ضمن مسألة ترتيب البيت الداخلي للحكم السعودي لضمان انتقال مستقبلي للسلطة وتداولها بكل سلاسة وهدوء، سجل الملك سلمان بن عبد العزيز إجراء غير مسبوق بإسناد إدارة شؤون البلاد للجيل الثالث من أبناء المؤسس الملك عبد العزيز، بعد إقراره إسناد منصبي ولي العهد وولي ولي العهد إلى الأحفاد بعد أن كان هذا الأمر قاصرا على الأبناء، من خلال تولي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز منصب ولي العهد، والأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز منصب ولي ولي العهد، ليقود المحمدان مع الملك سلمان دفة سفينة الوطن إلى شاطئ الأمان في ظل أحداث غاية في الصعوبة عربيًا وإقليميًا ودوليًا، لتجاوز الصعاب والحفاظ على مكتسبات الوطن السابقة وتحقيق مكتسبات جديدة وصولاً إلى بناء دولة المستقبل.
وكشف هذا الإجراء غير المسبوق أن الجيل الثالث قادر على تحقيق تطلعات القيادة والوطن والمواطنين، حيث استطاع المحمدان تحقيق إنجازات وحضور لافتين، والقيام بمسؤولياتهما الجسيمة التي يتطلبها منصبيهما، مستفيدين من الصفات التي تتوافر فيهما.
محمد بن نايف.. الأمن الشامل وقهر الإرهاب هاجساه
يعد الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء، ووزير الداخلية، رئيس مجلس الشؤون السياسية والأمنية، أول أحفاد الملك المؤسس يتولى منصب ولاية العهد، حيث جرت العادة أن من تولى هذا المنصب في الدولة السعودية الثالثة هم من أبناء الملك المؤسس، وتم ذلك بعد سلسلة من النجاحات التي قادها في القضاء على منابع وخلايا الإرهاب التي اكتوت بلاده بنارها، وكان هدفًا لها.
وسجل الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز، حضورًا لافتًا في المجال الأمني ومكافحة الإرهاب٬ فضلاً عن مساهمته في عودة التائبين إلى رشدهم٬ إذ ساهم الأمير منذ سنوات بالوقوف إلى جانب والده الراحل الأمير نايف بن عبد العزيز في القضاء على منابع وخلايا الإرهاب التي كانت بلاده هدفا لها٬ وكاد الأمير بسبب موقفه الحازم تجاه الجماعات الإرهابية أن يدفع حياته ثمنا لذلك٬ إذ تعرض قبل سنوات لمحاولة اغتيال من قبل مطلوب٬ وتبنى تنظيم القاعدة مسؤولية الحادث. ووصف الأمير بـ«قاهر الإرهاب» والمطارد الشرس لأعوان «القاعدة»٬ والناصح الأمين للتائبين عن الفكر الضال٬ ونال الأمير بسبب ذلك إشادة عالمية٬ وقبل ذلك نال تقديرا محليا وعربيا وإقليميا. ولا يعد الأمير محمد بن نايف مطاردا شرسا للفئة الضالة في السعودية فحسب٬ بل دأب على إطلاق برنامج للمناصحة يخضع له من يسلم نفسه من قوائم المطلوبين للأمن السعودي٬ في قضايا الإرهاب والخروج عن القانون بالانتماء إلى أي من فصائل الفئة الضالة.
وقاد الأمير محمد بن نايف ولا يزال يقود جهودًا لإحباط مخططات ينوي تنفيذها الإرهابيون، وقال معلقًا على ذلك إن «أجهزة الأمن على يقظة تامة ومتابعة دقيقة لتحركات الجماعات الإرهابية وعناصرها في الداخل والخارج، ولا تزال السعودية محل استهداف دائم وخطير من هذه الجماعات الإرهابية التي يقف وراءها دول وتنظيمات وجماعات إرهابية متعددة التكوين ومتباينة المقاصد. ولذلك فإن أجهزة الأمن السعودية تعمل وفق منهجية أمنية فاعلة لإحباط العمل الإرهابي قبل وقوعه وكشف أبعاده ومخططاته، والقيام بعمليات أمنية استباقية من قبل أجهزة الأمن لمنع هذه التنظيمات الإرهابية من تنفيذ مخططاتها وتتبع عناصرها والمتعاونين معها والممولين لنشاطاتها والداعمين لها داخليًا وخارجيًا ورصد تحركاتها وجمع المعلومات اللازمة عنها لمباغتتها في أوكارها الإجرامية من خلال عمليات أمنية نوعية».
