد عشرة أيام على انطلاق معركة تحرير الموصل، حالف الحظ بعض العائلات على لقاء أحبتهم بعد فراق دام عامين.
من مخيم الخازر للاجئين على ابواب كردستان العراق، يحدّق مسعود من خلف السياج الحديدي الذي يحيط بالمخيم، محاولًا البحث عن افراد عائلته الذين لم يرهم منذ صيف 2014، حين سيطر تنظيم "داعش" على بلدته وتمكن من الفرار منها. فيما تمكن شقيق مسعود وزوجته واطفالهما الثلاثة من الفرار من بلدتهم بزوية التي يسيطر عليها التنظيم، بعد عشرة أيام على بدء القوات العراقية مدعومة من التحالف الدولي هجوما على مدينة الموصل، آخر أكبر معاقل المتطرفين في العراق.
سنتان والتنظيم المتطرف يتسلّط بالبلدة والواقعة في الجهة الشرقية للموصل، وأهلها يعانون الأمرين من ارهاب "داعش"، وغالبيتهم من الرعاة.
وبالكاد كان الشقيقان يتصلان ببعضهما هاتفيا بين وقت وآخر، بعد أن علق أحدهما في بزوية ولجأ الآخر إلى كردستان العراق.
ويقول مسعود اسماعيل حسن (61 سنة) وقد ارتدى اللباس الكردي التقليدي، "كان رجال داعش يمنعوننا من الاتصال؛ لكن عندما نتمكن من التقاط الشبكة، نجري اتصالًا سريعا".
ويخبر عصام سعدو، وهو طالب في 22 من العمر، "كان المتطرفون يتهمون الاكراد الموجودين في مناطق سيطرتهم بأنهم ينقلون معلومات إلى البشمركة". مشيرًا إلى أنّه لم ير ستة من اشقائه العشرة منذ صيف 2014. وكان قد لجأ بعد احتلال التنظيم لمساحات واسعة في شمال وغرب العراق إلى مخيم واقع بين الموصل وإربيل. واتصل بهم بعد وصوله، وينتظر منذ ذلك الحين أن يتمكنوا بدورهم من مغادرة بلدتهم المحتلة من المتطرفين.
تصل يوميا أعداد جديدة من النازحين إلى مخيم الخازر حيث يسجل عناصر من البشمركة أسماءهم ويفتشونهم. ويوضح مسعود "ما إن تنتهي كل هذه المعاملات، سيكون في الامكان تقديم الطعام والشراب لهم، وكذلك البطانيات".
حول خيم باللونين الازرق والابيض غطاها الغبار، ينتشر عشرات من عمال الاغاثة يوزعون مواد غذائية.
وعلى امتداد سياج حديدي يفصل المقيمين داخل المخيم عن الواصلين الجدد، يلتقي افراد عائلات ببعضهم، بعضهم يبكي، وآخرون يطلقون سيلا من الاسئلة، وغيرهم يسعى إلى ملامسة يدي من يعرفه في الجانب الآخر.
ويقول أحدهم "والدي مريض، لا أعرف حتى إن كنت سأتمكن من تقبيله قبل أن يموت"، ثم يرى والده من داخل المخيم يتجه نحو المسؤولين عن تسجيل الاسماء.
وحسب الامم المتحدة، فر نحو 10 آلاف شخص من الموصل منذ بدء الهجوم في 17 اكتوبر (تشرين الاول). إلّا أنّ هذا العدد لا يزال بعيدًا عن العدد المتوقع للنازحين مع اقتراب القوات الحكومية من المدينة التي يقطنها 1.5 مليون شخص.
ويبلغ عدد النازحين في العراق 3.3 مليون منذ توسع سيطرة المتطرفين في 2014، ما يثير قلق المجتمع الدولي في شأن ارتفاع هذه الاعداد والقدرة على تأمين مساكن لهم وحاجاتهم الاساسية.
بعد فراق سنتين عائلات تلتقي عند مدخل مخيم الخازر قرب الموصل
بعد فراق سنتين عائلات تلتقي عند مدخل مخيم الخازر قرب الموصل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة