هولندا، هي جمال الطبيعة الذي تشاهده عبر الزهور، هي بلد القانون؛ حيث 5 محاكم دولية في أراضيها، هي بلد السعادة لارتفاع دخل المواطن فيها، هي الطواحين التي تدفع الرياح لضبط توازن مستوى المياه على سطح الأراضي الهولندية لكثرتها، هولندا هي مزيج من الجمال والصرامة والفرح والقوة.. الهولندي بيرت فان مارفيك الذي يشغل منصب المدير الفني للمنتخب السعودي الأول لكرة القدم، هو ذلك المزيج الرباعي.
مارفيك الذي نجح في رسم طريق مختلف لمنتخب كرة القدم السعودي، قدم فريقا متناغما متجانسا لم يكن أكثر المتفائلين يتوقعه، أخضر جميلا ولاعبين يحاولون تجنب الأخطاء الفردية في الملعب، وجمهورا سعيدا في المدرجات، وواقعا يشير إلى قوة سعودية في الملاعب باتت أشبه بالطواحين الهولندية التي تكسر مجاديف خصومها بتميز أداء اللاعبين بصورة جماعية والقوة الفردية الخارقة التي ظهر عليها نواف العابد وتيسير الجاسم وفهد المولد وعمر هوساوي بشكل خاص.
الهولندي الذي قاد منتخب بلاده إلى وصافة كأس العالم 2010 بعد الخسارة أمام منتخب إسبانيا في البطولة التي أقيمت على ملاعب جنوب أفريقيا حيث صخب «الفوزفيلا»؛ أداة التشجيع الأشهر هناك، نجح في إخماد صخب الجماهير والإعلام حول أدائه بعد 4 جولات للتصفيات الآسيوية في مرحلتها الأخيرة نحو التأهل للمونديال العالمي.
علاقة مارفيك بالسعوديين دخلت مرحلة توتر بعد الفوز المتواضع دون المستوى الذي حضر أمام تايلاند في العاصمة السعودية الرياض، ومن ثم العراق في العاصمة الماليزية كوالالمبور في الجولتين الأولى والثانية، وكانت شعلة الغضب هي عدم حضور مارفيك للملاعب السعودية ومشاهدة مباريات الدوري السعودي للمحترفين بسبب وجوده محللا فنيا في إحدى القنوات الهولندية.
لكن الهولندي الذي يضم في طاقمه الفني اللاعب الشهير فان بوميل، نجح في تأكيد أن العمل المميز سيفرض نفسه دون عناء الصدامات الإعلامية حول عدم حضوره للمباريات ووجوده في السعودية لفترة أطول.
مارفيك الذي قاد السعوديين لصدارة المجموعة الثانية في التصفيات الآسيوية وبفارق نقطتين عن تحقيق العلامة الكاملة، حيث انتصر على تايلاند، ثم العراق، وأخيرا الإمارات، وقبلها لتعادل إيجابي أمام أستراليا بهدفين لمثلهما كان بمثابة الخسارة بسبب المستوى المميز الذي قدمه لاعبو الأخضر، بدأ في الدخول لقلوب الجماهير السعودية وزاد من تفاؤلهم ببلوغ المونديال العالمي بعد سنوات من الإحباط واليأس الذي دب في قلوبهم.
ولد بيرت فان مارفيك، في 9 مايو (أيار) 1952 بمدينة ديفينتر القابعة في شرق هولندا، وهي من أقدم 5 مدن في تلك البلاد، وبدأت علاقته مبكرا بكرة القدم وملاعبها، حيث مارس اللعبة، ثم اتجه لمهنة التدريب بعد توقف مشواره لاعبا، وتنقل بين عدة أندية لتدريبها، وكانت محطته الأكثر بروزا في بروسيا دورتموند، ثم فينورد الهولندي الذي قاده لتحقيق لقب الدوري الأوروبي عام 2002.