وتعد السعودية رائدة في مجال مكافحة الإرهاب حيث أسهمت بفعالية في اللقاءات الإقليمية والدولية التي تبحث موضوع مكافحة الإرهاب وتجريم الأعمال الإرهابية أو دعمها وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية التي تطبقها المملكة واعتبارها ضمن جرائم الحرابة التي تخضع لأشد العقوبات، إلى جانب تعزيز وتطوير المملكة للأنظمة واللوائح ذات العلاقة بمكافحة الإرهاب والجرائم الإرهابية وتحديث وتطوير أجهزة الأمن وجميع الأجهزة الأخرى المعنية بمكافحة الإرهاب.
ووقفت السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز والأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية السعودي، موقفًا حازمًا وصارمًا ضد الإرهاب بكل أشكاله وصوره على الصعيدين المحلي والدولي.
والسعودية بوصفها جزءا من العالم قد عانت من أعمال العنف والإرهاب الذي أصبح ظاهرة عالمية تعددت أساليبه ومسالكه وطال الكثير من دول العالم كونه آفة خطيرة لا وطن ولا دين له ولا يعرف جنسًا ولا زمنًا ولا مكانًا، ومن هذا المنطلق تصدت لأعمال العنف والإرهاب على المستويين المحلي والدولي فحاربته محليًا وشجبته وأدانته عالميًا وأثبتت للعالم أجمع جدّيهّ مطلقة، وحزمًا وصرامة في مواجهة العمليات الإرهابية، وليس أدل على ذلك من النجاحات الأمنية المتلاحقة للقضاء على فلول المفسدين في الأرض الخارجين عن الصف، المفارقين للجماعة، إلى جانب أنها جندت جميع أجهزتها لحماية المجتمع من خطرهم وشرهم ومن ذلك القضاء على أعداد كبيرة من العناصر الإرهابية في مختلف مناطق السعودية، كما كانت السعودية أول دولة توقع على معاهدة مكافحة الإرهاب الدولي بمنظمة المؤتمر الإسلامي في شهر مايو (أيار) عام 2000 إضافة إلى أنها كانت سبّاقة في حث المجتمع الدولي على التصدي للإرهاب ووقفت مع جميع الدول المحبة للسلام في محاربته والعمل على القضاء عليه واستئصاله من جذوره ودعت المجتمع الدولي إلى تبني عمل شامل في إطار الشرعية الدولية يكفل القضاء على الإرهاب ويصون حياة الأبرياء ويحفظ للدول سيادتها وأمنها واستقرارها.
وتوجت هذه المساعي باستضافتها للمؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب في مدينة الرياض الخامس من فبراير (شباط) 2005 بمشاركة أكثر من 50 دولة عربية وإسلامية وأجنبية إلى جانب عدد من المنظمات الدولية والإقليمية والعربية.
