لكسب معركة الانتخابات.. الأحزاب المغربية تستعين بكتائبها الإلكترونية

عبر صور وفيديوهات ساخرة تنال من الخصوم السياسيين

لكسب معركة الانتخابات.. الأحزاب المغربية تستعين بكتائبها الإلكترونية
TT

لكسب معركة الانتخابات.. الأحزاب المغربية تستعين بكتائبها الإلكترونية

لكسب معركة الانتخابات.. الأحزاب المغربية تستعين بكتائبها الإلكترونية

فتحت مواقع التواصل الاجتماعي أمام الأحزاب السياسية خيارات لا حدود لها للتواصل مع الناخبين خلال فترة الحملة الانتخابية، ومكنتهم من نقل مهرجاناتهم الخطابية وحواراتهم الإعلامية مباشرة على الهواء عبر صفحاتها الرسمية على «فيسبوك» باعتباره الموقع الأكثر شعبية وانتشارا في المغرب مقارنة مع «تويتر»، حيث تشير الإحصائيات إلى أن عدد مستخدمي موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» تجاوز في سنة 2015 نحو 11 مليون مستخدم نشيط في حين لا يتعدى عدد مستخدمي «تويتر» 100 ألف شخص.
وأصبح أيضا بإمكان مرشحي الأحزاب السياسية قياس درجة التفاعل مع خطاباتهم وبرامجهم الانتخابية وبشكل فوري من خلال تعليقات زوار تلك المواقع. ونقلت مواقع التواصل الاجتماعي حدة المنافسة بين الخصوم السياسيين في الانتخابات التشريعية المغربية المقررة الجمعة المقبل، إلى درجة الفرجة والتشويق، وذلك بسبب التباري بين «الكتائب الإلكترونية» التابعة لكل حزب، والتي تعمل على مدار الساعة خلف الشاشات، لا تكل ولا تمل من ترصد أخطاء الخصوم أو زلات لسانهم أو تصريحاتهم السابقة ومواقفهم من عدد من القضايا لتعيد إخراجها في عز الحملة الانتخابية في سياق جديد عبر صور وفيديوهات ساخرة، يكون لها أحيانا وقع كبير وأثر مباشر على المتلقين أكثر من الخطابات السياسية لزعماء الأحزاب مهما بلغت درجة فصاحتهم.
وبما أن الانتخابات البرلمانية الحالية مختلفة عن سابقاتها، ويكاد ينحصر التنافس الانتخابي فيها بين الغريمين والخصمين اللدودين حزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية، والأصالة والمعاصرة المعارض فإن ما يطلق عليه «الكتائب الإلكترونية» التابعة لكل حزب تفننت وأبدعت في نشر صور وفيديوهات تحاول النيل من الخصوم السياسيين بشتى الطرق، بعضها كان موفقا والآخر حصد نتائج عكسية تماما.
فقبل أيام قليلة من بدء حملة الانتخابات البرلمانية التي انطلقت قبل أسبوع انتشر على نطاق واسع شريط فيديو قصير يحاول النيل من الإسلاميين وإظهارهم على أنهم متشددون بشأن نظرتهم للمرأة، وقد صور الفيديو بطريقة احترافية على شكل وصلة إعلانية داخل حافلة نقل عام، واشتمل على حوار قصير بين سيدة وشاب ملتح، ولربط هذا المشهد عنوة بالانتخابات خرجت السيدة من الحافلة لتحث فتاة أخرى في الشارع على التصويت في الانتخابات «لتعيشي حياتك وتكوني حرة». فانهالت التعليقات الساخرة على الفيديو من كل اتجاه، ورأى كثيرون أنه «يستبلد المغاربة»، وربطه البعض بمسيرة الاحتجاج المصطنعة التي خرجت ضد ابن كيران في الدار البيضاء، منذ أيام قليلة قبل موعد الحملة الانتخابية، ونالت الاستهجان والسخرية أيضا.
ونال زعيما الحزبين المتنافسين عبد الإله ابن كيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، وإلياس العماري الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة النصيب الأوفر من النقد عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث استغل معارضو الأصالة والمعاصرة موقف أمينه العام المؤيد لتقنين زراعة القنب الهندي أو الكيف والحشيش كما يسمى بالعامية المغربية، ودعوته إلى السماح بترويجه في المقاهي لنشر صوره مرفقة بتعليقات ساخرة ولاذعة مأخوذة من تصريحاته حول الموضوع، لا سيما بعد أن قلل من خطورة مفعول هذا المخدر وقارنه بالتين والتمر.
ولم يسلم رمز حزب الأصالة والمعاصرة وهو الجرار من السخرية والنقد، وربطه خصومه بعلامة المرور التي تحذر السائقين خارج المدن من خطر مرور الجرار.
في المقابل، حور معارضو حزب العدالة والتنمية اسم أمينه العام من ابن كيران إلى «ابن زيدان»، وعادة ما ترفع صوره في المظاهرات أو تنشر على مواقع التواصل بهذا الاسم، للإشارة إلى أن كل ما فعله خلال ولايته الحكومية هو الزيادة في السن المقررة للإحالة على التقاعد، أي خطة إصلاح أنظمة التقاعد التي اعتمدتها الحكومة لإنقاذها من الإفلاس. كما تنتشر على نطاق واسع صور ابن كيران مرفقة بكلمة «ارحل» الشهيرة التي ابتدعها المتظاهرون إبان ثورات «الربيع العربي».
ولم يقتصر اللجوء إلى مواقع التواصل الاجتماعي على الأحزاب السياسية خلال الحملة الخاصة باقتراع 7 أكتوبر (تشرين الأول)، بل دفعت أجواء التحضير لانتخاب أعضاء مجلس النواب وزيرا في الحكومة هو مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات المنتمي لحزب العدالة والتنمية، إلى نشر إعلان فاجأ الرأي العام وعد سابقة، معلنا عبر صفحته الرسمية على «فيسبوك» بأنه لا يستشار في التحضير للانتخابات التشريعية أسوة بما كان عليه الحال في الانتخابات البلدية التي جرت في الرابع من سبتمبر (أيلول) الماضي، وأنه «بعد ثلاثة أسابيع من انتخابات 7 أكتوبر تقع عجائب وغرائب»، معلنا أنه ليس مسؤولا عن «أي رداءة أو نكوص أو تجاوز أو انحراف» ليسارع محمد حصاد وزير الداخلية للرد عليه عبر موقع إلكتروني أيضا، ويؤكد أن سوء فهم حدث بينه وبين الرميد، قبل أن تعود الأمور إلى طبيعتها بين الوزارتين اللتين تشرفان على الانتخابات.
يذكر أن مصطلح الكتائب الإلكترونية ابتدعه خصوم «العدالة والتنمية»، الذين قالوا: إنه يتوفر على جيش إلكتروني من المنتمين للحزب ومؤيديه ينشط للترويج له عبر الإنترنت، قبل أن يعي مناهضوه أهمية هذا السلاح، ويؤسسوا بدورهم جيشهم الإلكتروني وهو ما نجح فيه حزب الأصالة والمعاصرة، فيما أحزاب أخرى ما زالت متعثرة في هذا المجال.
وفتحت المواقع الإلكترونية مجالا فسيحا أمام مرشحي الأحزاب وانتهى معها الزمن الذي كان فيه هؤلاء المرشحون وقياداتهم قبل سنوات ينتظرون الوصلات الإعلانية الخاصة بحملاتهم الانتخابية لتعرض على قناة التلفزيون مصورة بطريقة تقليدية يظهر المرشح وهو يخاطب الناخبين عن وعود حزبه بأسلوب جامد يثير النفور.



