لم يكن مفاجئًا لفنزويلا أو للرأي العام العالمي أن يقوم المجلس الوطني الانتخابي بإيقاف جمع التواقيع من أجل تنظيم استفتاء على ولاية الرئيس نيكولاس مادورو. لم يكن القرار مفاجئًا لأنه لا توجد مؤسسات مستقلة وكل الأمور جميعها تدار من قبل الدولة، التي أسسها الاشتراكي الراحل هوغو تشافيز، واستمر بها خليفته مادورو.
الاندفاعة الجديدة للمعارضة الفنزويلية تترافق مع أزمة سياسية واقتصادية حادة يواجهها هذا البلد الجنوب أميركي الغني بالبترول. إذ دعت إلى التظاهر في كل أنحاء البلاد يوم الأربعاء المقبل احتجاجًا على «الانقلاب» الذي قامت به الحكومة، كما قالت، بعد أن أغضبها تجميد عملية الاستفتاء ضد الرئيس نيكولاس مادورو، الذي تراجعت شعبيته بشكل كبير. وكانت قد قررت الحكومة تعليق جمع التواقيع، الذي يعد خطوة تسبق تنظيم الاستفتاء حول بقاء أو تنحي مادورو في الرئاسة التي يشغلها منذ 2013 بعد وفاة هوغو تشافيز. وتحدث المجلس الوطني الانتخابي، الذي تتهمه المعارضة بالتواطؤ مع الحكومة، عن عمليات غش وتزوير قامت بها الحكومة لتبرير تعليق جمع التواقيع.
وبغضب، قال انريكي كابريليس، المعارض الشرس لمادورو والمشارك في «طاولة الوحدة الديمقراطية» (يمين الوسط)، إن «انقلابًا حصل في فنزويلا». وأضاف: «لا يمكن أن نطلق اسمًا آخر على ما حصل. حان الوقت للدفاع عن دستور جمهورية فنزويلا البوليفارية». وأضاف أن المعارضة ستعقد اليوم (الأحد) «جلسة استثنائية للجمعية الوطنية لاتخاذ قرارات». وأضاف في مؤتمر صحافي: «الأربعاء (...) ستبدأ التعبئة في جميع أنحاء البلاد، وسنستعيد فنزويلا (...)، الجميع سيكون في حالة تعبئة لاستعادة الرابط مع الدستور».
وكانت ليليان تينتوري زوجة أحد أقطاب معارضة يمين الوسط ليوبولدو لوبيز، المسجون في الوقت الراهن، دعت خلال النهار إلى التظاهر. وكرر هذه الدعوة إنريكي كابريليس الذي حدد الأربعاء موعدًا «لتظاهرة في كل أنحاء البلاد».
وقد استبق مئات الطلاب هذه الدعوات ونزلوا أول من أمس (الجمعة) إلى شوارع كراكاس، مطالبين بإقالة الرئيس. وفي تصريح للتلفزيون الفنزويلي لم يتطرق مادورو مباشرة إلى الاستفتاء، لكنه طلب «ألا يفقد أحد صوابه». وسعيًا منه للقيام بوساطة، سيجتمع رئيس الوزراء الإسباني الأسبق خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو في نهاية الأسبوع على انفراد مع مندوبين عن الحكومة والمعارضة، كما قال نائب الرئيس اريستوبولو ايستوريز.
وكان جمع تواقيع الناخبين المرحلة الأخيرة لـ«طاولة الوحدة الديمقراطية» التي تشكل الأكثرية في البرلمان، قبل أن تتمكن من تنظيم استفتاء لإقالة الرئيس الاشتراكي.
وقال المحلل السياسي انابيل سانشيز، إن قرار المجلس الانتخابي «غير مقنع. وإن الاتهامات لم تمت للقانون بصلة. التواقيع التي جمعت تفوق العدد المطلوب بتسع مرات».
ماريا كورينا مشادو، أحد قادة المعارضة قالت لـ«الشرق الأوسط»، إن الفنزويليين سيطالبون بالتغيير خلال هذا العام. أما إذا تأخرت العملية إلى عام 2017 ونجحت المعارضة في إزاحة مادورو، فإن حزبه سيبقى في السلطة، كأن شيئًا لم يحدث. لن تكون هناك انتخابات عامة، وسيأخذ مكان مادورو شخصية أخرى موالية لخط تشافيز. ومن أجل تنظيم الاستفتاء في 26 و27 و28 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، كان يتعين جمع 4 ملايين توقيع، أي 20 في المائة من الهيئة الناخبة. لكن محاكم محلية في ولايات في الاتحاد على الأقل ألغت نتائج المرحلة الأولى التي جرت في يونيو (حزيران) الماضي، لجمع تواقيع بالأحرف الأولى لواحد في المائة من الناخبين شرطًا أساسيًا للانتقال إلى المرحلة التالية المتمثلة بجمع تواقيع 20 في المائة من الناخبين. وقال المجلس الوطني الانتخابي إن محاكم الولايات تحدثت عن عمليات «احتيال»، خصوصًا في احتساب التواقيع. وأضاف أن إلغاء هذه الإجراءات «نتيجته تعليق عملية جمع تواقيع 20 في المائة من الناخبين برمتها».
