خطة لتطوير 25 موقعًا سياحيًا سعوديًا وتأهيل 75 جزيرة

برامج لتهيئة المواقع والفعاليات وفق معايير عالمية.. وإطلاق 49 مسارًا للتعرف على مناطق المملكة

هيئة السياحة تتبنى مشاريع وبرامج لتهيئة المواقع السياحية والتراثية للزيارة
هيئة السياحة تتبنى مشاريع وبرامج لتهيئة المواقع السياحية والتراثية للزيارة
TT

خطة لتطوير 25 موقعًا سياحيًا سعوديًا وتأهيل 75 جزيرة

هيئة السياحة تتبنى مشاريع وبرامج لتهيئة المواقع السياحية والتراثية للزيارة
هيئة السياحة تتبنى مشاريع وبرامج لتهيئة المواقع السياحية والتراثية للزيارة

أكدت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني الانتهاء من إعداد 25 خطة لتطوير المواقع السياحية، مشيرة إلى أنها تعمل على «مشروع الاستغلال الأمثل للجزر السعودية في البحر الأحمر والخليج العربي لأغراض السياحة»، إضافة إلى إطلاق 49 مسارًا سياحيًا جديدًا للتعرف على مناطق السعودية.
وأضافت الهيئة أن خطة تطوير المواقع السياحية موزعة بين 10 وجهات ومواقع ساحلية، و9 جبلية، و6 صحراوية. من أهمها وجهات العقير، وفرسان، والليث والقنفدة، وسوق عكاظ، ودومة الجندل، وعروق بني معارض، ووجهة الرأس الأبيض الساحلية في منطقة المدينة المنورة.
وذكرت أنها حددت 75 جزيرة في البحر الأحمر والخليج العربي لاستغلالها في أغراض السياحة، وفق معايير فنية مبنية على خصائصها الطبيعية وجاذبيتها للاستثمار ومساحتها وحجم الاستثمار المتوقع بها.
ولفتت الهيئة إلى «برنامج تهيئة المواقع السياحية» الذي يتضمن تنفيذ مرافق وخدمات لإثراء زيارة السائح وبعض المنشآت الضرورية حسب احتياج كل موقع، وسيتم تنفيذ هذا البرنامج من خلال مجموعة من المشاريع المكملة في كل منطقة من مناطق السعودية، مشيرة إلى أنها قدمت الدعم الفني والمالي من خلال هذا البرنامج لتهيئة 201 موقع سياحي في المناطق كافة.
وأوضحت أن من برامجها أيضًا في مجال تأهيل المواقع «برنامج تطوير وتأهيل المراكز الحضرية سياحيًا»، الذي يعمل على تأهيل المراكز الواعدة سياحيًا من خلال تطوير أنظمة العمران والبناء ومخططات استعمالات الأراضي، وتوجيهًا لتكون مراكز جذب سياحي تسهم في تقديم منتجات سياحية جديدة.
* المنتجعات الطبيعية
وأكدت «هيئة السياحة» أنها تنفذ «برنامج تطوير مناطق المنتجعات الطبيعية» بالتعاون مع أمانات المناطق، من خلال تحديد مواقع المنتجعات الطبيعية وتصنيفها وإبراز أهميتها، وتعمل الهيئة بالتعاون مع الأمانات على حجزها كمناطق تنزه، وتخصيص جزء منها للاستثمار، بإنشاء المنتجعات السياحية ذات الطابع الريفي والبيئي.
وأكملت الهيئة بمساندة أمانات المناطق تحديد المواقع المستهدفة في جميع مناطق المملكة (بمعدل 3 مواقع لكل منطقة)، ويجري عرض المواقع المستهدفة على مجالس التنمية السياحية بالمناطق، لتخصيص ميزانية لهذه المواقع من الأمانات والبدء الفعلي في مشاريعها. كما تتعاون الهيئة مع وزارة الزراعة في تأهيل المتنزهات الطبيعية وإتاحتها للزوار.
* اليوم العالمي للسياحة
إلى ذلك، يحتفل العالم اليوم باليوم العالمي للسياحة الذي يقام هذا العام تحت شعار «السياحة للجميع - تعزيز الوصول الشامل إلى السياحة».