درس الأمير محمد بن نايف مراحل التعليم الابتدائية والمتوسطة والثانوية بمعهد العاصمة في الرياض٬ ثم درس المرحلة الجامعية بالولايات المتحدة وحصل على بكالوريوس في العلوم السياسية عام 1981، كما خاض عدة دورات عسكرية متقدمة داخل وخارج المملكة تتعلق بمكافحة الإرهاب. وعمل في القطاع الخاص إلى أن صدر الأمر الملكي في 13 مايو (أيار) 1999 بتعيينه مساعدا لوزير الداخلية للشؤون الأمنية بالمرتبة الممتازة٬ ومددت خدماته لمدة 4 سنوات٬ كما صدر الأمر الملكي بتعيينه مساعدا لوزير الداخلية للشؤون الأمنية بمرتبة وزير٬ وفي سبتمبر (أيلول) 2008 صدر أمر ملكي بالتمديد له. كما صدرت موافقة ولي العهد النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني الأمير عبد الله بن عبد العزيز (آنذاك) بضمه إلى عضوية المجلس الأعلى للإعلام، وفي 5 نوفمبر (تشرين الثاني) 2012 صدر أمر الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز بتعيينه وزيرا للداخلية٬ ليخلف الأمير أحمد بن عبد العزيز في المنصب٬ وسجل الأمير محمد بن نايف بأنه أول من أسس لجان المناصحة في بلاده والخليج العربي. وقد حظيت فكرته بانتشار عالمي واسع حاز استحسان العالم الغربي٬ من خلال مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة والرعاية٬ الذي يتوجه إلى أولئك المقبوض عليهم في قضايا إرهابية وأصحاب الفكر المتطرف٬ إذ يتم إخضاعهم لدورات تعليمية تتضمن برامج شرعية ودعوية ونفسية واجتماعية وقانونية بهدف تخليصهم من الأفكار المتطرفة التي يحملونها٬ وبعد ذلك تقوم الجهات المعنية بالإفراج عن المتخرجين من الدورات ممن لم يتورطوا في قضايا التفجيرات بشكل مباشر٬ وغالبا ما يكون الخاضعون للدورات ممن يحملون الأفكار الإرهابية أو قدموا نوعا من المساعدات البسيطة للإرهابيين٬ أو أولئك الذين حكم عليهم وانتهت مدة محكوميتهم. وللدلالة على أن الأمير محمد بن نايف كان هدفا للفئات الضالة والإرهابيين نظرا لموقفه الحازم تجاههم٬ إذ وصف الأمير بأنه جنرال الحرب وقاهر الإرهاب٬ فقد تعرض في 27 أغسطس (آب) 2009 لمحاولة اغتيال من قبل مطلوب زعم أنه يرغب في تسليم نفسه٬ وعندما كان الأمير محمد بن نايف في مكتبه الكائن في منزله بجدة٬ قام الشخص المطلوب بتفجير نفسه بواسطة هاتف جوال وتناثر جسده إلى أشلاء٬ وأصيب الأمير بجروح طفيفة. وقد أعلن تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» مسؤوليته عن الهجوم في رسالة بثتها منتديات إرهابية على الإنترنت. والأمير محمد بن نايف المولود في مدينة جدة عام 1959 هو الابن الثاني للأمير الراحل نايف بن عبد العزيز٬ وهو حائز درجة البكالوريوس في العلوم السياسية من الولايات المتحدة٬ وتولى حقيبة «الداخلية» كتاسع وزير بعد عمه الأمير أحمد بن عبد العزيز٬ إذ تولى قبل ذلك ومنذ عام 1999 ملف الشؤون الأمنية بالوزارة٬ وحقق فيه نجاحات كبيرة. ولأن بلاده تحتضن الحرمين الشريفين ويؤمها الملايين من الحجاج والمعتمرين، يرأس الأمير محمد بن نايف لجنة الحج العليا، ودائمًا ما يؤكد على أن أمن الحجاج وسلامتهم أولوية قصوى لدى القيادة السعودية، وقال في هذا الصدد: إن السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز تعمل على إنجاح موسم حج في كل المواسم، من خلال تقديم أفضل التسهيلات وجميع الخدمات التي تعين حجاج بيت الله الحرام على أداء هذا الركن العظيم من أركان الإسلام.
زار ولي العهد الكثير من دول العالم، وبحث مع قادتها والمسؤولين فيها العلاقات الثنائية وأوجه التعاون بين بلاده وهذه الدول في مختلف المجالات، وكان آخر نشاط له مشاركته في اجتماعات الأمم المتحدة الـ71، التي انطلقت الاثنين الماضي في نيويورك، تحت شعار «أهداف التنمية المستدامة هي دفعة عالية لتحويل عالمنا»، بحضور عدد كبير من زعماء دول العالم، ووضع ولي العهد أمام هذه الاجتماعات رؤية بلاده لقضايا سياسية واقتصادية واجتماعية تحظى باهتمام عالمي، ولعل أبرزها القضايا الملحة ذات التأثير الدولي والمتعلقة بالإرهاب ومحاربته وتجفيف منابعه، إضافة إلى قضايا إقليمية وعربية منها السلام في الشرق الأوسط، والأزمة السورية، والأوضاع في اليمن.