في عام 2008 تسلم مارفيك زمام الدفة الفنية لمنتخب بلاده هولندا، واستمر في قيادته حتى عام 2012 بعد مرحلة مميزة حل فيها وصيفا لمنتخب إسبانيا في نهائيات كأس العالم 2010، وبعد نهاية مشواره مع منتخب بلاده كانت آخر محطاته التدريبية قبل التعاقد مع المنتخب السعودي الأول، مع فريق هامبورغ الألماني.
ويحمل الهولندي مارفيك الرقم 48 في قائمة مدربي الأخضر، حيث استهل مشواره في تدريبه خلال شهر سبتمبر (أيلول) 2015؛ حيث قاده في 12 مباراة نجح في تحقيق الفوز في 9 منها، مقابل 3 تعادلات، دون التعرض لأي خسارة حتى الآن، وذلك خلال مباريات التصفيات الآسيوية الأولية والنهائية التي تقام حاليا.
وسجل المنتخب السعودي 37 هدفا تحت إشراف الهولندي مارفيك، في حين استقبلت شباكه 5 أهداف فقط، ويتميز مارفيك بالبحث عن الاستقرار على العناصر ذاتها المشاركة دون اللجوء لكثرة التغييرات، رغم الانتقادات التي طالته، خصوصا المهاجم نايف هزازي الذي يقدم مستويات متواضعة ولم ينجح في تسجيل أي هدف خلال التصفيات الحالية، إلا أنه منحه فرصة المشاركة لثلاث مباريات لاعبا أساسيا قبل أن يزج بناصر الشمراني بديلا له في مواجهة الإمارات.
وتنتظر الأخضر السعودي مواجهة مهمة الشهر المقبل أمام منتخب اليابان في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، حيث تعد المواجهة الأخيرة في الدور الأول، على أن تتوقف المنافسة حتى مارس (آذار) المقبل، ثم يعود المنتخب السعودي لمواجهة منتخبي تايلاند والعراق، ثم يطير لملاقاة أستراليا في 8 يونيو (حزيران) المقبل، وبعدها نظيره الإماراتي في أغسطس (آب) المقبل، ثم يختتم مبارياته في سبتمبر المقبل أمام اليابان.
«قدمنا ملحمة كروية أمام الإمارات».. تلك هي كلمات أحمد عيد رئيس اتحاد الكرة السعودي الذي تشارف فترته على الانتهاء في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، ويؤكد أن العمل كبير جدا على مستوى المنتخب السعودي الذي يريد العودة إلى المسرح العالمي من خلال نهائيات كأس العالم 2018 في روسيا بعد غياب عن التأهل لآخر مونديالين متتاليين في جنوب أفريقيا 2010 والبرازيل 2014.
ويشدد أحمد عيد على أن العمل الفني المنظم الذي يقوده مارفيك، وبراعة اللاعبين وقدرتهم على تطبيق ما يريده المدرب، ساهم في وصولهم للصدارة حتى بعد انتهاء الجولة الرابعة من مجموعة «الموت» الآسيوية.
ويدرك الهولندي مارفيك وطاقمه المساعد أن الإنجاز الحقيقي لم يحضر بعد رغم تصدر المجموعة الثانية، حيث تظل بطاقة العبور نحو مونديال روسيا هي الإنجاز الأهم الذي يبحث عنه مارفيك والسعوديون بصورة عامة.
ويتوقع أن يوقع اتحاد كرة القدم السعودي عقدا جديدا مع الهولندي مارفيك من أجل الاستمرار في قيادة الأخضر في التصفيات الآسيوية المؤهلة، حيث يمتد عقده الحالي حتى أبريل (نيسان) من العام المقبل.
«نجم هولندا».. هل كسب معركته مع «الإعلام السعودي»؟
قاد الأخضر السعودي لصدارة «مجموعة الموت».. ويحلم بالتأهل لكأس العالم
«نجم هولندا».. هل كسب معركته مع «الإعلام السعودي»؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة