ولايات أميركية تزيد الضغوط على شبكة مدارس غولن

تستهدف أكثر من 150 مؤسسة شهدت تباطؤًا حادًا في النمو

ولايات أميركية تزيد الضغوط على شبكة مدارس غولن
TT

ولايات أميركية تزيد الضغوط على شبكة مدارس غولن

ولايات أميركية تزيد الضغوط على شبكة مدارس غولن

اشتدّت الضغوط المالية والقانونية على شبكة تضم أكثر من 150 مدرسة أميركية تربطها صلات بأتباع السياسي التركي فتح الله غولن، المقيم في بنسلفانيا، وتتهمه الحكومة التركية بالتحريض على الانقلاب الفاشل الذي وقع في يوليو (تموز) الماضي.
هذا ما كشفت عنه تصريحات مسؤولين في المدارس، وأعضاء حاليين وسابقين في حركة غولن، بالإضافة إلى ما اطّلعت عليه «رويترز» من سجلات عامة. وتشير السجلات العامة إلى أن المدارس التي تمول بالمال العام، وتعدّ مصدرًا رئيسيًا للوظائف وفرص العمل لأعضاء حركة غولن العالمية في الولايات المتحدة، شهدت تباطؤًا حادًا في النمو في السنوات الأخيرة.
ويأتي هذا التباطؤ وسط سلسلة من التحقيقات الحكومية في أكثر من عشر ولايات، في ادعاءات تتراوح بين سوء استخدام المال العام إلى التحايل على نظام تأشيرات الدخول للبلاد. ولم تسفر التحقيقات التي يجريها مسؤولون على مستوى الولايات وعلى المستوى الاتحادي عن توجيه اتهامات جنائية لأحد أو توريط غولن، الذي لا تحمل أي مدرسة من المدارس اسمه، توريطًا مباشرًا.
كما يأتي الضغط المتزايد على المدارس في وقت تضيق فيه الحكومة التركية الخناق على أنصار غولن في الداخل، وتبذل جهدًا حثيثًا من أجل تسليم غولن إليها. ولم تفتتح سوى ثلاث مدارس جديدة في العام الماضي، وثلاث مدارس خلال العام الحالي، بالمقارنة مع افتتاح 23 مدرسة جديدة في ذروة توسع الشبكة خلال عام 2010 وفقًا للسجلات العامة التي اطلعت عليها وكالة «رويترز» الخاصة بعدد 153 مدرسة، والشركات التي تديرها في مختلف أنحاء البلاد.
ويتعارض هذا التراجع مع النمو المطّرد خلال السنوات الست الماضية لكل المدارس المماثلة في الولايات المتحدة التي تحصل على أموال عامة، لكنّها معفاة من بعض القواعد التي تنظم عمل المدارس العامة التي تديرها الولايات.
وفي الوقت نفسه، تم منذ عام 2010 إغلاق 15 مدرسة أو نقل ملكيتها إلى ملاك لا صلة لهم بحركة غولن. وواجهت شركات إدارة أو مدارس بعينها، تحقيقات رسمية في 11 ولاية على الأقل من تلك الحالات في ولايات جورجيا وكاليفورنيا وبنسلفانيا وأوهايو.
وقال خاقان بربر أوغلو، القائم بأعمال المدير التنفيذي لمؤسسة «نياغرا فاونديشن»، التي تهدف للترويج للحوار بين الأديان الذي ينادي به غولن رئيسها الشرفي، إنه «منذ بدأت هذه التحقيقات والضغوط من التغطية الإعلامية، أصبحت المدارس أكثر حرصًا، ربما بخمسة أمثال حرصها في ما يتعلق بأوضاعها المالية وكيفية تغيير المتعاقدين». وأضاف: «أصبحت أكثر حرصًا بكثير في كيفية توسعها».
وقال بربر أوغلو إن المدارس لا تربطها صلة رسمية بغولن، وليست خاضعة لسيطرة مركزية من أحد.
وفي مؤشر آخر على تباطؤ نمو المدارس، انخفض عدد طلبات التأشيرات التي تقدمها المدارس لاستقدام عاملين من تركيا ودول أخرى إلى 360 طلبًا في العام الماضي، من أكثر من ألف عام 2010 حسبما توضح سجلات الهجرة. وقال أعضاء حاليون وسابقون في حركة غولن إن هذا يعكس رغبة المدارس المرتبطة بالحركة في تفادي الخضوع لمزيد من إجراءات الفحص الحكومية.
وفي أعقاب الانقلاب الفاشل، صعّد محامون يعملون لحساب أنقرة في الولايات المتحدة حملة شرسة لمحاولة إقناع السلطات على مستوى المحليات والولايات والمستوى الاتحادي لبدء تحقيقات جديدة، وتشويه سمعة المدارس، وغيرها من الأنشطة الأميركية المرتبطة بغولن.
وسئل ألب أصلان دوغان، المتحدث باسم غولن، عن مؤشرات على تعرض الحركة لضغوط في الولايات المتحدة، فقال: «لا يقلقنا ذلك». ويقول الأعضاء الحاليون والسابقون في الحركة إن كثيرين من أنصار غولن في تركيا يتطلعون الآن لأشقائهم المقيمين في الولايات المتحدة طلبًا للدعم المادي وبحثًا عن الملاذ الأمن.
من جهته، قال رجل أعمال تركي يقيم في الولايات المتحدة، مشترطًا إخفاء هويته بسبب حساسية جهوده لمساعدة الراغبين في الهجرة، إن «مهمّتي هي إنقاذ الناس ومساعدة من يريدون القدوم إلى هنا». وينفي غولن الذي يميل لحياة العزلة ويعيش في منفى اختياري في بنسلفانيا منذ عام 1999 أي دور له في المحاولة الانقلابية.
وتسعى حركة كولن العالمية المعروفة باسم «الخدمة»، والتي تصنفها الحكومة التركية «إرهابية»، لنشر ما يقول أنصارها إنه تفسير للإسلام المعتدل، والذي يدعم التعليم على النمط الغربي والأسواق الحرة والحوار بين الأديان.
ويقول خبراء مستقلون مطلعون على الحركة إن الولايات المتحدة أصبحت أهم قاعدة للأعمال لحركة غولن خارج تركيا، باستثناء ألمانيا. وإلى جانب المدارس، يدير أتباع الحركة مجموعة من الأنشطة التجارية والجمعيات المدنية والخيرية التي تربطها صلات ضعيفة.
ويوضح الأعضاء الحاليون والسابقون والوثائق القانونية أن التحقيقات على مستوى الولايات والمستوى الاتحادي، استهدفت بعض الشركات المتعاقدة المملوكة لأميركيين من أصول تركية، والتي لها تعاملات مع المدارس بسبب اتهامات بحصولها على معاملة تفضيلية.
وقال بربر أوغلو بهذا الصدد إن المدارس توظف بعض أعضاء الحركة، وتبرم تعاملات معهم، وذلك لأنه بالإمكان الاعتماد عليهم والثقة بقدراتهم. وأضاف أنه «إذا أردت النجاح لهذه المدارس، فعليك أن تعتمد على من تعرفهم».
وأوضحت سجلات الكونغرس أن جماعات لها صلة بحركة غولن رعت مئات من رحلات أعضاء الكونغرس إلى تركيا، ودول قريبة منها في السنوات الثماني الماضية. لكن مثل هذه الرحلات توقفت في الغالب منذ عام 2015، عندما بدأت وزارة العدل تحقيقا جنائيا في احتمال ارتكاب مخالفات في مصادر تمويل بعض هذه الرحلات.
وسلّم أصلان دوجان بأن بعض المدارس أنشأها «متعاطفون» مع غولن، لافتًا إلى أن الحركة لا تتمتع بالتحكم المركزي. ويقول بعض أتباعها إن دور غولن ينحصر في «القيادة الملهمة». وقد رسّخت شبكة المدارس جذورها في الولايات المتحدة خلال العقدين الأخيرين، وأصبح إداريوها يمتلكون مهارات تمكنهم من الحصول على التمويل العام.
إلى ذلك، توضح بيانات أن سلسلة من مبيعات السندات بلغت قيمتها الإجمالية 683 مليون دولار منذ عام 2006. ومثلت مبيعات السندات من جانب أربعة من سلاسل المدارس في عام 2014 وحده - وفقًا لأحدث البيانات السنوية المتاحة - ستة في المائة من إجمالي سوق السندات لمثل هذه المدارس الأميركية المعفاة من الضرائب بالكامل في ذلك العام.
من جانبهم، يقول محامون أميركيون يعملون لحساب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إنهم يشتبهون أن المدارس مجرد واجهة لتوليد 500 مليون دولار سنويًا، تحول من حركة غولن كل عام لتمويل أنشطة تخريبية مناهضة للدولة التركية، مثل رشوة المسؤولين. ولا يقدم المحامون تفاصيل محددة عما يدعوهم للاعتقاد في ذلك.
ووصف أصلان دوغان، المتحدث باسم غولن، هذه الاتهامات بأنها «زائفة» ولا دليل عليها، وقال إنها جزء من ثأر يستهدف المشاركين في الحركة خارج تركيا. وفي حالة واحدة على الأقل بولاية تكساس، أدّت الاتهامات التي أطلقتها الحكومة التركية بعد المحاولة الانقلابية على سلسلة كبرى من المدارس إلى تجديد التحقيقات.
وقالت إدارة التعليم في تكساس، في أواخر يوليو، إنها تدرس شكوى قدمها الفريق القانوني للحكومة التركية عن مخالفات مالية مزعومة من جانب شركة مدارس «هارموني» العامة، التي تدير 48 مدرسة، ومقرها هيوستون.
وفي الشكوى، اتّهم محامو الحكومة التركية شركة «هارموني» بإساءة استخدام 18 مليون دولار من المال العام وتحويل أموال لحركة غولن، واتهموها باتباع إجراءات تمييزية في توظيف العاملين. ولم يعلن حتى الآن أي قرار بفتح تحقيق رسمي من عدمه.
ونفى سونر تاريم، أحد مؤسسي «هارموني»، ارتكاب أي مخالفات، وقال إنه لا توجد «مؤامرة سرية» في إدارة المدارس التي لا تهدف لتحقيق الأرباح. وأضاف: «الهدف في الحقيقة هو تكوين خبرات في الرياضيات والعلوم». غير أن تاريم سلّم بأن شركته تعرضت لضغوط، واضطرت لزيادة إنفاقها على الرسوم القانونية والعلاقات العامة. وقال: «ولهذا فإن لها أثر ما في مواردنا، لكن ليس على سمعتنا».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».