العدنيون يطوقون الكوليرا بتنظيف شوارع مدينتهم

حملة «نحن الأمل» تدفع بفتيات وشبان لمشاركة عمال النظافة مهامهم

فتيات وشبان من حملة «نحن الأمل» ينظفون الشوارع بمشاركة عمال النظافة في عدن أمس («الشرق الأوسط»)
فتيات وشبان من حملة «نحن الأمل» ينظفون الشوارع بمشاركة عمال النظافة في عدن أمس («الشرق الأوسط»)
TT

العدنيون يطوقون الكوليرا بتنظيف شوارع مدينتهم

فتيات وشبان من حملة «نحن الأمل» ينظفون الشوارع بمشاركة عمال النظافة في عدن أمس («الشرق الأوسط»)
فتيات وشبان من حملة «نحن الأمل» ينظفون الشوارع بمشاركة عمال النظافة في عدن أمس («الشرق الأوسط»)

«نشارك اليوم في تنظيف شوارع مدينتنا الحبيبة عدن ونساعد عمال الصرف الصحي في شفط مياه المجاري الطافحة ورفع القمامة جنبا إلى جنب مع عمال النظافة كواجب إنساني ووطني تجاه أهلنا في ظل ما تعانيه المدينة من انتشار لبعض الأمراض ومنها أكثر من 200 حالة اشتباه إصابة بوباء الكوليرا الفتاك وأكثر من 10 حالات وفاة، وهي رسالة مجتمعية أننا لن نترك عدن تغرق في وحل تردي الخدمات كما تريد ذلك خلايا صالح والحوثيين».
بهذه الكلمات ترد حنان محمد وهي طالبة يمنية في الصف الثاني ثانوي حول دافع مشاركتها في حملة النظافة الشعبية التي انطلقت أمس، وتشمل عددا من مديريات العاصمة المؤقتة عدن.
وجاء هذا الحراك المدني في حملة سميت «نحن الأمل»، لأجل عدن أنظف وأجمل، ودشنت بمعية ناشطي منظمات مجتمع مدني وضمت الحملة 4 فرق شملت مدن الشيخ عثمان، والمنصورة، والبريقة، والممدارة وذلك بالشراكة مع إدارة النظافة ومكاتب الصرف الصحي بالمديريات، وكان قد سبق تدشين الحملة لقاءات مكثفة لمندوبي الحملة بالمديريات مع مديري عموم المناطق المستهدفة والجهات المختصة للتنسيق لانطلاق الحملة بنجاح وهو ما تم أمس الثلاثاء.
وقال الناشط المدني علي محروق رئيس الحملة: «حققنا نجاحا في أول يوم من انطلاقها رسميا من وسط مديرية الشيخ عثمان، بمشاركة رسمية وشعبية كبيرة وبحضور وكلاء عدن ومأمور الشيخ عثمان، وعدد من مسؤولي المكاتب والإدارات بالمحافظة والمديريات، وبمشاركة أهالي عدن، وهي رسالة مجتمعية بأن شباب وسكان المدينة سيكونون إلى جانب الجهات المختصة في تنظيف المدينة والتصدي لوباء الكوليرا الذي بدأ باجتياح المدينة في منتصف الشهر الحالي على حد قوله.
وتهدف الحملة التي تأتي بالشراكة مع قيادة المحافظة ومكتب النظافة وإدارة الصرف الصحي؛ إلى شفط المجاري وتنظيف الأحياء ورفع القمامة كمرحلة أولى تستهدف مديريات الشيخ عثمان والمنصورة والبريقة، وبالتزامن مع التدشين الرسمي للحملة من الشيخ عثمان قام مدير عام المنصورة عبد الله البري ومندوبو الحملة في المنصورة بتدشين الحملة بشفط المجاري انطلاقا من حي عبد العزيز وستشمل كامل مناطق وأحياء المديرية.
وقال قائمون على الحملة: «سوف تستمر في تلك المديريات من يومين إلى 3 أيام في كل مديرية ومن المحتمل أن تستمر أكثر في حين ستدشن الحملة أعمالها في بقية المديريات صباح اليوم الأربعاء من مديرية خور مكسر وستشمل مديريات كريتر والتواهي والمعلا»، فيما سيتم تدشين الحملة في دار سعد والبساتين غدا الخميس 27 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، وسوف تستمر الحملة حتى تحقيق أهدافها.
إلى ذلك، أكد مدير عام خور مكسر عوض مشبح أن الإجراءات والتدابير الاحترازية لمواجهة انتشار وباء الكوليرا على مستوى المديرية تسير بوتيرة عالية بالتنسيق مع كل الجهات ذات العلاقة من قيادة المحافظة ومكتب الصحة العامة والسكان وصندوق النظافة والمؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي ومكتب التربية والأشغال العامة ومنظمات المجتمع المدني وأئمة وخطباء المساجد، مشيرا إلى أن المؤشرات والتقارير الأولية مطمئنة وأن وباء الكوليرا إلى انحسار بأذن الله.
وأوضح في تصريحات له أن «أعمال النظافة مستمرة وبجهد كبير لا يستطيع أحد إنكاره، وقام فريق صحة البيئة - الرقابة والتفتيش مكتب الصناعة والتجارة - قسم العوائق والمخالفات، بالنزول على المطاعم والكافتيريات والأفران ومقاصف المدارس ومنع الباعة المتجولين والأطعمة المكشوفة أمامها وضبط المخالفين «مؤكدا أنه تم توزيع الإشعارات والإنذارات لبعض المطاعم والكافتيريات ومحلات بيع الخمير والأفران بتصحيح بعض المخالفات الصحية خلال 48 ساعة ما لم يتم الإغلاق فورا لمحلاتهم، كما أن أعمال الرش الضبابي والرذاذي مستمرة في أحياء أكتوبر والقاعدة الإدارية».
ودعا مشبح أبناء خور مكسر للمشاركة الفاعلة في حملة النظافة الشاملة بالتنسيق مع مبادرة «نحن الأمل» ومنظمات المجتمع المدني، حيث «سيكون التجمع في ساحة العروض الساعة 8 صباحا وقد وفرنا وسخرنا كل إمكانياتنا ومعداتنا في سبيل إنجاح هذه الحملة المجتمعية إلى جانب السلطة المحلية».
وعلى صعيد تطورات الوضع الصحي بالعاصمة المؤقتة واجتياح وباء الكوليرا قال بيان صادر عن مكتب صحة عدن إن عدد حالات الإسهالات المائية الحادة منذ بدأ انتشار الوباء في 5 أكتوبر (تشرين الأول) وحتى أمس الثلاثاء بحسب تقارير غرفة عمليات الطوارئ بلغ 260 حالة وبلغ عدد الحالات المشخصة «موجب» كحالات كوليرا 11 حالة أي بزيادة حالة واحدة فقط، فيما بلغ عدد الوفيات 10 حالات أي بزيادة حالة واحدة فقط لطفلة صغيرة بعمر سنتين من منطقة دار سعد - «كود العثماني».
وأوضح الدكتور عبد الناصر الوالي مدير مكتب الصحة بعدن أن 50 حالة جديدة رصدت معظمها من دار سعد «الشرقية» والمعلا - «كود العثماني»، مشيرا إلى أن صندوق النظافة وإدارة المياه يعملان بكل جهد لمحاولة اكتشاف ومعالجة أي مصدر محتمل للعدوى.
وأوضح مدير مكتب الصحة بعدن أن لقاءات لهم تمت مع ممثلي منظمة الاوتشاء بعدن وهي المنظمة المسؤولة عن تنسيق الحصول على الإعانات والمساعدات من قبل مختلف المنظمات الدولية.
وتم الاتفاق على استمرار التنسيق معهم بشكل عام والعمل على إنجاز توفير الدعم لتوفير أنابيب نقل المحاليل الوريدية بكميات كافية، والمساعدة في تجهيز مختبرات طبية مستقلة لمرضى الكوليرا فقط في الأربعة مراكز المختصة لعلاج مرضى الإسهالات المائية الحادة.
وأكد الوالي أن عدد الوفيات شبه ثابت، والمناطق الموبوءة هي نفسها ولم تسجل أي حالات في مناطق جديدة، مضيفا: «نتمنى أن يبدأ المرض بالانحسار ونتمكن من الاستمرار في محاصرته، كما نتمنى من الجميع الالتزام بشروط النظافة الشخصية والعامة والتعاون في الإبلاغ عن أي مصدر محتمل للتلوث والإسراع في التوجه إلى أقرب مركز صحي في حالة التعرض لأي إسهال مائي حاد».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.