برلماني عراقي: بغداد من طلبت استقدام قوات تركية لقتال «داعش» منذ عام

الاتفاق أبرم بعيدًا عن البرلمان.. وبعلم الحكومة المركزية وأربيل.. ونواب يجمعون توقيعات للتحقيق

عراقيون يقفون أمام لافتة تحمل صورة للرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال مظاهرة للمطالبة بانسحاب القوات التركية من مخيم بعشيقة  (أ.ف.ب)
عراقيون يقفون أمام لافتة تحمل صورة للرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال مظاهرة للمطالبة بانسحاب القوات التركية من مخيم بعشيقة (أ.ف.ب)
TT

برلماني عراقي: بغداد من طلبت استقدام قوات تركية لقتال «داعش» منذ عام

عراقيون يقفون أمام لافتة تحمل صورة للرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال مظاهرة للمطالبة بانسحاب القوات التركية من مخيم بعشيقة  (أ.ف.ب)
عراقيون يقفون أمام لافتة تحمل صورة للرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال مظاهرة للمطالبة بانسحاب القوات التركية من مخيم بعشيقة (أ.ف.ب)

كشف مصدر برلماني مطلع في بغداد، أن إدخال قوات تركية إلى العراق، قد تم من خلال اتفاق عقد بين وزيري الدفاع في البلدين وحكومة كردستان، منذ نوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي، ولا صحة لما تروجه بغداد بأن تلك القوات الموجودة في بعشيقة قرب الموصل دخلت من دون علم الحكومة العراقية، وبالتالي فإنها تعتبر قوات احتلال.
وقال عضو البرلمان العراقي عن محافظة نينوى عضو لجنة العلاقات الخارجية أحمد الجبوري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك معلومات تركية تشير إلى أن وزير الدفاع المقال خالد العبيدي اتفق مع وزير الدفاع التركي عصمت يلمظ، في يوم 27 نوفمبر 2015، وبعلم الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان، لإدخال قوات تركية إلى العراق». وأضاف الجبوري أن «هذا الاتفاق يبدو أنه كان سريًا ولم يعلم به أحد في حينه، كما أنه لم يعرض على البرلمان، ولكن طبقًا للمعلومات التي وردتنا بأن الجانب التركي سيكشف عن هذه الاتفاقية أمام مجلس الأمن الدولي»، بعد أن أحالت حكومة بغداد الأمر إلى المجلس.
وكانت بغداد قد قدمت شكوى إلى مجلس الأمن مطالبة بخروج القوات التركية. لكن الجانب التركي يرفض ذلك بشدة، وقد أجاز البرلمان مقترحًا بتمديد بقاء تلك القوات في بعشيقة لمدة 13 شهرًا إضافية. وقال وزير الخارجية التركي أمس إن أنقرة تقوم بتدريب مقاتلين هم أساسًا من الموصل ومن مختلف الخلفيات، بينهم عرب وأكراد وإيزيديون وتركمان، وقال: «القوات المحلية التي ندربها ونزودها بالمعدات هي أصلاً من الموصل ووجودهم ضروري في إطار عملية تحرير الموصل.. ونحن مستعدون لدعم الهجوم». وفي الشأن ذاته، استغرب رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، تصريحات بغداد بشأن معسكر بعشيقة في شمال العراق حين اتهمت بغداد بلاده بدعم «داعش»، وإمداد مقاتليه بالسلاح ووصف هذه الاتهامات بـ«الخطيرة والاستفزازية»، وقال لصحافيين في أنقرة: «جنودنا ينفذون عملاً مفيدًا للغاية في العراق».
قال أرشد هورموزلو، كبير مستشاري الرئيس التركي السابق عبد الله غل، إن هناك دفعًا لحكومة بغداد من جانب بعض الأطراف لافتعال مشكلة مع تركيا، بسبب وجود قوات محدودة لها في معسكر بعشيقة لتدريب بعض القوات للتصدي لـ«داعش»، مشيرًا إلى أن هناك دولاً إقليمية لها وجود كبير في العراق وتركيا لا تعارض ذلك، طالما قبلت به الحكومة المركزية، لكن حكومة بغداد يجب أن تعلم في المقابل أن تركيا لها أشقاء في العراق هم التركمان والعرب والأكراد، وجميع الإثنيات الأخرى، وبالتالي يجب أن تسمح لها بمساعدتهم».
