معارك طاحنة في مدينة الحمدانية المسيحية.. و«داعش» يتصدى بـ«المفخخات»

15 كيلومترًا تفصل قوات الجيش والبيشمركة عن الموصل.. و«الكيماوي» يقلق الأميركيين

هاربون من معارك جنوب الموصل يصلون إلى القيارة أمس (رويترز)
هاربون من معارك جنوب الموصل يصلون إلى القيارة أمس (رويترز)
TT

معارك طاحنة في مدينة الحمدانية المسيحية.. و«داعش» يتصدى بـ«المفخخات»

هاربون من معارك جنوب الموصل يصلون إلى القيارة أمس (رويترز)
هاربون من معارك جنوب الموصل يصلون إلى القيارة أمس (رويترز)

واصلت القوات العراقية أمس تقدمها داخل الحمدانية (قره قوش)، أكبر المدن المسيحية في العراق الواقعة في سهل نينوى شرقي الموصل، بهدف استعادتها من سيطرة تنظيم داعش، في إطار العملية العسكرية الضخمة التي بدأت الاثنين في اتجاه مدينة الموصل.
واقتحمت القوات العراقية أول من أمس قره قوش التي تقع على بعد نحو 15 كيلومترا إلى الجنوب الغربي من مدينة الموصل، لكن المواجهات كانت مستمرة أمس مع مسلحين يتحصنون داخل المدينة. وقال ضابط عراقي إن قوات من مكافحة الإرهاب التي تولت مهاما صعبة خلال عمليات نفذتها القوات العراقية في الفترة الماضية، تستعد للسيطرة على قره قوش. وأوضح الضابط وهو برتبة عقيد في القوات البرية وكان يتحدث من قاعدة القيارة، أحد أكبر مقار القوات الأمنية العراقية في المنطقة، لوكالة الصحافة الفرنسية: «نحن نحاصر الحمدانية (قرقوش) الآن»، وأضاف: «توجد جيوب وتدور اشتباكات وأرسلوا (مسلحو تنظيم داعش) سيارات مفخخة، لكن هذا لن ينفعهم».
وقره قوش هي أكبر مدينة مسيحية في العراق وكان يعيش فيها خمسون ألف شخص عشية استيلاء «داعش» عليها في أغسطس (آب) 2014 في هجوم دفع بالغالبية العظمى من أبنائها إلى الفرار. وقال بونوا فرج كامورا، رئيس جمعية «الإخوة» في العراق، وهي منظمة إنسانية فرنسية لدعم الأقليات: «كانت البقعة التي تجمع العدد الأكبر من المسيحيين في مكان واحد، وهي تحمل بعدا ورمزا قويين».
وتسعى القوات العراقية إلى محاصرة مدينة الموصل من جهات عدة بينها المحور الجنوبي، حيث تتحرك قوات حكومية انطلاقا من قاعدة القيارة على امتداد نهر دجلة. في موازاة ذلك، تتقدم قوات البيشمركة الكردية من المحور الشرقي. وباتت القوات العراقية الأربعاء في قرية باجوانية الواقعة على بعد نحو 30 كيلومترا جنوب الموصل.
وخرجت عائلات كثيرة من منازلها أمام القوات الحكومية المتقدمة وهي تلوح برايات بيضاء. وقال ضابط برتبة رائد في الشرطة الاتحادية: «تدقق قواتنا في الهويات الشخصية مقارنة بمعلومات من مصادر محلية للبحث عن عناصر من (داعش)». وبدأ معظم الرجال والشباب بلحى طويلة، لأن المتطرفين كانوا يحرمونهم من حلاقة ذقنهم. وتوجه أحد السكان الذي قدم نفسه باسم أبو عبد الله ويعمل راعيا نحو جندي عراقي يسأله الحصول على سيجارة. وقال: «حرموني من التدخين منذ عامين».
وأعلن أبو بكر البغدادي إقامة ما سماه «دولة الخلافة» في يونيو (حزيران) 2014، من الجامع الكبير في الموصل بعد سيطرة التنظيم على ثلث مساحة العراق آنذاك ومساحات واسعة من سوريا المجاورة. لكن سيطرة «داعش» انحسرت وبشكل كبير حاليا، وستمثل استعادة الموصل نكسة ونهاية عمليا لوجود التنظيم المتطرف في معاقل أساسية في العراق.
إلى ذلك، قال قائد الشرطة الاتحادية في العراق الفريق رائد شاكر جودت أمس إن قوات الشرطة تمكنت من قتل 96 من عناصر «داعش» في المحور الجنوبي لمدينة الموصل خلال الساعات الـ48 الماضية. وأوضح جودت، على موقع الشرطة الاتحادية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» أن حصيلة خسائر «داعش» خلال الـ48 ساعة الماضية في المحور الجنوبي لمدينة الموصل بلغ 96 قتيلا وتدمير27 عجلة مفخخة و31 قاعدة صواريخ وخمسة مدافع هاون. وأشار إلى أنه تم الاستيلاء على 10 صواريخ كاتيوشا ومائتي قنبرة هاون ورشاشين من النوع الثقيل ومدفعين من طراز هاون.
