مراحل التهجير السوري من المعضمية تنتهي اليوم وتحذيرات من «سيناريو» مماثل في دوما

أهالي الغوطة الشرقية يرفضون أي اتفاق يؤدي إلى تقسيم بلداتها ومدنها

مراحل التهجير السوري من المعضمية تنتهي اليوم وتحذيرات من «سيناريو» مماثل في دوما
TT

مراحل التهجير السوري من المعضمية تنتهي اليوم وتحذيرات من «سيناريو» مماثل في دوما

مراحل التهجير السوري من المعضمية تنتهي اليوم وتحذيرات من «سيناريو» مماثل في دوما

تنضم معضمية الشام، في الغوطة الغربية للعاصمة السورية دمشق، إلى لائحة المناطق التي تخضع لسياسة التهجير الممنهج تحت عنوان «المصالحات»؛ وذلك بخروج آخر دفعة من الرافضين للمصالحة فيها، في وقت تحذّر فيه المعارضة من سيناريو مماثل يعدّ له النظام في دوما، وقد يتوسّع إلى مناطق أخرى بالغوطة الشرقية. وكان وصل الاتفاق بين النظام والمعارضة السوريين إلى المرحلة النهائية، بعد أن تقرر أن يخرج اليوم الأربعاء المعارضون للمصالحة التي جرى التفاوض عليها طوال الشهور الماضية، لتلحق بركب بقية المناطق المحيطة بالعاصمة دمشق، ولا سيما داريا وقدسيا والهامة.
شبكة «شام» المعارضة نقلت عن مصادر ميدانية قولها أن «الاتفاق تضمن خروج رافضي المصالحة من الثوار والبالغ عددهم 620 شخصًا مع عائلاتهم بعدد إجمالي يقدّر بـ1500 شخص»، مشيرة إلى أن المغادرة ستبدأ صباح الغد (اليوم)، بخروج المعارضين الذين هم من أهالي المعضمية، والنازحين إليها من داريا وكفرسوسة والمزة، على أن تكون الوجهة إلى إدلب، وهو ما أكده الناشط في ريف دمشق ضياء الحسيني لـ«الشرق الأوسط»، لافتا إلى أن هناك مئات الأشخاص الذي قبلوا بتسوية أوضاعهم مقابل البقاء في المعضمية، وهم في معظمهم من المنشقين عن الجيش أو المتخلفين عن الخدمة العسكرية، على أن يسلّموا سلاحهم ويلتحقوا بما يعرف بالشرطة المحلية لحماية منطقتي داريا والمعضمية.
ويشير الحسيني إلى أنه يقدر عدد سكان المعضمية بنحو 50 ألف شخص بينهم عائلات كانت قد لجأت إلى المنطقة التي كانت تعتبرها هادئة نتيجة الهدنة التي كانت خاضعة لها منذ عام 2013، قبل أن يعود النظام ويخرقها بالقصف واضعا أهلها بشكل عام، والمعارضين بشكل خاص، تحت خياري التهجير أو الموت.
وفي محافظة ريف دمشق أيضا يبدو أن السيناريو نفسه يعدّ لمنطقة دوما في الغوطة الشرقية، ومناطق أخرى أبرزها مدينة التل ووادي بردى، إضافة لبلدتي خان الشيح وزاكية (بجنوب دمشق)، بحسب ما تشير إليه مصادر في المعارضة. وكانت مفاوضات قد جرت بين ممثلين من النظام، بعضهم من أبناء دوما المقيمين في دمشق، كممثلين عن النظام، وآخرين من مجلس دوما المحلي والأهالي، طرح خلالها الطرف الثاني بنود اتفاق شامل ليس فقط في دوما إنما في كل مناطق الغوطة الشرقية ينص بشكل أساسي على وقف إطلاق النار وإطلاق سراح المعتقلين لدى الطرفين، أكدت مصادر مطّلعة عليه لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يتم التوصل إلى نتيجة نهائية بشأنه بانتظار ردّ النظام عليه.
وأشارت المصادر في الوقت عينه إلى أنه لا يبدو أن هناك بوادر إيجابية في هذا الإطار مرجّحة أن يتعامل النظام مع دوما كما سبق أن تعامل مع داريا والمعضمية وقدسيا والهامة، وبالتالي، تكثيف الحملة العسكرية عليها بهدف إخضاع أهلها لتهجيرهم. كذلك، وفي حين نقلت بعض المواقع المعارضة أنه من المتوقع أن يبدأ تنفيذ الاتفاق بين 15 و20 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، أكد الحسيني ونقلا عن مصادر شاركت في الاجتماع الذي عقد الخميس الماضي بين الطرفين، أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي. وأشار إلى أن النظام لا يبدو أنه في وارد الموافقة على البنود التي نصت، إضافة إلى الهدنة والإفراج عن المعتقلين، على إعادة الكهرباء والمياه إلى الغوطة، وتفعيل عمل المستشفيات والمدارس والمجالس المحلية، قائلا: «المجالس المحلية والأهالي يطالبون بحل شامل يشمل كامل الغوطة، لكن يبدو أن خطة النظام اليوم التركيز على دوما بهدف ضمها إلى لائحة المناطق التي خضعت للتهجير الممنهج لتشمل في ما بعد مناطق أخرى في الغوطة». وللعلم، في حين يقدر عدد سكان الغوطة الشرقية التي تعرف بأنها ملجأ لعدد كبير من المعارضين الهاربين من مناطق سوريا عدّة، وخاضعة بشكل أساسي لسلطة «جيش الإسلام»، بنحو 400 ألف شخص، يعيش في دوما وحدها ما يقارب الـ150 ألفًا.
وفي بيان حمل توقيع رئيس مجلس أهالي دوما ورئيس المجلس المحلي في المدينة وعضوين من اللجنة السياسية والإعلامية في مجلس الأهالي، أعلن عنه يوم أمس، أكد عقد اجتماعات مع ممثلين من النظام من دون أن يتم التوصل خلالها إلى نتائج، كان آخرها يوم الخميس الماضي في 13 أكتوبر الحالي، بحيث طرحت لجنة التواصل الممثلة للنظام عرضا شفويا غير واضح المعالم، وينطوي على تناقضات عدة تهدف إلى فصل دوما عن مدن الغوطة وبلداتها، ما أدى بلجنة الأهالي إلى الطلب بتقديم طروحات مكتوبة لتتم مناقشتها. وأكد الموقعون عدم القبول بهدنة غير شرعية، وعدم السماح بتمرير أي عرض يكرّس الانقسام في الغوطة.



