الاقتصاد السعودي مرشح لتجاوز أزمة انخفاض أسعار النفط

2 % معدل النمو المتوقع لدول الخليج هذا العام

براميل نفط في أحد مواقع التنقيب (أ.ب)
براميل نفط في أحد مواقع التنقيب (أ.ب)
TT

الاقتصاد السعودي مرشح لتجاوز أزمة انخفاض أسعار النفط

براميل نفط في أحد مواقع التنقيب (أ.ب)
براميل نفط في أحد مواقع التنقيب (أ.ب)

أجمعت معظم التقارير الاقتصادية الحديثة على قدرة الاقتصاد السعودي على تجاوز أزمة انخفاض أسعار النفط، وهو الأمر الذي يعني أن المملكة ستسجل خلال العام الجاري معدلات نمو اقتصادية جديدة، لكنها بطبيعة الحال ستكون أقل من متوسط النمو خلال السنوات الخمس الماضية.
ويأتي تسجيل معدلات نمو جديدة على الرغم من انخفاض أسعار النفط أكثر من 60 في المائة خلال عامين، مؤشرًا مهمًا على قدرة الاقتصاد السعودي على تجاوز أزمة الانخفاض الحالية في أسعار البترول. فيما تعتبر «رؤية 2030» خريطة طريق مهمة، لنقل اقتصاد الوطن إلى مرحلة ما بعد النفط.
ودعمًا لهذه التقارير الاقتصادية، أكد الدكتور غانم السليم الخبير الاقتصادي والمالي لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن قدرة الاقتصاد السعودي على تجاوز أزمة انخفاض أسعار النفط باتت لا شك فيها، وقال: «نجح اقتصاد المملكة في تجاوز كثير من الأزمات المشابهة، والتي كان آخرها الانخفاض الحاد في أسعار النفط خلال عام 2008، وعلى الرغم من أن الأسعار الحالية باتت تشكل هاجسًا لكثير من اقتصاديات الدول المنتجة للبترول، فإن الاقتصاد المحلي لا يزال قادرًا على تسجيل معدل نمو موجب».
ولم يتعرض الاقتصاد السعودي للانكماش منذ بداية القرن الحادي والعشرين.
وفي آخر التقارير الاقتصادية التي تحدثت عن الاقتصاد العالمي وتطوراته الراهنة، أصدرت شركة «الخبير المالية»، المتخصصة في إدارة الأصول والخدمات الاستثمارية، تقريرها حول المستجدات الاقتصادية للربع الثاني من 2016، والذي اشتمل على مراجعة الأحداث الرئيسية التي طالت الأسواق الكبرى الإقليمية والعالمية. وقد تناول التقرير أبرز مستجدات أداء القطاعات واتجاهاتها والفرص المحتملة في الأشهر المقبلة، كما تطرق إلى تحليل مستجدات عدد من فئات الأصول في الأسواق المالية العالمية الرئيسية، شمل الأسهم وأدوات الدخل الثابت والعملات والسلع.
وبيّن التقرير أن قرار بريطانيا إنهاء عضويتها في الاتحاد الأوروبي التي استمرت 43 سنة، أثر سلبًا على الأسواق في جميع أنحاء العالم، موضحًا أنه على الرغم من استمرار تراجع سعر صرف الجنيه الإسترليني، فإن بوادر استقرار قد ظهرت خلال دراسة الحكومة البريطانية الجديدة برئاسة تيريزا ماي، لخياراتها لمرحلة ما بعد الاستفتاء.
وتوقعت «الخبير المالية» استمرار التقلبات في الأسواق العالمية متأثرة بالجهود التي تبذلها بريطانيا لوضع خطة لخروجها من الاتحاد الأوروبي، وقالت: «سبق أن أعلن عدد من الشركات عن نقل عملياتها من بريطانيا إلى دول أخرى»، كما تتوقع «الخبير» أيضًا أن تتأثر حركة التجارة البريطانية سلبًا في المدى القصير إلى المتوسط. وبينما تظهر انعكاسات قرار الخروج من الاتحاد الأوروبي بدرجة أكبر في الجانب الأوروبي من المحيط الأطلسي، فإن تراجع الإقبال على الاستثمار وتأجيل الاستثمارات بفعل تلك الانعكاسات سوف يطال على الأرجح الولايات المتحدة ودولاً أخرى.
وعلى مستوى منطقة الخليج، قال تقرير «الخبير المالية»: «لا تزال الدول الأعضاء في المجلس تواجه تداعيات انخفاض أسعار النفط، وقد بدأت بتنفيذ إصلاحات واتخاذ تدابير جديدة لتنويع مصادر الدخل، منها على سبيل المثال استحداث ضريبة قيمة مضافة في جميع دول المجلس، يبدأ العمل بها بحلول عام 2018، كما اشتملت تدابير أخرى تهدف إلى سد العجز في الموازنات».
وأضاف التقرير: «اجتذبت خطط التنويع في المملكة العربية السعودية، و(رؤية المملكة 2030) و(خطة التحول الوطني 2020)، قدرًا كبيرًا من الاهتمام مع اتجاه المعنيين إلى تقييم الفرص المتاحة للقطاعين العام والخاص».
