قُتل الكاتب الأردني، ناهض حتر، أمام قصر العدل، في منطقة العبدلي، وسط عمان، أمس، إثر تعرضه لإطلاق نار، وإصابته بثلاث رصاصات. وكان حتر متوجهًا لحضور جلسة للمحكمة. وقد نقل إلى المستشفى على الفور، غير أنه فارق الحياة بعدها.
وأكد مصدر أمني أردني، أنه تم القبض على الجاني، ويدعى رياض إسماعيل أحمد عبد الله، من مواليد عام 1967، وهو من ذوي السوابق، ويقيم في منطقة الجويدة - خريبة السوق، في العاصمة عمان.
وأضاف المصدر، أن الجاني أطلق النار من سلاح ناري (مسدس)، ما تسبب في مقتل الصحافي والكاتب ناهض حتر، بثلاثة أعيرة نارية أصابته في الرأس، على درج مدخل قصر العدل بينما كان يهم بدخوله.
وبحسب شهود عيان، قام الجاني بتسليم نفسه وسلاحه إلى حرس المحكمة، حيث جرى اصطحابه إلى مديرية شرطة وسط عمان، وتم ضبط 6 أظرف فارغة في موقع الجريمة.
وروى العميد المتقاعد، سامي المجالي، الذي كان برفقة المغدور حتر، لحظة مقتله أمام قصر العدل في العاصمة عمّان، تفاصيل مقتله، فنفى وجود أي ضباط أو عناصر أمن في المكان لحظة مقتله. وقال المجالي، إنه كان برفقة المغدور، وكان يمسك بيده للدخول إلى قصر العدل، لكن رجلاً يرتدي دشداشًا ركض صوبهم، وأطلق الرصاص النار من مسدس عياره 7 مل باتجاه حتر مباشرة. وأضاف: «وفور إصابته بالأعيرة النارية، سقط حتر أرضًا، وكان برفقته أولاده وعدد من أشقائه. وغطت الدماء المكان. وهرع الناس بحثًا عن الأمان».
وقال المجالي: «كان ناهض يعتقد أن رحلته إلى المحكمة لن تستمر أكثر من 5 دقائق، لكن الرصاص أصابه في رأسه ورقبته». وأضاف: «أخذ مطلق الرصاص يجري هاربًا، وقد ألقى الناس القبض عليه، وجرى تسليمه إلى الأجهزة الأمنية، التي لم تكن موجودة لحظة وقوع الحادثة».
أما شاهد العيان، محمد الجغبير، أحد الذين كانوا يرافقون الكاتب حتر، لحظة مقتله، فقال إنه جرى إطلاق النار على حتر في تمام الساعة التاسعة والربع صباحًا، عند البوابة الخارجية لقصر العدل، المخصصة لدخول الرجال.
وأكد الجغبير، أن إطلاق النار جرى من مسافة متر، من مسدس لونه فضي، بينما كان الجاني يتمتم بصوت منخفض، وبكلام غير مفهوم، وكان ذا لحية طويلة وشاربين خفيفين، ويرتدي ثوبًا رماديًا «دشداشة».
ووفقًا للجغبير، تلقى حتر أول رصاصة في صدره ما أدى إلى سقوطه أرضا، قبل أن يتلقى رصاصات عدة في أنحاء مختلفة من جسمه.
وحاول الجاني الفرار عبر كراج المركبات الخاص بالمحكمة، لكن ابن الكاتب حتر ومجموعة من المواطنين، بالإضافة إلى رجال الأمن، طاردوه، وتمكنوا من إلقاء القبض عليه. وأشار الجغبير إلى عدم وجود أي نوع من الحماية للكاتب. وقد اعترف الجاني، خلال التحقيق معه، وفقًا لمصدر أمني، بأنه قتل حتر بسبب ما نشره، وهو ما جرت محاكمته عليه، بتهمة «إثارة النعرات المذهبية»، و«إهانة المعتقد الديني».
وقال القاتل خلال التحقيقات، إنه قتل حتر على خلفية كتابته لمنشور على صفحته الشخصية على «فيسبوك»، اتهم على أثره من قبل القضاء الأردني، بـ«إثارة النعرات المذهبية» و«إهانة المعتقد الديني».
وقد وجه رئيس الوزراء، هاني الملقي، وزير داخليته سلامة حمّاد، آنذاك للتحقيق بما نسب إلى الكاتب ناهض حتر، حول نشره رسمًا كاريكاتوريًا، على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، يمسّ الذات الإلهية.
