مساع لبنانية لحسم «النصاب الرئاسي» قبل جلسة الانتخاب.. لتجنب «أزمة»

الانقسام بين من يعتبرها مكملة للسابقة ومن يؤكد أنها جديدة

مساع لبنانية لحسم «النصاب الرئاسي» قبل جلسة الانتخاب.. لتجنب «أزمة»
TT

مساع لبنانية لحسم «النصاب الرئاسي» قبل جلسة الانتخاب.. لتجنب «أزمة»

مساع لبنانية لحسم «النصاب الرئاسي» قبل جلسة الانتخاب.. لتجنب «أزمة»

يخشى البطريرك الماروني بشارة الراعي، وعدد كبير من السياسيين اللبنانيين، من أن يؤدي التباين في تفسير الدستور فيما خَص النصاب المطلوب لانتخاب رئيس الجمهورية، إلى أزمة وطنية كبرى في حال إصرار أي مرشح ينال أكثر من نصف أصوات البرلمان في الجلسة المقررة، الاثنين المقبل، على اعتبار نفسه رئيسا للجمهورية ويرفض إجراء دورة اقتراع أخرى، باعتبار أن ثمة من يقول إن هناك حاجة لثلثي أصوات النواب.
وقال البطريرك الراعي، أمس، لوفد من نقابة الصحافة اللبنانية، إن على الجميع حسم هذا الجدل قبل التوجه إلى جلسة الانتخاب تحسبا لوقوع أي مشكلة من هذا القبيل.
فبعد تجاوز العوائق السياسية لانتخاب رئيس للجمهورية وتوفّر المعطيات لإنهاء الفراغ الرئاسي بعد نحو سنتين ونصف السنة عبر انتخاب النائب ميشال عون، بات الجدل اليوم دستوريا حول عدد الأصوات المطلوب لفوز المرشّح في الجلسة 46 المحددة في 31 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، وتحديدا بين اعتبارها جلسة جديدة أي دورة أولى أو مكمّلة للجلسة السابقة أي دورة ثانية. ويأتي هذا الخلاف بعد مرور أكثر من سنتين على انعقاد الجلسة الأولى لانتخاب الرئيس في أبريل (نيسان) 2014، التي انتهت بحصول رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع على 48 صوتا والنائب في «اللقاء الديمقراطي» هنري حلو على 16 صوتا مقابل 52 ورقة بيضاء. وبانتظار أن يحسم رئيس مجلس النواب هذا الأمر، وكان قد نقل عنه قوله إن «الجلسة المقبلة هي الدورة الأولى، لأن الجلسة الأولى التي جرى فيها الانتخاب أُقفلت، وينبغي فتح دورة أولى جديدة».
وتنص المادة 49 من الدستور على أن «ينتخب رئيس الجمهورية بالاقتراع السري بغالبية الثلثين من مجلس النواب في الدورة الأولى، ويكتفي بالغالبية المطلقة في دورات الاقتراع التي تلي..». على أن يكون نصاب كل الجلسات ثلثي عدد نواب البرلمان، في كل الدورات، من دون الدخول في تفاصيل إضافية، وتحديدا لناحية الفترة التي تفصل بين الدورة الأولى والثانية على اعتبار أن الدورات من المفترض أن تعقد في الجلسة الواحدة، وهو ما لم يحصل في هذه الانتخابات وبات يفصل بين الجولة الأولى والثانية أكثر من سنتين. وهذا ما فتح الباب لتفسير الدستور بين الخبراء القانونيين لجهة اعتبار جلسة الانتخاب الاثنين المقبل استكمالا للجلسة الأولى أي دورة ثانية يتطلب فيها فوز المرشح حصوله على النصف زائدا واحدا أو افتتاح جلسة جديدة وبالتالي ضرورة حصوله على الثلثين في الدورة الأولى. وفي هذا الإطار، يقول وزير العدل السابق، بهيج طبارة، إنّ بحثا دستوريا مطولا حصل في الماضي بعد جدل طويل أدى إلى حسم الخلاف والتوافق على أن النصاب المطلوب لجلسة الانتخاب هو ثلثا عدد النواب، وهو ما بات يعتمد في جلسات الانتخاب، موضحا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «في الجولة الأولى للانتخاب التي عقدت في أبريل 2014 لم يحصل أي مرشح على الثلثين وتم إقفال الجلسة وتلاوة محضرها من قبل رئيس مجلس النواب نبيه بري من دون أن يمرّر الصندوق مرة ثانية على النواب في دورة ثانية بعدما فقد النصاب، ما يعني أن الجلسة المقبلة هي جلسة جديدة تتطلب نصابا جديدا».
في المقابل، يخالف كل من وزير العدل السابق شكيب قرطباوي، والخبير الدستوري، النائب السابق صلاح حنين، رأي طبارة، معتبرين أن جلسة الاثنين استكمال للجولة الأولى, مؤكدين «ضرورة التمييز بين النصاب الدستوري وشرط الانتخاب، فالنصاب القانوني لانتخاب رئيس الجمهورية هو النصف زائدًا واحدًا في كل الدورات، أما شرط الانتخاب في الدورة الأولى فهو ثلثا أصوات عدد النواب والنصف زائدا واحدا في الدورات اللاحقة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».