وعلى صعيد آخر، قام البنك الدولي خلال ربع السنة بخفض توقعاته لنمو دول مجلس التعاون الخليجي لعام 2016 إلى 2 في المائة، وهو أدنى معدل لها منذ عام 2009. ومقارنة بمعدل نمو بنسبة 2.9 في المائة في عام 2015. وقال تقرير «الخبير المالية» في هذا الشأن: «على الرغم من ذلك، فإن من المرجح أن تؤدي الإصلاحات التي بدأت دول الخليج تنفيذها إلى مساعدة هذه الاقتصادات على إعادة تكييف استراتيجياتها وتقليص اعتمادها على المنتجات الهيدروكربونية».
وأشارت «الخبير المالية» في تحليلها لفئات الأصول المختلفة، إلى أنه بينما حققت أسواق الأسهم العالمية تحسنًا ملحوظًا في بداية ربع السنة، فإنه سرعان ما تبددت مكاسبها هذه، ليصبح أداؤها سلبيًا قبل حلول نهاية الربع الثاني من السنة، في أعقاب الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، في حين قام المستثمرون بخفض استثماراتهم في الأصول الأكثر خطورة وأقبلوا على الاستثمار في الأصول الآمنة، ما تسبب في خروج رؤوس أموال كبيرة من أسواق الأسهم.
إلى جانب ذلك، أنهت البورصات الخليجية أداء ربع السنة بأداء متفاوت في ضوء دراسة المستثمرين لتأثير ارتفاع أسعار النفط وارتفاع أسعار الفائدة على أداء الشركات، وكانت أسواق الأسهم في السعودية والكويت وسلطنة عمان وأبوظبي قد أنهت ربع السنة بأداء إيجابي، بينما شهدت مؤشرات قطر والبحرين ودبي أداءً سلبيًا، وكما هو الحال في أسواق الأسهم العالمية الأخرى، شهدت البورصات الخليجية إقبالاً كبيرًا على البيع في أواخر ربع السنة، في أعقاب الاستفتاء البريطاني مباشرة.
وبالعودة إلى الدكتور غانم السليم، فإن معدل نمو حجم الاقتصاد الخليجي سيحقق انخفاضا غير مقلق خلال العام الجاري، مقارنة بما كان عليه في عام 2015، مضيفًا أن «معدلات نمو اقتصاد الخليج في العام الماضي كانت 2.9 في المائة، وهذا العام هي مرشحة لتحقيق 2 في المائة، على الرغم من الانخفاض الحاد في أسعار النفط، وهذا الأمر يعد مريحًا إلى حد ما».
وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي تُعد فيه السياسة النقدية، التي تؤدي إلى استقرار وسلامة النظام المالي السعودي، سببًا رئيسيًا في تحقيق اقتصاد البلاد معدلات نمو مستدامة من عام لآخر، حيث تستمر المملكة في تطبيق السياسات النقدية التي تهدف إلى تعزيز الاستقرار المالي باعتباره هدفًا استراتيجيًا.
ويتميز النظام المالي السعودي بارتفاع مستوى الرقابة التي تفرضها مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما»، الأمر الذي جنّب القطاع المصرفي كثيرًا من الأزمات المالية التي عصفت بكثير من البنوك التجارية العالمية خلال السنوات القليلة الماضية.
وفي هذا الخصوص، أكد الدكتور أحمد بن عبد الكريم الخليفي، محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي، أن المؤسسة استمرت في تطبيق السياسات النقدية التي تهدف إلى تعزيز الاستقرار المالي باعتباره هدفًا استراتيجيًا، وقال: «في إطار مواكبة التطور السريع في النشاط الاقتصادي، قامت المؤسسة بدراسة شاملة لنظم المدفوعات في المملكة، نتج عنها رسم استراتيجية نظم المدفوعات للسنوات المقبلة، من أجل تحقيق الرؤى والتطلعات لتعزيز الاستقرار المالي والنقدي، وكذلك تلبية متطلبات السوق المحلية الحالية والمستقبلية».
وأضاف: «تشمل الاستراتيجية أربعة محاور، هي تطوير نظام الشبكة السعودية للمدفوعات وتقديم بطاقات مسبقة الدفع، ووضع خطة تطويرية لنظام (سداد)، وتطوير نظام التحويلات المالية للمدفوعات منخفضة القيمة، ويهدف هذا المحور فصل التحويلات المالية عالية القيمة عن التحويلات المالية منخفضة القيمة، ومعالجتها في نظامين مستقلين، بحيث يتم إنشاء نظام جديد تتم فيه معالجة التحويلات المالية منخفضة القيمة من أجل تلبية احتياجات السوق المحلية».
ولفت الخليفي إلى أن المحور الرابع يرتكز على تطوير مدفوعات التجوال، ويهدف لجذب وإدخال شريحة من المجتمع للمنظومة المصرفية واستفادتها من الخدمات المقدمة من المصارف، وتشجيع المصارف على تقديم خدمات بنكية باستخدام الهواتف الذكية، وتفعيل خدمات التجارة الإلكترونية.



إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
TT

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

أعلن وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي، المهندس صالح الجاسر، عن تحقيق الموانئ تقدماً كبيراً بإضافة 231.7 نقطة في مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية، وفق تقرير «مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)» لعام 2024، إلى جانب إدخال 30 خطاً بحرياً جديداً للشحن.

كما كشف عن توقيع عقود لإنشاء 18 منطقة لوجيستية باستثمارات تتجاوز 10 مليارات ريال (2.6 مليار دولار).

جاء حديث المهندس الجاسر خلال افتتاح النسخة السادسة من «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»، في الرياض، الذي يهدف إلى تعزيز التكامل بين أنماط النقل ورفع كفاءة الخدمات اللوجيستية، ويأتي ضمن مساعي البلاد لتعزيز موقعها مركزاً لوجيستياً عالمياً.

وقال الوزير السعودي، خلال كلمته الافتتاحية في المؤتمر، إن «كبرى الشركات العالمية تواصل إقبالها على الاستثمار في القطاع اللوجيستي؛ من القطاع الخاص المحلي والدولي، لإنشاء عدد من المناطق اللوجيستية».

يستضيف المؤتمر، الذي يقام يومي 15 و16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عدداً من الخبراء العالميين والمختصين، بهدف طرح التجارب حول أفضل الطرق وأحدث الممارسات لتحسين أداء سلاسل الإمداد ورفع كفاءتها. كما استُحدثت منصة تهدف إلى تمكين المرأة في القطاع من خلال الفرص التدريبية والتطويرية.

وأبان الجاسر أن منظومة النقل والخدمات اللوجيستية «ستواصل السعي الحثيث والعمل للوصول بعدد المناطق اللوجيستية في السعودية إلى 59 منطقة بحلول 2030، من أصل 22 منطقة قائمة حالياً، لتعزيز القدرة التنافسية للمملكة ودعم الحركة التجارية».