وأشار المصدر إلى أن القاتل من سكان منطقة الهاشمي الشمالي، وقد غادر الأردن أخيرًا إلا أنه عاد إليه. وكان يعمل إمامًا لمسجد الأتراك، في منطقة حي الزغاتيت. وقد فصل من عمله، بسبب تطاوله على مقامات عليا، ويحمل أفكار حزب التحرير المحظور.
وقد تجمعت عشرات المركبات أمام ديوان آل حتر، في منطقة الفحيص، غربي العاصمة عمان، إثر مقتل حتر. وحمّلت عائلة حتر (المسيحية)، الحكومة مسؤولية مقتل ابنها ناهض، وعلى رأسها رئيس الوزراء هاني الملقي، وفق ما ذكر أحد أقاربه ويدعى سعد حتر، الذي أكد للصحافيين، أن الحكومة تتحمل كامل المسؤولية إثر مقتل ناهض، خصوصًا أنه تلقى الكثير من التهديدات خلال الفترة الماضية أمام أعين أجهزة الدولة.
وأضاف، أن حادثة مقتل الكاتب حتر، ما هي إلا لخلق الفتنة بين أبناء الشعب الأردني، ولإسقاط صوت من أصوات الحق.
واستنكرت دائرة الإفتاء العام مقتل حتر، مؤكدة أن الدين الإسلامي بريء من هذه الجريمة البشعة. ودعت في بيان لها، أبناء المجتمع الأردني جميعًا، باختلاف أديانهم وأطيافهم، إلى الوقوف صفًا واحدًا خلف قيادتهم الهاشمية ضد الإرهاب ومثيري الفتنة.
ويأتي اغتيال حتر بعد 17 يومًا من إطلاق سراحه، في الثامن من سبتمبر (أيلول) الحالي، بكفالة، بعد قرابة شهر على توقيف السلطات الأردنية له، في 13 أغسطس (آب) الماضي، بإيعاز من رئيس الوزراء هاني الملقي، وباشرت تحقيقا معه على خلفية شكوى ضده تتهمه «بالإساءة للذات الإلهية».
ووجه مدعي عام عمان، القاضي عبد الله أبو الغنم، في حينه، إلى حتر، تهمة «إثارة النعرات المذهبية والعنصرية». وهي تهمة كانت ستزج به في السجن لمدة تتراوح بين ستة أشهر وثلاث سنوات، في حال إدانته، طبقًا للقانون الأردني.
وكان حتر قد نشر رسمًا كاريكاتوريًا على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، بعنوان «رب الدواعش»، ما أثار غضبا واسعا، واعتبر بأنه «مس بالذات الإلهية»، وهو ما نفاه حتر. وقال حتر، بعدما حذف الرسم، إنه «يسخر من الإرهابيين، ومن تصورهم للرب والجنة، ولا يمس الذات الإلهية من قريب أو بعيد، بل هو تنزيه لمفهوم الألوهية عما يروجه الإرهابيون».
يشار إلى أن ناهض حتر كان من أبرز المدافعين عن النظام السوري ورئيسه بشار الأسد. وهذه ليست المحاولة الأولى لاغتياله، فقد تعرض لمحاولة اغتيال فاشلة عام 1998.
تخرج حتر من قسم علم الاجتماع في الجامعة الأردنية، وحصل على ماجستير فلسفة في الفكر السلفي المعاصر. دفع المغدور من عمره سنوات، خلال نضاله وسجنه مرات كثيرة، كان أطولها في الأعوام 1977 و1979 و1996، علاوة على إسهاماته الفكرية في نقد الإسلام السياسي، والفكر القومي والتجربة الماركسية العربية، ومن أهم من درس التكوين الاجتماعي الأردني.
وكان حتر من كتاب صحيفة الأخبار اللبنانية، وهو موقوف عن الكتابة في الصحافة الأردنية، منذ سبتمبر 2008.
ومن مؤلفات حتر: دراسات في فلسفة حركة التحرر الوطني. والخاسرون: هل يمكن تغيير شروط اللعبة؟ وفي نقد الليبرالية الجديدة، الليبرالية ضد الديمقراطية. ووقائع الصراع الاجتماعي في الأردن في التسعينات. والملك حسين بقلم يساري أردني. والمقاومة اللبنانية تقرع أبواب التاريخ. والعراق ومأزق المشروع الإمبراطوري الأميركي.
مقتل صحافي أردني أمام قصر العدل يثير موجه غضب وسط عمان
القاتل إمام جامع مفصول وترصد المغدور على مدى أسبوع
مقتل صحافي أردني أمام قصر العدل يثير موجه غضب وسط عمان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة