لم ترخ اجتماعات لوزان التي تسعى لإعادة تفعيل مسار الحل السياسي للأزمة السورية ظلالها على الجبهات المشتعلة في مدينة حلب، عاصمة الشمال السوري، إذ أفاد ناشطون باحتدام عمليات القصف الجوي بالتزامن مع استمرار الاشتباكات على أكثر من محور.
«المرصد السوري لحقوق الإنسان» تحدث أمس عن «غارات استهدفت أحياء مساكن هنانو والميسّر وضهرة عواد، وإنذارات مناطق أخرى تحت سيطرة الفصائل في مدينة حلب»، تزامنت مع «استمرار الاشتباكات على محاور عدة وتحديدا في حي الشيخ سعيد جنوبا وحي بعيدين شمالا، ومنطقة حلب القديمة».
في حين أفاد مصدر عسكري معارض في حلب لـ«الشرق الأوسط»، بأن قوات النظام وحلفاءه ماضون بالمرحلة الرابعة من خطتهم، التي بدأت بقطع طريق الإمداد عن الأحياء الشرقية، وانتقلت إلى التطويق ومن ثم القصف الشديد، وصولا للمرحلة الحالية التي تقضي بالاقتحام. ولفت المصدر إلى أن الهجوم يتركز على محورين، هما: محور الشيخ سعيد باتجاه العامرية ومحور الكاستيلو - بستان الباشا. وأضاف المصدر «الهدف الأساسي للهجومين تقسيم المنطقة الشرقية إلى شمالية وجنوبية وصولا إلى عزل كل حي عن الآخر في هذه المناطق».
وإذ تحدث المصدر العسكري المعارض عن قدرة ثوار المعارضة على «الصمود لشهرين بالمقومات الحالية»، توقع أن تكون هناك «أعمال عسكرية من خارج حلب للتخفيف من الضغوط على الثوار في الداخل»، لافتا إلى أن المعركة في المدينة بينهم وبين قوات النظام وحلفائه باتت «معركة كسر عظم». وأردف: «ليس هدفنا استرجاع طريق الإمداد فقط بل ضمان عدم استرجاعه كما حصل أخيرًا».
في هذا الوقت، حذرت منظمة «أطباء بلا حدود» من الغارات الجوية المستمرة على القطاع المحاصر الذي تسيطر عليه المعارضة بمدينة حلب، وقالت إنها حولت المدينة إلى «منطقة موت» بالنسبة للأطفال. وذكر رئيس بعثة المنظمة لسوريا كارلوس فرنسيسكو، أنه «يجري قصف جميع أشكال المساحات المدنية، حيث تتعرض المدارس للدمار. والواقع أن الأطفال يموتون كل يوم فيما يبدو أنها منطقة موت». ولقي 114 طفلا على الأقل حتفهم بالإضافة إلى إصابة 321 في هجمات على شرق حلب التي تسيطر عليها المعارضة في الأسابيع الثلاثة الماضية، وفق ما أفادت به «أطباء بلا حدود». وأضافت المنظمة التي تدعم ثمانية مستشفيات بمنطقة المعارضة في المدينة أن السلطات الطبية في شرقي المدينة تقلق أيضا بسبب ارتفاع عدد الأطفال الذين يعانون من الأمراض التي تنقلها المياه، فضلا عن عدم وجود التطعيمات الأساسية. وتابعت أن «استهداف محطة ضخ المياه عن طريق الضربات والقصف أدى إلى ندرة المياه النظيفة». وقالت إن المستشفيات شرق حلب أفادت بأن الأطفال يعانون من الإسهال والجفاف والالتهاب الكبدي الوبائي «أ».
من ناحية ثانية، يبدو أن أزمة المياه التي ترزح تحتها حلب منذ أشهر، سلكت طريق الحل، إذ نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مصدر مسؤول في إدارة الخدمات العامة التابعة للمعارضة، أن «اللجنة توصلت إلى اتفاق مع القوات الحكومية السورية لتحييد مضخات المياه في المدينة عن الأعمال العسكرية وإعادة تأهيلها وصيانتها». وأضاف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن اللجنة توصلت مع قوات النظام إلى اتفاق لصيانة محطة النيرب والعمل على صيانة محطة سليمان الحلبي المحطة الرئيسية في المدينة. وأوضح أنّ العمل جارٍ لإصلاح باقي المضخّات، لتحسين وزيادة معدل الضخ إلى أحياء المدينة. وكشف المصدر أن محطة سليمان الحلبي تعرضت نهاية الشهر الماضي خلال العمليات العسكرية على أحياء حلب الشرقية إلى أضرار قاربت 70 في المائة، لا سيما استخدام القنابل الخارقة للتحصينات، التي تسبب دمارًا هائلاً في البنى التحتية.
وتقع محطة سليمان الحلبي وهي المحطة الرئيسية التي تغذي كل مدينة حلب في حي سليمان الحلبي، الذي يعتبر خط تماس عسكريا بين فصائل المعارضة السورية، وقوات النظام والمسلحين الموالين لهًا. وكانت مختلف أحياء مدينة حلب، الخاضعة لسيطرة كل من النظام والمعارضة، قد عانت من أزمة مياه خانقة خلال الأشهر الماضية بسبب استهداف خطوط المياه من قبل طيران النظام ومدفعيته وقطع مسلحي المعارضة المياه عن أحياء حلب الغربية التي مصدرها محطة سليمان الحلبي. وقال «ح.خ»، وهو أحد سكان المنطقة الشرقية في حلب لـ«الشرق الأوسط»، إن المياه لا تصل أبدا إلى منازلهم، وإنّهم يعتمدون على خزانات مشتركة موضوعة في الشوارع يتم ملؤها من خلال الصهاريج.
مقاتلو قوات المعارضة في حلب يؤكدون قدرتهم على الصمود شهرين
منظمة دولية تقول إنه يجري قصف كل المساحات المدنية
مقاتلو قوات المعارضة في حلب يؤكدون قدرتهم على الصمود شهرين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة