الصومال: «داعش» يسيطر على بلدة نائية و«الشباب» تجتاح مدينة حدودية

إثيوبيا تحد من حركة الدبلوماسيين الأجانب خارج أديس أبابا

جنود من قوات الإتحاد الأوروبي أثناء معاينتهم الدمار الذي لحق بأحد مقرات الاتحاد الأوروبي في الصومال (أ.ف.ب)
جنود من قوات الإتحاد الأوروبي أثناء معاينتهم الدمار الذي لحق بأحد مقرات الاتحاد الأوروبي في الصومال (أ.ف.ب)
TT

الصومال: «داعش» يسيطر على بلدة نائية و«الشباب» تجتاح مدينة حدودية

جنود من قوات الإتحاد الأوروبي أثناء معاينتهم الدمار الذي لحق بأحد مقرات الاتحاد الأوروبي في الصومال (أ.ف.ب)
جنود من قوات الإتحاد الأوروبي أثناء معاينتهم الدمار الذي لحق بأحد مقرات الاتحاد الأوروبي في الصومال (أ.ف.ب)

تحدثت تقارير محلية عن سيطرة عناصر من تنظيم داعش المتطرف على بلدة قندلة في إقليم بري بولاية بونتلاند بالصومال، في وقت نجحت فيه عناصر حركة الشباب المتشددة في السيطرة على بلدة في جنوب الصومال، بعدما تخلت عنها قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي (أميصوم) وقوات حكومية.
وقالت الحركة إنها سيطرت على تييجلو القريبة من الحدود مع إثيوبيا، بعدما تحركت القوات الإثيوبية والصومالية إلى هدور عاصمة إقليم باكول، بينما أكد شهود عيان وإذاعة محلية اجتياح المئات من مقاتلي حركة الشباب الذين يستقلون سيارات حربية المدينة وتمركزهم في قلبها.
ويأتي انسحاب القوات الصومالية والإثيوبية من تييجلو بعد انسحابات مماثلة من مدن وبلدات في إقليمي هيران وجلجدود وسط الصومال، ما أدى إلى توسع نفوذ حركة الشباب باستيلائها على المناطق التي أخلتها تلك القوات، في تطورات متكررة لا تزال خفاياها غير واضحة لدى الكثير من المراقبين.
وقال محمد نور، وهو أحد سكان تييجلو المسنين: «الآن نرى مئات من مقاتلي الشباب وعلم الحركة يرفرف في وسط البلدة، وقد غادرت القوات الإثيوبية والصومالية أمس وخلال الليلة الماضية، ولذلك يسود شعور بالخوف». وأكد عبد العزيز أبو مصعب، المتحدث باسم العمليات العسكرية في حركة الشباب، سيطرة الحركة على البلدة، مضيفا: «دخلنا منطقة تييجلو في الدقيقة التي غادرت فيها القوات الإثيوبية هذا الصباح. ونحن الآن نسيطر عليها تماما». واشتبكت قوات إثيوبية تابعة لأميصوم وجنود صوماليون مع مسلحي حركة الشباب مرارا هذا العام من أجل السيطرة على منطقة تييجلو، التي تحتل أهمية بسبب أنها تربط باكول بمنطقة هيران، حيث سيطرت حركة الشباب على ثلاث بلدات هذا الشهر.
وأكد مسؤولون محليون في ولاية بونت لاند الخاضعة للحكم الذاتي سقوط بلدة قندلة بالولاية تحت سيطرة عناصر من تنظيم داعش المتطرف. لكن من دون الإفصاح عن أي تفاصيل، علما بأن تقارير محلية أشارت سابقا إلى وجود عناصر موالية لـ«داعش» بقيادة عبد القادر مؤمن في مناطق جبلية في إقليم بري بنفس الولاية مؤخرا.
من جهته، أوضح أكد السفير الجيبوتي لدى الصومال آدم حسن أن الهجوم الأخير لحركة الشباب على قاعدة قوات بلاده العاملة ضمن قوات «أميصوم» في مدينة بلدوين لن يغير من مهمة القوات الجيبوتية في حفظ الأمن والاستقرار في الصومال.
وكان الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة الجيبوتية قد أعلن رسميا عن مصرع ثلاثة من جنود بلاده، وإصابة ستة آخرين إثر هجوم انتحاري بشاحنة مفخخة، تبنته حركة الشباب استهدف معسكرا تتمركز فيه القوات الجيبوتية في بلدة بلدوين بإقليم هيران وسط الصومال.
وأثنى الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيله على ما وصفه بشجاعة ويقظة عناصر الكتيبة هيل الموجودة في الإقليم منذ عام 2011 في التصدي للهجوم. كما شدد في تصريحات صحافية على مواصلة الكفاح ضد الإرهاب والإسهام في الجهود الهادفة إلى تحقيق السلام وإعادة الأعمار في الصومال.
من جهة أخرى، قال مكتب النائب العام الإثيوبي جيتاشيو أمبايي إن الإعلان الأخير الذي أصدره بشأن الحد من حركة الدبلوماسيين الأجانب خارج العاصمة أديس أبابا لا ينطبق على السياح الأجانب.
ونقلت وكالة الأنباء الإثيوبية عن أمبايي قوله إن الإعلان الذي يطلب من الدبلوماسيين عدم السفر لمسافة نصف دائرة قدرها 40 كيلومترا خارج أديس أبابا من دون علم مركز القيادة لا ينطبق على السياح الأجانب. وأضاف أنه «بالنسبة للسائحين فمسموح لهم بالسفر في جميع أنحاء البلاد بحرية دون الإبلاغ عن تحركاتهم، ولن يكون هناك تغيير أو فرض قيود على حركة السياح خلال فترة حالة الطوارئ».
لكنه شدد في المقابل على أن السياح يحق لهم السفر وزيارة جميع أنحاء البلاد دون إبلاغ الدولة الإثيوبية حول تحركاتهم، ما دام أنهم يحملون جوازات سفر سارية المفعول مع تأشيرة سياحية.
ورغم الإعلان عن تطبيق حالة الطوارئ مؤخرا ولمدة تتضمن بضعة شهور، ما زالت إثيوبيا تتوقع قيام نحو مليون سائح أجنبي بزيارتها خلال هذا العام بعائدات تصل إلى 3 مليارات دولار أميركي.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.