وتحقيقاً لتكامل أنماط النقل ورفع كفاءة العمليات اللوجيستية، أفصح الجاسر عن «نجاح تطبيق أولى مراحل الربط اللوجيستي بين الموانئ والمطارات والسكك الحديدية بآليات وبروتوكولات عمل متناغمة؛ لتحقيق انسيابية حركة البضائع بحراً وجواً وبراً، بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، ودعم العمليات والخدمات اللوجيستية وترسيخ مكانة المملكة مركزاً لوجيستياً عالمياً».

وخلال جلسة بعنوان «دور الازدهار اللوجيستي في تعزيز أعمال سلاسل الإمداد بالمملكة وتحقيق التنافسية العالمية وفق (رؤية 2030)»، أضاف الجاسر أن «الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار)» تعمل على تنفيذ ازدواج وتوسعة لـ«قطار الشمال» بما يتجاوز 5 مليارات ريال (1.3 مليار دولار)، وذلك مواكبةً للتوسعات المستقبلية في مجال التعدين بالسعودية.

إعادة التصدير

من جهته، أوضح وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، أن السعودية سجلت في العام الحالي صادرات بلغت 61 مليار ريال (16.2 مليار دولار) من قطاع إعادة التصدير، بنمو قدره 23 في المائة مقارنة بالعام الماضي، «وهو ما تحقق بفضل البنية التحتية القوية والتكامل بين الجهات المعنية التي أسهمت في تقديم خدمات عالية الكفاءة».

وأشار، خلال مشاركته في جلسة حوارية، إلى أن شركة «معادن» صدّرت ما قيمته 7 مليارات ريال (1.8 مليار دولار) من منتجاتها، «وتحتل السعودية حالياً المركز الرابع عالمياً في صادرات الأسمدة، مع خطط لتحقيق المركز الأول في المستقبل».

جلسة حوارية تضم وزير النقل المهندس صالح الجاسر ووزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف (الشرق الأوسط)

وبين الخريف أن البلاد «تتمتع بسوق محلية قوية، إلى جانب تعزيز الشركات العالمية استثماراتها في السعودية، والقوة الشرائية الممتازة في منطقة الخليج»، مما يرفع معدلات التنمية، مبيناً أن «قوة السعودية في المشاركة الفاعلة بسلاسل الإمداد تأتي بفضل الموارد الطبيعية التي تمتلكها. وسلاسل الإمداد تساهم في خفض التكاليف على المصنعين والمستثمرين، مما يعزز التنافسية المحلية».

وفي كلمة له، أفاد نائب رئيس «أرامكو السعودية» للمشتريات وإدارة سلاسل الإمداد، المهندس سليمان الربيعان، بأن برنامج «اكتفاء»، الذي يهدف إلى تعزيز القيمة المُضافة الإجمالية لقطاع التوريد في البلاد، «أسهم في بناء قاعدة تضم أكثر من 3 آلاف مورد ومقدم خدمات محلية، وبناء سلاسل إمداد قوية داخل البلاد؛ الأمر الذي يمكّن الشركة في الاستمرار في إمداد الطاقة بموثوقية خلال الأزمات والاضطرابات في الأسواق العالمية».

توقيع 86 اتفاقية

إلى ذلك، شهد «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية» في يومه الأول توقيع 86 اتفاقية؛ بهدف تعزيز أداء سلاسل الإمداد، كما يضم معرضاً مصاحباً لـ65 شركة دولية ومحلية، بالإضافة إلى 8 ورشات عمل تخصصية.

جولة لوزيرَي النقل والخدمات اللوجيستية والصناعة والثروة المعدنية في المعرض المصاحب للمؤتمر (الشرق الأوسط)

وتسعى السعودية إلى لعب دور فاعل على المستوى العالمي في قطاع الخدمات اللوجيستية وسلاسل التوريد، حيث عملت على تنفيذ حزمة من الإصلاحات الهيكلية والإنجازات التشغيلية خلال الفترة الماضية، مما ساهم في تقدمها 17 مرتبة على (المؤشر اللوجيستي العالمي) الصادر عن (البنك الدولي)، وساعد على زيادة استثمارات كبرى الشركات العالمية في الموانئ السعودية».