ولد الشيخ يسعى لتمديد الهدنة.. و «التحالف» يرصد 900 حالة انتهاك انقلابية

الخارجية الأميركية لـ «الشرق الأوسط»: استمرار الانتهاكات يهدد المفاوضات

جندي من قوات التحالف بسلاحه وعتاده في محافظة أبين («الشرق الأوسط»)
جندي من قوات التحالف بسلاحه وعتاده في محافظة أبين («الشرق الأوسط»)
TT

ولد الشيخ يسعى لتمديد الهدنة.. و «التحالف» يرصد 900 حالة انتهاك انقلابية

جندي من قوات التحالف بسلاحه وعتاده في محافظة أبين («الشرق الأوسط»)
جندي من قوات التحالف بسلاحه وعتاده في محافظة أبين («الشرق الأوسط»)

أعلنت قيادة قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن أن عدد حالات خرق وقف إطلاق النار من قبل الميليشيات الحوثية وأعوانهم قد ارتفع بشكل كبير خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية، وقال التحالف في بيان الليلة الماضية إن عدد الخروقات بلغ في جازان 124 حالة، بينما بلغت الخروقات بقطاع نجران 81 حالة.
وبلغ عدد الخروقات داخل اليمن 692 خرقا، تمثلت في 124 حالة في مأرب، و24 في شبوة، و265 في تعز، و44 في الضالع، و48 في حجة، و116 في الجوف، و25 في صنعاء، و41 في البيضاء، و5 حالات في عدن.
واستخدمت الميليشيات أسلحة متنوعة تراوحت بين إطلاق صواريخ ومقذوفات ورماية مباشرة وقناصين.
وأكدت قوات التحالف أنه تم الرد على مصادر النيران وفق قواعد الاشتباك المعتمدة، مع الاستمرار في ممارسة أعلى درجات ضبط النفس تجاه ما يحدث من خروقات لوقف إطلاق النار.
إزاء ذلك، حذر مسؤول رفيع في الخارجية الأميركية من أن استمرار الانتهاكات سيمثل خطرا على عودة المفاوضات بين الأطراف اليمنية. وقال المسؤول الذي رفض ذكر اسمه لـ«الشرق الأوسط» إن «أي انتهاكات للهدنة تضع إمكانية العودة إلى المفاوضات في خطر». مشيرا إلى أن «المسؤولية تقع على الأطراف نفسها التي تلتزم بالهدنة».
ومن ناحيته، رحب مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد ببدء وقف الأعمال العدائية باليمن والذي بدأ في منتصف الليل يوم 19 أكتوبر (تشرين الأول) وحث جميع الأطراف على العمل لضمان احترام شروط الهدنة تماما.
وقال ولد الشيخ في بيان صدر باسمه، إنه لاحظ أن وقف الأعمال العدائية كان هشا إلا أنه صامد نوعا ما، حيث أدى إلى حد كبير إلى تحسين الحالة الأمنية العامة في صنعاء وبعض المناطق في اليمن، على الرغم من بعض حالات الانتهاكات المبلغ عنها في مناطق أخرى مثل تعز والحدود مع المملكة العربية السعودية.
وحث المبعوث الجانبين على ضبط النفس وتجنب المزيد من التصعيد والالتزام الصارم بوقف إطلاق النار لمدة 72 ساعة.
وكشف ولد الشيخ عن أنه يتواصل مع أطراف الاتفاق على التمديد لمدة وقف العمليات الحربية لتهيئة بيئة مواتية لتحقيق سلام طويل الأمد في البلاد.
وأضاف أنه يذكر «جميع الأطراف بشروط وقف الأعمال العدائية، بما فيها الالتزامات المتعلقة بوصول الإمدادات الإنسانية والموظفين دون عائق إلى جميع أنحاء اليمن».
من جانبه، أكد اللواء سمير الحاج قائد قوات الاحتياط بالجيش اليمني لـ«الشرق الأوسط» أن الانقلابيين مستمرون في الخروقات في جميع الجبهات، مبينا أن قوات الجيش اليمني تعاملت مع كل موقف بحسب ما تقتضيه الحاجة، وتابع: «الجيش الوطني لن يقف مكتوف الأيدي ومن ثم رد على هجوم الميليشيات على ميدي وحرر بعض النقاط، وفي الجوف لا زال القصف مستمرا على قوات الجيش ونحتفظ بحق الرد على أي مصادر لإطلاق النيران، وفي نهم وصرواح لم يتغير الوضع، أما عسيلان بجبهة بيحان فقد حاول الحوثيون وقوات صالح الهجوم ولم ينجحوا وردهم الجيش الوطني ولم يحققوا أي شيء، كذلك في الضالع في مريس حاولوا السيطرة على بعض المواقع وفشلوا».
وأشار الحاج إلى أن محاولات الانقلابيين الاستماتة لإفشال الهدنة هو مخاوفهم من أن السلام سيجعل الناس تطالب بحقوقهم وصرف مرتباتهم المقطوعة منذ أشهر، ولذلك فإنهم يحاولون لفت أنظار الشعب نحو جبهات القتال، وقال: «من المؤكد أن هناك انهيارا كبيرا جدا في صفوف الحوثيين، في الجانب الشعبي والاقتصادي، حيث لا يستطيعون الآن دفع مرتبات الناس، لذلك يسعون لتحويل الأنظار إلى مناطق أخرى وجبهات القتال، وإقناع الناس في المدن غير المحررة بأنهم يصرفون هذه الأموال في حرب للدفاع عنهم، ويفتعلون المشاكل لبقاء ابتزاز أموال الناس وعدم صرف مرتباتهم، أما إذا طبقت الهدنة واستقرت الأمور وعاد السلام، فسيطالب الناس بحقوقهم ومرتباتهم وهو ما لا يريده الحوثيون».