من جهة ثانية، أعلن الفريق الركن طالب شغاتي قائد القوات الخاصة العراقية أمس أن «داعش» له ما بين 5000 و6000 مقاتل يتصدون لهجوم القوات العراقية على مدينة الموصل. ونقلت عنه وكالة «رويترز» قوله في مؤتمر صحافي قرب أربيل: «المعلومات الاستخبارية تشير إلى 5000 إلى 6000 مقاتل داعشي».
وإلى الغرب من الموصل، أعلن مصدر في قوات البيشمركة إحباط هجوم انتحاري نفذه «داعش» فجر أمس على مواقعهم جنوب مدينة سنجار. وقال قاسم ششو، قائد قوات البيشمركة في سنجار، لوكالة الأنباء الألمانية إن «(داعش) شن هجومًا بسيارتين مفخختين يقودهما انتحاريان على مواقع البيشمركة في مفرق تل قصب جنوب مركز مدينة سنجار، وقبل الوصول إلى موقع البيشمركة تم تفجير السيارتين من قبل البيشمركة وقتل الانتحاريين وإصابة داعشي آخر كان في إحدى السيارات، كما أصيب ثلاثة من البيشمركة». وأشار إلى أن المعارك كانت مستمرة وأن التنظيم استخدم الهاونات في الهجوم على الموقع نفسه.
إلى ذلك، قال مسؤولون أميركيون إن الولايات المتحدة تتوقع أن يستخدم تنظيم داعش أسلحة كيماوية بدائية وهو يحاول صد الهجوم على الموصل. وقال أحد المسؤولين إن القوات الأميركية بدأت بانتظام في جمع شظايا القذائف لإجراء اختبار لاحتمال وجود مواد كيماوية؛ نظرا لاستخدام الدولة الإسلامية لغاز الخردل في الأشهر التي سبقت هجوم الموصل الذي بدأ يوم الاثنين. وقال مسؤول ثان إن القوات الأميركية أكدت وجود غاز الخردل على شظايا ذخائر «داعش» في الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) خلال واقعة لم يتم الكشف عنها في السابق. وأضاف المسؤول الثاني لوكالة «رويترز» طالبا عدم نشر اسمه «نظرا لسلوك (داعش) المستهجن وتجاهله الصارخ للمعايير والأعراف الدولية فإن هذه الواقعة ليست مفاجئة».
ولا يعتقد المسؤولون الأميركيون أن «داعش» نجح حتى الآن في تطوير أسلحة كيماوية لها تأثيرات مميتة بشكل خاص، وهذا يعني أن الأسلحة التقليدية لا تزال تشكل التهديد الأخطر على تقدم القوات العراقية والكردية وعلى أي مستشارين أجانب يقتربون بدرجة كافية. ويمكن أن يسبب غاز الخردل تقرحات على الجلد المكشوف والرئتين. لكن الجرعات القليلة منه ليست فتاكة. ويوجد في العراق نحو خمسة آلاف من القوات الأميرية. وقال مسؤولون إن ما يزيد على مائة منهم يشاركون مع القوات العراقية وقوات البيشمركة في هجوم الموصل؛ إذ يقدمون المشورة للقادة ويساعدون على ضمان أن القوة الجوية للتحالف تصيب الأهداف الصحيحة، لكنهم أضافوا أن هذه القوات ليست على خطوط الجبهة الأمامية.



المجاعة تهدد أطفال غزة وأمهات يبحثن عن الحليب

توفي منذ اندلاع الحرب في غزة 32 شخصاً بسبب سوء التغذية (أ.ف.ب)
توفي منذ اندلاع الحرب في غزة 32 شخصاً بسبب سوء التغذية (أ.ف.ب)
TT

المجاعة تهدد أطفال غزة وأمهات يبحثن عن الحليب

توفي منذ اندلاع الحرب في غزة 32 شخصاً بسبب سوء التغذية (أ.ف.ب)
توفي منذ اندلاع الحرب في غزة 32 شخصاً بسبب سوء التغذية (أ.ف.ب)

تبحث أميرة الطويل في صيدليات قطاع غزة عن حليب لإطعام طفلها يوسف، الذي يحتاج إلى علاج وغذاء، لكن كل محاولاتها لتأمينه باءت بالفشل. يستلقي يوسف بجسده النحيل على السرير في مستشفى الأقصى في دير البلح وقد ربطت رجله بحقن وريدية.