محمد بن سلمان عرّاب التنمية ورادع المعتدين
سجل الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي ولي العهد، النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع السعودي، رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، حضورًا لافتًا في المشهد السياسي والاجتماعي والاقتصادي في بلاده، وعُدّ شخصية عالمية مؤثرة، وحقق الكثير من النجاحات في المواقف والأحداث لعل أبرزها نجاحه في مبادرة إعادة الشرعية في الجارة الجنوبية لبلاده، من خلال عاصفة الحزم، وإعادة الأمل، التي أطلقها الملك سلمان بن عبد العزيز، وحقق نجاحًا لكسر شوكة المتمردين والخارجين عن السلطة والنظام وتهديد الجارة الكبرى، بمباركة ودعم إيراني، إضافة إلى إعلان الأمير تبني بلاده تشكيل تحالف إسلامي لمحاربة الإرهاب بمختلف أشكاله وأنواعه ويكون مركز العمليات في العاصمة السعودية الرياض، كما أنجز زيارات للكثير من الدول وجه بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وبحث خلالها مع قادة ومسؤولي تلك الدول القضايا والأحداث التي تشهدها الساحتان العربية والإسلامية والدولية، وبحث ولي ولي العهد، أوجه التعاون بين بلاده وهذه الدول، كما ارتبط اسمه بمبادرة بلاده بـ«رؤية السعودية 2030»، لتكون منهجًا وخريطة طريق لعمل اقتصادي وتنموي في بلاده.
وحققت هذه الزيارات الكثير من المكاسب، وخصوصًا ما يتعلق بكسب التعاطف مع بلاده ودول الخليج على خلفية حادثة الاعتداء على سفارة الرياض في طهران، والتأكيد على التضامن معها وعدم السماح بالمساس بأمنها واستقرارها، كما برزت قدرات ولي ولي العهد في الكثير من الرؤى في شؤون متعددة تتعلق بتنمية بلاده وتنوع مصادر الدخل فيها، جنبًا إلى جنب مع بناء منظومة دفاعية متطورة لحماية بلاده من العدوان والدفاع عن قضايا الأمة، وتحقيق تطلعات الملك سلمان بن عبد العزيز في جوانب مختلفة وبسط الأمن والاستقرار في أرجاء الوطن العربي والإسلامي، والسير بسفينة بلاده إلى بر الأمان والمحافظة على المكتسبات التي تحققت في البلاد، والحضور الذي سجلته كرقم صعب في المعادلة الدولية.
ويتمتع الأمير محمد بن سلمان بمزايا وقدرات كثيرة٬ ساهمت بتحقيقه نجاحات في المهام التي أنيطت إليه وسجل فيها حضورًا لافتًا٬ وهو ما أشار إليه الأمر الملكي بخصوص اختياره ولي لولي العهد: «بعد الاطلاع على كتاب الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد المؤرخ في 29 أبريل (نيسان) من العام الماضي، المتضمن أنه سيرًا على النهج الذي أرسيناه مع أخي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - رحمه الله - في اختيار ولي لولي العهد٬ وأنه نظرًا لما يتطلبه ذلك الاختيار من تقديم المصالح العليا للدولة على أي اعتبار آخر٬ ولما يتصف به الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز من قدرات كبيرة - ولله الحمد - والتي اتضحت للجميع من خلال كل الأعمال والمهام التي أنيطت به٬ وتمكن - بتوفيق من الله - من أدائها على الوجه الأمثل٬ ولما يتمتع به من صفات أَهلته لهذا المنصب٬ وأنه - بحول الله - قادر على النهوض بالمسؤوليات الجسيمة التي يتطلبها هذا المنصب٬ وبناء على ما يقتضيه تحقيق المقاصد الشرعية٬ بما في ذلك انتقال السلطة وسلاسة تداولها على الوجه الشرعي٬ وبمن تتوافر فيه الصفات المنصوص عليها في النظام الأساسي للحكم٬ فإن الأمير محمد بن نايف يرشح الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ليكون وليا لولي العهد».