السبب الثاني بحسب اللواء الحاج هو رغبة الانقلابيين في القول للعالم بأنهم لا يزالون أقوياء وقادرين على القتال والصمود. وأردف: «في وجود الطيران لا يستطيعون التحرك، ويحاولون الآن التقدم على الأرض في ظل الهدنة والتزام التحالف بها إلا أننا نؤكد عدم قدرتهم على التحرك بل سيخسرون الكثير من المواقع».
وأوضح قائد قوات الاحتياط أن الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع صالح لا ترغب في السلام وتفشل أي فرصة لإيقاف إطلاق النار كما في المرات السابقة. وأضاف: «هذه رابع هدنة، نحن متعودون؛ في كل هدنة يطالبون بإيقاف الطيران ثم يبدأون الهجوم وترتيب الأوضاع، لم يلتزموا ولم يحترموا لا قرارات أممية ولا قرارات محلية ولا أي اتفاقات، ونحن كيمنيين متعودون على مثل هذه التصرفات منهم، لكن لدينا دول تحترم نفسها وهي دول التحالف وتحترم قراراتها ورسالة الرئيس هادي وتنفذ هدنة بغية السلام».
ووفقا لبيانات لجان الرصد والمتابعة للهدنة، فقد استخدم الحوثيون مختلف أنواع الأسلحة في خرق الهدنة، منها (الكاتيوشا، والمدفعية، والدبابات، وبي إن بي)، وأبرز المناطق التي استهدفت في تعز هي، المنصورة، والأحياء السكنية في بير باشا، ومواقع الجيش الوطني في الضباب والربيعي وقلعة القاهرة، ومحيط اللواء 35، وتبة الخزان، والوكيل.
كما عمد الانقلابيون إلى إرسال مزيد من التعزيزات الكبيرة إلى محافظة تعز، وتم رصد 14 طاقما عسكريا محملا بالأفراد المسلحين قادمين من خط الحوبان – صنعاء إلى وسط ومداخل مدينة تعز.
وفي مأرب استهدفت الميليشيات الحوثية وقوات صالح مدرسة أساسية في منطقة مدغل شمالي غرب المدينة بقذيفة هاون، حيث أصيب خمسة أطفال من طلاب المدرسة وثلاثة معلمين بجروح. أما في الجوف، فقد استهدفت جميع مواقع الجيش الوطني والمقاومة في العقبة، والمتون، والغيل، والمصلوب، والحزم.
من جهته قال عبد الله الشندقي، الناطق باسم المقاومة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، إن الانقلابيين لم يفوتوا الفرصة للاستفادة من وقف طيران التحالف العربي الذي تقوده السعودية، واحترام الجيش الوطني والمقاومة الشعبية لوقف أطلق النار، بانتهاك هذه المبادرة الإنسانية بأكثر من 73 عملية خرق للهدنة، تمثلت بقصف صواريخ الكاتيوشا، والمدفعية والرشاشات الثقيلة والمتوسطة، وتحديدا على المواقع التي تسيطر عليها الشرعية في «جبل المنارة، وجبل رشح، وجبال يام» والكثير من القرى.
وأضاف الشندقي أن الحوثيين بدعم من الحرس الجمهوري الموالي للرئيس المخلوع، كانوا يسعون للسيطرة على جبل المنارة، الذي شهد مواجهات مباشرة مع الانقلابيين لصد هذا الهجوم، موضحا أن الجيش نجح في تكبيد الميليشيا الكثير من الخسائر وعشرات الجرحى، ويحتفظ بحق الرد في حال الاعتداء على مراكز الجيش والمدن المحررة.
وأشار الشندقي إلى أن الانقلابيين استفادوا من وقف طيران التحالف من ضرب أهدافهم، فعمدوا على الفور بإدخال أسلحة جديدة قادمة من إيران إلى بعض الموانئ اليمنية، كما تقوم باستغلال هذه الهدنة في نقل الأسلحة داخل المحافظات التي تسيطر عليها، ومن ثم إلى الجبهات، وخاصة أن هذه الأسلحة «الصواريخ الحرارية، والكاتيوشا» تساعد الحوثيين في الصمود أثناء المواجهات المباشرة مع الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، لافتا إلى أن هذه الحالة رصدت من قبل الجهات المختصة في الجيش وجار التعامل معها.
بينما قامت الميليشيا يوم أمس، بنقل المئات من مقاتليها القادمين من خارج البلاد «المرتزقة» إلى الجبهات الرئيسية، وجار، بحسب الشندقي، التعامل مع تدفق هؤلاء المقاتلين الذين تعتمد عليهم الميليشيا في سد العجز العددي والقدرة العسكرية خاصة في جبهتي «نهم، صرواح»، مشددا على أن الجيش والمقاومة الشعبية رصدت هذه التحركات العسكرية ونقل الأفراد بعد ساعات من إعلان الهدنة، وهذا التنسيق جار مع قوات التحالف العربي لتوحيد عمليات الرد في حال استمر الانقلابيون بانتهاك الهدنة.
في المقابل عزز الجيش الوطني، وقبل سريان الهدنة الكثير من الجبهات الرئيسية بألوية مختلفة بعد أن أنهت فترة التدريب العسكري المخصص لها، وذلك تحسبا لهذه الانتهاكات المتوقعة من قبل الحوثيين وحليفهم الرئيس المخلوع لهذه الاتفاقيات لوقف إطلاق النار في فترات سابقة، ومن ذلك دعم جبهة نهم بلواء 181. وجبهة صرواح باللواء الثالث، للتصدي لهذه المحاولات التي تقوض العملية السلمية في اليمن.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.