الانتخابات الأردنية.. بين معسكري «الأصابع الزرقاء» و«الكنبة»

إقبال شبابي عال وسجال على «فيسبوك» و«تويتر»

الاصابع الزرقاء تغزو «سناب شات»  -  مقهى «مايند هاب» يوفر خصما للناخبين
الاصابع الزرقاء تغزو «سناب شات» - مقهى «مايند هاب» يوفر خصما للناخبين
TT

الانتخابات الأردنية.. بين معسكري «الأصابع الزرقاء» و«الكنبة»

الاصابع الزرقاء تغزو «سناب شات»  -  مقهى «مايند هاب» يوفر خصما للناخبين
الاصابع الزرقاء تغزو «سناب شات» - مقهى «مايند هاب» يوفر خصما للناخبين

في الوقت الذي اكتظ فيه 1483 مركز اقتراع بـ12 محافظة أردنية أمس، تحولت منابر التواصل الاجتماعي وعلى رأسها «فيسبوك» و«تويتر» إلى ساحات سجال بين معسكر «الأصابع الزرقاء» ومعسكر «الكنبة» (الأريكة)، حسبما سماهم ناشط أردني على منصات التواصل، فضل عدم الكشف عن اسمه.
وانهمك المعسكران بنقل فعاليات الانتخابات البرلمانية الأردنية من أرض الواقع إلى الفضاء الافتراضي. فمن خلال هاشتاغ «الأردن ينتخب»، نشر مؤيدو العملية الانتخابية أصابعهم الزرقاء المغموسة بالحبر بعد بصمتهم التي علّمت اختياراتهم لقوائم شملت 1250 مرشحا.
أما معسكر «الكنبة»، ففضل المكوث في المنزل، واستغلال العطلة الرسمية لتنشيط هاشتاغ «ليش ما صوتت» بأسباب جادة وأيضا هزلية حول امتناعهم عن الاقتراع.
وبحسب مراقبين، فإن الإقبال على الصناديق لم يكن بالكثافة المتوقعة، إلا أن عنصر الشباب كان الأبرز حضورا. إلى ذلك قال الشاب عيسى الور من الدائرة الثالثة (عمّان): «انتخبت لأنني أؤمن بالأردن وأن واجبنا كمواطنين انتخاب أشخاص ذوي علم ومنطق ورؤية تخدم الشعب». وأضاف: «أما بالنسبة للشباب، فهم صناع القرار في المستقبل، وصوتهم هو القرار الأول».
من جانبه، أكد الشاب الأردني فيصل اللوزي الذي يمتهن المحاماة على أن الانتخاب «هو حق يكتسبه المواطن من خلال الدستور لتمكينه من اختيار شخص يمثل طموحاته وأفكاره». وأضاف مستطردا: «إن لم نقم كشباب بممارسة هذا الحق فستفرز الانتخابات أشخاصا لا يمثلوننا ولا يخافون على مصلحتنا، وسنتحمل نحن تداعيات قراراتهم وتشريعاتهم».
وبدورها، وبعدما نشرت عنود مبيضين (25 عاما) إصبعها الأزرق على «سناب شات» قالت لـ«الشرق الأوسط»: «اليوم مارست كأردنية حقي الدستوري وشاركت في العرس الوطني الديمقراطي». وأضافت: «كناخبة تفاجأت من سهولة وسرعة ونزاهة العملية الانتخابية كما كان إقبال الفئة الشبابية على المشاركة والتصويت دون المتوقع».
ولتشجيع الناخبين في العاصمة عمان، قرر مقهى «مايند هاب» منح خصم 18 في المائة على جميع مشروباته ومأكولاته لكل مشتر منتخب عند إظهار إصبعه الأزرق. وإلى ذلك، قال مدير المقهى يوسف طوال لـ«الشرق الأوسط»: «بعد الإقبال العالي قررنا رفع الخصم إلى 20 في المائة لتشجيع الناخبين». وكشف أن عدد مرتادي المقهى تضاعف خلال النهار ليفوق زواره في الأيام العادية.
ومع رصد حماس بين شريحة الشباب في الأردن، طفت على السطح أيضا آراء معاكسة ومقاطعة للانتخابات. إذ قالت شابة عشرينية (فضلت عدم الكشف عن اسمها) لـ«الشرق الأوسط» إنها قررت مقاطعة الانتخابات. وشرحت: «ليس هنالك داع لصوتي حتى يتم تغيير قوانين وصلاحيات مجلس النواب».