«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
TT

«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)

تثير تحركات تشكيل «حكومة موازية» في السودان، مخاوف مصرية من تفكك البلاد، التي تعاني من حرب داخلية اندلعت قبل نحو عام ونصف العام، وشردت الملايين. وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، إن «بلاده مع استقرار السودان ومع بسط سيادته على كل الأراضي السودانية»، مشيراً إلى أن «هذا أمر ثابت في السياسة الخارجية المصرية ولا يمكن أن تتزحزح عنه».

واعتبر وزير الخارجية، في مؤتمر صحافي مشترك، مع المفوضة الأوروبية لشؤون المتوسط دوبرافكا سويتشا، «تشكيل أي أطر موازية قد تؤدي إلى تفكك الدولة السودانية خطاً أحمر بالنسبة لمصر ومرفوضاً تماماً»، مضيفاً: «ندعم الشرعية. ندعم مؤسسات الدولة السودانية، وندعم الدولة، لا ندعم أشخاصاً بأعينهم».

ويرى خبراء ومراقبون، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن الموقف السياسي المصري الداعم بقوة لمؤسسات الدولة، والرافض لتشكيل أي أطر موازية، هدفه حماية السودان من التمزق، لكنه يظل رهن تباينات إقليمية تعقد حل الأزمة.

ويمهد توقيع «قوات الدعم السريع» وحركات مسلحة وقوى سياسية ومدنية متحالفة معها بنيروبي، الأسبوع الماضي، على «الميثاق التأسيسي»، الطريق لإعلان حكومة أخرى موازية في السودان، في مواجهة الحكومة التي يقودها رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، وتتخذ من مدينة بورتسودان مقراً لها.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من القاهرة، قبل أيام، عدَّ وزير الخارجية السوداني، علي يوسف الشريف، أن تحرك تشكيل «حكومة موازية» في مناطق سيطرة قوات «الدعم السريع» لا يحظى باعتراف دولي، مشيراً إلى أن «دولاً إقليمية ودولية تدعم موقف بلاده في هذه القضية».

