مع قرب الانتخابات الرئاسية في نيكاراغوا.. التوتر يزداد بين واشنطن وماناغوا

المعارضة حذرت من مخاطر إعادة انتخاب أورتيغا رئيسًا للبلاد خوفا من تكرار سيناريو الحرب الأهلية

الرئيس دانيال أورتيغا يتوسط زوجته روساريو موريو ورئيس أركان الجيش
الرئيس دانيال أورتيغا يتوسط زوجته روساريو موريو ورئيس أركان الجيش
TT

مع قرب الانتخابات الرئاسية في نيكاراغوا.. التوتر يزداد بين واشنطن وماناغوا

الرئيس دانيال أورتيغا يتوسط زوجته روساريو موريو ورئيس أركان الجيش
الرئيس دانيال أورتيغا يتوسط زوجته روساريو موريو ورئيس أركان الجيش

أتم دانيال أورتيغا، رئيس نيكاراغوا، عشر سنوات متتالية في السلطة وذلك بعد إعادة انتخابه مرتين متتاليتين، ومن المحتمل في نوفمبر (تشرين الثاني) من هذا العام أن يتوج رئيسا للبلاد للمرة الثالثة على التوالي مما يبلغه نحو 15 عاما على رأس السلطة. وستكون هذه هي الحكومة الرابعة في واقع الأمر له، وذلك بعد أن تولى منصب الرئاسة للمرة الأولى لحكمه بين عامي 1985 و1990، وإذا ما استوفيت خطط الرئيس، فسوف تترسخ فرص الديكتاتورية في البلاد حسب الكثير من المراقبين للوضع السياسي.
نيكاراغوا الدولة الواقعة في أميركا الوسطى، على الحدود المشتركة مع هندوراس وكوستاريكا تعد من أصغر البلدان في أميركا اللاتينية، وثاني أفقر البلدان في نصف الكرة الغربي بعد هايتي. حاول جزء من سكان البلاد، تكوين حركة المعارضة التي حاولت الترشح في مواجهة أورتيغا ولكن النظام القضائي، الخاضع بشكل كلي لرئيس البلاد، منع قبل شهور قليلة أي شخص غير أورتيغا من إمكانية الترشح حتى لا تسنح له فرصة الفوز.
ولدى حركات المعارضة هناك مطلب بسيط، ألا وهو عقد الانتخابات الحرة تحت مراقبة دولية. ولكن يكاد يكون من المستحيل أن يسمح الرئيس أورتيغا، وجبهة الساندينية للتحرر الوطني الموالية له، بحدوث ذلك. وما من شك في البلاد أنه سوف يتم انتخاب أورتيغا لفترة رئاسية ثالثة.
يحذر أستاذ العلوم السياسية فليكس مادارياغا الناخبين في نيكاراغوا، أنه يكاد يكون من المستحيل على أي شخص أن يوقع الهزيمة الانتخابية بالرئيس أورتيغا وهو على رأس السلطة في البلاد، والذي لا يجد غضاضة في استخدام كافة أدوات السلطة المتاحة لديه لمتابعة إعادة انتخابه وإرضاء غروره الشخصي. ويفسر مادارياغا ذلك الأمر بقوله: «في ظل الظروف الراهنة في نظام نيكاراغوا الانتخابي، ليست هناك من فرص حقيقية تمكّن مرشح آخر أو حزب معارض من منازعة السلطة مع دانيال أورتيغا عن طريق التصويت. وفي تقديري، فإن انتخابات نوفمبر (تشرين ثان) العامة تفتقر إلى المشروعية وسوف يظهر ذلك جليا في مستويات الامتناع عن التصويت في البلاد».
وتواجه آنا مارغريتا فيجيل، زعيمة حزب المعارضة المعروف باسم حركة تجديد الساندينية المعارضة، هذا الواقع، والتي حذرت في مقابلة شخصية أجرتها معها صحيفة «الشرق الأوسط» من مخاطر إعادة انتخاب أورتيغا رئيسا للبلاد، حيث قالت: «لن تكون هناك انتخابات حقيقية في نيكاراغوا في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. لن يكون هناك إلا المهازل، وفن التمثيل الإيمائي، وفيها تنخرط بعض أجهزة الدولة وبعض الأحزاب الوهمية برفقة أورتيغا في بروفة تمثيلية متقنة. وهي ليست بالانتخابات الحقيقية نظرا لاستبعاد كافة أطياف المعارضة في البلاد، والمراقبة الانتخابية الدولية ممنوعة، ولا يُسمح إلا للمقربين وأصدقاء أورتيغا الأوفياء فقط بالوصول إلى مراكز الاقتراع. وفي هكذا مهزلة، والتي تهدف إلى إضفاء الشرعية الوهمية على فترة رئاسية جديدة لمدة خمس سنوات من حكم أورتيغا، فمن الواضح أنه سوف ينال منصب الرئيس وسوف تُمنح الأحزاب الموالية له حصصها المحددة من الأصوات».
وتعتبر أن الطموحات الرئاسية لأورتيغا توحي بعدم الاحترام للشعب لدرجة أن زوجته، روزاريو موريللو، باتت قاب قوسين أو أدنى من لقب نائبة الرئيس. وتعكس كافة هذه الحقائق التآكل الشديد في الديمقراطية داخل نيكاراغوا منذ أن تولى أورتيغا منصبه في عام 2007.
وأوضحت آنا مارغريتا فيجيل أن فكرة أن يسمي أورتيغا زوجته في منصب نائبة رئيس البلاد تتعلق بهدفهم لإقامة نظام الحزب الواحد، وإرساء دعائم السلالة الحاكمة لعائلة أورتيغا التي تحتل الأدوات الرئيسية للسلطة في نيكاراغوا.
* الروابط مع فنزويلا تجمع أواصر الصداقة العميقة ما بين رئيس نيكاراغوا دانيال أورتيغا ورئيس فنزويلا نيكولاس مادورو تلك التي بدأت مع الرئيس الراحل هوغو شافيز. ولقد أمطر شافيز الهدايا على الدولة الصغيرة الواقعة في أميركا الوسطى بسبب أن القادة هناك يتشاركون سويا الآيديولوجية الاشتراكية ذاتها. وفي هذه الحالات دمر الرجال في السلطة اقتصادات بلدانهم وحياة المواطنين، ونشروا الخوف والقلق بين جموع السكان.
ولذلك، ليس من المستغرب أن المشروع الرئاسي لدانيال أورتيغا أن يتلقى الدعم المستمر من قبل الموارد النفطية القيمة من فنزويلا. يقول مادارياغا إنه على العكس من الأزمة الإنسانية التي تشهدها فنزويلا، فإن نيكاراغوا لديها من الموارد ما لم تشهده البلاد في أي مرحلة سابقة من تاريخها، ويضيف قائلا: «استفادت نيكاراغوا كثيرا من الدعم المالي الهائل القادم من فنزويلا، وهي الأموال التي يديرها الرئيس أورتيغا خارج الميزانية الوطنية للبلاد ومن دون أي سيطرة أو رقابة برلمانية. بين عام 2007 وأواخر عام 2015 تلقى دانيال أورتيغا ما يزيد على 4.6 مليار دولار من فنزويلا. ومن بين هذه الأموال، هناك 3.388.2 مليون دولار تتعلق بقروض لإمدادات النفط من مؤسسة النفط الحكومية في فنزويلا. وكانت تستخدم هذه الأموال في تمويل المشروعات الخاصة لعائلة أورتيغا، مثل شراء قنوات التلفزيون، والراديو، والفنادق، والممتلكات العقارية».
وبعيدا عن الرغبة في تحسين الظروف المعيشية للمواطنين في البلاد، اتجه الرئيس أورتيغا إلى الاستفادة الشخصية من الموارد الهائلة التي يرسلها رئيس فنزويلا، على حساب كل من الشعبين في نيكاراغوا وفنزويلا.
أما زعيمة حركة المعارضة آنا مارغريتا فيجيل، فتقول إن الأزمة التي حلت في فنزويلا باتت ملموسة بالفعل في نيكاراغوا. وقالت: «إن الأزمة الاقتصادية الكبيرة في فنزويلا تؤثر في الوقت الراهن على نيكاراغوا وسوف يزداد أثرها في المستقبل، بالنظر إلى الاعتماد الكلي على النفط. وهذا من العوامل الأخرى التي تضيف إلى أزمة أورتيغا».
* العقوبات حذر الرئيس دانيال أورتيغا أن هدفه هو البقاء في السلطة لأجل غير مسمى، على غرار النظام الحاكم في فنزويلا. ويقول الخبراء أن العواقب سوف تكون وخيمة للغاية وقد تؤدي إلى صراع مسلح مثل الذي شهدته البلاد بين عامي 1980 و1990، ولقد تعامل المجتمع الدولي مع الوضع في نيكاراغوا على استحياء واضح، ولكن مجلس النواب في الولايات المتحدة كان قد صادق على حزمة من العقوبات لإجبار دانيال أورتيغا على تعزيز الانتخابات الحرة والنزيهة. وتتعلق العقوبات بالمؤسسات المالية الدولية والحد من الإقراض لهذه الدولة حتى يتم إجراء عملية الانتخابات النزيهة، والتي من شأنها أن يكون لها تأثير مباشر بين السكان. ولا يزال هذا الاقتراح في انتظار الموافقة عليه من قبل مجلس الشيوخ الأميركي. وأوضح مادارياغا أن بطريقة ما فإننا دولة ذات وزن جيو - سياسي بسيط، ولقد سمح هذا الأمر لأورتيغا بإنشاء مشروعه الديكتاتوري السياسي والشخصي من دون إثارة أي مخاوف لدى المجتمع الدولي.
وقبل سنوات، سجل التاريخ اسم دانيال أورتيغا لوصوله إلى السلطة بعد هزيمة عائلة سوموزا الديكتاتورية. واليوم، يعتبر دانيال أورتيغا جزءا من قائمة الحكام المستبدين في أميركا اللاتينية والمرتبطة ارتباطا وثيقا بالفساد والاستبداد والسلطوية المطلقة حسبما تقول المعارضة.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».