المشهد: في عز الموسم

المشهد: في عز الموسم
TT

المشهد: في عز الموسم

المشهد: في عز الموسم

* قد لا نشعر في منطقتنا بما يحدث، ثقافيًا وسينمائيًا، في العواصم الغربية هذه الأيام، لكن تلك العواصم تميد بموسم حافل مليء بالاستعدادات للجوائز السينمائية وصولاً لحفلات الجوائز ذاتها.
* هذه الفترة الممتدة من الآن وحتى منتصف شهر فبراير (شباط) عبارة عن روزنامة من الاحتفالات والحفلات والبسط الحمر والموائد العامرة والمنصات التي يصعد فوقها سينمائيون مبتسمون يتلقفون تحيات زملائهم وقد ترجمت إلى جوائز. التالي إذن بعد ما يحدث وسيحدث قريبًا في هذا الإطار. فالمبدأ هنا أنهم يصنعون ونحن «نتابع» فقط لولا بعض المظاهر الاحتفائية التي باتت، إلى حد كبير، روتينية، متمثلة ببعض مهرجاناتنا.
* توم هانكس وجايك جيلنهال وبري لارسون (الفائزة بأوسكار أفضل فيلم في العام الماضي) سوف يقدّمون جوائز «بريتانيا» السينمائية السنوية في الثامن والعشرين من هذا الشهر. كل من هانكس وجيلنهال مدرجان في التخمينات حاليًا لدخول سباقات الغولدن غلوبس والأوسكار. الأول عن «صولي» والثاني عن «حيوانات ليلية».
* مهرجان ريو ديجينيرو أعلن عن فوز «النهاية الأخرى» بجائزة أفضل فيلم، بينما ذهبت جائزة أفضل ممثلة إلى كارين تيليس، وكلاهما من البرازيل كحال كرستيان أوليفييرا الذي فاز بجائزة أفضل مخرج عن فيلمه «امرأة وأب». وكان مهرجان لندن السينمائي انتهى بفوز فيلم المخرجة الأميركية كيلي رايشارد، وعنوانه «نساء مُعيّنات» بالجائزة الأولى.
* وقبل أيام أنجز مهرجان فانكوفر الكندي دورته الجديدة بمنح «أنا دانيال بلايك» للمخرج البريطاني كن لوتش جائزة أفضل فيلم. وأعلن كذلك عن فوز فيلم «مودي»، وهو من بطولة إيثان هوك وسالي هوكينز بجائزة الجمهور.
* المخرج ريدلي سكوت احتفي به في مؤسسة «أميركان سينماتيك» فنال جائزة شرف عن مجمل أعماله سلّـمه إياها مات دامون. في حين أن الممثل روبرت دينيرو سيتسلم جائزة «تشابلن» (تيمنًا بتشارلي تشابلن طبعًا) من «مركز لينكولن» في المناسبة الـ44 لتلك الجوائز.
* مهرجان طوكيو الذي سينطلق في الثالث والعشرين من هذا الشهر، في دورته رقم 27، سيحتفي بالمخرج الأميركي مارتن سكورسيزي وبالمخرج الياباني كيوشي كوروساوا.
* أكثر من ذلك أن بعض جوائز العام المقبل أعلنت مؤخرًا، ففي الثامن من شهر يونيو (حزيران) سيتم منح الممثلة دايان كيتون (70 سنة) جائزة من «مؤسسة الفيلم الأميركية» في لوس أنجليس. هذه الجائزة تأسست سنة 1967 ونالها في العام الماضي الموسيقار جون ويليامز.



8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.