الإعلام الأميركي: نساء كلينتون.. ونساء ترامب

الصحف الأوروبية: مزيد من الضغط على روسيا لوقف ممارساتها في سوريا

الإعلام الأميركي: نساء كلينتون.. ونساء ترامب
TT

الإعلام الأميركي: نساء كلينتون.. ونساء ترامب

الإعلام الأميركي: نساء كلينتون.. ونساء ترامب

غطت صور نساء أميركيات جميلات، في الأسبوع الماضي، الصفحات الأولى من الصحف الأميركية الرئيسية، ونشرات الأخبار التلفزيونية. ليس فقط صور نساء اتهمن المرشح الجمهوري دونالد ترامب بمعاكستهن (وصل العدد إلى 15 حتى أمس الأحد)، ولكن أيضًا صور نساء اشتهرن قبل عشرين عاما تقريبا، هن عشيقات الرئيس السابق بيل كلينتون الذي تترشح زوجته هيلاري ضد ترامب.
وقد بادرت صحيفة «نيويورك بوست» اليمنية، ونشرت صور بعض عشيقات كلينتون وقد جلسن (بدعوة من ترامب) في الصف الأمامي، خلال مناظرة الأسبوع قبل الماضي بين هيلاري كلينتون وترامب، وتعمدت الصحيفة ألا تركز على نساء ترامب.
أيضًا، ركز تلفزيون «فوكس» اليميني على نساء كلينتون.
لكن كان واضحا أن نسبة كبيرة من الإعلام الأميركي ركزت على نساء ترامب، وقد أغضب هذا ترامب كثيرا، فغرد في صفحته في «تويتر»: «غريب، عاشر كلينتون عشيقات، وأنا، كما يقول بعض الناس عنى، غازلت نساء، ولكن يبدو وكأن العكس هو الذي حدث». ويوم الأربعاء الماضي، أعلن ترامب أنه سيقاضي صحيفة «نيويورك تايمز» لأنها كانت أكثر الصحف تركيزا على نسائه، ولسبب ما سبقت صحيفة «واشنطن بوست» في هذا المجال. وعن هذا، تناقلت مواقع التواصل الاجتماعية أخبارًا مفادها أن «نيويورك تايمز» أكثر عداء لترامب من «واشنطن بوست»، مع تعليقات عن غضب (أو خوف) اليهود من ترامب (رغم أن الصحيفتين أيدتا كلينتون).
وفي لقاء جماهيري في ولاية فلوريدا، الخميس، قال ترامب: «تسيطر على الإعلام في بلدنا شركات عملاقة لم تعد تعمل في مجال الإعلام، بل صارت تعمل في مجال السياسة؛ صارت مثل لوبيات، صارت لها أجندة»، مضيفا: «تتركز هذه الأجندة على هزيمتي بأي ثمن، لكن بسببها شوهت سمعات كثير من الأبرياء والبريئات. هذه حرب لم يحدث مثيل لها».
وحتى إذاعة «صوت أميركا» (حسب القانون، تخاطب فقط الناس خارج الولايات المتحدة، ولا تخاطب الشعب الأميركي) نشرت، الخميس، تقريرا مالت فيه نحو كلينتون، وقالت إن مشكلة ترامب مع النساء «بدأت بسبب نساء كثيرات اشتكين منه»، وكأنها تقول إن الإعلام الذي نشر أقوال هؤلاء النساء هو السبب، وبالتالي، فـ«صوت أميركا» جزء من الاتهام، وجزء من الحكم.
من جهة أخرى كثير من القضايا الدولية والإقليمية ومنها ملفات تتعلق بمنطقة الشرق الأوسط، كانت محل اهتمام الصحف الأوروبية، والبداية من لندن والصحف البريطانية، ومنها صحيفة «الغارديان»، التي نشرت موضوعًا بعنوان «إذا كانوا بالفعل يرغبون في وقف الحرب في سوريا لاستهدفوا روسيا».
الموضوع الذي كتبه جوناثان فريدلاند يركز على الطريقة التي يتعامل بها الرأي العام مع روسيا، موضحًا أنه لو قامت الولايات المتحدة بقصف حلب، لتظاهر دعاة السلام ومؤيدوهم وحاصروا السفارات الأميركية في مختلف مدن العالم. ويتساءل: لماذا يتم التسامح مع بوتين؟ ويقول فريدلاند ساخرًا لسوء حظ الأطفال في حلب، إن القنابل التي تتساقط عليهم من السماء فتقتلهم وتدمر بيوتهم وتشرد أسرهم ليست بريطانية ولا أميركية، وإلا لكانت شوارع لندن مزدحمة بالمتظاهرين المطالبين بوقف القصف.
ويضيف فريدلاند أنه للأسف فإن القنابل التي تستهدف حلب وترهب وترعب المدنيين تأتي من الجانب الآخر، من جانب بشار الأسد وفلاديمير بوتين، وبالتالي فإن ذلك لا يؤهل حلب للحصول على تعاطف جماعات السلام، ومناهضة الحرب في الغرب. ويخلص فريدلاند إلى أن المطلوب هو مزيد من الضغط على روسيا لوقف ممارساتها في سوريا، موضحًا أن المطلوب ليس بالطبع مواجهة حربية، لكن كل الأنواع الأخرى من الضغط سواء على المستوى السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي.
«الإندبندنت» نشرت موضوعًا بعنوان «الشرطة الفرنسية تسرق جوالات المهاجرين وأحذيتهم لمنعهم من مغادرة معسكر الغابة في كاليه». وتوضح الجريدة أن الشرطة الفرنسية تسرق الأحذية من المهاجرين، وتجبرهم على البقاء في مخيم «الغابة» في مدينة كاليه، حتى تتأكد من عدم خروجهم من المعسكر. وتقول الجريدة إن الاتهامات تأتي بعدما نشرت في وقت سابق شهادة مصورة قال فيها مهاجر من قاطني المخيم إن الشرطة أجبرته على خلع حذائه وتسليمه لهم. وتنقل الجريدة عمن وصفتهم بالمراقبين خشيتهم من أن تتصاعد «الانتهاكات الفرنسية» بحق المهاجرين مع بداية تفكيك مخيم الغابة، وهو الأمر المقرر له أن يبدأ خلال الأسبوعين المقبلين.
وأما الصحف البلجيكية في بروكسل فقد ركزت على الخلافات التي شهدتها الأيام الأخيرة داخل الائتلاف الحكومي بسبب إعداد مشروع الموازنة لعام 2017، وقالت صحيفة «ستاندرد» اليومية إن بلجيكا لديها فرصة لتقديم الموازنة إلى المفوضية الأوروبية حتى يوم الاثنين 17 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.



شركات التكنولوجيا ووسائل الإعلام الليبرالية تتجه يميناً

إيلون ماسك (رويترز)
إيلون ماسك (رويترز)
TT

شركات التكنولوجيا ووسائل الإعلام الليبرالية تتجه يميناً

إيلون ماسك (رويترز)
إيلون ماسك (رويترز)

استقالت رسامة الكاريكاتير الأميركية -السويدية الأصل- آن تيلنيس، الحائزة على جائزة «بوليتزر»، من عملها في صحيفة «واشنطن بوست» خلال الأسبوع الماضي، بعد رفض قسم الآراء في الصحيفة رسماً كاريكاتيرياً يصوّر مالك الصحيفة، الملياردير جيف بيزوس مع مليارديرات آخرين من عمالقة التكنولوجيا، وهم ينحنون أمام تمثال للرئيس المنتخب دونالد ترمب. وفور إعلان الخبر رأى كثيرون أن الواقعة الجديدة تختصر صورة المرحلة المقبلة في الولايات المتحدة.

مارك زوكربيرغ (آ ب)

إعادة تموضع

خلال الحملة الانتخابية الأخيرة، بعدما بدا أن ترمب يتجه إلى العودة مجدداً إلى البيت الأبيض، بدأ الكثير من مسؤولي الشركات الكبرى ووسائل الإعلام الأميركية، رحلة «إعادة تموضع» تماشياً مع العهد الثاني لترمب. وهو ما تُرجم بداية بامتناع وسائل إعلام كانت دائماً تُعد رمزاً لليبرالية، مثل: «واشنطن بوست» و«لوس أنجليس تايمز»، عن تأييد أي من المرشحين الرئاسيين، فضلاً عن تغيير غرف التحرير في محطات تلفزيونية عدة، ومراجعة الكثير من سياسات الرقابة والإشراف والمعايير الناظمة لعملها، إلى إعادة النظر في تركيبة مجالس إدارات بعض شركات التكنولوجيا.

وبعيداً عن انحياز الملياردير إيلون ماسك، مالك تطبيق «إكس»، المبكر لترمب، واتجاهه للعب دور كبير في إدارته المقبلة، كانت الاستدارة التي طرأت على باقي المنصات الاجتماعية والإعلامية مفاجئة وأكثر إثارة للجدل.

ان تيلنيس (جائزة بوليتزر)

خضوع سياسي أم تغيير أعمق؟

البعض قال إنه «خضوع» سياسي للرئيس العائد، في حين عدّه آخرون تعبيراً عن تغيير أعمق تشهده سياسات واشنطن، لا يُختصر في ترمب، بل يشمل أيضاً كل الطبقة السياسية في الحزبَيْن الجمهوري والديمقراطي، وحتى المزاج الشعبي الذي أظهرته نتائج الانتخابات.

في بيانها الموجز، قالت تيلنيس التي تعمل في «واشنطن بوست» منذ عام 2008، إن قرار الصحيفة رفض رسمها الكاريكاتيري «مغيّر لقواعد اللعبة» و«خطير على الصحافة الحرة». وكتبت: «طوال ذلك الوقت لم يُمنع رسم كاريكاتيري قط بسبب مَن أو ما اخترت أن أوجّه قلمي إليه حتى الآن». وأدرجت تيلنيس مسوّدة من رسمها الكاريكاتيري في منشور على موقع «سبستاك»، يظهر بيزوس، مؤسس «أمازون» ومالك الصحيفة، مع مؤسس شركة «ميتا» مارك زوكربيرغ، وسام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، وباتريك سون شيونغ مالك صحيفة «لوس أنجليس تايمز»، و«ميكي ماوس» التميمة المؤسسية لشركة «والت ديزني»، ينحنون أمام تمثال ترمب.

وطبعاً كان من الطبيعي أن «يختلف» ديفيد شيبلي، محرّر الآراء في الصحيفة، مع تقييم تيلنيس، وبالفعل قال في بيان إنه يحترم كل ما قدمته للصحيفة، «لكن يجب أن يختلف مع تفسيرها للأحداث»، معتبراً قرار منع نشر رسم الكاريكاتير «تفادياً للتكرار»، بعدما نشرت الصحيفة مقالات عن الموضوع.