ومن جانبه، قال شاب آخر: «لا أريد الاشتراك بهذه الفعالية المنظمة لكونها أصبحت عاده للشعب الأردني أي كل أربع سنين يتوجه الأردنيون لقاعات المرشحين لأكل الكنافة والبيبسي والماء وهدر بعض من الوقت حيث أصبحت حياته عبارة عن عجلة تدور وتدور دون أي تغيير». وأضاف آخر برأيه: «مجلس النواب منحل منذ 3 أشهر.. هل أنت كمواطن شعرت بتغيير وهذا يعني أن كل هذه (الانتخابات) شكليات».
وغرد البعض ردا على هاشتاغ «ليش ما صوتت» داعين مقاطعي الانتخابات بممارسة حقهم الدستوري حتى ولو بورقة بيضاء لأنها علامة عدم الرضا.
إلى ذلك، وفي قراءة لمناخ الانتخابات أمس، قال الأردني باتر وردم، مدير مشروع البلاغات الوطنية في وزارة البيئة إنه من «الواضح تماما أن الإقبال الذي وصلت نسبته 23 في المائة قبل 3 ساعات من إغلاق الصناديق ضعيف جدا. هذه النسبة هي الفئة الاجتماعية التي تحركها الدوافع الدينية والعشائرية بشكل أساسي وربما المكاسب المادية المباشرة ومن المتوقع أن تزيد النسبة ولكن ربما لا تصل 40 في المائة».
وأضاف وردم: «من المؤسف أن ملايين من البوستات وتعليقات (فيسبوك) وتغريدات (تويتر) حول الانتخابات لم تتحول إلى أصوات عبر صناديق الاقتراع. إذا كان هنالك تغيير سيحصل في الأردن يفترض أن تقوم به النسبة الصامتة من المجتمع ولكن من الواضح للأسف أنها لم تتحرك».
واستطرد شارحا: «النقاش بين من مارس الانتخاب ومن لم يمارسه ينحصر حول حق الشخص في اتخاذ المواقف السياسية ومنها الموقف الرافض. معظم المؤيدين للمقاطعة غير راضين عن قانون الانتخاب وعن المرشحين وعن القوائم ولا يثقون بإمكانية التغيير ويقولون إن المقاطعة موقف سيضعف شرعية المجلس». واختتم حديثه موضحا: «ولكن المشكلة أن واقع الأمر هو ببساطة أن المجلس سيتم تشكيله بالأصوات التي انتخبت وسيقوم بدوره في تشريع القوانين التي تنظم حياة الجميع ومنهم من لم يتجه للانتخابات وكل الكلام النظري حول عدم شرعية المجلس لا يقدم ولا يؤخر».
يذكر أن هذه أول انتخابات عامة تُجرى في المملكة الأردنية بعد التعديل الذي أُجري على قانون الانتخابات بما يسمح للأحزاب السياسية بالتقدم بقوائم مرشحين. ويعني هذا تحولا عن نظام الفرد الواحد والصوت الواحد الذي كانت المملكة تطبقه منذ عام 1993.
وتشهد هذه الانتخابات عددا قياسيا من المرشحات النساء بلغ 252 مرشحة يتنافسن على 15 مقعدا مخصصة للمرأة. ويشارك حزب جبهة العمل الإسلامي في الانتخابات بعد أن قاطعها في 2010 و2013 احتجاجا على نظام «الصوت الواحد».
كما دعي نحو 4 ملايين ناخب تتجاوز أعمارهم 18 عاما وتشكل النساء نسبة 52.9 في المائة منهم لانتخاب أعضاء مجلس النواب الـ130 من بين 1252 مرشحا لولاية من أربع سنوات. وبحسب رئيس مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخابات خالد الكلالدة فإنه تم وضع 4883 صندوق اقتراع في 1483 مركزا انتخابيا في عموم محافظات المملكة. وأضاف أنه تم نصب خمسة آلاف كاميرا لمراقبة عملية العد والفرز.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.