مشروع فرنسي في مجلس الأمن لضمان هدنة فورية في حلب

اجتماع طارئ للجامعة العربية اليوم لوقف إطلاق النار وتقديم المساعدات الإنسانية

لاجئون سوريون في ملقة جنوب إسبانيا وقفوا أول من أمس احتجاجًا على الحرب في سوريا حاملين علم الثورة السورية (رويترز)
لاجئون سوريون في ملقة جنوب إسبانيا وقفوا أول من أمس احتجاجًا على الحرب في سوريا حاملين علم الثورة السورية (رويترز)
TT

مشروع فرنسي في مجلس الأمن لضمان هدنة فورية في حلب

لاجئون سوريون في ملقة جنوب إسبانيا وقفوا أول من أمس احتجاجًا على الحرب في سوريا حاملين علم الثورة السورية (رويترز)
لاجئون سوريون في ملقة جنوب إسبانيا وقفوا أول من أمس احتجاجًا على الحرب في سوريا حاملين علم الثورة السورية (رويترز)

عبّر وزير الخارجية الفرنسي عن أمله في أن يتم التوصل إلى استصدار قرار من مجلس الأمن لإعادة العمل بالهدنة في حلب وإيصال المساعدات الإنسانية «خلال الأسبوع الجاري». لكن جان مارك إيرولت لم يستبعد لجوء موسكو التي ترأس حاليا مجلس الأمن من استخدام حق النقض «الفيتو» لإجهاض المشروع الذي تجري اتصالات بشأنه بين الخمسة الكبار في مجلس الأمن منذ عدة أيام، للاتفاق على صيغة تكون مقبولة لدى موسكو.
وبدأ مجلس الأمن الدولي مفاوضات، أمس، بشأن مشروع قرار يدعو روسيا والولايات المتحدة إلى ضمان هدنة فورية في مدينة حلب السورية «ووضع حد لكل الرحلات العسكرية فوق المدينة».
ويطلب مشروع القرار، الذي اطلعت عليه «رويترز» من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، اقتراح خيارات لنظام مراقبة للهدنة تشرف عليه الأمم المتحدة، ويهدد «باتخاذ إجراءات أخرى في حالة عدم امتثال أي طرف في الصراع الداخلي السوري».
وقال دبلوماسيون، إن المجلس المؤلف من 15 عضوا سيبدأ محادثات بشأن النص الذي صاغته فرنسا وإسبانيا.
وذكر دبلوماسيون أنه لم يتضح على الفور كيف ستستجيب روسيا والصين إلى مشروع القرار. وقد سبق أن حمى البلدان النظام السوري من أي تحرك داخل المجلس باستخدام حق النقض ضد عدد من القرارات، بما في ذلك محاولة إحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وقال وزير الخارجية الفرنسي، جان مارك إيرولت، إن أي دولة ستعارض القرار ستعتبر متواطئة في جرائم حرب.
ونبه إيرولت الجانب الروسي من مغبة اللجوء إلى الفيتو، معتبرا أن روسيا «ستتحمل عندها مسؤولية كبيرة» في نسف المساعي الهادفة إلى وقف النار في حلب وإيصال المساعدات الإنسانية وإعادة تمهيد الطريق للعودة إلى طاولة المحادثات في جنيف.
وبلهجة لا تخلو من السخرية، انتقد إيرولت تصريحات نائب وزير الخارجية الروسي غاتيلوف، الذي عبر عن اغتباطه لـ«نجاعة» الضربات الروسية في حلب، حيث يسقط يوميا عشرات الضحايا.
وجاءت تصريحات إيرولت مساء أمس في حديث تلفزيوني للقناة الفرنكوفونية «تي في 5».
وفشلت محاولات دولية لفرض وقف إطلاق النار للسماح بدخول مساعدات الأمم المتحدة، رغم أن جماعات إغاثية أخرى استطاعت إدخال مساعدات محدودة. وألحقت الحملة الجوية الروسية والسورية المتواصلة أضرارا بالغة بالمستشفيات وإمدادات المياه.
في القاهرة، أجرى الأمين العام لجامعة الدول العربية اتصالات عاجلة مع مسؤولين دوليين وعرب لإنقاذ مدينة حلب، ومن المقرر عقد اجتماع طارئ في مقر جامعة الدول العربية. وأعلن السفير أحمد عبد الرحمن البكر، مندوب الكويت الدائم لدى الجامعة العربية، عن عقد دورة غير عادية لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين بعد ظهر اليوم، برئاسة تونس، بناء على طلب من دولة الكويت، لبحث الأوضاع الإنسانية المتدهورة في مدينة حلب السورية. وقال البكر، في تصريحات له، إنه تم تحديد الموعد بناء على مشاورات أجرتها رئاسة المجلس (تونس) والأمانة العامة ودولة الكويت مع الدول العربية الأعضاء، مؤكدا أن الطلب الكويتي أيدته كل من السعودية وقطر وتونس والإمارات والبحرين بشكل رسمي.
وكان الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، وزير الخارجية الكويتي، قد أجرى مشاورات مع عدد من المسؤولين حول الأوضاع الإنسانية المتأزمة في مدينة حلب السورية، وسبل التنسيق بشأنها. وذكرت الخارجية الكويتية، في بيان لها، أن الشيخ صباح الخالد تلقى وأجرى اتصالات بهذا الصدد شملت كلا من وزير خارجية مصر سامح شكري، والأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبد اللطيف الزياني، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي إياد مدني.
وطالب أبو الغيط بسرعة تحرك الأطراف الفاعلة في المجتمع الدولي، من أجل وقف حمام الدم في حلب، ومواجهة الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني التي ارتكبت خلال الأيام الماضية، وما زالت مستمرة تحت سمع وبصر العالم.
في جنيف، حث ستيفان دي ميستورا، مبعوث الأمم المتحدة الخاص لدى سوريا، أمس، على وقف القصف في سوريا، وذلك أثناء زيارة أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون مقر الأمم المتحدة.
وفشلت المحاولات الدولية لفرض وقف إطلاق النار من أجل السماح بوصول مساعدات الأمم المتحدة على الرغم من أن جماعات إغاثة أخرى نجحت في توصيل مساعدات محدودة. وقال دي ميستورا: «لا بد من إجلاء بعض الناس. لا بد من توصيل المساعدات. لكن لا يمكن فعل ذلك ما لم يتوقف القصف».
وألحقت الضربات الجوية الروسية والسورية أضرارا بالغة بمستشفيات وإمدادات المياه، بما في ذلك مستشفى «إم 10» أكبر مستشفى لعلاج الصدمات في شرق حلب يوم السبت، الذي اضطر إلى إغلاق أبوابه، وقتل اثنان من المرضى في القصف.
وعبر دي ميستورا عن غضبه بسبب قصف المستشفى. وقال إنه يتنافى مع القانون الإنساني، مضيفا أنه لن يتخلى عن السوريين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».