... وزوكربيرغ يعود إلى أصوله

بيد أن تزامن منع الكاريكاتير مع الخطوة الكبيرة التي اتخذتها شركة «ميتا» يوم الثلاثاء، عندما أعلن مارك زوكربيرغ أن «فيسبوك» و«إنستغرام» و«ثريدز» ستُنهي عملية التدقيق في الحقائق من قِبل أطراف ثالثة، قرأها العالم السياسي بوصفها نوعاً من الاستسلام؛ إذ قال زوكربيرغ في مقطع فيديو نشره على «فيسبوك» إن «(ميتا) ستتخلّص من مدقّقي الحقائق، وستستعيض عنهم بملاحظات مجتمعية مشابهة لمنصة (إكس)»، وهو ما رآه البعض «تضحية بقيم الشركة على (مذبح) دونالد ترمب وسياسة (حرية التعبير)» للحزب الجمهوري الجديد. بالنسبة إلى المحافظين اليمينيين، الذين يعتقدون أن المشرفين ومدققي الحقائق ليبراليون بشكل شبه موحّد، واثقون بأن النهج الأكثر تساهلاً في تعديل المحتوى سيعكس الواقع بشكل أكثر دقة، من خلال السماح بمجموعة أوسع من وجهات النظر. وعدّ هؤلاء، ومنهم بريندان كار الذي اختاره ترمب لإدارة لجنة الاتصالات الفيدرالية، قرار «ميتا» انتصاراً.

في المقابل، أعرب الليبراليون عن «فزعهم»، وعدّوه «هدية لترمب والمتطرّفين في جميع أنحاء العالم». وقال معلقون ليبراليون إن من شأن خفض معايير التأكد من الحقائق من قِبل أكبر منصة في العالم يُنذر بمجال رقمي أكثر غرقاً بالمعلومات الكاذبة أو المضللة عمداً مما هو عليه اليوم.

ابتعاد عن الليبرالية

هذا، ومع أنه من غير المتوقع أن يؤدي قرار زوكربيرغ بالضرورة إلى تحويل الإنترنت إلى «مستنقع للأكاذيب أو الحقائق»؛ لأن الخوارزميات هي التي تتحكم بما يُنشر في نهاية المطاف. فإن قراره يعكس، في الواقع، ابتعاد شركات التكنولوجيا عن الرؤية الليبرالية لمحاربة «المعلومات المضلّلة». وهذه مسيرة بدأت منذ سنوات، حين تراجعت «ميتا» عام 2019 عن التحقق من صحة الإعلانات من السياسيين، وعام 2023 عن تعديل الادعاءات الكاذبة حول انتخابات 2020.

وحقاً، كان إعلان يوم الثلاثاء هو الأحدث في سلسلة من تراجعات الشركة، واتجاهها نحو اليمين منذ إعادة انتخاب ترمب. ففي الأسبوع الماضي، عيّنت الشركة الجمهوري جويل كابلان رئيساً عالمياً للسياسة، وعيّنت، يوم الاثنين، دانا وايت، حليفة ترمب التي لعبت دوراً رئيساً خلال المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، في مجلس إدارة الشركة. وفي السياق نفسه تضمّن إعلان يوم الثلاثاء نقل فريق الثقة والسلامة في الشركة من ولاية كاليفورنيا «الليبرالية»، إلى ولاية تكساس «الجمهورية»؛ مما يعكس دعوات من قادة التكنولوجيا اليمينيين مثل إيلون ماسك إلى تركيز الصناعة في بيئات «أقل ليبرالية» من «وادي السيليكون».

ترمب ممثلاً للأكثرية

في مطلق الأحوال، مع أن كثيرين من النقاد والخبراء يرون أن هذا التغيير يعكس بالفعل حقيقة ابتعاد شركة «ميتا» وغيرها من شركات ومواقع التواصل الاجتماعي عن الرؤية الليبرالية للحوكمة الرقمية، لكنهم يشيرون إلى أنه ابتعاد مدفوع أيضاً بالقيم الأساسية للصناعة التي جرى تبنيها إلى حد كبير، تحت الإكراه، استجابة للحظات سياسية مشحونة.

ومع تحوّل ترمب تدريجياً من كونه متطفلاً دخيلاً على الحياة السياسية الأميركية، إلى الممثل الأبرز للأكثرية التي باتت تخترق كل الأعراق -وليس فقط البيض- فقد بدا أن هذا النهج الذي يشبه نظام المناعة بات أقل ملاءمة، وربما، بالنسبة إلى شركات مثل «ميتا»، أكثر ضرراً سياسياً وأقل ربحية.