وبشأن تسريبات الجبوري، فيبدو أن المعلومات المشار إليها تحدث عنها مسؤولون أكراد في حكومة إقليم كردستان، فقد أشار إلى أن «الواجب الرقابي للبرلمان يحتم علينا إجراء تحقيق من قبل اللجان المختصة في مجلس النواب، كالأمن والدفاع والعلاقات الخارجية عن كيفية استقدام قوات أجنبية، وذلك من أجل اطلاع الشعب العراقي على كل الحقائق وسوف نشرع بجمع التوقيعات اللازمة لذلك». وكان كل من رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ورئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم تبادلا خلال الفترة الأخيرة التصريحات التي وصفت من قبل كليهما بالاستفزازية والتصعيدية. وقال العبادي إن «السيادة العراقية خط أحمر وعلى تركيا احترام سيادتنا»، لافتًا إلى «أننا لا نريد الدخول في صراع مع تركيا ولا يظن الأتراك أن وجودهم في العراق نزهة لهم». وأشار العبادي خلال مؤتمر الهيئة التنسيقية العليا للمحافظات «لا يوجد مبرر لوجود الأتراك في العراق وهو أمر خطير، والحكومة لم تطلب أي وجود للقوات التركية»، مؤكدًا أن «العراق لا توجد فيه أي قوة أجنبية». لكن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم قال في تصريح له إن القوات التركية باقية في العراق «ولتقول الحكومة العراقية ما تقول» بشأنها. ووصف تصريحات رئيس الوزراء حيدر العبادي، التي قال فيها «إن على الأتراك ألا يظنوا أن وجودهم بالعراق نزهة لهم» بـ«الخطيرة والمستفزة للغاية». وذكر يلدريم في تصريح للصحافيين في أنقرة: «من قال إننا في نزهة، هل العسكر يقومون بنزهة؟ العسكر يقومون بمهمة، فجنودنا يواجهون (داعش)». وأضاف أن «مثل هذه التصريحات خطيرة ومستفزة للغاية، فجنودنا لم يذهبوا اليوم، بل هم هناك منذ مدة طويلة». من جانبه حذر وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، اليوم من مشاركة مقاتلين شيعة في عملية لطرد «داعش» من مدينة الموصل. في إشارته إلى «الحشد الشعبي».
وذكر تشاووش أوغلو خلال مؤتمر صحافي: «هذه المشاركة لن تحقق السلام لكن مشاركة القوات التي دربتها تركيا مهمة لنجاح العملية».
إلى ذلك هاجم زعيم التحالف الوطني الشيعي، عمار الحكيم، الوجود التركي داخل الأراضي العراقية، وما رافقها من تصريحات وصفت بالمقلقلة من قبل الجانب التركي. وقال الحكيم في بيان له أمس السبت وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إن «من ينظر إلى محافظة نينوى أنها سنية سيجد المعارضة من السنة قبل الشيعة»، مبينًا أن «العراق وحده من يحدد من يشترك في معركة الموصل ومن لا يشترك». وأضاف الحكيم، أن «التصعيد من الجانب التركي وتصريحات المسؤولين الأتراك لا يمكن أن يصبر عليها العراقيون فلصبرهم حدود»، مشيرًا إلى، أنه «من يعتقد أن العراق ضعيف فهو مشتبه ومخطئ، فالعراق قوي بمكوناته وبرجاله، وسيدافعون عن سيادته وأمنه». وطالب الحكيم، تركيا بـ«إعادة النظر في مواقفها وسحب قواتها فورا»، معربًا عن، أمله بـ«بناء أفضل علاقات حسن جوار مع الجارة تركيا، ولا نجدها في هذا الموقف الذي أثار مشاعر العراقيين». من جانبها قالت عضو البرلمان العراقي عن كتلة بدر البرلمانية سهام الموسوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك تضارب معلومات بهذا الشأن، وبالتالي فقد أصبح لزامًا على البرلمان أن يحقق بالأمر لكي تتضح الحقيقة إلى الشعب العراقي لجهة إن كان دخول القوات التركية قد جاء بناء على اتفاق رسمي موقع من قبل أطراف عراقية وبعلم الحكومة وشخصيًا رئيس الوزراء حيدر العبادي من عدمه، أو أن هذه القوات دخلت عنوة».
وأضافت الموسوي أنه «في حال صح ذلك فهذا يعني أن البرلمان مغفل والشعب مخدوع، وهذا لا يمكن السكوت عليه». وعلى الصعيد نفسه أكد عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي محمد الكربولي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «ما قيل بشأن وجود اتفاق مسبق ومسكوت عنه بين الحكومة العراقية ونظيرتها التركية بشأن القوات التركية هو الآن في طور التحقق وجمع المعلومات»، مبينًا أن «مسؤولين في حكومة إقليم كردستان تحدثوا بهذا الشأن، وفي حال ثبت ذلك فإن البرلمان سيحقق بالأمر، ويتخذ الإجراءات اللازمة التي من شأنها أن تحفظ سيادة البلاد».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.