وفي نهاية يونيو الماضي، كان يفترض أن يتوجه مائتا ألف ناخب على الأقل (واحد في المائة من الناخبين) إلى 128 نقطة فوضها المجلس لتأكيد صلاحية التواقيع، لوضع بصماتهم من أجل السماح بإجراء الاستفتاء. وأعلن هنري راموس الوب، رئيس البرلمان الذي كان يتحدث الجمعة إلى جانب إنريكي كابريليس، أن مندوبين عن المعارضة سيذهبون قريبًا إلى مقر منظمة الدول الأميركية في واشنطن، ليطلبوا من الأمين العام للمنظمة لويس الماغرو أن يطبق الميثاق الديمقراطي لمنظمة الدول الأميركية. ويجيز هذا الميثاق للمنظمة التدخل دبلوماسيًا ضد إحدى دولها الأعضاء إذا ما اعتبرت أن أزمة دبلوماسية تهدد الديمقراطية فيها.
وكتب الماغرو الجمعة على حسابه في «تويتر»: «نحن مقتنعون اليوم أكثر من أي وقت مضى بوجود مشكلة ديمقراطية في فنزويلا. حان الوقت لاتخاذ تدابير ملموسة». وأضاف: «وحدها الأنظمة الديكتاتورية تحرم مواطنيها من حقوقهم وتتجاهل السلطة التشريعية ويكون لديها سجناء رأي». ودعم هذه الانتقادات جيسوس توريالبا، القيادي في ائتلاف «المائدة المستديرة للوحدة الديمقراطية» المعارض قائلاً: «لقد كشفت الحكومة عن وجهها الحقيقي.. الآن يجب على الفنزويليين النضال من أجل حقوقهم في التصويت».
ووجه قرار قضائي آخر الخميس ضربة للمعارضة، عندما منع 8 معارضين منهم كابريليس وخيسوس تورالبا، السكرتير التنفيذي لطاولة الوحدة الديمقراطية، من مغادرة البلاد. وكانت استراتيجية المعارضين للتيار التشافي (نسبة إلى الرئيس الراحل هوغو تشافيز) حتى الآن تقضي بتنظيم تظاهرة إثر تظاهرة، فيما يتراجع حماس الناس. وهي تتخوف أيضًا من حصول أعمال عنف.
ونبه دييغو مويا - أوكاميوس، المحلل في مكتب «آي إتش إس» البريطاني إلى أن «تعليق الاستفتاء يزيد من مخاطر أن تؤدي التظاهرات إلى تقويض الاستقرار في فنزويلا»، ويؤدي إلى قمع عسكري. وقد غرقت فنزويلا في أزمة سياسية عميقة ترافقت مع مواجهات متتالية بين الحكومة والمعارضة. وتتهم «طاولة الوحدة الديمقراطية» مادورو بأنه المسؤول عن الأزمة الاقتصادية في فنزويلا المنتجة للنفط، التي تأثرت بتراجع أسعار الخام، موردها الوحيد. وهي تمتلك أكبر احتياطات في العالم وتؤمن 96 في المائة من العملات الصعبة من النفط.
ويضطر الفنزويليون إلى الانتظار طويلاً في صفوف أمام المحلات التجارية التي تفرغ تدريجيًا، بينما بلغت نسبة التضخم 720 في المائة هذه السنة، حسب تقديرات صندوق النقد الدولي.
7:49 دقيقة
المعارضة الفنزويلية تصعّد.. والأزمة السياسية والاقتصادية تتفاقم
https://aawsat.com/home/article/766691/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%B1%D8%B6%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%86%D8%B2%D9%88%D9%8A%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%B5%D8%B9%D9%91%D8%AF-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B2%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82%D9%85
المعارضة الفنزويلية تصعّد.. والأزمة السياسية والاقتصادية تتفاقم
تدعو إلى عصيان عام احتجاجًا على «الانقلاب» الحكومي
- كراكاس: لويزا بوليدو
- كراكاس: لويزا بوليدو
المعارضة الفنزويلية تصعّد.. والأزمة السياسية والاقتصادية تتفاقم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة