أحمد رحمي.. رحلة التحول من «مهرج» الفصل الدراسي إلى منفذ تفجيرات مانهاتن

مهاجر ناقم مشتت بين عالمين وعاجز عن أن يجد لنفسه مكانًا في أي منهما

أحمد رحمي منفذ تفجيرات مانهاتن (نيويورك تايمز) - محمد رحمي والد منفذ تفجيرات مانهاتن فشل في احتواء تطرف ابنه (نيويورك تايمز)
أحمد رحمي منفذ تفجيرات مانهاتن (نيويورك تايمز) - محمد رحمي والد منفذ تفجيرات مانهاتن فشل في احتواء تطرف ابنه (نيويورك تايمز)
TT

أحمد رحمي.. رحلة التحول من «مهرج» الفصل الدراسي إلى منفذ تفجيرات مانهاتن

أحمد رحمي منفذ تفجيرات مانهاتن (نيويورك تايمز) - محمد رحمي والد منفذ تفجيرات مانهاتن فشل في احتواء تطرف ابنه (نيويورك تايمز)
أحمد رحمي منفذ تفجيرات مانهاتن (نيويورك تايمز) - محمد رحمي والد منفذ تفجيرات مانهاتن فشل في احتواء تطرف ابنه (نيويورك تايمز)

إذا كان هناك طفل واحد كان يخشى محمد رحمي من أن يجلب العار على أسرته، فقد كان المشتبه به أحمد. عندما كان تلميذًا في الصف الخامس، اشتكى معلمه إلى والده السيد رحمي من أن أحمد يتصرف بشغب وتهريج داخل الفصل الدراسي. أما في المرحلة المتوسطة فكسر أحمد أنف صديق له. لكن الأسوأ من هذا جاء عندما كان في المدرسة الثانوية - بعد أن رتب السيد رحمي لزواجه من فتاة أفغانية طيبة من كابل، واعد أحمد فتاة دومينيكانية، وحملت منه في سنة التخرج من المدرسة».
ونشب بينهما كثير من المشاجرات. في البداية، لأن أحمد كان يتشبه بالسلوكيات الأميركية بشكل مبالغ فيه بالنسبة إلى أبوين محافظين من أفغانستان، وكانا قد انتقلا إلى نيوجيرسي بعد قتال السيد رحمي في أفغانستان ضد قوات الجيش السوفياتي ضمن قوات المجاهدين في الثمانينات من القرن الماضي.
وبعد ذلك، في السنوات القليلة الأخيرة، نشب بينهما شجار حول مخاوف أسوأ بكثير. كان المشتبه به أحمد يقضي ساعات في مشاهدة مقاطع الفيديو على الإنترنت، فتشبع بفكر التطرف العنيف، وبات مؤيدا لعدد من أبرز مروجي هذه الرسالة: بن لادن والعولقي وأبو محمد العدناني المتحدث باسم «داعش» الذي قتل الشهر الماضي، وهم الرجال الأغنياء عن ذكر أسمائهم الأولى في عالمنا هذا.
يتذكر الأب قوله لأحمد، أحد أبنائه الثمانية: «هذا خطأ. أنت لا تعرف ما إذا كان هؤلاء هم من يمثلون الإسلام الحقيقي. لا ينبغي عليك مشاهدتهم، وليس لك أي علاقة بهم».
لكن شيئا لم يوقف المشتبه به أحمد خان رحمي، 28 عاما، المتهم الآن بالضلوع في تفجيرات في نيويورك ونيوجيرسي، وسلسلة من المحاولات الأخرى ولا مناشدات السيد رحمي لثاني أكبر أبنائه بأن مثل هذا الإعجاب بفيديوهات المتشددين «مرض» ولا فتح مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي» وحفظه للتحقيق في نشاطه خلال عام 2014.
وتتشابه قصة المشتبه به أحمد، من وجوه عدة، مع قصص مرتكبي الهجمات الإرهابية الأخرى الأخيرة في الولايات المتحدة وأوروبا: مهاجر ناقم من الجيل الأول، مشتت بين عالمين، وعاجز عن أن يجد لنفسه مكانا في أي منهما؛ شاب لم يكن قد وجد طريقا ذا معنى في الحياة، تم تجنيده بسهولة لصالح قضية تعد بالنعيم الإلهي. وهي تشبه بوجه خاص حياة جوهر تسارنايف، طالب المدرسة الشهير الراحل، الذي عوقب بالإعدام قبل بضع سنوات على تخرجه، لدوره في تفجيرات ماراثون مانهاتن في 2013.
لكن ثمة اختلافات دقيقة في قصة أحمد، تبين إلى أي مدى كان من الصعب بالنسبة إليه أن يجد لنفسه سبيلا في أميركا، بينما كان يحاول أن يخرج من دائرة أسرته المحافظة، وهو شيء، بدا أنه كان يسعى إليه بشدة في فترة من الفترات. لم يكن تمرده الأول موجها ضد الغرب. إنما كان ضد والده، الشخصية المحافظة، والرجل المتسلط الذي حاول إدارة أسرته كما كان يفعل في بلاده. ثم بعد ذلك، لاحقا، تخلى أحمد عن هذه المعركة لأجل معركة أخرى، وهي على ما يبدو محاولة التطرف على طريقته الخاصة، محتقرا البلد الذي رحب بأسرته كلاجئين».
في مخططه الأخير، بدا أحمد معزولا ومشوشا في بعض الأحيان. لم يكن هناك أي أخ يتولى توجيهه، كما كان في حالة السيد تسارنايف. ولم تكن هناك أي خلية إرهابية تساعده بصورة فعالة على ما يبدو. كذلك لم تكن هناك زوجة تعتنق التشدد، كما كانت حال الزوجين اللذين نفذا عملية إطلاق النار الجماعي في ديسمبر (كانون الأول) في سان بيرناردينو، بولاية كاليفورنيا، ولا جماعة سارعت بتبني الاعتداءات التي نفذها. لا «القاعدة»، ولا «داعش»، على الرغم من إشادة أحمد بشخصيات من كلتا الجماعتين في المفكرة التي وجدت بحوزته. أظهرت هذه المفكرة كذلك خوفه من أن يتم القبض عليه قبل إتمام مهمته، بحسب ما كشفت السلطات.
إذن ما الذي حول أحمد، مهرج الفصل الدراسي، والشاب الذي أراد في فترة ما أن يصبح ضابط شرطة أو مترجما مع الجيش الأميركي، إلى رجل متهم الآن بتدبير أخطر هجوم إرهابي في مدينة نيويورك منذ هجمات 11 سبتمبر؟ يبقى كثير من هذه الأسئلة من دون إجابة، لكن هنالك شيئا واحدا من خلال المقابلات التي أجريت مع والده وأصدقائه: لقد وجد التشدد على الإنترنت، في فترة من حياته، لم يكن فيها شيء شديد السوء، لكن لم يكن فيها شيء حلو كذلك.
كانت حياته متوقفة مكانها. حتى عندما كان هناك تقدم بالنسبة لأشقائه، الذين تخرج بعضهم من الجامعة، وعمل بعضهم الآخر سائقا في «أوبر»، كان حياة أحمد محلك سر. حاول أن يجد وظيفة وأخفق، وعاد في النهاية إلى الشيء الوحيد الذي يعرفه وكان يريد منه فكاكا: مطعم الدجاج المقلي الذي تديره الأسرة. تراكمت سنوات من الإهانات الصغيرة، وقضايا الأحداث التي تورط فيها. مرت حياة أحمد بمرحلتين أساسيتين قبل أن يبدأ مشاهدة الفيديوهات الجهادية في 2013 وبعدها، حيث صار أكثر تشددا. في سنوات مراهقته كان منغمسا في الروح الأميركية من حيث اختياره لملابسه وتحدثه بلغة عامية، ومواعدته لصديقات، بل وكتابته قصائد حب في مفكرته.
وعندئذ كانت رغبة السيد رحمي في إرسال أحمد إلى أفغانستان في محاولة لتقويم تفكيره، وكبح تجاوزاته، تبدو كتهديد، وعقاب، لا كبوابة إلى اعتناق قضية المتطرفين. لكن عندئذ جاءت الرحلة الأخيرة. في أبريل (نيسان) 2013. رحل أحمد ليقضي ما يقرب من العام في باكستان. ومن هناك ذهب إلى تركيا وأفغانستان، بحسب مسؤولين بالهجرة وإنفاذ القانون في باكستان والولايات المتحدة. وبحسب والده، بدأ أحد الأقارب في كويتا، باكستان، يعرب عن تخوفه من الطريق الذي يمضي إليه أحمد. وبحسب أحد الأقارب في أفغانستان، والذي طلب عدم ذكر اسمه تجنبا لغضب الأسرة، كان أحمد قد وقع تحت تأثير رجل دين متشدد في كويتا، يدعى الملا قودري. عاد أحمد إلى بيت الأسرة غاضبا وعنيفا. وبعد ذلك ببضعة شهور طعن والدته، وأحد أشقائه وإحدى شقيقاته. وبلغ الأب من القلق مبلغا أن تحدث إلى الإف بي آي. لكن في ذلك الوقت، ومع غلق التحقيق، حاول السيد رحمي أن يتصالح مع نجله.
* خدمة: «نيويورك تايمز»



إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.