الحكومة السورية المؤقتة تعلن وقف التعاون مع دي ميستورا وتطالب الأمم المتحدة بإقالته

«فتح الشام» ترفض دعوة المبعوث الدولي لخروجهم من أحياء المدينة

متظاهرون يرفعون شعارات منددة بجرائم النظام السوري والقوات الروسية في حلب أمام مسجد الفاتح في اسطنبول أمس بعد صلاة الجمعة (إ.ب.أ)
متظاهرون يرفعون شعارات منددة بجرائم النظام السوري والقوات الروسية في حلب أمام مسجد الفاتح في اسطنبول أمس بعد صلاة الجمعة (إ.ب.أ)
TT

الحكومة السورية المؤقتة تعلن وقف التعاون مع دي ميستورا وتطالب الأمم المتحدة بإقالته

متظاهرون يرفعون شعارات منددة بجرائم النظام السوري والقوات الروسية في حلب أمام مسجد الفاتح في اسطنبول أمس بعد صلاة الجمعة (إ.ب.أ)
متظاهرون يرفعون شعارات منددة بجرائم النظام السوري والقوات الروسية في حلب أمام مسجد الفاتح في اسطنبول أمس بعد صلاة الجمعة (إ.ب.أ)

طالبت الحكومة السورية المؤقتة الأمم المتحدة بإقالة المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، معلنة وقف جميع أشكال التواصل والتعاون معه وفريقه، وذلك غداة دعوته مقاتلي «جبهة فتح الشام» (جبهة النصرة سابقًا) للانسحاب من شرق مدينة حلب، والإعراب عن استعداده لمواكبتهم بنفسه إلى خارج المدينة؛ وهو ما دفع موسكو إلى الترحيب بالاقتراح.
وعبّرت الحكومة السورية المؤقتة، في بيان نشرته على حساباتها في مواقع التواصل الاجتماعي، عن صدمتها الشديدة من تصريحات المبعوث الأممي عن الأوضاع في مدينة حلب: «واقتراحه المخالفة للمبادئ الإنسانية والمعايير المهنية للمنظمة التي يمثلها». وأشارت إلى أن المبعوث الدولي، وبدلاً من أن «يدين العدوان بكافة أنواع الأسلحة المحرمة دوليًا على المدنيين والمطالبة بإيقافه فورًا باعتباره إرهابًا منظما، فقد انحاز لرواية النظام وروسيا، وقدم لهم المبررات للاستمرار في عدوانهم مقايضا تقديم المساعدات الإنسانية وإخراج الجرحى والمرضى بالاستسلام وإفراغ المدينة بأبنائها».
وأكدت الحكومة في بيانها، أن دي ميستورا «جعل من الأمم المتحدة التي يمثلها ومن شخصه شريكًا في المشروع الهادف إلى إحداث تغيير ديموغرافي على أساس طائفي في سوريا». وطالبت الحكومة المؤقتة، الأمم المتحدة بإقالة مبعوثها «لوقوعه في خطيئة مهنية كبيرة»، كما أعلنت إيقاف جميع أشكال التواصل والتعاون معه ومع فريقه فورا. وكان دي ميستورا حذر الخميس من أن مناطق الثوار في شرقي حلب قد تتعرض لدمار شامل خلال أسابيع، منتقدًا روسيا لعدم تمييزها المدنيين من المسلحين، حسب تعبيره. وقال: إن الجزء الشرقي من مدينة حلب الواقع تحت سيطرة المعارضة «يواجه دمارا شاملا خلال شهرين، أو شهرين ونصف على أقصى تقدير مع احتمال مقتل الآلاف»، وأنه «مستعد لأن يرافق مسلحي (جبهة فتح الشام) بنفسه إلى خارج المدينة إذا كان هذا سيوقف القتال».
واعتبرت الحكومة المؤقتة هذه التصريحات عبارة عن مباركة له بخروج المقاتلين من المدينة على أساس ديمغرافي، رابطًا هذا بوجود «جبهة فتح الشام» على الرغم من أنها قلة بالمقابل مع الفصائل الأخرى المتواجدة في المدينة. وبينما يقول دي ميستورا إن 900 مقاتل يتبعون «جبهة النصرة» يتواجدون في حلب، قالت مصادر في المعارضة لـ«الشرق الأوسط» إن التقديرات تتحدث عن 250 مقاتلاً يتبعون «فتح الشام»، بينما ينتمي أغلب المقاتلين الباقين إلى فصائل المعارضة المعتدلة.
وفي رد على دي ميستورا، رفض المتحدث باسم «جبهة فتح الشام» حسام الشافعي، دعوة المبعوث الدولي إلى خروجها من حلب، معتبرًا أنها تأتي تماشيا مع تصريحات رئيس النظام السوري بإفراغ حلب من المسلحين. وأضاف المتحدث باسم الجبهة في تصريحات نشرها على حسابه في موقع «تويتر»، أن دي ميستورا لم يرافق أطفال مضايا إلى أقرب مستشفى، ولم يتكفل بإيصال سلة إغاثية إلى أي منطقة محاصرة في سوريا، ولم يوقف القصف المتواصل عن حلب ساعة، فضلا عن قوافل المساعدات الدولية التابعة للأمم المتحدة التي يعمل بها.
المعارضة، تربط بين تصريحات دي ميستورا ومطالب النظام السوري، حيث أعلن رئيسه أول من أمس الخميس، أنه لا يمكن أن يوجد أي حل إلا إذا ألقى المسلحون في حلب أسلحتهم ووقعوا اتفاقا مع حكومته، وإلا فإنه لن يكون هناك خيار سوى القضاء عليهم. وتقدم الحكومة المؤقتة الخدمات المدنية في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام في سوريا. وكانت أعلنت مطلع الأسبوع الحالي دعمها مبادرة الاتحاد الأوروبي الهادفة إلى إدخال المساعدات الطبية والمياه والاحتياجات الغذائية إلى المنطقة المحاصرة من مدينة حلب، وإجلاء الجرحى والمرضى ممن هم في حاجة ماسة إلى الرعاية الطبية.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.