رغم حجم الانتقادات..عباس غير نادم على المشاركة في جنازة بيريس

عرفت إشادة أميركية وفرنسية.. وتجاهل إسرائيلي رسمي

الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع بعض المشاركين في جنازة الرئيس الإسرائيلي السابق شيمعون بيريس (أ.ف.ب)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع بعض المشاركين في جنازة الرئيس الإسرائيلي السابق شيمعون بيريس (أ.ف.ب)
TT

رغم حجم الانتقادات..عباس غير نادم على المشاركة في جنازة بيريس

الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع بعض المشاركين في جنازة الرئيس الإسرائيلي السابق شيمعون بيريس (أ.ف.ب)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع بعض المشاركين في جنازة الرئيس الإسرائيلي السابق شيمعون بيريس (أ.ف.ب)

أشعلت مشاركة الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) في جنازة الرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيريس في القدس، غضبا وجدلا كبيرين في الأراضي الفلسطيني وسط تبادل للاتهامات بالخيانة بين حركتي فتح وحماس، إلى حد تبرأ فيه قياديون وتيارات في حركة فتح التي يتزعمها عباس من الزيارة.
وكان عباس قد قرر المشاركة في جنازة بيريس، على الرغم من كم الانتقادات الكبير الذي بدأ مبكرا ضد هذا الاحتمال، حيث ذهب للمشاركة بحسب ما قال مقربون منه بصفتين: الأولى سياسية تتمثل في إرسال رسالة سلام محرجة لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو. والأخرى شخصية، حيث تلقى دعوة للمشاركة في الجنازة من طرف عائلة بيريس.
وتعمد الإسرائيليون تصوير عباس عن قرب وهو يصافح نتنياهو في مشهد نادر، قائلا له ولزوجته «لقد مر وقت طويل»، وهو الفيديو الذي تناقله الفلسطينيون بكثرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي انشغلت بالفيديو، مع وسم اشتهر داخل الأراضي الفلسطينية خلال اليومين الماضيين وهو (#تعزية_السفاح).
وزاد الطين بلة بالنسبة لعباس أنه كان الرئيس العربي الوحيد الذي شارك في هذه الجنازة، في وقت رفض فيه أعضاء الكنيست العرب كذلك حضور جنازة بيريس. وجلس عباس في الصف الأول خلال مراسم الجنازة، إلى جانب شخصيات أخرى مثل الرئيس الأميركي باراك أوباما، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والرئيس رؤوفين ريفلين، وولي العهد البريطاني الأمير تشارلز. وجلس إلى جانبه من الطرفين رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، والرئيس المجري فيكتور أوروبان.
وعلى الرغم من أن نتنياهو لم يذكر عباس خلال كلمته، لكن حضوره ترك أثرا في كلمة الرئيس الأميركي باراك أوباما، الذي قال: إن وجوده هو تذكير على «أعمال غير منجزة بشأن السلام».
وهذا الرأي عبر عنه كذلك الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند، معتبرا أن مشاركة عباس في الجنازة هي إشارة مفادها أنه لا يتخلى عن السلام. كما استغل أولاند وجود عباس ليخبره بأن مبعوثا فرنسيا سيزور المنطقة في الشهر المقبل في إطار مواصلة الجهود الفرنسية لعقد مؤتمر السلام.
لكن هذه الإشادة الدولية لم تكن كافية لخفض نار الغضب فلسطينيا، حيث هاجمت فصائل فلسطينية مثل «حماس» و«الجهاد الإسلامي» مشاركة عباس في الجنازة ووصفوا فعله بـ«خيانة»؛ إذ قال الناطق باسم «حماس» سامي أبو زهري «إنه عار واستخفاف بالشعب الفلسطيني». فيما قال الشيخ خضر عدنان، القيادي في حركة الجهاد الإسلامي بالضفة الغربية إن ما قام به عباس «خيانة كبرى».