تقول الطويل لوكالة الصحافة الفرنسية: «يوسف يحتاج إلى علاج وغذاء جيد، الحليب غير متوفر نهائياً». وتضيف الأم: «أُطعمه حالياً بعض القمح، لكن لا حليب. هذا ما يجعله يعاني من الانتفاخ، طلبوا مني أن أجري له فحصاً لحساسية القمح».

توفي منذ اندلاع الحرب في غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 32 شخصاً بسبب سوء التغذية.

وقالت «منظمة الصحة العالمية»، السبت، إن أكثر من 4 من أصل 5 أطفال أمضوا يوماً كاملاً من دون تناول الطعام مرة واحدة على الأقل خلال 3 أيام.

وقالت المتحدثة باسم «منظمة الصحة العالمية» مارغريت هاريس، في بيان، إن «الأطفال يتضورون جوعاً».

وبحسب منظمات الإغاثة، فإن ارتفاع معدلات سوء التغذية بين أطفال غزة دون الخامسة سببه عدم وصول المساعدات الإنسانية التي تدخل إلى غزة إلى من يحتاجون إليها.

إغلاق المعابر

بدأت الحرب في قطاع غزة مع شنّ «حماس» هجوماً غير مسبوق على الأراضي الإسرائيلية في 7 أكتوبر تسبّب بمقتل 1189 شخصاً، معظمهم مدنيون.

وردّت إسرائيل متوعدة بـ«القضاء» على «حماس»، وهي تشنّ منذ ذلك الحين حملة قصف مدمر على قطاع غزة، تترافق مع عمليات برية، ما تسبب بسقوط 36439 قتيلاً، معظمهم مدنيون، وفق وزارة الصحة التابعة لـ«حماس».

بعد فحص أجراه مكتب «الأمم المتحدة» لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) لأكثر من 93400 طفل دون الخامسة في غزة للتأكد من سوء التغذية، خلصت النتائج إلى أن 7280 منهم يعانون سوء تغذية حاداً.

وينتشر سوء التغذية في شمال قطاع غزة بشكل خاص حيث لم يتلقَّ من بقوا هناك من السكان سوى قليل من المساعدات في الأشهر الأولى من الحرب.

في الأسابيع الأخيرة تم تحويل جزء كبير من المساعدات الغذائية عبر المعابر، وذلك بعد تحذيرات من مجاعة وشيكة.

أما الطفل سيف فقد بدا منهكاً للغاية وبالكاد يستطيع التنفس.

وتقول والدته نهى الخالدي: «طوال الليل وهو يتألم ويعاني المغص والانتفاخ، تم تأجيل العملية التي كانت مقررة له، وهذا يمكن أن يسبب له انفجاراً في الأمعاء».

وتضيف الأم: «نعتمد على ما يأتي من مساعدات لإعطاء الأولاد، وهذا يؤثر كثيراً على صحتهم لأنهم اعتادوا على حليب يتناسب مع أجسادهم».

لكنها تتدارك وهي تحاول حبس دموعها «لا يتوفر أي نوع حليب في الأسواق».

ويؤكد طبيب الأطفال في مستشفى الأقصى، حازم مصطفى، أن إغلاق إسرائيل للمعابر أدى إلى تفاقم الوضع.

ويعدّ معبر رفح المنفذ الرئيسي لدخول المساعدات إلى قطاع غزة من مصر، قبل أن تقوم إسرائيل في 7 مايو (أيار) المنصرم بعملية برية وتسيطر على المعبر الحدودي.

ومنذ ذلك الوقت، لم تسمح إسرائيل بدخول أي مساعدات إلى قطاع غزة، كما لم يتمكن أي من الجرحى والمرضى من الخروج للعلاج.

ويقول الطبيب مصطفى، وخلفه على شاشة الحاسوب صورة أشعة لقفص صدري لأحد المرضى، إن الأخير يعاني «ضعفاً شديداً في جسمه وسوء نمو بسبب منع الاحتلال دخول الأغذية، وخصوصاً الحليب للأطفال».

ويطالب بـ«إدخال كميات وافرة من الحليب حتى تتمكن الأمهات من إعطاء أطفالهن الغذاء المناسب ليكونوا بصحة جيدة».