«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
TT

«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)

تثير تحركات تشكيل «حكومة موازية» في السودان، مخاوف مصرية من تفكك البلاد، التي تعاني من حرب داخلية اندلعت قبل نحو عام ونصف العام، وشردت الملايين. وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، إن «بلاده مع استقرار السودان ومع بسط سيادته على كل الأراضي السودانية»، مشيراً إلى أن «هذا أمر ثابت في السياسة الخارجية المصرية ولا يمكن أن تتزحزح عنه».

واعتبر وزير الخارجية، في مؤتمر صحافي مشترك، مع المفوضة الأوروبية لشؤون المتوسط دوبرافكا سويتشا، «تشكيل أي أطر موازية قد تؤدي إلى تفكك الدولة السودانية خطاً أحمر بالنسبة لمصر ومرفوضاً تماماً»، مضيفاً: «ندعم الشرعية. ندعم مؤسسات الدولة السودانية، وندعم الدولة، لا ندعم أشخاصاً بأعينهم».

ويرى خبراء ومراقبون، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن الموقف السياسي المصري الداعم بقوة لمؤسسات الدولة، والرافض لتشكيل أي أطر موازية، هدفه حماية السودان من التمزق، لكنه يظل رهن تباينات إقليمية تعقد حل الأزمة.

ويمهد توقيع «قوات الدعم السريع» وحركات مسلحة وقوى سياسية ومدنية متحالفة معها بنيروبي، الأسبوع الماضي، على «الميثاق التأسيسي»، الطريق لإعلان حكومة أخرى موازية في السودان، في مواجهة الحكومة التي يقودها رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، وتتخذ من مدينة بورتسودان مقراً لها.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من القاهرة، قبل أيام، عدَّ وزير الخارجية السوداني، علي يوسف الشريف، أن تحرك تشكيل «حكومة موازية» في مناطق سيطرة قوات «الدعم السريع» لا يحظى باعتراف دولي، مشيراً إلى أن «دولاً إقليمية ودولية تدعم موقف بلاده في هذه القضية».

وجددت مصر، الأحد، رفضها مساعي تشكيل «حكومة موازية» بالسودان، ووصفت الخارجية المصرية، في بيان رسمي، الأحد، ذلك، بأنه «محاولة تهدد وحدة وسيادة وسلامة أراضي السودان».

وأضاف البيان أن تشكيل حكومة سودانية موازية «يُعقد المشهد في السودان، ويعوق الجهود الجارية لتوحيد الرؤى بين القوى السودانية، ويفاقم الأوضاع الإنسانية»، فيما طالبت كافة القوى السودانية بتغليب المصلحة الوطنية العليا للبلاد والانخراط في إطلاق عملية سياسية شاملة دون إقصاء أو تدخلات خارجية.

وحسب الوزير المصري عبد العاطي، فإن «مصر على تواصل مع كل الأطراف المعنية لنقل وجهه نظرها وموقفها الواضح والثابت»، وأضاف: «بالتأكيد نحن مع السودان كدولة، ومع السودان كمؤسسات، ومع السودان بطبيعة الحال لفرض سيادته وسيطرته على كل الأراضي السودانية».

وتستهدف مصر من رفض مسار الحكومة الموازية «دعم المؤسسات الوطنية في السودان، حفاظاً على وحدته واستقراره، وسلامته الإقليمية»، وفق عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير صلاح حليمة، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر تعمل على حشد الدعم الدولي والإقليمي لوقف الحرب ونفاذ المساعدات الإنسانية، ووضع خطط لإعادة الإعمار».

وتنظر القاهرة لحكومة بورتسودان باعتبارها الممثل الشرعي للسودان، والمعترف بها دولياً، وفق حليمة، ودلل على ذلك بـ«دعوة رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، للأمم المتحدة، وزيارة دول مختلفة، كممثل شرعي عن بلاده».

وترأس البرهان وفد السودان، في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويعتقد حليمة أن إجهاض مساعي «الحكومة الموازية» لن يتحقق سوى بـ«التوافق على مسار سياسي، من خلال حوار سوداني - سوداني، تشارك فيه كل الأطراف، ويفضي لتشكيل حكومة مدنية مستقلة لفترة انتقالية»، وطالب بالبناء على مبادرة مصر باستضافة مؤتمر للقوى السياسية السودانية العام الماضي.

وجمعت القاهرة، في شهر يوليو (تموز) الماضي، لأول مرة، الفرقاء المدنيين في الساحة السياسية السودانية، في مؤتمر عُقد تحت شعار «معاً لوقف الحرب»، وناقش ثلاث ملفات لإنهاء الأزمة السودانية، تضمنت «وقف الحرب، والإغاثة الإنسانية، والرؤية السياسية ما بعد الحرب».

في المقابل، يرى المحلل السياسي السوداني، عبد المنعم أبو إدريس، أن «التحركات المصرية تواجه تحديات معقدة، بسبب دعم دول إقليمية مؤثرة للقوى الساعية لتشكيل حكومة موازية، في مقدمتها (الدعم السريع)»، مشيراً إلى أن «الموقف المصري مرهون بقدرتها على تجاوز الرفض الدبلوماسي، وقيادة تحركات مع الفرقاء السودانيين وحلفائها في الإقليم».

ويعتقد أبو إدريس، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن اختراق القاهرة لأزمة «الحكومة الموازية»، «لن يكون سهلاً، في ضوء تأثير الجهات الدولية والأطراف الداعمة للقوى السودانية التي تقف خلف هذه الحكومة»، وقال إن «مصر تخشى أن تقود تلك التحركات إلى انفصال جديد في السودان، ما يمثل تهديداً لمصالحها الاستراتيجية».

ورغم هذه الصعوبات، يرى القيادي بالكتلة الديمقراطية السودانية، مبارك أردول، أن الموقف المصري مهم في مواجهة الأطراف الإقليمية الداعمة لمسار الحكومة الموازية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رفض القاهرة يؤكد أن السودان لا يقف وحده في هذه الأزمة»، وأن «هناك أطرافاً إقليمية داعمة لوحدة واستقرار السودان».

وتعتقد مديرة وحدة أفريقيا في «مركز الأهرام للدراسات السياسية»، أماني الطويل، أن «المواقف الرافضة لهذه الحكومة، التي صدرت من مصر والأمم المتحدة ودول أخرى، يمكن أن تُضعف من الاعتراف الدولي والإقليمي للحكومة الموازية، دون أن تلغيها».

وباعتقاد الطويل، «سيستمر مسار الحكومة الموازية بسبب رغبة شركات عالمية في الاستفادة من موارد السودان، ولن يتحقق لها ذلك إلا في وجود سلطة هشّة في السودان»، وقالت: «الإجهاض الحقيقي لتلك التحركات يعتمد على التفاعلات الداخلية بالسودان، أكثر من الموقف الدولي، خصوصاً قدرة الجيش السوداني على استعادة كامل الأراضي التي تسيطر عليها (الدعم السريع) وخصوصاً دارفور».