وتطرقت الهيئة إلى أنها اهتمت بتوفير السياحة للجميع من خلال العمل على تنظيم الفعاليات المناسبة لكل فئات المجتمع، وتهيئة المواقع السياحية والمتاحف والمتنزهات وتحفيز الزيارة لها، ودعم وتشجيع الرحلات السياحية المحلية، والاهتمام بخدمة ذوي الاحتياجات الخاصة في مرافق الإيواء السياحي وغيرها من الأنشطة والبرامج.
وأوضحت أن برنامج التحول الوطني اعتمد 13 مبادرة للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بتكاليف تجاوزت 10.4 مليار ريال، تشكل مشاريع نوعية تقدمت بها الهيئة لتهيئة المشاريع والمواقع السياحية للزيارة والاستثمار.
وأكدت «السياحة» أنها اهتمت بتكثيف وتطوير الفعاليات السياحية، بحيث تناسب شرائح المجتمع كافة، من أسر وشباب وأطفال وكبار السن، وعملت على استمرارية الفعاليات والمهرجانات على مدار العام، وفي كل المناطق، كما حرصت على تنوع هذه الفعاليات بما يسهم في الإقبال عليها والاستفادة الاقتصادية منها، مضيفة أن الفعاليات السياحية أصبحت من الأنشطة الاقتصادية التي تستفيد منها المجتمعات المحلية، لما تحمله من فوائد للمناطق والمحافظات.
وبحسب الهيئة، استقبلت مهرجانات العام الماضي 1436ه، نحو 12 مليون زائر بنسبة نمو 15 في المائة وتجاوز إنفاقهم على المهرجانات حاجز الـ30 في المائة، مقارنة بعام 1435ه، وأسهمت المهرجانات السياحية التي أقيمت منذ عام 2005 وحتى الآن في توفير أكثر من 70 ألف فرصة عمل مؤقتة، من خلال العمل في الفعاليات والأنشطة المصاحبة للمهرجانات.
وأشارت هيئة السياحة، إلى أنها عملت على تأهيل المواقع التراثية لإتاحتها للزيارة، وشرعت في العمل على المتاحف التي اعتمد برنامج التحول الوطني دعم الهيئة في إنشائها وتشغيلها وتجهيز العروض المتحفية الخاصة بها والبالغ عددها 18 متحفًا في مختلف مناطق المملكة، وشارفت على الانتهاء من إنشاء منظومة المتاحف الإقليمية الجديدة والبالغة 11 متحفًا في مختلف مناطق المملكة، كما أنجزت الهيئة منذ أكثر من 5 سنوات الإعداد والتصميم لعدد من متاحف التاريخ الإسلامي التي تنتظر التمويل للبدء في إنشائها.
* دعم الرحلات السياحية المحلية
وبهدف دعم الرحلات السياحية المحلية للمواطنين والتحفيز لزيارتهم للمواقع السياحية في مناطق المملكة، طورت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني ونفذت 87 برنامجًا ورحلة سياحية في مختلف مناطق المملكة خلال العام الماضي، بلغ مجموع المستفيدين منها 178.900 مستفيد.
ووضعت الهيئة لمساتها الأخيرة على عدد من المسارات السياحية الجديدة، التي تعطي السائح جميع الخيارات المتاحة، لاكتشاف أجمل الأماكن وأكثرها تنوعًا في السعودية والتعرف عليها، عبر 49 مسارًا سياحيًا تربط المناطق بعضها بعضًا، وذلك عبر مسارات سياحية متصلة تضع السعودية بين يدي السائح والتنسيق مع الجهات الحكومية لتوفير الخدمات في هذه المسارات.
كما أولت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني اهتمامًا بخدمة ذوي الاحتياجات الخاصة في مرافق الإيواء السياحي، وتبنت تطوير إرشادات في معايير التصنيف لمرافق الإيواء السياحي تحت اسم متطلبات ذوي الاحتياجات الخاصة، بهدف تسهيل تنقل ذوي الاحتياجات الخاصة وممارستهم الأنشطة والفعاليات داخل مرافق الإيواء.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».