وجددت مصر، الأحد، رفضها مساعي تشكيل «حكومة موازية» بالسودان، ووصفت الخارجية المصرية، في بيان رسمي، الأحد، ذلك، بأنه «محاولة تهدد وحدة وسيادة وسلامة أراضي السودان».

وأضاف البيان أن تشكيل حكومة سودانية موازية «يُعقد المشهد في السودان، ويعوق الجهود الجارية لتوحيد الرؤى بين القوى السودانية، ويفاقم الأوضاع الإنسانية»، فيما طالبت كافة القوى السودانية بتغليب المصلحة الوطنية العليا للبلاد والانخراط في إطلاق عملية سياسية شاملة دون إقصاء أو تدخلات خارجية.

وحسب الوزير المصري عبد العاطي، فإن «مصر على تواصل مع كل الأطراف المعنية لنقل وجهه نظرها وموقفها الواضح والثابت»، وأضاف: «بالتأكيد نحن مع السودان كدولة، ومع السودان كمؤسسات، ومع السودان بطبيعة الحال لفرض سيادته وسيطرته على كل الأراضي السودانية».

وتستهدف مصر من رفض مسار الحكومة الموازية «دعم المؤسسات الوطنية في السودان، حفاظاً على وحدته واستقراره، وسلامته الإقليمية»، وفق عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير صلاح حليمة، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر تعمل على حشد الدعم الدولي والإقليمي لوقف الحرب ونفاذ المساعدات الإنسانية، ووضع خطط لإعادة الإعمار».

وتنظر القاهرة لحكومة بورتسودان باعتبارها الممثل الشرعي للسودان، والمعترف بها دولياً، وفق حليمة، ودلل على ذلك بـ«دعوة رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، للأمم المتحدة، وزيارة دول مختلفة، كممثل شرعي عن بلاده».

وترأس البرهان وفد السودان، في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويعتقد حليمة أن إجهاض مساعي «الحكومة الموازية» لن يتحقق سوى بـ«التوافق على مسار سياسي، من خلال حوار سوداني - سوداني، تشارك فيه كل الأطراف، ويفضي لتشكيل حكومة مدنية مستقلة لفترة انتقالية»، وطالب بالبناء على مبادرة مصر باستضافة مؤتمر للقوى السياسية السودانية العام الماضي.

وجمعت القاهرة، في شهر يوليو (تموز) الماضي، لأول مرة، الفرقاء المدنيين في الساحة السياسية السودانية، في مؤتمر عُقد تحت شعار «معاً لوقف الحرب»، وناقش ثلاث ملفات لإنهاء الأزمة السودانية، تضمنت «وقف الحرب، والإغاثة الإنسانية، والرؤية السياسية ما بعد الحرب».

في المقابل، يرى المحلل السياسي السوداني، عبد المنعم أبو إدريس، أن «التحركات المصرية تواجه تحديات معقدة، بسبب دعم دول إقليمية مؤثرة للقوى الساعية لتشكيل حكومة موازية، في مقدمتها (الدعم السريع)»، مشيراً إلى أن «الموقف المصري مرهون بقدرتها على تجاوز الرفض الدبلوماسي، وقيادة تحركات مع الفرقاء السودانيين وحلفائها في الإقليم».

ويعتقد أبو إدريس، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن اختراق القاهرة لأزمة «الحكومة الموازية»، «لن يكون سهلاً، في ضوء تأثير الجهات الدولية والأطراف الداعمة للقوى السودانية التي تقف خلف هذه الحكومة»، وقال إن «مصر تخشى أن تقود تلك التحركات إلى انفصال جديد في السودان، ما يمثل تهديداً لمصالحها الاستراتيجية».

ورغم هذه الصعوبات، يرى القيادي بالكتلة الديمقراطية السودانية، مبارك أردول، أن الموقف المصري مهم في مواجهة الأطراف الإقليمية الداعمة لمسار الحكومة الموازية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رفض القاهرة يؤكد أن السودان لا يقف وحده في هذه الأزمة»، وأن «هناك أطرافاً إقليمية داعمة لوحدة واستقرار السودان».

وتعتقد مديرة وحدة أفريقيا في «مركز الأهرام للدراسات السياسية»، أماني الطويل، أن «المواقف الرافضة لهذه الحكومة، التي صدرت من مصر والأمم المتحدة ودول أخرى، يمكن أن تُضعف من الاعتراف الدولي والإقليمي للحكومة الموازية، دون أن تلغيها».

وباعتقاد الطويل، «سيستمر مسار الحكومة الموازية بسبب رغبة شركات عالمية في الاستفادة من موارد السودان، ولن يتحقق لها ذلك إلا في وجود سلطة هشّة في السودان»، وقالت: «الإجهاض الحقيقي لتلك التحركات يعتمد على التفاعلات الداخلية بالسودان، أكثر من الموقف الدولي، خصوصاً قدرة الجيش السوداني على استعادة كامل الأراضي التي تسيطر عليها (الدعم السريع) وخصوصاً دارفور».