لبنان أمام مرحلة حاسمة في الملف الرئاسي و«الكلمة الفصل» لمشاورات الحريري

«المستقبل» يتجنّب الخوض بالأسماء.. ومصادر تؤكد أن هناك توجّهًا لانتخاب عون

لبنان أمام مرحلة حاسمة في الملف الرئاسي و«الكلمة الفصل» لمشاورات الحريري
TT

لبنان أمام مرحلة حاسمة في الملف الرئاسي و«الكلمة الفصل» لمشاورات الحريري

لبنان أمام مرحلة حاسمة في الملف الرئاسي و«الكلمة الفصل» لمشاورات الحريري

أعاد رئيس «تيار المستقبل» النائب سعد الحريري تحريك مياه رئاسة الجمهورية الراكدة عبر الحراك الذي بدأه قبل يومين وما رافقه من معلومات حينا، وتحليلات حينا آخر بشأن قرب انتخاب رئيس بعد نحو سنتين ونصف السنة من الفراغ في الموقع الأول للجمهورية. وفي حين بات مؤكدا أن جلسة اليوم التي ستحمل رقم 45 لن تكون مختلفة عن سابقاتها في ظل عدم نضج الحل النهائي، تتّجه الأنظار إلى موقف الحريري الحاسم الذي سيشكّل الكلمة الفصل في وصول النائب ميشال عون إلى الرئاسة، المرشّح من قبل ما يسمى «حزب الله» و«حزب القوات اللبنانية» أو عدمه.
وبانتظار نتائج المشاروات التي سيقوم بها «رئيس المستقبل» والتي ستشمل أيضا عون، كان لافتا تراجع تيار الأخير عن تصعيده وتهديده بالشارع، في حين غيّب «المستقبل» عن بيانه، وعلى غير العادة، بتمسكّه بترشيح رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية للرئاسة.
وكان الحريري قد بدأ حراكه باجتماع مع فرنجية بحيث «اتفق الجانبان على ضرورة توسيع مروحة الاتصالات والمشاورات مع كل القوى السياسية في سبيل انتخاب رئيس للجمهورية وتفعيل عمل المؤسسات الدستورية»، بحسب ما جاء في بيان مقتضب بعد اللقاء الذي لم يتطرق إلى تفاصيله في اجتماع «كتلة المستقبل» يوم أمس التي ترأسها الحريري. واكتفى رئيس «المستقبل» في اجتماع كتلته بتأكيد أهمية العمل لإخراج لبنان والرئاسة من المأزق والعمل على إيجاد حل، بعيدا عن الأسماء، بحسب ما أكّد، وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية، النائب في الكتلة نبيل دو فريج، مؤكدا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الحريري لم يتطرق في اجتماع الكتلة إلى أسماء المرشحين للرئاسة، مشددا في الوقت عينه على أهمية العودة إلى المشاورات التي بدأت مع فرنجية وستستكمل مع مختلف القيادات، لا سيما رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، إضافة إلى رئيس حزب القوات، سمير جعجع، ورئيس كتلة التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، مستبعدا في الوقت عينه أن يتم أي لقاء بين الحريري ومسؤولين مما يسمى «حزب الله»، ليتم بعدها الدعوة إلى اجتماع للكتلة وإطلاعها على نتائج المباحثات.
في المقابل، تشير مصادر مطلعة إلى أن موضوع الرئاسة في طريقه إلى الحل عبر التوجه لانتخاب عون ما لم يحدث شيء مفاجئ، لافتة إلى أن الحريري يقوم بإعادة ترتيب موقف البيت الداخلي في ظل الانقسام بين مؤيد ورافض لهذا القرار، وهو ما نفاه دوفريج، واضعا هذا الكلام في خانة التكهنات التي لا أساس لها من الصحة. وتوضح المصادر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «ما نستطيع قوله إن المعطيات إيجابية حتى الآن إنما ليس في جلسة اليوم، لكن بالتأكيد الحريري عاد إلى بيروت لحسم هذا الأمر»، مضيفة: «إلا إذا كان الأمر فقط في إطار جسّ النبض أو اتجاه جدي لاتخاذ القرار النهائي الذي يوصل عون للرئاسة والحريري إلى رئاسة الحكومة».
ولمح دو فريج إلى عتاب من قبل الحريري على حلفائه المحليين والإقليميين وحتى على فرنجية نفسه، وهو ما لفت إليه خلال اجتماع الكتلة بالقول: «عندما أعلن المستقبل دعمه لفرنجية كان ذلك بالتوافق مع بعض الأفرقاء اللبنانيين وموافقة بعض جهات خارجية، لكن بعد ذلك، لم تبذل أي جهود لدعم هذا الخيار حتى من فرنجية نفسه الذي قاطع جلسات انتخاب الرئيس مع حلفائه، وأمام هذا الواقع سنتحرك نحن في محاولة لإخراج الرئاسة من هذا المأزق».
من جهته، قال مصدر في «المستقبل» لـ«وكالة الأنباء المركزية»: «موقفنا من تصريحات عون وإصراره على (العناد) إضافة إلى تصرّفات وزرائه، لم يتغيّر، لكن طالما أننا وصلنا إلى (المأزق الكبير) ولم يبقَ سوى خيار العماد عون لإخراجنا من الفراغ، فلا شيء يمنع مناقشته داخل الكتلة». وأضاف: «صحيح هناك اختلاف في وجهات النظر في الكتلة ومعارضة شديدة داخل (التيار) تجاه خيار عون، إلا أن الحريري يُعيد الآن بحث الخيارات الموجودة والتشاور مع الكتلة والمكتب السياسي لـ(المستقبل) من أجل بلورة موقف رسمي ونهائي». ويذهب المصدر إلى أبعد فيقول: «إذا كان الخيار بين عون الذي لا نزال نعتبره (فزّاعة)، والفراغ، حتمًا سنختار (الفزّاعة) كي نضع حدًا لانهيار الدولة والمؤسسات».
وفي حين لم يأت بيان «المستقبل» بأي جديد على خط الموقف من الرئاسة وتكراره تحميل مسؤولية التعطيل لما يسمى «حزب الله» من دون أيضا أن يجدد تمسكه بترشيح فرنجية، كان لافتا تراجع التصعيد العوني والتهديد بالنزول إلى الشارع.
واكتفى رئيس «الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل بالقول بعد اجتماع التكتل: «نطمئن كل من يريد هذا البلد موطنا للشراكة الوطنية أننا كنا وسنكون إلى جانبه مدافعين عنه وعن أنفسنا وننبه كل من يحاول تعطيل الوفاق الذي تجري محاولات إقامته أننا سنتصدى له».
في المقابل، أكّد الحريري أنه بدأ بمشاورات مع كل الأفرقاء السياسيين لتفعيل العمل بهدف تسريع انتخاب رئيس للجمهورية، مستعرضا التطورات المتعلقة بهذا الموضوع، وعارضا الجهود الحثيثة التي يقوم بها، بحسب ما جاء في بيان الكتلة.
وشددت الكتلة على أهمية مشاركة جميع النواب في جلسة مجلس النواب غدًا، وهي الجلسة الـ45 المخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية لممارسة واجبهم الدستوري في انتخاب رئيس البلاد ومن أجل إنهاء الشغور في سدة الرئاسة، مؤكدة أن انتخاب رئيس ما زال المدخل الصحيح الواجب لحل أغلب المشكلات التي تعصف بلبنان في هذه المرحلة الخطيرة. واعتبرت الكتلة أن استمرار المقاطعة لجلسات انتخاب الرئيس من قبل ما يسمى «حزب الله» وحلفائه قد أضرت بلبنان وبصورة مؤسساته وصدقية قياداته، آملة في أن تعيد تلك القيادات النظر في هذه السياسات والمواقف السلبية والإقبال على انتخاب الرئيس.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.