الاستثمارات العقارية العالمية تتخطى 1.35 تريليون دولار.. رغم الأزمات

جاذبية أوروبا تتراجع لصالح أميركا وآسيا.. والصين قادمة بقوة

نيويورك الأميركية تصدرت لوائح المدن العالمية الأعلى نموا والأكثر جاذبية للاستثمار العقاري (رويترز)
نيويورك الأميركية تصدرت لوائح المدن العالمية الأعلى نموا والأكثر جاذبية للاستثمار العقاري (رويترز)
TT

الاستثمارات العقارية العالمية تتخطى 1.35 تريليون دولار.. رغم الأزمات

نيويورك الأميركية تصدرت لوائح المدن العالمية الأعلى نموا والأكثر جاذبية للاستثمار العقاري (رويترز)
نيويورك الأميركية تصدرت لوائح المدن العالمية الأعلى نموا والأكثر جاذبية للاستثمار العقاري (رويترز)

أوضح تقرير عقاري متخصص، أن مجموع الاستثمارات العقارية العالمية بلغ نحو 1.35 تريليون دولار خلال عام، وذلك رغم الأزمات الاقتصادية العالمية وعدم اليقين الذي يحيط بجوانب كثيرة من المالية الدولية خلال الفترة الماضية، والتي تصدرتها قضايا الركود وتوقعات انخفاض النمو العالمي وما أحدثه قرار الانفصال البريطاني عن الاتحاد الأوروبي من اضطراب في أغلب أسواق العالم.
والتقرير السنوي لمؤسسة «كوشمان آند ويكفيلد» العقارية العالمية، ومقرها الرئيس في ولاية شيكاغو الأميركية، الذي يحمل اسم «المدن الفائزة في النمو» «Winning in Growth Cities»، يهتم بقياس النمو العقاري التجاري في أغلب المدن الرئيسية البارزة حول العالم، ومدى جاذبيتها الاستثمارية العقارية، وذلك في مدة 12 شهرا تنتهي حتى شهر يونيو (حزيران) من كل عام.
ووفقا للتقرير، الذي صدر قبل أيام قليلة وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، فإن المدن الرئيسية الكبرى رفعت من أسهمها في السوق العقارية خلال العام الماضي، واستحوذت أعلى 25 مدينة على حصة تقدر بنحو 53.3 في المائة من إجمالي الاستثمار العالمي العقاري، ارتفاعا من نسبة 52.7 في المائة خلال الفترة الموازية من العام الأسبق.
واستمرت نيويورك الأميركية في تصدر قائمة المدن الكبرى الأبرز نموا من حيث الاستثمارات العقارية الكلية. وبين المناطق، كانت أميركا الشمالية صاحبة أكبر عدد من المدن الـ25 الكبرى من حيث النمو الاستثماري العقاري في العام الماضي، حيث ضمت القائمة 15 مدينة أميركية إلى جانب تورونتو الكندية، تلتها منطقة آسيا والمحيط الهادي بخمس مدن في القائمة، ثم أوروبا بأربع مدن فقط حققت نموا سنويا من بين أفضل 25 مدينة، بدلا من ست مدن في العام الأسبق.
أما من حيث الجاذبية الاستثمارية في العقار، فانحرفت البوصلة قليلا عن أوروبا التي تربعت على عرش الجاذبية العقارية طويلا، لتتجه قليلا نحو القارتين الأميركية والآسيوية. وحافظت 10 مدن أوروبية عريقة على أماكن بقائمة الأكثر جاذبية، فيما احتلت 9 مدن أميركية أماكن بالقائمة، واستحوذت على الأماكن الستة الباقية مدن آسيوية.
واحتلت مدينة نيويورك الأميركية الصدارة من حيث الجاذبية في التقرير بعد أن حققت نموا واضحا خلال العام بلغ نحو 35 في المائة عن قيمة الجاذبية الاستثمارية في العام الأسبق، لتزيح العاصمة البريطانية لندن التي كانت في الصدارة في العام الأسبق، والتي تراجعت بشكل كبير خلال الأشهر الـ12 التي شملها التقرير. فيما حافظت العاصمة الفرنسية باريس على المركز الثالث رغم التراجع الطفيف عن العام الأسبق، ثم لوس أنجليس الأميركية رابعا بنمو ملحوظ، تليها أمستردام الهولندية، ثم سيدني الأسترالية التي تراجعت مركزا واحدا عن العام الأسبق.
وكان أكبر تراجع في حجم الجابية الاستثمارية العقارية من نصيب لندن التي فقدت نحو 35 في المائة من حجم جاذبيتها العقارية، حيث كانت تتصدر مدن العالم من حيث توجهات الاستثمار العقاري بمعدل يبلغ أكثر من ضعف الاستثمارات في نيويورك. وبلغ الانخفاض من حيث رأس المال معدلا قياسيا، حيث هبط من 39 مليار دولار إلى 25 مليار دولار فقط.
وتلتها في حجم التراجع العاصمة اليابانية طوكيو، التي هبطت إلى المركز الـ15 في القائمة بدلا من المركز الرابع في العام السابق، بتراجع يبلغ نحو 50 في المائة من حجم الجاذبية العقارية. وكذلك تراجعت جاذبية كل من العاصمة الأميركية واشنطن وفرانكفورت الألمانية، وإن كان ذلك نتيجة لمحدودية المعروض غالبا. وفي تحليله العام لارتفاع حجم الاستثمار العقاري الدولي رغم الأزمات، يقول ديفيد هتشينغز، رئيس استراتيجيات قطاع أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا بـ«كوشمان آند ويكفيلد» العقارية، إنه «على الرغم من البيئة الاقتصادية المتقلبة، فإن المزيد من المستثمرين يتجهون إلى الاستثمارات الأكثر استقرارا على مستوى التدفقات النقدية، والتحوط من التضخم، من خلال مزايا الاستثمار العقاري، خصوصا إذا كان هناك استقرار واضح وأسس سوقية متينة في المنطقة التي يجري ضخ الاستثمارات بها». موضحا أن هذا هو سبب جاذبية الولايات المتحدة، وهيمنة مدنها الكبرى على قوائم الجذب والاستثمارات العقارية الأجنبية في العام الماضي بجميع القطاعات، إلا أن أوروبا والشرق الأوسط يظلان مناطق جاذبة ذات «مقاومة عالية» للعوامل السلبية رغم التراجعات.
وتظهر النتائج الخاصة بمنطقة أميركا الشمالية في التقرير صعودا قويا للغاية خلال الاثني عشر شهرا لمدينتي لوس أنجليس وسان فرانسيسكو الأميركيتين، كما تؤكد النتائج احتلال مدن أميركا الشمالية لـ24 مقعدا بين المدن الـ50 الكبرى الأكثر نموا على مستوى العالم بمعدلات استثمارية أكبر من مليار دولار، لا تشمل التطوير العقاري، ما يشير إلى حجم النمو الفائق الذي تشهده القارة. وكانت من أبرز المدن النامية في هذا التقرير مدينة فيلادلفيا الأميركية، فيما حققت كل من دنفر وسان دييغو وفينكس نتائج جيدة، إلى جانب تقدم رائع لتورونتو الكندية.
أما أوروبا والشرق الأوسط، فبقت لندن أبرز مدن أوروبا من حيث الاستثمار العقاري، رغم التراجع الشديد الذي شهدته خلال نهاية العام الماضي حتى الاستفتاء على الانفصال عن الاتحاد الأوروبي في يونيو الماضي، الذي أدى إلى تراجع كبير في جاذبيتها العقارية نتيجة المخاوف وعدم اليقين، خصوصا في ظل ما تعانيه العاصمة البريطانية من «فقاعة عقارية» بسبب المضاربات على أسعار العقارات والمنازل.. إلا أن كل ذلك لم يتمكن سوى من أن يؤخرها بفارق بسيط عن نيويورك التي تحتل صدارة الجاذبية العقارية على مستوى العالم حاليا، ويرى أغلب المختصين أنها ستعود إلى مكانها قريبا بعد انتهاء زوبعة «البريكسيت».
وما زالت كل من باريس الفرنسية وأمستردام الهولندية وبرلين وفرانكفورت وميونيخ الألمانية وكوبنهاغن الدنمركية ودبلن الآيرلندية وميلانو الإيطالية وفيينا النمساوية تحافظ على مكانة جيدة في قوائم أفضل 25 مدينة عقاريا على مستوى العالم. فيما تأتي في مراتب لاحقة على تلك القائمة مدن أوروبية أخرى، مثل روما الإيطالية وهلسنكي الفنلندية. وفي منطقة آسيا والمحيط الهادي، ورغم التقدم العام للمنطقة من حيث الجاذبية الاستثمارية، فإن العاصمة اليابانية طوكيو تركت الصدارة وتراجعت إلى المركز السادس على مستوى المنطقة، وسبقتها كل من سيدني الأسترالية، ثم هونغ كونغ وشنغهاي الصينيتين، ثم سنغافورة، ثم ملبورن الأسترالية.
ورغم أن كل من تشونكينغ وشينزين الصينيتين لم تدخلا قائمة القمة العقارية بعد، فإنهما حققتا نموا لافتا العام الماضي بمعدل مكاسب عقارية استثمارية وصلت نسبة نموها إلى 866 في المائة و243 في المائة على التوالي مقارنة بالعام الأسبق، لتهدد كلتاهما المدن الكبرى في القوائم العقارية، وتسود بين الخبراء توقعات واسعة بأن إحداهما، إن لم يكن كلتاهما، ستقتحمان تلك القوائم العام المقبل إلى حد بعيد.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».