اجتماع في باريس بغياب الجامعة العربية لمناقشة الأزمة الليبية

قتلى وجرحى في معارك سرت ومماحكات سياسية حول ملف البلديات المنتخبة

مقاتل تابع لحكومة الوفاق الوطني يسدد باتجاه مقاتليي داعش. (أ.ف.ب)
مقاتل تابع لحكومة الوفاق الوطني يسدد باتجاه مقاتليي داعش. (أ.ف.ب)
TT

اجتماع في باريس بغياب الجامعة العربية لمناقشة الأزمة الليبية

مقاتل تابع لحكومة الوفاق الوطني يسدد باتجاه مقاتليي داعش. (أ.ف.ب)
مقاتل تابع لحكومة الوفاق الوطني يسدد باتجاه مقاتليي داعش. (أ.ف.ب)

بينما ستستضيف اليوم العاصمة الفرنسية باريس اجتماعا وزاريا لمناقشة الوضع في ليبيا في غياب الجامعة العربية، تواصلت المماحكات السياسية بين طرفي الصراع على السلطة في ليبيا، حيث قال رئيس بعثة الأمم المتحدة مارتن كوبلر بأن اجتماع باريس سيناقش تعيين عمداء بلديات عسكريين خلفا لعمداء منتخبين في المنطقة الشرقية، في إشارة إلى رفضه للقرارات الأخيرة لتي أصدرها الجيش الوطني الموالى للبرلمان الشرعي في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي.
وقال كوبلر بأن اجتماع باريس سيكون له موقف واضح إزاء هذه القرارات، معربا في كلمة ألقاها لدى افتتاح الملتقى الأول لبلديات ليبيا في العاصمة طرابلس، بمشاركة 70 بلدية عن أسفه لغياب التمثيل الحقيقي لبلديات مدن شرق البلاد في هذا الاجتماع. من جهته، قال فائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني المدعومة من البعثة الأممية، بأنه لن يسمح بالقفز على البلديات تحت أي سبب أمني أو سياسي، لافتا إلى أن المجالس البلدية منتخبة من قبل الشعب مباشرة وهي صمام الأمان لليبيا، على حد تعبيره.
في المقابل أعلن أمس عن عقد اجتماع موسع ضم رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح عيسى بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي، والمشير خليفة حفتر القائد العام للجيش ورئيس الحكومة الانتقالية عبد الله الثني، ورئيس الأركان العامة للجيش اللواء عبد الرازق الناظوري، ووزير الداخلية اللواء طيار محمد المدني الفاخري.
وقال مكتب إعلام الجيش الليبي في بيان مقتضب إن «الاجتماع ناقش مختلف أوضاع البلاد والتطورات العسكرية والأمنية والمدنية على مختلف الأصعدة محليا ودوليا».
من جهتها، عبرت الجامعة العربية على لسان الناطق الرسمي باسم أمينها العام عن دهشتها لتجاهل دعوته لحضور الاجتماع الذي دعت الحكومة الفرنسية لعقده اليوم في باريس حول الأزمة الليبية.
وقال: إن الجامعة العربية كانت تتوقع أن يتم إشراكها في هذا الاجتماع وفي أي تحركات دولية ترمي إلى تسوية هذه الأزمة، مؤكدًا على أن الدعم العربي الجماعي لهذه الجهود يعتبر شرطًا أساسيا لتأمين فرص النجاح لها.
عسكريا، تصاعدت أمس حدة المواجهات بين تنظيم داعش وقوات تابعة لحكومة السراج في مدينة سرت الساحلية، فيما قتل عشرة من عناصر تنظيم داعش في اشتباكات بحسب ما أعلنت قوات حكومة السراج التي تحاصر مقاتلي التنظيم المتطرف في حي واحد في المدينة الساحلية.
وقال مستشفى مصراتة عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، بأنه استقبل جثامين 3 من قوات عملية البنيان المرصوص، قضوا في الاشتباكات التي دارت ضد تنظيم داعش الإرهابي بمدينة سرت، مشيرا في بيان آخر، إلى أنه استقبل أيضا 24 جريحًا من قوات عملية البنيان نتيجة اشتباكات أمس.
وقالت القوات الحكومية في بيان «قواتنا تتقدم في الحي رقم 3 وتبيد مجموعة من عصابة داعش كانوا يحاولون التسلل والهروب»، وأضافت أنها أحصت «ما لا يقل عن 10 جثث للدواعش فيما تطارد سرايا قواتنا مجموعة أخرى من الدواعش الفارين من أرض المعركة».
وأفاد المركز الإعلامي لعملية البنيان المرصوص أن المقاتلات الحربية التابعة لقواتها نفذت أمس 6 طلعات جوية قتالية تمهيدا لتقدم قوات المشاة في الحي السكني رقم 3. بينما قالت غرفة عمليات الجيش الوطني في شرق ليبيا في بيان مقتضب بأن الطيران الأميركي نفذ خمس غارات على مواقع لتنظيم داعش في الحي رقم 3 في شرق سرت التي تبعد 450 كيلومترا شرق العاصمة طرابلس.
وأطلقت القوات الحكومية في 12 مايو (أيار) الماضي عملية «البنيان المرصوص» لاستعادة سرت من التنظيم المتطرف الذي سيطر عليها منتصف العام الماضي، حيث قتل أكثر من 450 من المقاتلين الموالين لحكومة الوفاق وأصيب نحو 2500 عنصر آخر بجروح بحسب مصادر طبية. وتحظى قوات الحكومة الليبية بمساندة جوية أميركية حيث نفذت طائرات سلاح الجو الأميركي 177 ضربة على مدى الشهرين الماضيين.
وسيشكل سقوط سرت ضربة موجعة للتنظيم المتطرف الذي يتعرض لسلسلة من النكسات في العراق وسوريا.
من جهة أخرى، شنت مقاتلات تابعة للجيش الوطني في شرق البلاد غارات جوية على تمركزات وآليات تابعة للجماعات والميليشيات الإرهابية في مدينتي بنغازي ودرنة.
وقالت رئاسة أركان القوات الجوية التابعة للجيش الذي يقوده المشير خليفة حفتر، إن مقاتلات سلاح الجو الليبي قصفت موقعا للمتطرفين خلف المستشفى الأوروبي بمحور القوارشة غرب بنغازي، مشيرة إلى أنه تم أيضا تنفيذ ما وصفته بطلعات استطلاعية مكثفة في المناطق الواقعة بين مدينة بنغازي، ومدينة بن جواد تحسبًا لتقدم أي قوات تهدف لزعزعة الأمن في المنطقة. ونفت رئاسة سلاح الطيران أي تواجد للميليشيات التي حاولت التقدم في وقت سابق باتجاه مدينة بنغازي التي يقول الجيش بأنه اقترب من تحريرها بشكل كامل.
وطبقا لما أعلنته غرفة عمليات عمر المختار فإن مخزنا للمتطرفين تم تدميره أول من أمس خلال غارة جوية، استهدفت المخزن التابع لميليشيات مجلس شورى درنة بالقرب من حوش الظهر الحمر، مشيرة إلى أن مقاتلات انطلقت من قاعدة الأبرق الجوية شنت 12 طلعة جوية على مواقع للمتطرفين على نفس المنطقة جنوب مدينة درنة خلال الأسبوع الماضي.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.