الرئيس التونسي يسعى لتشكيل حزب جديد لضمان التوازن السياسي

استعدادًا للانتخابات البلدية والرئاسية لعام 2019

الرئيس التونسي يسعى لتشكيل حزب جديد لضمان التوازن السياسي
TT

الرئيس التونسي يسعى لتشكيل حزب جديد لضمان التوازن السياسي

الرئيس التونسي يسعى لتشكيل حزب جديد لضمان التوازن السياسي

أكدت مصادر سياسية مطلعة أن الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي شارف على الانتهاء من سلسلة المشاورات التي يقودها بشأن تشكيل جبهة سياسية جديدة قادرة على ضمان التوازن السياسي مع حركة النهضة، في ظل تمادي الخلافات داخل حزب النداء الذي أسسه منتصف سنة 2012.
ومن المنتظر أن تكون هذه الجبهة السياسية على شكل حزب سياسي يحمل مبدئيا اسم «حزب الوحدة الوطنية»، وهو الذي سيعتمد عليه أنصار الباجي ومن منحوه أصواتهم في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي أجريت سنة 2014 لخوض الانتخابات البلدية المزمع أجراؤها خلال السنة المقبلة، إضافة إلى موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة والمقررة دستوريا خلال سنة 2019.
وتشير المصادر ذاتها إلى أن مشروع الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي سيعتمد ثلاث مراحل؛ تتمثل المرحلة الأولى في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية التي يترأسها يوسف الشاهد وهو ما تم بالفعل.
أما المرحلة الثانية فهي تشمل إجراء سلسلة من المشاورات التي جمعت كثيرا من الوجوه السياسية سواء من الرموز السياسية السابقة أو من الرموز النقابية أو القيادات اليسارية. وتكون خلاصة هذه المشاورات التخلي نهائيا عن حزب النداء، وتشكيل «حزب الوحدة الوطنية» المعتمد على جبهة يسارية ونقابية، علاوة على شخصيات من مختلف التيارات السياسية.
وفي هذا الشأن، قال المحلل السياسي التونسي جمال العرفاوي إن الرئيس التونسي الذي فضل الحياد خلال كامل ردهات الانقسام بين قيادات حزب النداء، قد يجد فكرة إرساء حزب سياسي جديد أيسر وأفضل من التمادي في حل الخلافات التي باتت مزمنة بين القيادات السياسية المتناحرة داخل النداء. وأضاف العرفاوي أن هذا الحزب الجديد في حال تأسيسه سيعيد تشكيل المشهد السياسي وصياغة توازنات جديدة، من شأنها تعديل الأوضاع الحزبية في تونس وعدم ترك حركة النهضة تملأ الفراغ الذي تركه حزب النداء، على حد تعبيره.
على صعيد آخر، أكد أنيس بوغطاس محامي عماد الطرابلسي صهر الرئيس التونسي السابق في تصريح إعلامي، تقدمه بمطلب في المصالحة إلى هيئة الحقيقة والكرامة منذ شهر يناير (كانون الثاني) 2015. وأجرت معه هذه الهيئة الدستورية ثلاث جلسات استماع، إحداها بالسجن المدني بالمرناقية (غرب العاصمة التونسية). وقد عبر عن استعداده للاعتذار الصريح للتونسيين وكشف الحقيقة كاملة وقبوله جميع شروط المصالحة، بما في ذلك الظهور في برنامج تلفزيوني.
وتمكن عملية الدخول القانوني في إجراءات المصالحة من إيقاف التتبعات القضائية، خاصة في مجال الفساد المالي. ومن المنتظر أن تنطلق أولى جلسات التحكيم خلال الأسبوع المقبل بمقر هيئة الحقيقة والكرامة للبت في ملفات التحكيم التي تقدمت بها الدولة ضد صهر بن علي.
وكان سليم شيبوب صهر الرئيس التونسي الأسبق، قد أبرم اتفاقية تحكيم ومصالحة مع هيئة الحقيقة والكرامة واقترح تحويل أمواله المجمدة في سويسرا إلى خزينة الدولة التونسية. وقدرت قيمة الأموال التي تم الاتفاق على تحويلها من البنوك السويسرية إلى الخزينة العامة بنحو 11 مليون دينار تونسي (نحو 5 ملايين دولار أميركي).



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.