وفي مواقع التواصل الاجتماعي أدلى آلاف الفلسطينيين بدلوهم حول هذه المشاركة، وبدت الأغلبية العظمى رافضة للمشاركة مع اختلاف طرق التعبير. ووصل الأمر لأعضاء وتيارات في فتح نفسها، حيث تبرأ عضو في مركزية فتح من علاقة حركته بالزيارة؛ إذ قال توفيق الطيرواي إنه لم تتم استشارة اللجنة المركزية لحركة فتح بخصوص هذه المشاركة، ولم يطرح الموضوع أساسًا في إطار اللجنة المركزية، وهنا يجب التفريق بين حركة فتح والسلطة الوطنية الفلسطينية، فالرئيس يشارك في جنازة بيريس بصفته رئيسًا للسلطة الوطنية الفلسطينية، وأضاف موضحا «أنا ضد هذه المشاركة بشكل مبدئي؛ لأنها جنازة لإسرائيلي تمرغ من رأسه إلى قدميه بدماء أبناء شعبنا الفلسطيني، وأبناء شعوب عربية شقيقة في مجازر كثيرة، منها مجزرة قانا الشهيرة، وهو مهندس المشروع النووي الإسرائيلي الذي هدف إلى ردع كل مشروع لاستعادة بلادنا وتحريرها من الاحتلال، وهو من المؤسسين الأوائل الذين أتوا من الكيبوتسات الإسرائيلية لهذا الغرض ولغرض تأسيس وتمكين الحركة الاستيطانية الصهيونية منذ بدايتها، والتي هدفت إلى محو وإلغاء الوجود الفلسطيني على أرضه، وعمل لنفسه سيرة سلام انطلت على الكثيرين».
كما انتقدت حركة «الشبيبة الفتحاوية» التي تمثل قطاع الشباب داخل فتح «المشاركة الفلسطينية الرسمية في مراسيم تشييع رئيس إسرائيل السابق شمعون بيريس»، مؤكدة رفضها أي تصريحات أو خطوات فلسطينية تظهره بمظهر الشريك، أو صانع السلام. وقالت الشبيبة في بيان إن المشاركة الرسمية في تشييع «الإرهابي القاتل»، تعد نقيضًا للإرادة الشعبية، «ولما يشكله هذا السفاح من صورة قاتمة في الذاكرة الجمعية لشعبنا في الوطن والشتات».
ولم يقف الأمر عند ذلك، بل انتقد عسكريون الزيارة، ورفض أحدهم بشكل نادر ولافت خطوة رئيسه. وأكد مدير العلاقات العامة بجهاز الارتباط العسكري الفلسطيني، أسامة منصور أبو عرب، أنه أوقف عن عمله بسبب ذلك قبل أن يتم اعتقاله لاحقا.
وكان أبو عرب كتب على «فيسبوك» «من هو (بيريس) حتى تتوجه للمشاركة في جنازته، فيما يرفض معظم أبناء شعبك الذين تمثلهم ذلك. لك أن تمر بأم الشهيد أسيرا ياسر حمدوني وتسألها، فإذا وافقت فتوكل على الله، وإذا لم توافق فاحسم أمرك»، مضيفا: «لا علاقات شخصية ولا علاقات ودية مع المحتل».
وفي غضون ذلك، دبت شائعات مثل أن مسلحين أطلقوا الرصاص على منزل عباس، وهو أمر نفاه الإسرائيليون والفلسطينيون بشكل كامل.
من جهتها، ردت حركة فتح في بيان رسمي قائلة إن مشاركة عباس بمثابة «رسالة سلام» تظهر للعالم أن الشعب الفلسطيني هو شعب محب للسلام. وقال المتحدث باسم حركة فتح أسامة القواسمي في تصريح صحافي إن «المحرك والدافع الوحيد لخطوات الرئيس محمود عباس على كافة الصعد الدولية والعربية والمحلية، هو دافع وطني بامتياز، ولا نسمح لكائن من كان أن يشكك في مواقفه الوطنية الثابتة والمعروفة».
وقال القواسمي ردا على بيان لحركة حماس أدانت فيه مشاركة الرئيس أبو مازن في جنازة الرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيريس «إن الخيانة الحقيقية تلتصق مباشرة في الجهة التي حققت أحد أهم الأهداف الاستراتيجية للكيان الإسرائيلي، والمتمثلة بالانقلاب والانقسام وفصل القطاع عن الوطن، وتشتيت القضية الفلسطينية وتمزيقها، وضرب النسيج الوطني والثقافي والاجتماعي لشعبنا الفلسطيني، والمحاولات المستمرة من قبل قيادات حماس المتنفذة في غزة لترسيخ حالة الانقسام والانفصال لمصالحهم الخاصة، أو تلبية لأجندات غير وطنية».
وعلى الرغم من الجدل الكبير والمستمر والمتشعب، أكد مسؤول فلسطيني كبير أمس أن عباس غير نادم على قراره المشاركة في جنازة بيريس، على الرغم من كل هذه الانتقادات.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.