لافروف يطلب التحقيق في قصف القافلة الإنسانية قرب حلب

رغم إقراره بموت الاتفاق حول سوريا.. يصر على تنفيذه حتى بعد رحيل أوباما

لافروف يطلب التحقيق في قصف القافلة الإنسانية قرب حلب
TT

لافروف يطلب التحقيق في قصف القافلة الإنسانية قرب حلب

لافروف يطلب التحقيق في قصف القافلة الإنسانية قرب حلب

أقر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بفشل الاتفاق الأميركي - الروسي حول سوريا؛ وذلك حين أكد أن استئناف العمل باتفاق وقف إطلاق النار «أمر ممكن، لكن على أسس جماعية». وقال لافروف في حوار على قناة «روسيا24» التلفزيونية إنه «من الممكن الآن الحديث حول إنعاش الهدنة، لكن فقط على أسس جماعية، أي حيث لا يكون واجب علينا نحن أن نثبت أمرًا، بل حيث يجب أن يثبتوا لنا (يقصد الأميركيين) بأن الحديث يدور حول نية صادقة بفصل المعارضين الذين يتعاونون مع التحالف الأميركي، عن (جبهة النصرة)، والقضاء عليها بعد ذلك. أما المعارضون فيصبحون جزءا من العملية السياسية» حسب قول لافروف، الذي حذر من أنه بحال لم يتمكنوا من إثبات هذا الأمر لروسيا، فإن هذا سيعزز الشكوك بأن كل ما يجري يهدف إلى تجنيب «جبهة النصرة» التعرض للضربات.
ضمن هذه الرؤية التي عبر عنها لافروف، التي لا تنفصل عن إصرار موسكو على تجاهل مسؤولية النظام وتحميل المسؤولية عن فشل تنفيذ الاتفاق للجانب الأميركي، وامتناعه عن الفصل بين المعارضة ومن تصفهم بـ«الإرهابيين»، أكد الوزير الروسي أن موسكو «لن تتعامل بعد اليوم بجدية مع الطلب بأن توقف من جانب واحد هي والنظام السوري الطلعات الجوية». وأردف «إذا عادت الأمور لتقتصر مجددا على المطالبة بخطوات أحادية من جانب القوات الجوية الروسية، أو القوات الجوية السورية (النظامية)، بحجة أن تعطي فرصة لمدة يومين أو ثلاثة وعندها سيتمكنون (الأميركيون) من إقناع كل المعارضين بأن الأمر جدي، وعليهم الابتعاد عن (جبهة النصرة)، فإننا لن نتعامل بعد اليوم بجدية مع تلك الأحاديث». ووضع من ثم الهدنة في حلب لمدة 48 ساعة ومن ثم لمدة 72 ساعة في سياق «الخطوات الأحادية من الجانب الروسي».
أما المخرج من هذا المأزق، وفق ما يرى وزير الخارجية الروسي، فيكون «فقط بالعمل المشترك بنزاهة، حيث ينفذ الجميع اتفاق الهدنة، لا أن يتم طرح شروط مسبقة»، معربا عن قناعته بأن تغيير الإدارة الأميركية بعد الانتخابات الرئاسية لن يؤثر في تنفيذ الاتفاق حول سوريا.
وعلى الرغم من إقرار مباشر منه بأن الاتفاق أصبح بحكم «الميت» حين اعتبر أنه هناك إمكانية «لإنعاشه»، ما زال لافروف متمسكا، على ما يبدو، بتنفيذ ذلك الاتفاق؛ إذ يصر على أنه «هناك اتفاق بين الرئيسين الفعليين (للمجموعة الدولية لدعم سوريا) ولا بد من تنفيذه». وجاء كلامه في هذا الصدد في سياق إجابته عن سؤال حول ما إذا كان يخشى من عدم تنفيذ الاتفاق بعد مغادرة أوباما البيت الأبيض.
من ناحية أخرى، توقف وزير الخارجية الروسي في الحوار التلفزيوني الموسع معه يوم أمس عند القصف الذي تعرضت له قافلة المساعدات الإنسانية قرب حلب أخيرًا، وشدد في هذا الشأن على «ضرورة إجراء تحقيق محايد ونزيه». وأعرب عن قناعته بأن «الخطوة الأولى الضرورية في حالات كهذه هي إظهار القذائف التي أصابت القافلة». وحاول من جديد التشكيك بأن القافلة تعرضت لقصف جوي، حين أشار، على حد زعمه، إلى أن المعلومات الأولية عن الحادثة كانت تشير إلى «قصف مدفعي تعرضت له القافلة، إلا أن تلك المعلومات اختفت لاحقًا، ومن ثم أخذوا يتحدثون عن استهداف القافلة بقصف من المروحيات».
أيضًا، كان لافروف حريصا على منح «صك براءة» للنظام السوري من المسؤولية عن قصف القافلة، مقابل توجيه أصابع الاتهام بصورة مباشرة لقوى المعارضة في شرق حلب. وحسب روايته، فإن «الحكومة السورية أكدت على الفور استعدادها للتعاون في موضوع إدخال المساعدات الإنسانية عبر طريق الكاستيلو»، لكن الأمر لم يكن كذلك من جانب المعارضة، وفق ما يتابع لافروف في روايته. إذ قال إن «الأشخاص الذين يسيطرون على الجزء الشرقي من مدينة حلب ويطلقون على أنفسهم (المجالس المحلية) قالوا في اليوم ذاته إنه إذا عبرت القافلة عبر طريق الكاستيلو فإنهم سيقصفونها».
في الشأن ذاته، استطلعت صحيفة «كوميرسانت» الروسية آراء «خبراء» روس حول حادثة قافلة المساعدات الإنسانية، واستبعدوا احتمال نشوب حريق في القافلة. وقال الخبير الروسي فيكتور سيليفانوف، وهو دكتور في العلوم التقنية ورئيس قسم الأجهزة الطائرة عالية الدقة في جامعة موسكو الحكومية، إن «حدوث أمر كهذا نتيجة حريق أمر مستبعد جدا»، مضيفا أنه لا يمكن استبعاد أمر من اثنين، إما عملا تخريبيا أو قصفا جويا، معربا عن اعتقاده بأن «خزانات وقود غير ممتلئة ربما انفجرت، لكنها لم تنفجر من تلقاء ذاتها، بل بمساعدة عبوات تفجيرية تم تثبيتها سابقا على خزانات الوقود (في السيارات)».
وأوضح أن «القيام بأمر كهذا ليس بالعمل الصعب؛ إذ يمكن إلصاق عبوة مغناطيسية وتشغيل المؤقت الزمني للتفجير». إلا أن الخبير لم يستبعد احتمال تعرض القافلة لقصف جوي، موضحًا أن «بعض القنابل الجوية لا تخلف قمعا (حفرة) في الأرض»، أما تحديد نوع القنابل أو الصواريخ التي استهدفت القافلة فإنه يتطلب «عملية تجميع بدقة لكل الشظايا».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.