وحمل الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز٬ عند دخوله المشهد السياسي في بلاده٬ الكثير من صفات جده مؤسس الدولة السعودية الثالثة الملك عبد العزيز٬ كما أن سيرة الأمير مشابهة كثيرًا لسيرة والده الملك سلمان بن عبد العزيز٬ من حيث التقارب مع الناس٬ والاحتكاك بعامة الناس٬ ومزاوجتهما بين العمل الرسمي والعمل المجتمعي٬ حيث نهل الأمير محمد بن سلمان كثيرًا من مدرسة والده الملك سلمان٬ منذ أن كان طالبًا وهو يرى مشاهد المسؤولية٬ الأمر الذي جعله يرى أن التفوق أولى خطوات النجاح وعنوان المستقبل٬ فكان اسمه من ضمن العشرة الأوائل على مستوى مدارس السعودية٬ مما جعل والده يقرأ فيه مشروعا فريدا للنجاح والمسؤولية والتفوق. ويعد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز٬ ولي ولي العهد٬ من الشباب الذي يتقد حماسًا لخدمة دينه ومليكه ووطنه وأبناء شعبه٬ وقد انطلق الأمير الذي عرف بهدوئه وصمته ومحبته للشباب والقرب منهم ومراهنته على أنهم عماد الوطن وبناؤه٬ خاصة أن الشباب يشكلون أكثر من 60 في المائة من شرائح المجتمع السعودي٬ بسرعة إلى أعلى المناصب في بلاده٬ وجمع الأمير محمد بن سلمان بين القانون٬ تخصصه٬ والعمل الخيري والاجتماعي والتجاري٬ وكان هاجسه التشجيع على الإبداع في المجتمع من خلال تمكين الشباب السعودي وتطويرهم وتعزيز توجهاتهم في مختلف الميادين الثقافية والاجتماعية والتقنية. ونظرا للإمكانات التي يملكها الأمير محمد بن سلمان٬ من حضور ذهني وعشق للعمل لخدمة وطنه وقيادته ومواطنيه٬ فقد نجح في الأعمال والأنشطة التي تولاها٬ ويعد أصغر الأمراء الأكثر حضورا في المشهد السياسي والاجتماعي في بلاده٬ وتوج ذلك بتعيينه وليا لولي العهد٬ ووزيرا لواحدة من الوزارات السيادية وهي وزارة الدفاع٬ وتمثلت قدراته ونجاحاته في عاصفة الحزم.
تلقى الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز تعليمه في مدارس الرياض٬ وكان من ضمن العشرة الأوائل على مستوى بلاده٬ كما تلقى خلال فترة تعليمه بعض الدورات والبرامج٬ وحصل الأمير محمد بن سلمان على بكالوريوس في القانون من جامعة الملك سعود في الرياض٬ حيث حاز الترتيب الثاني على دفعته في كلية القانون والعلوم السياسية.
ودخل ولي ولي العهد الجديد معترك الحياة السياسية والإدارية في سن مبكرة٬ ففي 25 أبريل ٬2014 صدر أمر ملكي بتعيينه وزيرا للدولة عضوًا بمجلس الوزراء٬ وصدر أمر ملكي بتعيينه رئيسًا لديوان ولي العهد٬ ومستشارا خاصا له بمرتبة وزير٬ ثم عين مستشارا خاصا ومشرفا على المكتب والشؤون الخاصة لولي العهد٬ كما عين مستشارا خاصًا له٬ وقبلها عين مستشارا خاصا لأمير منطقة الرياض٬ كما عين مستشارا بهيئة الخبراء بمجلس الوزراء٬ وسبق أن شغل منصب أمين عام مركز الرياض للتنافسية٬ ونائب الرئيس ورئيس اللجنة التنفيذية لجمعية الأمير سلمان للإسكان الخيري٬ ورئيس لجنة تنمية الموارد المالية في الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالرياض٬ كما شغل منصب عضو اللجنة التنفيذية العليا لتطوير الدرعية٬ ومنصب عضو المجلس التنسيقي الأعلى للجمعيات الخيرية بمنطقة الرياض٬ وعين مستشارا خاصًا لرئيس مجلس إدارة دارة الملك عبد العزيز. وللأمير محمد بن سلمان اهتمام خاص بالقانون السعودي٬ وأبرز هواياته الصيد٬ وهو حاصل على شهادة اتحاد مدربي الغطس المحترفين الدولية٬ وأسس الأمير مؤسسة خيرية تحمل اسمه وهي مؤسسة الأمير محمد بن سلمان الخيرية «مسك الخيرية» التي يترأس مجلس إدارتها٬ والهادفة إلى «دعم تطوير المشاريع الناشئة والتشجيع على الإبداع في المجتمع السعودي٬ من خلال تمكين الشباب السعودي وتطويرهم٬ وتعزيز تقدمهم في ميادين العمل والثقافة والأدب والقطاعات الاجتماعية والتقنية». وللأمير محمد بن سلمان مساهمات خيرية أخرى من خلال المناصب التي شغلها وهي: رئيس مجلس إدارة مركز الأمير سلمان للشباب٬ الذي أُسس بمبادرة من الملك سلمان بن عبد العزيز من أجل تعزيز جهود المملكة في دعم الشباب وتحقيق طموحاتهم لما لذلك من أثر لتقدم المملكة٬ ونائب الرئيس لجمعية الأمير سلمان للإسكان الخيري والمشرف على اللجنة التنفيذية للجمعية٬ التي تشكلت من مجموعة من الأكاديميين وخبراء علم الاجتماع وأعيان المجتمع لتغطية احتياجات أصحاب الدخل المحدود٬ كما أنه عضو مجلس إدارة الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالرياض٬ وعضو المجلس التنسيقي الأعلى للجمعيات الخيرية بمنطقة الرياض٬ ورئيس مجلس إدارة مدارس الرياض٬ والرئيس الفخري للجمعية السعودية للإدارة٬ وعضو فخري للجمعية الوطنية الخيرية للوقاية من المخدرات٬ ورئيس مجلس الأعضاء الفخريين لجمعية الأيادي الحرفية. كما كان للأمير محمد بن سلمان مناصب خيرية أخرى سابقة منها: عضو مجلس أمناء مؤسسة ابن باز الخيرية٬ وعضو مجلس إدارة جمعية البر بمنطقة الرياض٬ وأحد مؤسسي جمعية ابن باز الخيرية لتيسير الزواج ورعاية الأسرة٬ وأسس الأمير محمد بن سلمان بعد تخرجه في الجامعة عددا من الشركات التجارية قبل التحاقه بالعمل الحكومي من خلال عمله مستشارا بهيئة الخبراء في مجلس الوزراء٬ وفي عام 2009م تم تعيين الأمير محمد بن سلمان مستشارا خاصا للأمير سلمان بن عبد العزيز٬ أمير منطقة الرياض - آنذاك - ٬ كما عمل أمينا عاما لمركز الرياض للتنافسية٬ ومستشارا خاصا لرئيس مجلس إدارة دارة الملك عبد العزيز٬ ثم أصبح الأمير محمد بن سلمان مشرفا على مكتب ولي العهد والشؤون الخاصة لولي العهد٬ وذلك بعد تولي الأمير سلمان ولاية العهد في مارس (آذار) ٬2013 ثم صدر أمر ملكي بتعيين الأمير محمد بن سلمان رئيسا لديوان ولي العهد ومستشارا خاصا له بمرتبة وزير٬ بالإضافة إلى أن الأمير محمد عضو في اللجنة التنفيذية العليا لتطوير الدرعية٬ كما صدر أمر ملكي بتعيينه وزيرا للدولة عضوا بمجلس الوزراء بالإضافة إلى عمله. ومنحت مجلة «فوربس الشرق الأوسط» الأمير محمد بن سلمان بصفته رئيسا لمجلس إدارة مركز الأمير سلمان للشباب٬ جائزة شخصية العام القيادية لدعم رواد الأعمال لعام 2013 «تثمينا لجهوده في دعم رواد الأعمال الشباب٬ وإبراز نجاحات الشباب السعودي للعالم».
وارتبط اسم الأمير محمد بن سلمان بصفته رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية في بلاده، بمبادرة غير مسبوقة بعد أن تبنت السعودية رؤيتها 2030، لتكون منهجًا وخريطة طريق للعمل الاقتصادي والتنموي في البلاد، ورسمت الرؤية التوجهات والسياسات العامة للمملكة، والأهداف والالتزامات الخاصة بها لتكون السعودية نموذجًا رائدًا على كافة المستويات، وتم لتحقيق هذه الرؤية إقرار برامج عدة، أبرزها برنامج التحول الوطني 2020.وأجرى ولي ولي العهد نشاطات متعددة، وزار الكثير من الدول وبحث مع قادتها العلاقات الثنائية، ووقع شراكات وعقود تخدم مجالات اقتصادية وعسكرية، كما عرض خلالها ملف التنمية في بلاده ورؤيتها 2030، وكان آخر نشاط له في هذا الصدد زيارته إلى اليابان والصين ومشاركته في «قمة العشرين» للدول ذات التأثير الاقتصادي.