ملف رئاسة الحكومة المقبلة يهدد حظوظ عون بالرئاسة اللبنانية

مصدر في «8 آذار»: الموافقة على الحريري لن تحصل في الظروف الراهنة

ملف رئاسة الحكومة المقبلة يهدد حظوظ عون بالرئاسة اللبنانية
TT

ملف رئاسة الحكومة المقبلة يهدد حظوظ عون بالرئاسة اللبنانية

ملف رئاسة الحكومة المقبلة يهدد حظوظ عون بالرئاسة اللبنانية

لا يكاد رئيس تكتل التغيير والإصلاح، العماد ميشال عون، يتجاوز أحد المطبات في طريقه إلى القصر الجمهوري حتى يتعثر بمطب جديد، ما يوحي بوجود قرار بعدم إتمام أي من الاستحقاقات الداخلية في انتظار تبلور المشهد العام في المنطقة وبوجه خاص في سوريا.
وعشية ما يُشاع عن توجه رئيس تيار المستقبل، النائب سعد الحريري، إلى تبني ترشيح رئيس التكتل المذكور لرئاسة البلاد، خرجت مصادر في «8 آذار» مقربة مما يسمى «حزب الله» والنظام السوري، لتضع ورقة رئاسة الحكومة المقبلة على الطاولة، ملوحة برفض عودة الحريري إلى السراي، وهو ما يُهدد بالإطاحة بحظوظ عون بالرئاسة ويُمهد لتمديد مرحلة الفراغ بالمؤسسات التي يجتازها لبنان منذ أكثر من عامين ونصف العام.
ورغم إعلان أمين عام ما يسمى «حزب الله» حسن نصر الله أكثر من مرة، ولو بطريقة غير مباشرة، انفتاحه على تسلم الحريري رئاسة الحكومة في حال تمت الموافقة على رئاسة عون للجمهورية وقوله حرفيا، إنه «في حال التوافق على رئاسة الجمهورية، نحن منفتحون على رئاسة الحكومة»، يقول مصدر في قوى «8 آذار» مقرب من الحزب، إن ما أدلى به نصر الله يعني «انفتاحه على النقاش بالموضوع، إلا أنه لا شك لم يحسم به أو يطلق وعودا لهذا أو ذاك»، مستبعدا تماما أن يكون هناك رئيس للجمهورية في المدى المنظور وبالتالي رئيس جديد للحكومة.
وأضاف المصدر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «كل الملفات الداخلية باتت معلّقة عمليا بانتظار الحسم إقليميا.. أما الموافقة على تولي الحريري رئاسة الحكومة، وهو أهم منصب في الدولة اللبنانية بحيث كل الصلاحيات مرتبطة به، فلا شك لن يحصل في الظروف والمعطيات الراهنة».
وكان أكثر من طرف مقرب مما يسمى «حزب الله» والنظام السوري حثّ في الأيام القليلة الماضية على وجوب أن يكون للحريري مواقف جديدة من الملف السوري ومن بعض الدول الإقليمية كما من سلاح ما يسمى «حزب الله» ومشاركته بالقتال في سوريا، قبل فتح باب النقاش حول إمكانية عودته إلى السراي، حتى إن أحدهم أشار إلى أنه «في حال كُلّف الحريري فإنه لن يؤلف حكومته سواء بالترغيب أو الترهيب». وتهدد هذه المواقف بنسف كل الأجواء الإيجابية المحيطة بالمشاورات الحاصلة لانتخاب رئيس للبلاد في الجلسة المحددة في 31 من الشهر الجاري، كما بالمفاوضات الحاصلة لتبني ترشيح عون.
ولا يستغرب النائب في تيار المستقبل، أحمد فتفت، «استخدام (حزب الله) موضوع رئاسة الحكومة وغيرها من الأوراق للاستمرار بتعطيل رئاسة الجمهورية ومؤسسات الدولة ككل، تنفيذا لأجندة إيرانية واضحة بهذا الخصوص»، لافتا إلى أن «طهران تستخدم الورقة اللبنانية ورقة للمساومة في أي مفاوضات مقبلة، لذلك نرى (حزب الله) يختلق كل فترة عقبة جديدة لتمديد الفراغ المتحكم بكل المؤسسات». وقال فتفت لـ«الشرق الأوسط»: «أما الحديث عن أن تبني الرئيس الحريري لترشيح العماد عون من شأنه أن يُحرج الحزب، فلا نعتقد أنه يصح في حالتنا، باعتبار أن الحزب الذي لا يُحرجه أن يقتل شباب لبنان وسوريا على سوريا، لن يُحرج من موضوع مثل هذا». وإذ اعتبر أن «الترشيح وإن حصل فلن يكون فعّالا ولن يُغير شيئا في المعادلة القائمة، بل سيزيد الضغوط الشعبية على الرئيس الحريري»، رجّح أن ينتقل الحزب إلى شروط جديدة في المرحلة اللاحقة تتعلق بالوزارات والحقائب في الحكومة المقبلة. وأضاف: «طالما الأوضاع في المنطقة المضطربة لا توحي بتسوية قريبة فلا نعتقد أن هناك تسوية مرتقبة قد تصلح للبنان».
وبحسب البروفسور باسكال مونان، أستاذ العلاقات الدولية والعلوم السياسية في جامعة القديس يوسف في بيروت، فإن «جوا ضبابيا» يحيط بالجلسة التي حددها نبيه بري لانتخاب رئيس في 31 من الشهر الجاري، لافتا إلى أن «الشروط والتفاهمات أو السلة التي يتم الترويج لها وربطها بالاستحقاق الرئاسي، تساهم في تعطيل المؤسسات وضرب الدستور».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.